بتـــــاريخ : 2/3/2009 6:37:47 PM
الفــــــــئة
  • الصحــــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1066 0


    السواك بين الطب و الإسلام

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : الدكتور محمد نزار الدقر | المصدر : www.55a.net

    كلمات مفتاحية  :
    السواك بين الطب الإسلام

    قال النووي (1): " السواك لغة بكسر السين، ويطلق على الفعل وهو الاستياك و على الآلة التي يستاك بها والتي يقال لها يقال لها " المسواك أيضاً، يقال : ساك فاه يسوكه، فقد استاك، وهو مشتق من ساك الشيء إذا دلكه وجمعه سُواك ".

    وينطبق التعريف على عود أو فرشاة تدلك بها الأسنان لتذهب الصفرة وغيرها.

     
    الهدي النبوي في السواك :
    عن أبي هريرة رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ـ و في رواية ـ عند كل وضوء " رواه الشيخان .
    وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عليك بالسواك فإنه مطهرة للفم و مرضات للرب : رواه البيهقي ورواه البخاري.
    عن عائشة بلفظ : " السواك مطهرة للفم مرضات للرب" ورواه ابن ماجة عن أبي إمامة رضي الله عنه.
    وعن تمام بن العباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مالي أراكم تأتوني قلحاً ؟ استاكوا " رواه الإمام أحمد في مستنده، والقلح ترسبات صفراء في الأسنان.
    وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لقد أكثرت عليكم بالسَّواك " رواه البخاري، وأكثرت عليكم أي بالغت في طلبه منكم، أو في إيراد الأخبار في الترغيب فيه.
    عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ركعتان بالسَّواك أفضل من سبعين ركعة بدون سواك".
    وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك " رواه البخاري ومسلم، والشوص الغسل والتنقية والدلك والإمرار على الأسنان.
    وعن عائشة رضي الله عنها : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع له وضوءه وسواكه فإذا قام من الليل تخلّى ثم استاك" أخرجه أبو داود، ولفظه عند ابن ماجة " كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم  ثلاثة آنية مخمرة من الليل، إناء لطهوره وإناء لسواكه وإناء لشرابه" ولفظه عند مسلم: " وكان أهله صلى الله عليه وسلم يعدون له سواكه وطهوره " .
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك"رواه مسلم.
    وعن أبي بردة عن أبيه قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك في يده ويقول: أُع أُع والسواك في فمه كأنه يتهوع" .رواه البخاري(واستن: استاك، وتهوع : تقيأ).
    والسواك، كما علمنا، من خصال الفطرة فقد ثبت فيما رواه الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : " عشر من الفطرة .. وعدّ منها السِّواك ".
    وعن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " طيبوا أفواهكم بالسواك فإنها طرق القرآن" رواه ابن ماجة  وقال السيوطي : حديث حسن، وصححه الألباني.[1]
    فقه السواك :
    تحصل مشروعية الإستياك (2) بكل شيء خشن يصلح لإزالة بقايا الطعام والصفرة التي تعلو الأسنان والرائحة المتغيرة في الفم كعود الأراك أو الزيتون، أو عود شجرة النيم (نيجيريا) وغيرها، ويكره من عود لا يعرف حتى لا تكون منه مضرة كأن يكون في الشجرة سمٌ أو غيره.
    قال النووي(4): " ويستحب أن يُستاك بعود أراك، وبأيَّ شيء استاك مما يزيل التغير، حصل السواك، كالخرقة الخشنة والسُّعد والأشنان.
    والمستحب أن يستاك بعود متوسط، لا شديد اليبس يجرح، ولا رطب لا يزيل، وأن يُستاك عرضاً لا طولاً، وأن يمر السِّواك على طرف لسانه وكراسي أضراسه إمراراً لطيفاً " .
    واختلف في الإصبع إن كانت تجزيء عن السواك أم لا.
    قال النووي: " وأما الإصبع فإن كانت لينة لم يحصل بها السِّواك بلا خلاف وإن كانت خشنة ففيها أوجه، والصحيح المشهور لا يحصل لأنها لا تسمى سواكاً ولا في معناه، وقيل يحصل لحصول المقصود وبهذا قطع القاضي حسين والبغوي، والروياني في البحر".
    ولا شك أن استعمال الفرشاة والمعجون هو من السِّواك، ومن مميزاتها أنه يمكن أن ينظف بها الأنسان باطن أسنانه بسهولة، وفي المعجون مواد منظفة ومطهرة.
    وأما حكم السواك فقد قال النووي (3): السواك سنة و ليس بواجب في حال من الأحوال بإجماع من يعتد به في الإجماع ".
    وذكر ابن قدامة في كتابه [المغني ] أن اسحق بن راهويه وداود الظاهري قالا بوجوب السواك لأنه مأمور به، والأمر يقتضي الوجوب.
    لكن الجمهور استدلوا بأنه سنة وليس بواجب بقوله صلى الله وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك " رواه البخاري.
    والسواك مستحب في كل وقت، ويتأكد عند الوضوء والصلاة وتلاوة القرآن وعند تغير الفم بسبب طعام أو نوم، وعند دخول البيت.
    وقال الشافعية والحنابلة بأنه غير مستحب للصائم بعد الزوال، وكرهه بعضهم لأنه يزيل خلوف الصائم الذي هو عند الله أطيب من ريح المسك.
    وردّ كثير من العلماء على القائلين بالكراهة.
    وأن السواك مستحب للصائم، كغيره، في أول النهار وفي آخره، معتمدين على ما رواه عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم " رواه الترمذي وابن خزيمة وصححه، ورواه البخاري معلقاً وقال : ابن عمر : " يستاك أول النهار وآخره ".
    قال ابن القيم (4): " يستحب السواك للمفطر والصائم وفي كل وقت لعموم الأحاديث الواردة فيه ولحاجة الصائم إليه، ولأنه مرضاة للرب ، ومرضاته مطلوبة في الصوم أشدّ من طلبها في الفطر و لأنه مطهرة للرب و الطهور للصائم من أفضل أعماله، وليس لله غرض في التقرب إليه بالرائحة الكريهة وإنما ذكر طيب الخلوف عند الله يوم القيامة حثاً منه على الصوم، لا حثاً على إبقاء الرائحة الكريهة، بل الصائم أحوج إلى السواك من المفطر، وأيضاً فإن السواك لا يمنع طيب الخلوفـ الذي يزيلهـ عند الله يوم القيامة، بل يأتي الصائم يوم القيامة وخلوف فمه أطيب من المسك على صيامه، ولو أزاله بالسِّواك ، كما أن الشهيد وهو مأمور بإزالته في الدنيا.. وقد أجمع الناس على أن الصائم يتمضمض وجوباً  واستحباباً والمضمضة أبلغ من السِّواك ".
    ومن الناحية الطبية فإن رأي الجمهور في استياك الصائم أقرب لقواعد الصحة والطب الوقائي، ونحن مع الدكتور النسيمي (5) أن أهم مناسباته عند الاستيقاظ من النوم لأن بعض النخرات تحدث في الفم خلال النوم، كما تترسب بعض المركبات من اللعاب محدثة القلح على الأسنان بسبب ركودة اللعاب أثناء النوم، لذا رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليتهجد يشوص فاه بالسواك.
    ويشرح الإمام النووي(3) كيفية الاستياك كما جاءت في هدي النبوة :
    " والمستحب أن يستاك عرضاً ولا يستاك طولاً لئلا يدمي لحم أسنانه، وأن يمر بالسواك على طرف أسنانه وكرسي أضراسه وأن يبدأ في سواكه وباطنها.
    وأما جلاء الأسنان بالحديد وبردها بالمبرد فمكروه لأنه يضعف الأسنان ويفضي إلى انكسارها، ولأنه يخشنها فتتراكم الصفرة عليها".
    عن ربيعة بن أكثم أن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان يستاك عرضاً ويشرب مصاً " رواه البيهقي في سننه.
    وعن عطاء بن رباح أن رسول الله عليه وسلم قال : " إذا شربتم فاشربوا مصاً وإذا استكتم فاستاكوا عرضاً " أخرجه البيهقي وأبو داود.
    يقول د. محمد علي البار: " هذه الأحاديث وغيرها مما نص على الأستياك  عرضاً كلها ضعيفة لأنها مرسلة [سقط منها الصحابي]، ولكن ما هو المقصود بالاستياك عرضاً ؟.
     إن أطباء الأسنان يقولون إن اتجاه الفرشاة في تنظيف الأسنان العلوية يجب أن يكون من الأعلى إلى الأسفل وعكس ذلك لتنظيف الأسنان الفك السفلي، أي من أسفل إلى أعلى، وأطباء الأسنان يسمون ذلك " الأستياك طولاً "، أي من أسفل إلى أعلى، وأطباء الأسنان يسمّون ذلك " الاستياك طولاً "، أي بالنسبة لمحور السن.
    فهل ما ورد في الأحاديث وكلام العلماء " عرضاً " يختلف عنه، أم أنه تحديد المحور فإن قصد محور الفم كان الاستياك عرضاً هو ذاته ما ذكره الأطباء المحدثون" .
    ويقول ابن القيم (6) : " إن السواك متى استعمل باعتدال جلى الأسنان، وأطلق اللسان ومنع الحفر وطيب النكهة ونقى الدِّماغ، وأن فيه منافع، ويطيب الفم ويشد اللثة ويعين على هضم الطعام ويسهل مجاري الكلام وينشط للقراءة والذكر والصلاة ويطرد النوم ويرضي الرب ويكثر الحسنات" ...
    كما ينقل صاحب مغني المحتاج " أنه يسهل النزع ويذكّر الشهادة عند الموت " .
    الإستياك و نظافة الفم و أثرها على الصحة العامة :
    إن الفم بحكم موقعه كمدخل للطعام و الشراب ، و باتصاله بالعالم الخارجي ، يصبح مضيفة لكثير من الجراثيم(6)، والتي نسميها " الزمرة الجرثومية الفموية " ومنها المكورات العنقوية والعقدية والرئوية، والعصيات اللبنية والعصيات الخناقة الكاذبة، والملتويات الفوهية والفنسانية وغيرها.
    هذه الجراثيم تكون بحالة عاطلة عند الشخص السليم ومتعايشة معه، لكنها تنقلب ممرضة مؤذية إذا بقيت ضمن الفم ،  أو طرأ عليها ما يضعف مقاومة البدن (5)، وخاصة إذا بقيت ضمن الفم، وبين الأسنان، فضلات الطعام والشرب.
     فإن هذه الجراثيم تعمل على تفسخها وتخمرها، وتنشأ عنها روائح كريهة، وهذه المواد تؤذي الأسنان كذلك محدثة فيها النخور أو إلى تراكم الأملاح حول الأسنان محدثة فيها ( القلح ) أو إلى التهاب اللثة وتقيحها. كما يمكن لهذه الجراثيم أن تنتقل بعيداً في أرجاء البدن محدثة التهابات مختلفة كالتهاب المعدة أو الجيوب أو القصبات، وقد تحدث خراجات في مناطق مختلفة من الجسم(7) و قد تؤدي إلى انسمام الدم أو تجرثمه وما ينجم عن ذلك من أمراض حمَّوية عامة.
    و أهم ما يجب العناية به الفم الأسنان . فلأسنان وظائفها الهامة، ولأمراضها أثر كبير على الصحة العامة، هنا يأتي دور السِّواك، الذي له أهميته القصوى في تخفيف البلاء الناجم عنها.
    فاللعاب الراكد يحتوي على أملاح بصورة مركزة، فإذا وجد سطحاً بعيداً عن حركات التنظيف الطبيعية كحركة اللسان، أو الاصطناعية كالسواك، فإن هذه الأملاح تترسب، وخاصة في الشق اللثوي، وفي عنق الأسنان، مكونة غشاوة رقيقة جداً  تتكثف شيئاً فشيئاً مكونة ما يسمى باللويحات السنية.
    و عندئذ تفعل الجراثيم فعلها متفاعلة مع بقايا الطعام وخاصة السكرية الموجودة في الفم مكونة أحماضاً عضوية تقوم بإذابة المينا ثم العاج ويتسع النخر مع استمرار إهمال نظافة الفم(2).
    ويتكون القلح أيضاً نتيجة عدم تنظيف الأسنان، وهو عبارة عن رواسب مثل فحمات وفوسفات الكلس والمغنزيوم، مع المخاط اللعابي وفضلات طعامية تتوضع كلها فوق حافة اللثة وفي الثلم اللثوي وعلى عنق الأسنانن ثم تتصلب مع مرور الزمن مشكلة القلح وهذا مصداق كلام النبي صلى الله عليه وسلم المعجز : " مالي أراكم قلحاً ؟ استاكوا ".
    ويؤكد د. محمد علي البار(2) أن إهمال نظافة الفم يؤدي إلى التهاب اللثة والتهاب محيط السن[الحفر]، والتي تزداد مع تقدم العمر مؤدية إلى فقدان الأسنان فقداناً أبدياًن وإلى إصابة العظم السنخي وضموره، كما يمكن أن تنتقل الجراثيم منها إلى الجيوب الأنفية وإلى الأوعية الدموية المتصلة بالدماغ مما ينذر بحدوث " خراجات في الدماغ أو التهاب في السحايا" أو غيرها من المضاعات الخطيرة .
    ويؤكد هذا المعنى د.عبد الله السعيد(8) قائلاً : " أن أمراض الأسنان قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، فالجيوب اللثوية الملأى بالصديد، تندفع منها الجراثيم إلى الدم ومنه تتوضع في أماكن مختلفة من العضوية مؤدية إلى التهاب في المفاصل، أو شبكة العين أوفي الرئتين، وقد تحدث صمامات في القلب... الخ..
    كما أن آفات الأسنان كثيراً ما تعرقل عملية المضغ، وإن عصارات الأمعاء لا تقوم بواجبها في هضم الطعام إن لم يكن ممضوغاً بشكل جيد، مما يؤدي إلى عسرة الهضم.
    عدا عما تقوم به الأسنان من وظيفة جمالية لها أثرها الفعال على نفسية كل إنسان، ولسلامتها أهمية في النطق وفقدها يؤدي إلى اضطرابه".
    الهدي النبوي في نظافة الفم والأسنان:
    يقول د. محمود العكام في تقديمه لكتاب " السّواك في ميزان الصيدلة(9) ": " الإسلام ثنائية رائعة تنسحب قواعدها وأسسها على كل ما يليه ويحكمه ويعني به، إنها ثنائية المظهر والمخبر، والمبنى والمعنى، ورعايتها معاً دون إفراط لصاحبه من أجل تنظيفه وتطهيره دائماً، فلأن الفم محل ومبنى، ومظهر للكلمة الطيبة التي يدعو إليها الإسلام أساساً للدين.
    وشتان بين كلمة طيبة تصدر عن محل ومبنى ومظهر أنيق ومطهر، وبين أخرى تنبعث من فيِّ ذي إهمال له، يختلط طيبها مع رائحة يرفضها الإنسان السوي طبعاً وفطرة".
    فالبشرية قبل الإسلام لم تعرف طرقاً معقولة لتنظيف أفواههم .
    فقد استعملوا أساليب علاوة على قذاراتها، فإنها تلوث الأسنان وقد تضر بها.
    فمنذ عهد الرومان وحتى العصور الوسطى انتشرت عادة المضمضة بالبول(10)، حيث كانت بيلات الرومان يفضلن البول الآتي نم إسبانيا، فإن لم يتيسر استعضن عنه ببول الثيران.
    وكان بعض الأطباء أوربا يوصون بمضغ قلب حية أو ثعبان أو فأرة مرة كل شهر من أجل نقاء أسنانهم(6).
    وفي هذه الأجواء، جاء الإسلام ليأمر أتباعه بمجموعة من الوصايا تفوق كل ما توصل إليه الطب الحديث من أمور للوقاية من نخر الأسنان والمحافظة على صحة الفم ونظافته، فأنى للّويحة السنية التي تسبب نخر الأسنان وتقيحات اللثة أن تتشكل لدى مسلم يلتزم بالسِّواك عند وضوئه وصلاته، وعند قيامه من النوم، وبعد طعامه؟ وأنى لبقايا الطعام أن تبقى في فمه وتتخمر وهو يتمضمض عند وضوئه وغسله وبعد طعامه، كما بحثنا ذلك في فضل الوضوء؟.
    وعدا عن ذلك، فنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم اهتم كثيراً بما يبقى في الفم من بقايا طعامية وأمر بإزالتها وبيّن خطرها على الأسنان.
    فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن فضل الطعام الذي يبقى في الأسنان يوهن الأضراس"[2].
    كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلل بعد الطعام، وهو استعمال عيدان دقيقة ينظف بها ما علق من بقايا الطعام بين الأسنان.
    فعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تخللوا على إثر الطعام وتمضمضوا فإنه مصحة للناب والنواجذ"[3].
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أكل فليتخلل، فما تخلل فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبلغ "[4].
    ومن الهدي النبوي المعجز في صحة الأسنان أنه صلى الله عليه وسلم كما صحّ في الحديث " لم يأكل خبزاً مرققاً قط " وهو الخبز المنخول الأبيض، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الخبز غير المنخول فقشور الحبوب [النخالة ] تحتوي على الفيتامينات وعلى مادة الفيتات phytate وهي عبارة عن فوسفات عضوية لها دور وقائي هام ضد نخر الأسنان(2) فسبحان من علمه (إن هو إلا وحيٌ يوحى).
    وهكذا تتضافر التوجيهات النبوية في المحافظة عل صحة الفم والأسنان وحمايتها من القلح والنخر وسواها.
    والبون شاسع بين من يقوم بهذه التعاليم بدافع العقيدة يبتغي بها وجه الله، وبين من يقوم بها لمجرد النظافة.
    وإن المجتمعات الإسلامية في الوقت الحاضر، ورغم عدم التزامها الكامل بتعاليم نبيّها، فهي بالنسبة لموضوع نخر الأسنان ـ أفضل حالاً من الدول الصناعية الكبرى.
    ولو اهتمت الدول الإسلامية بحثِّ العلماء وخطباء المساجد على أن يقوموا بدورهم في التوعية الصحية وتبليغ المسلمين توجيهات نبيهم ـ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ في الحث على السِّواك ونظافة الفم، لاختفت، أو كادت تختفي حالات نخر الأسنان من مجتمعاتهم .
    فاتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم تؤدي ـ بلا ريب ـ إلى سعادة الدنيا والآخرة، وإلى التمتع بحياة صحية ـ بدنية وعقلية ـ سليمة علاوة على الفوز برضا الرحمن وثوابه.\
     المسْواك :
    أصح ما ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه و سلم أستاك بسواك من أراك . و شجرة الأراك ( Saluadora Persica) من الفصيلة الأركية (Saluadoraceae) وهي شجرة دائمة الخضرة تنموا في المناطق الحارة في عسير و جيزان من الأراضي السعودية وفي مصر والسودان وفي غور الساعاد ( قرب القدس ) وفي اليمن وجنوب أفريقيا والهند وغيرها.
    لها ثمر في حجم حبة الحمص يدعى " الكباث" لونه أخضر، يحمر ثم يسود عند تمام نضجه، حلو الطعم حاذق، يمكن أن يؤكل، الكباث مدر وطارد للريح ، يؤخذ السِّواك من جذورها ومن أغصانها الصغيرة (11).
    وعيدان الأراك مغطاة بطبقة فلينية، تليها طبقة قشرية ثم تأتي بعد ذلك الألياف الدقيقة الناعمة التي تتباعد وتتفرق عند دقّ نهايات العيدان ونقعها بالماء بعد إزالة الطبقة القشرية.
    وفي المركز أشعة مخية تفصل بين الألياف تحتوي خلاياها على بلورات السيليس والحماضات وحبيبات النساء، وهي العناصر الفاعلة في المسواك .
    هذه العناصر تتبدّد بعد أيام من استعماله، لذا تقطع الألياف المستعملة كل بضعة أيام ويصنع من نهاية العود فرشاة جديدة وهكذا يتجدد السِّواك ولا تتراكم فيه الأوساخ (6و12).
    و قد أوردت مجلة المجلة الألمانية الشرقية في عددها الرابع ( 1961) (13) مقالاً للعالم رودات ـ مدير معهد الجراثيم في جامعة روستوك ـ يقول فيه : قرأت عن السِّواك  الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحّالة زار بلادهم، و قد عرض للأمر بشكل ساخر، اتخذه دليلاً على تأخر هؤلاء القوم الذين ينظفون أسنانهم بقطعة من الخشب في القرن العشرين. و فكرت ! لماذا لا يكون وراء هذه القطعة الخشبية حقيقة علمية ؟.
    و جاءت الفرصة سانحة عندما أحضر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم في السودان عدداً من تلك الأعواد الخشبية.
    و فوراً بدأت أبحاثي عليها، فسحقتها وبللتها، ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم، فظهرت على المزارع آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين" .... و إذا كان الناس قد استعملوا فرشاة الأسنان من مائتي عام فلقد استخدم المسلمون السواك منذ أكثر من 14 قرناً.
     ولعل إلقاء نظرة على التركيب الكيمائي لمسواك الأراك يجعلنا ندرك أسباب الاختيار النبوي الكريم، والذي هو في أصله، وحي يوحى: وتؤكد الأبحاث المخبرية الحديثة أن المسواك المخضر من عود الأراك يحتوي على العفص بنسبة كبيرة وهي مادة مضادة للعفونة، مطهرة، قابضة تعمل على قطع نزيف اللثة وتقويتها، كما تؤكد وجود مادة خردلية هي السنجرين Sinnigrin   ذات رائحة حادة و طعم حراق تساعد على الفتك بالجراثيم.
    و أكد الفحص المجهري لمقاطع المسواك وجود بلورات السيليكا وحماضات الكلس والتي تفيد في تنظيف الأسنان كمادة تزلق الأوساخ والقلح عن الأسنان.
    وأكد د. طارق الخوري(18) وجود الكلورايد مع السيليكا وهي مواد تزيد بياض الأسنان، وعلى وجود مادة صمغية تغطي الميناء وتحمي الأسنان من التسوس، إن وجود الفيتامين ج و ثري ميتيل أمين يعمل على التئام جروح اللثة وعلى نموها السليم، كما تبين وجود مادة كبريتية تمنع التسوس(2).
    وفي بحث قدمه د.محمد رجائي المصطيهي وزملاؤه (15) بينوا فيه احتواء المسواك على مادة شبه قلوية يمكن أن تكون السلفارورين، وعلى الثري ميتيل أمين، ونسبة عالية من الكلورايد والفلوريد والسيستوستيرول، وعلى كمية قليلة من الصابونين والفلافونيد، وأثبتوا لمحاليل الأراك تأثيراً موقفاً لنمو الجراثيم، لوجود مادة كبريتية، ولأن الثري ميتيل أمين يخفض الأسّ الهدروجيني، مما يجعل فرص نمو الجراثيم قليلة، كما أن السيستوسترول يعمل مع الفيتامين ج على تقوية الشعيرات الدموية المغذية للثة وعلى حمايتها من الالتهاب.
    وفي بحث قدمه د. عبد الرحيم محمد مع البروفسور جيمس ترنر (16) أكدوا فيه أهمية الكبريت والسيستروسترول الموجودتان في المسواك كمواد قاتلة للجراثيم، وعلى وجود ثاني فحمات الصوديوم وأهميتها في تنظيف الأسنان(2).
    وأكد بحث آخر (6) وجود مادة عطرية ذات رائحة مستحبة تطغى على الرائحة الكريهة التي يمكن أن توجد في الفم.
    وفي قسم العلوم السنية في جامعة الملك سعود (9) أجريت دراسة حول تأثير مادة البنزيل إيزو يتوسيانات التي تم عزلها من جذور الأراك على فيروس الحلأ البسيط.
    وأشارت النتائج أن لهذه المواد خواصَّ قاتلة لهذا الفيروس وبتركيز 133.3 مكروغرام /مل، مما يشير إلى إمكانية السيطرة على إصابة الفم بالحلأ البسيط عند استعمال السِّواك وفي الوقاية من نكسه المتكررة .
    وأثبتت دراسة حديثة (1988) أجريت في جامعة أنديانا الأمريكية، أن لهذه المادة [ بنزيل أيزو تيوسيانات ] أثراً مهماً في تثبيط المكورات العقدية، وربما تكون مفيدة في خفض فرص حصول النخور السنية(9)..
    والباحثون الذين درسوا السواك يفضلونه على فرشاة الأسنان (6و9) فهو يقوم مقام فرشاة ومعجون بآن واحد، فهو (فرشاة) بأليافه الدقيقة الجيدة والمناسبة للتنظيف، وهو (معجون ) بما فيه من مواد مطهرة، وأخرى زالقة ومنظفة كبلورات السيليس والحماضات، ومواد صمغية وعطرية وغيرها.
    فالمسواك كمنظف آلي يزيل بقايا الطعام من بين الأسنان ويزيل القلح، ويمتاز عن الفرشاة بإمكانية تحضيره بالقساوة والثخانة المناسبتين، وذلك بواسطة تفريق أليافه قليلاً أو كثيراً، كما يمتاز بعدم تخريشه للثة.
    وهكذا يمكننا اعتبار المسواك، الفرشاة الطبيعية المثالية، والمزودة بمعجون ربّاني، من موادّ مطهرة، ومنظفة تفوق ما تملكه معاجين الأسنان الصناعية من مواصفات، ولعل أهمها أن المعجون المطهر لا يستمر تأثيره أكثر من 20 دقيقة ثم يرجع الفم إلى حالته العادية، لكن من المنتظر بعد استعمال السِّواك ألا يعود مستوى الجراثيم الفموية إلى حالته إلا بعد ساعتين على الأقل (17).
    كلمات مفتاحية  :
    السواك بين الطب الإسلام

    تعليقات الزوار ()