السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخياتي بنات واحتي ...
بنقدكم نرتقي..
ارحب بكل نقد هادف وتهمني أرائكن ولا مكان للمجاملة ,,,
الجزء السادس
عبثاً كنت أحاول النوم لعل الزمن يجري سريعاً حيث نعود لأحضان قريتي الجميلة
لأحضان أمي وأسرتي ...
أخرج أغراضي من الحقيبة مرة ، و أعيدها أخرى ، أتأمل الهدايا التي ابتعتها
لإخوتي و أتخيل فرحتهم ....
حتى انبلج الصبح ، و مع إشراقة ذلك الفجر أشرق الفرح في قلبي !
آه كم أتمنى أن يمضي الوقت سريعًا ؛ ليحين موعد الرحلة .
هانحن في المطار !!
انطلقت بنا الطائرة ، و قلبي يرف بين أضلعي ، يكاد يطير سابقـًا الطائرة !!
وصلنا .. و كان الوقت عصرا ....
ظننت أننا سنتجه إلى منزل أهلي ، لكن صخرًا لم يذعن لرجائي ، و لم تشفع دمعاتي عنده !
قال : أنا متعب كثيرا ، و أريد أن أرتاح ، لدي أعمال مهمة سأنجزها الليلة ، و كذلك أنتِ لم تنامي
طوال البارحة ، خذي قسطا من الراحة لكي تستمتعي بقضاء وقت كافٍ مع أهلك ، و حالما
أستيقظ سوف أذهب بك إليهم ، و أترككِ هناك طوال الليل ، ريثما أنهي أعمالي .
تركت حقيبتي عند الباب الخارجي ؛ لكي أحملها معي عند ذهابي لبيت أهلي ، و صعدت لغرفتي ، و
لشدة التعب ما أن استلقيت على الفراش حتى نمت نوما عميقا .........
قبيل نومي ضبطت المنبه على الساعة السادسة إذ كانت ساعتان من النوم تكفيني .
صحوت على صوت المنبه ، و بسرعة استبدلت ملابسي ، و كان صخر قد استيقظ قبلي
ركبنا السيارة و كلي شوقا لأمي و أبي ، لأخوتي و حارتي ...
اشتقت لرائحة بيتنا الطيني عندما يبلله المطر ... لصوت لعب أطفال حينا
أقبلنا على الحي ، من بعيد ألمح ( والدي ) ذاهبًا إلى المسجد ، و ها هو جارنا ( أبو صالح ) قد تبعه ،
و الجد ( عوض ) قد انحنى ظهره و بدا يتوكؤ على عصاه التي طالما لحقنا بها مهددا عندما نزعجه ،
و تلك هي جارتنا الخالة ( أم وردة ) تحمل بضاعتها على رأسها و تتجه نحو بيتها ،
و هناك أرى جارتنا العجوز ( الجدة رقية ) تخاصم أولاد الحي ، يبدو أنهم كالعادة تسببوا في إزعاج ماعزها
ودجاجها ، أو ربما اقتلعوا الرمان من شجرها قبل أن ينضج .....
آه كم اشتقت لتلك الحارة ... هنا الحياة ... هنا فقط أشعر بالأمان والدفء ....
كالعادة الباب الخارجي يبقى مفتوحا ً دخلت ورأتني أختي أسماء ، و بسرعة البرق انطلقت تجري
نحو الداخل و هي تطلق صوتا ً كصفارات الإنذار سمعه آخر بيت في الحي : مي عادت ... مي عادت ...
أقبل إخوتي جرياً للسلام علي ، لم يتركوا لأمي فرصة ، إذ كل واحد منهم يجذبني نحوه !!
احتضنت أمي طويلا ً لعلي أعوض أيام بعدي عنها ، أو أشكو لها همي .....
أما أسماء فلم تمنحني فرصة لأفتح الحقيبة و أوزع الهدايا ؛ بل سبقتني بحثـًا عن هديتها
قلت لها : عقابًا لكِ فلن تأخذي هديتكِ إلا آخر فرد في العائلة .....
وزعت الهدايا و الكل فرح بها كثيرا ....
قالت أمي : مي حبيبتي أراك متعبة لِمَ لا تذهبين للغرفة وترتاحين ريثما أجهز العشاء ؟
لقد طبخت لك ِ كل ما تحبين ...
ذهبت للغرفة ، و بالطبع أسماء لم تتركني بل أخذت تقررني كيف كانت الرحلة ؟ ماذا رأيتِ ؟
هل ذهبت لمطعم ؟ كيف كان طعامهم ؟ ماذا يلبسون ؟ ......
تعبت .... تعبت يا أسماء أرجوك ارحميني لم يبقَ شيء لم تسألي عنه ...
غضبت أسماء و قالت بلهجة مضحكة لن أخبرك بأي شيء حين أتزوج و أسافر
ثم أردفت بعد خروجها من الغرفة بل لن أحظر لك هدية .....
كم اشتقت لمشاكساتك يا أسومة !!!
منذ زمن لم أتناول طعامًا بهذا الجو الحميمي ، بعد فراغنا من العشاء
خرج إخواني مع والدي حيث كانت السهرة عند العم أبي صالح
و حضرت كل جاراتنا للسلام علي ، لم أنسَ أن احضر لهن الهدايا
تسامرنا في تلك الليلة طويلاً ، و ضحكنا كثيرا ، و استمتعنا بأحاديث ( الجدة رقية )
و حكاياتها التي لا تمل ....
فهي لم تنجب ، و لذا تبنت الحيوانات ، و أصبح لكل حيوان لديها معزة في قلبها ، تحزن لمرضه
و تفرح لمرحه ... كنت أسمعها دومًا تحدث ماعزها و دجاجها و كأنما هم
يفهمون لغتها ....و الويل الويل لمن يضايق أحدها.....
انصرفت الجارات ، و حضر والدي و إخوتي ، ثم ذهب كل إلى فراشه .. إلا أنا
فقال لي والدي : مي الوقت متأخر ، و يبدو أن صخرًا لن يحضر الليلة ،
لعله تأخر في عمله فظن أنكِ قد نمتِ ، اذهبي إلى فراشكِ و نامي .
قبّلت رأس والدي ويده ثم ذهبت لفراشي ، و أنا أدعو ربي أن تكون أسماء قد نامت
اضطجعت على الفراش ، و إذا بأمي تدخل و تجلس بجانبي !! هممت بالجلوس لكنها أشارت
عليّ بالبقاء في فراشي ,,,
قلت لها : خيرًا يا أمي ...
- خير يا حبيبتي و لكني لم أستطع النوم قبل أن أطمئن عليك ِ ....
ها أنذا أمامك أمي الحبيبة ...
لم أعنِ ذلك أريد أن أعرف هل أنت سعيدة ؟ هل استمتعتِ بسفرك ؟
أطلقت من صدري تنهيدة ، و أنا أحاول النهوض لأجيب على أمي ....
كانت أمي تقرؤ ما رسم على وجهي من كلام ، و كأنما فهمت ما أريد قوله
لم أقوَ على كتم همي فحكيت لأمي كل شيء .....
كنت أنتظر من أمي أن تثور و تغضب ، بل أن تطلب طلاقي من صخر !!
لكن المفاجأة أنها قالت : هكذا الأزواج في بداية حياتهم الزوجية ،
و مع مرور الوقت ستعتادين عليه ، و هو كذلك ، أما بالنسبة لما حصل في سفرك
فسوف أتكلم معه و أعدك أنه لن يكرر ذلك مرة أخرى ,,,
ثم أردفت : إياك أن تخبري والدك بأي شيء ...
و قبلتني قائلة : تصبحين على خير حبيبتي .....
أهكذا اطمئننتي علي يا أمي ؟؟!!!
هذا الصباح كان الجو غائمًا .. أحسست قليلا ً بالبرد ...
قال أبي ( و هو يستعد للذهاب إلى عمله ) : لقد أوشك حلول فصل الشتاء ...
قريتنا شديدة البرودة في الشتاء وكذلك كثيرة الأمطار ...
كم أحب الشتاء وأعشق هطول المطر !!
و ما أن تناولنا الإفطار حتى بدأت السماء تجود بحبات المطر
كانت تعانق حبات الرمال بشوق !
استمر هطول المطر خفيفا حتى حان الضحى و أشرقت الشمس
التي اخترقت خيوطها الذهبية حبات المطر الماسية فانعكس لنا ضوؤها
و كوّن قوس الألوان بزهو و جمال !!
لم يدم تأملي لتلك اللوحة الربانية البديعة حتى سمعت طرق الباب ، تلاه صوت صخر
يستأذن بالدخول ....
رحبت به أمي و دعته لتناول القهوة ثم قال لي :
ألا ترغبين في الذهاب إلى منزلك ؟ ألم تشتاقي إليه كما اشتاق إليك ...؟؟
نظرت أمي نحوي تستحثني على الرد عليه ,,
ثم قالت : بلى اشتاقت إليه و إلى صاحبه ..
ابتسم ابتسامة عريضة حتى ظهرت بعض أسنانه و قد تآكلت من السوس
و تلونت بالصفر ة القاتمة من أثر التدخين ....
هناك في ذلك البيت الكبير الواسع الغرف الجميل الأثاث ....
هناك تعاستي و همي !!
هناك الوحشة و العتمة رغم الأضواء و الثريات ....
دمتم سالمين