البورصات العربية.. من الازدهار للانهيار
بعد الانتعاش الذي شهدته البورصات العربية في الفترة السابقة عادت موجة الخسائر تضرب بقوة البورصات العربية، وخاصة الخليجية منها بدرجة وصلت إلى مرحلة الانهيار؛ إذ حققت البورصات خسائر في قيمتها السوقية خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي تخطت (260) مليار دولار، تصدرتها السعودية بخسارة أكثر من (188) مليار دولار، وبورصتا الإمارات أكثر من (54) مليار دولار، وقطر أكثر من (21) مليار دولار، والكويت أكثر من (17) مليار دولار، والأردن أكثر من (5) مليارات دولار؛ إذ شهدت غالبية البورصات العربية تراجعاً ملحوظاً في أسعار أسهمها خلال العام الحالي.
أسباب الانهيار
ويرى خبراء ومحللون ماليون أن تراجع معظم بورصات الخليج العربي يرتبط بعدة أشياء.
أولها: غياب الاستقلال الإداري.
ثانياً: قلة الإصلاحات، وغياب المؤسسات المساندة، مثل: الشركات الصانعة للسوق، ومؤسسات الحفظ والإيداع المركزي، وشركات التسوية والمقاصة، وشركات الترويج وضمان الاكتتاب.
ثالثاً: صغر تلك الأسواق نسبياً وضعف الإفصاح، وتدفق المعلومات بها، وعدم انفتاحها على الخارج.
ويؤكد الخبراء أن تلك الاتجاهات السعرية جاءت خلال العام الحالي مغايرة تماماً لاتجاهات الأسعار خلال العام الماضي، والذي شهدت خلاله كل البورصات العربية ارتفاعات ضخمة بلغت نسبتها 146 % بالبورصة المصرية و131 % بدبي، و 105% بلبنان ، و 104 % بالسعودية و5ر93 % بالأردن، و70 % بقطر، و67 % بأبو ظبي و60 % بالكويت، و44 % بسلطنة عمان، و24 % بالبحرين، و21 % بتونس ، و20 % بالمغرب.
فداحة الخسائر
أصبح في حكم المؤكد أن صناديق الاستثمار وسوق الأسهم المحلية في البورصة السعودية تتجه قسرياً إلى تكبّد أكبر خسائر رأسمالية في تاريخهما، وأنه لم يعد بالإمكان فعل أي شيء يخفف من ثقل الخسارة الكبيرة التي لحقت بهما؛ فمن جانب السوق أكملت بتداولات هذا الأسبوع خسارة نحو (1.9) تريليون ريال مقارنة بنهاية فبراير الماضي، وبخسارة تراكمية في قيمة المؤشر العام فاقت 62%.
وجاءت بورصة دبي في المركز الثاني بقيمة تعاملات (81) مليار دولار. وفى المركز الثالث الكويت (8ر41) مليار دولار، وبالمركز الرابع مصر بنحو (36) مليار دولار، ثم الأردن (3ر18) مليار دولار، وأبو ظبي (5ر17) مليار، وقطر (16) مليار دولار، والمغرب (347ر5) مليار دولار. وجاءت في المؤخرة لقيمة التعامل بورصة الجزائر بنحو (302) مليون دولار فقط، وتونس (400) مليون دولار، وفلسطين (675) مليون دولار، والخرطوم (810) مليون دولار، والبحرين (152ر1) مليار دولار، وسلطنة عمان (718ر1) مليار دولار، ولبنان (823ر1) مليار دولار.
وهكذا فإن البورصات صغيرة الحجم هي التي اتجهت أسعارها للارتفاع بينما تراجعت أسعار الأسهم بالبورصات الكبيرة، وبما يشير إلى فداحة الخسائر التي لحقت بالمستثمرين العرب. وعدم نجاح الإجراءات التي اتخذتها أكثر من بورصة خليجية بالسماح للأجانب بالتعامل فيها أو زيادة نسب التعاملات المسموح لهم بها، أو السماح للشركات بشراء أسهمها.
بورصات الخليج أكبر الخاسرين
والنصيب الأكبر من الخسائر التي لحقت بالبورصات العربية كان لبورصات الخليج منها نصيب الأسد، فقد بلغت القيمة السوقية للأسهم المقيدة بالبورصات العربية (032ر1) تريليون دولار مقابل (290ر1) تريليون بنهاية العام الماضي، بتراجع 20 %. وهكذا تكون البورصات العربية قد خسرت أكثر من (258) مليار دولار؛ إذ شهدت البورصات الرئيسية انخفاضاً في القيمة السوقية لأسهمها بسبب التراجع الملحوظ لأسعارها.
وتزيد الخسارة الحقيقية عن الرقم المذكور نظراً لقيد عدد من الشركات الجيدة بتلك البورصات، وإضافة زيادات أخرى لرؤوس الأموال بها قللت بعض الشيء من فجوة تراجع القيمة السوقية بسبب تراجع الأسعار.
وأبرزها السعودية التي بلغت القيمة السوقية لسوقها (4ر457) مليار دولار، مقابل (646) مليار دولار بنهاية العام الماضي، بخسارة (4ر188) مليار دولار. والكويت (8ر106) مليار دولار، مقابل (9ر123) مليار، بخسارة (1ر17) مليار دولار. وبورصة دبي (9ر95) مليار دولار، مقابل (112) مليار دولار، بخسارة مليار دولار. وبورصة أبو ظبي (94) مليار دولار، مقابل (132) مليار دولار بخسارة (38) مليار دولار.
كما انخفضت القيمة السوقية لبورصات الأردن إلى (7ر32) مليار مقابل (6ر37) مليار بنهاية العام الماضي، بخسارة (9ر4) مليار دولار. وقطر إلى (8ر65) مليار مقابل (1ر87) مليار، بخسارة (3ر21) مليار دولار، وفلسطين إلى (5ر2) مليار، مقابل (1ر3) مليار بنهاية العام الماضي.
وارتفعت القيمة السوقية لبورصات باقي الدول، وهي مصر لتصل إلى (8ر84 مليار)، والمغرب لتصل (8ر42) مليار، والبحرين لتصل إلى (2ر21) مليار، وسلطنة عمان لتصل إلى (13) مليار دولار، وبيروت لتصل إلى (1ر7) مليار دولار، وتونس لتصل إلى (8ر3) مليار دولار، والخرطوم لتصل إلى (8ر3) مليار دولار، والجزائر لتصل إلى (97) مليون دولار فقط لصغر حجمها وحداثة تأسيسها.
وهنا يطرح سؤال مهم نفسه وهو: هل تستطيع البورصات العربية التعافي من هذا الانهيار الذي وصل إلى درجة الاحتضار؟ نسأل الله أن يكون ذلك قريباً