كثر الكلام خلال السنوات الماضية عن العنف وأسبابه ووضعت له الدراسات المطولة والمختصرة. ولكن العنف بقي موضوعاً، يشكل محوراً دائماً لمقالات وندوات وتصريحات وآراء متوالية، ليس هناك في الأفق ما يشير إلى الحد من إثارته لموضوع خلال فترة قريبة قادمة.
ففي دراسة اجتماعية واسعة أجراها فريق علمي تابع للمركز القومي للبحوث في القاهرة، تم التوصل فيها، أن المرأة في المجتمع المصري تتعرض إلى أشكال من العنف، أولها العنف الأسري، وآخرها العنف الاجتماعي (أي العنف المجتمعي).
فإلى جانب ممارسة العنف ضد المرأة المصرية بدءاً من العنف النفسي وانتهاءاً بالعنف الجسدي فقد لوحظ أن ظاهرة العنف المشار لها، غالباً ما يصاحبها الاستخفاف بحقوق المرأة وعدم الإصغاء لآرائها، أو إبداء الحرص العملي لحل مشاكلها، كما أدرجت الدراسة موضوع تهديد المرأة المصرية المتزوجة من قبل الزوج بالطلاق لأسباب تافهة، كأحد أكثر صور العنف ضراوة ضد المرأة المصرية، وهي تؤدي دورها المطلوب كزوجة أو كأم لأطفال.
ومما تطرقت إليه الدراسة الآنفة، أن هناك إقرار اجتماعي عام، يوضح أن الزوج من حقه معاقبة زوجته في ظروف محددة والمجتمع المصري لا يرى في كل هذا الأمر، ما يمكن اعتباره نوعاً من العنف ضد المرأة، بل تقويماً لبعض سلوكياتها السلبية. وفي مجال استعراضها تطرقت الدراسة إلى نوع آخر من العنف سمته بـ(العنف المؤسسي)، وضربت لذلك مثلاً مقرباً للواقع حين نصت إحدى عباراتها الصريحة بأنه (يتضح خلال استبعاد المرأة من مراكز السلطة، وحرمانها من الترقي في مجال عملها، لأسباب تتعلق بجنسها، وإظهارها بصورة سطحية وباهتة في وسائل الإعلام المختلفة).
وضمن تعريف شامل للعنف المستهجن إنسانياً، وخصوصاً العنف الموجه ضد المرأة، قامت من جانبها الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة لتعريف هذا النوع من العنف المدرجة تالياً فقرات مختصرة عنه: (العنف هو أي فعل قائم على سلوك عنيف ينجم عنه الإيذاء أو المعاناة... أو الحرمان النفسي من الحرية).