سنتجاوز الفصل الثامن من كتاب التسويق اللاصق والذي تحدث فيه الكاتب عن البيع، ذلك أننا شرحناه في تلخيص كتاب آخر بشكل أفضل، وكذلك الفصل التاسع الذي تحدث عن البيع عبر استعمال البريد العادي التقليدي في إرسال دعايات تسويقية، لصعوبة تنفيذه في بلادنا العربية، وكذلك الفصل العاشر الذي تحدث عن استقطاب وسائل الدعاية والإعلام من أجل نشر بعض المعلومات التسويقية بالمجان، ولا داع للحديث عن وسائل الإعلام في العالم العربي التي عادة ما تفسح صفحاتها لمن يدفع إعلانات أكثر، ولذا لم أجد جدوى من تلخيص فصل كهذا.
الفصل الحادي عشر:
استعمل التسويق عبر التوصيات أو Referral Marketing
ربما كانت هذه الطريقة من التسويق غائبة عن فِكر أصحاب المنشآت الصغيرة، والتي هي في الأساس امتداد طبيعي للتسويق عبر كلمات المديح، وأقصد بهذه الطريقة ما اصطلح على تسميته Referral Marketing أو ما أجد أن ’التسويق عبر التوصيات‘ ربما كان أفضل ترجمة تحمل معنى قريبا من المقصود به. إذا كان عندك ترجمة أفضل هاتها فورا.
لكن ما هو التسويق بالتوصية؟
هو أداة يستعملها صاحب المنشأة الصغيرة، العصامي الناشئ، ليجلب لنشاطه عملاء جدد، بشكل دوري متكرر، بدون الاعتماد على الدعايات والإعلانات. غني عن الذكر كيف أن شركات عدة بدأت بالاعتماد على هذه الطريقة في التسويق لخدماتها، ومنها من استمر كذلك لفترة طويلة، على أن بعض المهن بعينها هي أفضل مرشح لهذه الطريقة من التسويق، مثل الأطباء، والمحاميين، والمحاسبين… بشكل عام، كلما كانت الخدمة المقدمة غالية الثمن، أو شخصية بطبيعتها، كلما أفلحت معها هذه الطريقة التسويقية.
رغم أهمية وفاعلية التسويق بالتوصية، لكن قلة من تستعمله، ربما بدافع الخوف، أو بدافع عدم توفر نظام آلي لاستغلال إمكانيات اللجوء للعملاء الحاليين للاقتراح على أصدقائهم ومعارفهم الاعتماد عليك لحل مشاكلهم هم، كما حللت مشاكل عملائك. الخوف المقصود هنا هو الخوف من رفض عملائك لتوصية من يتعاملون معهم باللجوء إليك، أو الخوف من أن تبدو وكأنك الطرف الأضعف الذي يستجدي الحسنة من المارة في الطريق، أو ربما الخوف من ألا يبدي عملاؤك أي تعاطف معك ويتجاهلون طلبك هذا تماما.
للمؤلف نصيحة واحدة لدرء هذا الخوف، وأوافقه عليها تماما: ابتلع خوفك وتغلب عليه!
يشرح المؤلف كيف أن المفاجأة التي تنتظرك هي أن عملاؤك يحتاجونك لكي تطلب منهم ذلك. ببساطة، يحب كل واحد منا أن يبدو في أعين من يعرفونه أنه هو الخبير العبقري الذكي النابغة، الذي يعرف كل شيء، ولذا عندما تعرض عليه أن يخبر أصدقائه، أنه يعرف الخبير القادر على حل مشاكلهم، ويكون كذلك فعلا، فأنت بذلك تزيد من رصيد عميلك في عيون من نصحهم بالتعامل معك، وتجعلهم ينظرون إليه بعين الانبهار، ومَن مِنا نحن معاشر البشر لا يريد هذه النظرة في عيون أصدقائه وأقرانه ومعارفه!
مزايا التسويق بالتوصية:
- العائد الكبير: ناهيك عن تدني تكلفته، التسويق بالتوصية قادر على در أرباح كبيرة جدا عليك، فقط لو طبقته على أحسن وجه.
- المزيد من العملاء المناسبين: تعرض المؤلف في مطلع كتابه لكيفية توصيف العميل الأفضل لك، وعبر استعمال هذا التسويق، فأنت ستعثر على المزيد من هذه الفئة المناسبة لك.
- المزيد من الثقة بك: لا يثق أحد في الإعلانات، فالكل تعلم أن من يُعلِن يكذب، ولو بعد حين، لكن حين يقترح عليك صديق مقرب أن تجرب خدمات فلان أو تشتري منتج ما، فأنت تنقل ثقتك في صديقك إلى هذا الذي سيقدم لك الخدمة أو يبيع لك المنتج.
- مقاومة أقل لسعرك: حين يأتي إليك عميل بناء على توصية من صديقه، فهو يأتي متقبلا لأسعارك وخدماتك، وهو ما يعني تجربة بيع قليلة الجدل وإضاعة الوقت.
مصادر الحصول على التسويق بالتوصية:
هناك مصدران للحصول على التسويق بالتوصية: الأول قائمة عملائك الحاليين، والثاني الأنشطة التجارية المعتمدة عليك والمكملة لما تقدمه، مثل أن يوصي المحامون عملائهم بالاستفادة من خدمات محاسبين، هؤلاء المحاسبين ربما أوصوا عملائهم بالتعامل مع هؤلاء المحاميين، في حال تطلب عملهم ذلك، وهؤلاء هم الشركاء الإستراتيجيون، وربما كان هؤلاء أكثر حرصا على رفدك بالعملاء الجدد، أكثر من عملائك الحاليين.
شروط التسويق بالتوصية:
لكي يؤتي التسويق بالتوصية ثماره، يجب توفر عدة شروط، نوجزها فيما يلي:
كن مستحقا للتوصية:
إذا لم يكن عملاؤك في قمة السعادة من مستوى خدماتك ومنتجاتك، فلا معنى لأن تطلب منهم أن يوصوا معارفهم بالتعامل معك. قبل أن تلجأ لهذا النوع من التسويق، عليك حل مشاكلك الداخلية، وإرضاء الزبائن بدرجة كبيرة، ثم اللجوء لهذا الأسلوب في التسويق.
حدد شركائك الاستراتيجيين الذين تريد منهم التوصية بك:
مثلما سبق وتحدثنا عن طرق تحديد العميل الأفضل من قبل، عليك أن تحدد مَن مِن شركائك المكملين لك يتعامل مع فئة العملاء المناسبين لك ولخدماتك ومنتجاتك.
اجعله أمرا متوقعا
لا تفاجئ عملائك بطلبك منهم التوصية بك، بل اعرض الأمر في سياق حديثك معهم أولا، واجعلهم على علم ودراية مسبقة بأنك ستطلب منهم أن يوصوا بخدماتك ومنتجاتك، في حال نلت رضاهم عنك. لا تقدم مفاجآت غير متوقعة وغير سارة لعملائك. اجعل الأمر مطروحا في نقاشاتك معهم، واجعل هناك مرحلة إعداد نفسي مقدما.
اطرق الحديد وهو ساخن
بعدما تقدم خدمتك / تبيع منتجك مباشرة، والعميل في قمة السعادة من جودة ما حصل عليه، اعرض عليه طلبك بأن يوصي معارفه بك، (يسمها المؤلف فترة شهر العسل بينك وبين عميلك). مهما كانت خدمتك عملاقة النفع للعميل، فهو سينساها بمرور الوقت، لذا احرص على أن تطرق الحديد وهو ساخن.
تعليم العملاء
مثلما حددت عميلك الأمثل، ومثلما حددت رسالتك التسويقية، عليك بتعليم عملائك – عبر أداة تسويقية بسيطة – كيف يوصون بك، ومن يختارون ليوصوهم بك. هذه الأداة قد تكون ورقة تسويقية، تحمل شرحا مختصرا للعميل الأمثل الذي تبحث عنه، ثم تشرح طبيعة الخدمة التي تقدمها، ثم تقديم وسيلة اتصال سهلة وفي متناول الجميع، ليتصل بك العميل المُوصَى له بك.
هل أعددت هذه الورقة التسويقية؟ هل تريد خطوة عبقرية مماثلة تضمن لك المزيد من التوصيات؟ أعد تصميم هذه الورقة، مع ترك مساحات خالية فيها، ثم أرسلها إلى شركائك الاستراتيجيين، وأطلب منهم ملء هذه الفراغات، لكي تعيد طبعها وتعطيها لعملائك الذين تراهم بحاجة لخدمات شركائك هؤلاء. هذه الخطوة الذكية عادت على عميل لمؤلف الكتاب بزيادة قدرها 65% في العملاء القادمين عبر التوصيات.
اجعلها سهلة بسيطة
يريد عملاؤك توصية غيرهم بك، لكنهم يريدون فعل ذلك بوسيلة سهلة للغاية، خفيفة على النفس، ولذا احرص على جعل رسالتك سهلة ومشوقة، لا صعبة ولا مملة ولا ضحلة، ثم ساعد عملائك على تحديد الفئة الأنسب لك من معارفهم.
قدِّم محفزات مجزية
كلما جلب لك عميلُ عميلا، احرص على مكافئته، هذا إن أردته أن يستمر في جلب العملاء لك. بعض الصناعات تضع قواعد صارمة منظمة لهذه المكافآت، وبعضها تمنعها، لكن الكثير منها لا يعارضها. هذه المكافآت ليست حِكرا على المال، وليست دعوة لدخول عالم الرشاوي / الرشى. يمكنك تقديم سعر خاص لعميلك الذي جلب لك عميلا / عملاء آخرين، أو ترسل له هدية تذكارية لطيفة، أو يمكنك دعوته إلى حفل تقديرا لخدماته.
ولا يزال لهذا الفصل بقية، إن كان في العُمر بقية