في البلاد النامية:
إنّ علاج أزمة البطالة في البلاد النامية هو عملية صعبة ومعقّدة في آن واحد، ومع الصعوبة التي تكمن في الجذور العميقة التي أنبتت هذه الأزمة، وهي:
- التخلف الاقتصادي.
- ضعف موقع البلاد النامية في الاقتصاد العالمي
- فشل جهود التنمية
- آثار أزمة المديونيّة الخارجية من ناحية رابعة.
وعلى أيّ حال فإن التصدّي لأزمة البطالة في البلاد النامية يحتاج إلى مستويين:
1) الإجراءات العاجلة للأجل القصير:
- تشغيل الطاقات العاطلة الموجود في مختلف قطّاعات الاقتصاد القومي.
- توفير الحماية الاجتماعية للعاطلين والتوسّع في مشروعات الضمان الاجتماعي.
- دعم وتشجيع القطاع الخاص المحلّي.
- وضع الحكومة برنامج للنهوض بالخدمات الصحيّة والتعليميّة والمرافق العامّة.
- التوسّع في برامج التدريب وإعادة التدريب في مجال المهن اليدويّة ونصف الماهرة.
2) إجراءات الأجل الطويل:
- خلق فرص عمل منتجة من خلال زيادة حجم الاستثمار يشكل متوازن في مختلف القطّاعات.
- الاستفادة من الاستثمارات الأجنبيّة المباشرة.
- الارتقاء بمستويات التعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية.
- إعادة النظر في مكوّنات سياسات التعليم والتدريب بحيث تلبّي سوق العمل.
- اعتماد صيغة الاقتصاد المختلط "عام- خاص- مشترك- تعاوني- إنتاج سلعي صغير".
- ممارسة الدولة للتخطيط الاستراتيجي ومشاركتها في تحديد معدّلات النموّ والادّخار والاستثمار والقرارات المتعلّقة بالسياسة النقديّة والماليّة والتجاريّة.
دور الصناعة في تفعيل عمليّة الإصلاح الاقتصادي:
مفهوم التصنيع: التصنيع عمليّة تنمويّة هادفة إلى القضاء على التخلّف وتطوير مختلف فروع الاقتصاد الوطني عبر الاستفادة من أحدث الوسائل التكنولوجيّة واستخدامها في شتّى الميادين الإنتاجيّة كما أن للتصنيع أهدافاً اجتماعيّة أهمّها القضاء على البطالة، ورفع مستوى الناس المادّي والثقافي.
دور الصناعة في عمليّة الإصلاح الاقتصادي:
تلعب الصناعة دوراً بارزاً في إحداث التطوير الاقتصادي المنشود.
وأستطيع أن أبيّن دور الصناعة في عمليّة التطوير والإصلاح على النحو التالي:
1) تحقيق زيادة كبيرة في الدخل القومي: فزيادة الاستثمار في الصناعة يؤدّي إلى ارتفاع مستوى إنتاجيّة العمل الاجتماعي وارتفاع مستوى الإنتاجيّة يعني ارتفاع مستوى الدخول مما ينعكس بدوره على بقيّة أجزاء الاقتصاد القومي.
فارتفاع مستوى الدخل الفردي يعني ما يلي:
أ- ارتفاع حجم الطلب الفعّال وتوسيع السوق الوطنيّة حيث يزداد الطلب بصورة خاصّة على المنتجات الغذائيّة الأمر الذي يساعد على حدوث توسّع في الإنتاج الزراعي الذي يساهم بدوره في رفع مستوى الدخل القومي.
ب- يزيد قدرة الأفراد على الادّخار، ومن ثمّ زيادة القدرة على التكوين الرأسمالي وهذا يزيد من قدرة الدولة على الاستمرار في التنمية الاقتصادية.
ت- ازدياد الدخل يؤدّي إلى تنوّع الاستهلاك الذي يؤدّي بدوره إلى تطوّر الصناعة ذاتها لأنّها النشاط الإنتاجي الوحيد القادر على إنتاج أنواع مختلفة من المنتجات لإشباع أذواق المستهلكين.
2) الصناعة نشاط متعدّد المحاور يخلق أقطاباً للنموّ ويستقطب مجمل عمليّة التنمية لأنه يحقق تشابك اقتصادي بين الأنشطة المختلفة بما يقدّم من معارف فنيّة وتكنولوجيّة ورفع مستوى المهارات القائمة، ففي الصناعة مثلاً يتم إنتاج مدخلات الإنتاج الزراعي كما يتم تحويل مخرجاته وكذلك الحال في العلاقة بين الصناعة ومختلف أنشطة الخدمات.
3) تؤدّي التنمية الصناعيّة إلى تنويع الاقتصاد القومي إذ يتغيّر التركيب السلعي للدخل القومي على أثر نموّ وتدعيم حركة التصنيع؛ وهذا يعني انخفاض الأهميّة النسبيّة للمحصول الواحد المكوّن للدخل القومي ومن ثمّ تقليل الآثار الضّارة الناجمة عن تقلّب أسعار المواد الأوليّة على الدخل القومي، وتحقيق قدر كافٍ من الاكتفاء الذاتي.
4) يترتّب على إقامة الصناعات التصديريّة زيادة نصيب المنتجات الصناعيّة من إجمالي الصادرات، ولا شكّ أن هذا يخفّف من مشكلات النقد الأجنبي في أقطارنا، يترتّب على زيادة الاستثمار في الصناعة، ازدياد طاقة هذا القطّاع على استيعاب القوى العاملة الناجمة عن الزيادة السكّانيّة.
تؤدّي عملية التصنيع إلى إحداث تغيير جوهري في البنيان الاجتماعي والثقافي للمجتمع وإرساء قيم وعادات جديدة نتيجة للاختلاف الجوهري في طبيعة العمل الصناعي عن طبيعة العمل الزراعي.
الإصلاح الإداري بين المعلوماتية والعامل البشري:
إذا كانت المنهجيّة العامّة لكلّ مؤسّسة وشركة تتلّخص في ثلاثة أطر هي:
" الإقلال من الهدر وخفض كلفة المنتج، وزيادة الإنتاج وجودة المنتج، مع التوسّع في تسويق هذا المنتج فإن النجاح في تفعيل هذه المحاور مجتمعة مع بعضها البعض تبيّن بوضوح وبشفافيّة مقدار النجاح الذي تلاقيه هذه المؤسسة أو الشركة في عملها وفيما يتعلّق بالإطار الأوّل على وجه التحديد.
" الإقلال من الهدر وخفض كلفة المنتج "فإن وضع الخطط الكفيلة بتحقيقه هو ما ندعوه بالإصلاح الإداري المنشود".
يحتاج تطبيق الإصلاح الإداري إلى صياغة خطط دقيقة جدّاً من قبل إدارة المؤسسة ويجب أن تطبّق هذه الخطط بعد الانتهاء من صياغتها بصرامة وبحزم ويجب أن يجري تقييم شامل لأداء المؤسسة بعد كل مرحلة زمنية معينة يتمّ تحديدها من قبل الإدارة. ولصياغة هذه الخطط وتطبيقها يجب ملاحظة عاملين اثنين في غاية الأهميّة:
1) العامل البشري: ذلك أن الإنسان هو المعني أوّلاً وأخيراً بالإصلاح الإداري وهو الأمل في تحقيق النجاح المرجو في العمل.
2) المعلوماتيّة: وهي الوسيلة المساعدة بقوة للعامل الأوّل على تحقيق أهدافه في إعادة هيكليّة العمل ومن ثمّ تحقيق الإصلاح الإداري، وما يتبع ذلك من نجاح عام في عمل الشركة أو المؤسسة.
سوف يتضح في هذا الفصل دور هذين العاملين، والتفاعل المهمّ بينهما في إنجاز الإصلاح الإداري، مما لا شكّ فيه أن إحدى أهمّ مميزات العصر الحالي هي الزيادة الهائلة في الإنتاج اليومي من المعلومات وسرعة تداولها وشمولية تغطيتها، ولأن التحدّي الأعظم ليس في إنتاج المعلومة بل في الاستفادة منها واستغلالها في تحقيق أهداف التنمية والتطوير فلذلك نرى بوضوح أهميّة المعلوماتية في مساعدة صانع القرار على اتّخاذ القرارات الصائبة ذات الجدوى في عمله.
إن تجارب الدول المتقدّمة تُعطِي انطباعاً جلياً بأن أنظمة أتمتة إدارات المؤسسات قد وصلت إلى مرحلة ناضجة جدّاً سمحت بالتغلّب على معظم المشكلات الفنيّة التي ظهرت عند بدايات تطبيق المعلوماتية في الإدارة وقطاعات العمل الأخرى والعلاقة الحاكمة في هذا المجال هي كيفيّة تفاعل العامل البشري مع النظام الجديد.
ففي حالة كون التفاعل إيجابيّاً، سينطلق النظام الجديد مُحقِّقاً نتائج كبيرة جدّاً تفوق توقّعات واضعي الخطط والمستشارين والخبراء.
وفي حال كون التفاعل سلبياً؛ سيفشل المشروع تماماً وسينعكس الفشل على مجالات أخرى، وسيتحوّل إلى خسارة كبيرة للمؤسسة أكانت هذه الخسارة على الصعيد المالي المتمثّل بكلفة المنظمة المعلوماتية إضافة إلى الصعيد المعنوي الذي يتمثّل في الإحباط الذي سيصيب العاملين على هذه المنظومة وضياعهم لاحقاً بين الأسلوب القديم والأسلوب الجديد في إدارة المؤسّسة.
للأسباب المذكورة أعلاه، كان لا بدّ من إلقاء الضوء على الدور الهام والمفصلي الذي يلعبه الإنسان المستثمر الذي يحتلّ موقع صانع القرار في المؤسسة أو الشركة، وبالتالي يمكن القول بشيء من التأكيد أن التفاعل بين العامل البشري مع النظام الجديد سيأخذ المنحى الإيجابي وستتحقق الفائدة المرجوّة من أعمال القائمة المنتظرة في كافة المستويات الإداريّة الموجودة في المؤسسة وسيقل الهدر إلى حدّه الأدنى، وسينعكس ذلك تدريجياً على تخفيض كلفة المنتج، مما يعني في المحصّلة إنجاز الإصلاح المنشود، هذا الإنجاز الذي يصعب جدّاً تحقيقه لولا التفاعل الكبير والهائل.