ارتمت في أحضاني باكية فآلمتني بقولها :
يا أستاذة والله أنني أذاكرُ!!!!!!
نعم هذه عبارة أحدى طالباتي اليوم قالتها لي ولقد خنقتها العبرات وهربت منها الكلمات وفجائتني بهذه العبارة المؤلمة القاسية :ووالله يا أستاذة أنني لأذاكر ليل نهار صبح مساء ولكن لا جديد لا شيء يسرني لا شيء يفرحني أنا يا أستاذة كمن يجري وراء سراب يا أستاذة ماذا أعمل ماذا أصنع بحالي !
هدأت من روع الصغيرة وقلت ُلها وقلبي يتفطّر عليها لا عليك لا بأس يا غالية لا تحزني على نفسك أنتِ أديت الذي عليك وماهو مطلوب منك وهذه إرادة الله لم يشأ لك التوفيق في الدراسة لأمر قد لا ندركه نحن البشر بجهلنا وقلة إدراكنا !ووالله يا أخواتي لو قلتُ لكنّ إنها قد رددت هذه العبارة المؤلمة "ووالله يا أبلة أني أذاكر "بشكل متواصل يمكن عشر مرات ودموعها تسبقها لم أكن لأبالغ !ترديدها لتلك العبارة بالذات كأنها قد أيقظتني من سبات عميق !كيف أغفل أنا المعلمة إنه يوجد فروق فردية بين الطالبات لِمَ لمْ انتبه لتلك النقطة الحسّاسة عند بعض الطالبات ووالله لقد لمتُ نفسي كثيرا كلها أفكار تزاحمت في ذهني وطالبتي تردد عبارة الموت بالنسبة لي !
كمْ مرة تشدقتُ بالمثالية كمْ مرة رددت عبارة أنا مربية قبل أن أكون معلمة كيف لمْ ألحظ هذا الكابوس المزعج الذي يلاحق بعض الطالبات في كل وقت الآن أدركت لِمَ بعض الطالبات عندما أطلب منها الإجابة تقف مذعورة خائفة وجلة وكأنني أطلب منها صناعة صاروخ وليس إجابة على سؤال تافه !بل ليس تافه هو بنظرها قد يكون صعب قد لا تدركه كيف أسخرُبها في قلبي وأشعر إنها لم تكن معي في الدرس والمسألة ليست بالبساطة التي كنت أتوقعها ووالله يا غاليات موقف صعب مررت به اليوم وقد يكون قلمي قد خانني في تصوير ما شعرتُ به من خجل وحيااااااااء ركبني من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي !
طلبت منها أن تذهب لدورة المياه لتغسِل وجهها الحزين الكئيب بل والله أظنه المحطّم بفأس هذه الحياة الظالمة قد نظن الظلم مقتصر على أناس معينين لا يخطر ببالنا إن من بيننا أناس قد نظلمهم دون أن نشعر قد نصبُ عليهم ألون من العذاب والظلم النفسي دون أن نشعر بجريمتنا الشنعاء ويل لنا من الله كم نرتكب من جرائم بحقِ هؤلاء الصغيرات دون أن نشعر بل أي معلمة أنا بصراحة تمنيت بعد عبارتها تلك أن أكون في بطن الأرض بدلا من ظهرها !
واسيت الفتاة بعد ذلك ووعدتها_ ووعد الحر دين عليه _أنني سوف أعيد لها الامتحان فهي قد انهارت بعد إعلاني عن درجتها في المادة فقلد كانت أقلَّ الطالبات درجة وهي أكثرهنّ اجتهادا ومذاكرة ولكن لا يلام المرء بعد اجتهاده أعدك يا جواهر أنني سأكون معك قلبا وقالبا معلمة وصديقة مع إن الوقت قد مضى ولمْ يبقَ على نهاية العام إلا القليل ولكن سأمنحك من هذا القليل فالحرمان أشد منه ولكن ليس لي عذرا يا صغيرتي إلا أنني لم أكن أعلم بألمك وحزنك ليتك قد نبهتني قبل ذلك ولكن ماذا تنفع ليت وأخواتها وما عساها تقدمه لي أنا !ووالله أنني احتاج من يعزيني في مصيبتي آه ثم آه ثم آه يا جواهر كم أيقظت فيني براكين مدفونة !كمْ كشفتِ لي حقيقتي كم ْوكمْ وكمْ أرجو من الله أن يغفِر لي زلاتي وإسرافي في أمري إنه على ذلك قدير .