تختلف باختلاف الأشخاص والظروف، ولكن كثيرا ما يصاب هؤلاء بإحدى العلل التالية:
الاكتئاب، القلق، الوسواس، نوبات الهلع، المراقية (وتعني توهم المرض)؛ بالإضافة إلى المضاعفات الاجتماعية والوظيفية والتعليمية ونحو ذلك.
مفاهيم خاطئة حول ضعف توكيد الذات:
أنه من التواضع ولين الجانب والعريكة.
أنه من الحياء المقبول شرعا وعرفا.
أنه من الإيثار المطلوب والمحمود في الشرع والعرف.
أنه من السعي إلى إرضاء الناس كلهم والقبول لديهم جميعا.
أمثله لضعف السلوك التوكيدي:
في السوق يلح البائع على المشتري لشراء بعض السلع التي لا يرغبها، فيقوم بشراء ما لا يريده ولو كان ثمنه مرتفعاً؛ كل ذلك لأنه لا يستطيع إبداء رغبته في عدم الشراء (ضعف القدرة على الرفض)..
الاستمرار في الاستماع لشخص لا يهمك حديثه، وفي وقت ضيق بالنسبة لك (لديك مواعيد أخرى مثلاً)؛ فتتحرج من الاعتذار له وتنصرف، (ضعف القدرة على إبداء الرغبة)....
عند الاستدانة، يلح المستدين على الطرف الآخر بإقراضه مبلغاً قد يكون كبيراً والدائن في حاجة إلى ذلك المال ولكنه يُقرِض ذلك الشخص وهو كاره لذلك (ضعف القدرة على الاعتذار)....
شخص يتحمل أعباء (وظيفة أو مهمة اجتماعية) فوق طاقته وليست واجبة عليه ولا يريدها ويكرهها ولكنه لا يستطيع إبداء رأيه هذا!!....
التنازل عن بعض القيم والمبادئ المهنية خجلاً من شخص أو أشخاص ما....
شخص يطلب منك الهاتف الجوال ليتكلم مكالمة دولية فتعطيه إياه وأنت تعلم أنه سيطيل التحدث ولن يراعي مشاعرك....
التدريب على السلوك التوكيدي (بإشراف المختصين النفسيين).
وضع مدرج للسلوك التوكيدي المرغوب فيه (وذلك من واقع حياة الشخص نفسه)، يبدأ فيه بالأبسط ثم الأصعب منه.
التدريب على الجوانب الآتية:
التعبير عن الرأي الشخصي بقناعة ورضى (في الموافقة والمخالفة)...
التعود على الرفض بأسلوب مناسب (تؤكد مرادك دون ظلم غيرك) مثل: "آسف لا أستطيع"- "عفواً لا أريد" – "لا لا أقدر".....
من المهم أيضاً التعبير عن المشاعر والعواطف الداخلية بصدق ووضوح، مثل: "أشعر بعدم ارتياح لهذا الأمر" أو "هذا السلوك لا يعجبني".....
التعود على استخدام ضمير المتكلم، دون مبالغة، مثل "أشعر" بدل قولك " الواحد يشعر..." ، " أنا لا أرضى بذلك"، بدلاً من قولك: "هذا الشخص لا يرضى بذلك".....
التدريب على التعبير البسيط الملائم مع التواصل البصري ووضوح الصوت (نبراته ـ عبارته)، وكذلك ملائمة الجلسة والوقفة والمشية وحركات اليدين والرأس (لتخدم الأسلوب التوكيدي).....
التكرار والإعادة حتى الإتقان وتطبيق ذلك في الواقع.......
التدرج في الأسلوب التوكيدي كالبدء بالتوكيد الأخف (الذي يحقق المراد بأدنى ثمن نفسي)، ووفقاً لصعوبة الموقف، وذلك كوسيلة لرد بعض الظلم والعدوان الواقعين على عاتق ذلك الشخص.....
تقنيات التدريب على السلوك التوكيدي:
وضع مدرج للسلوك التوكيدي المراد طبقا لواقع الشخص وما يعانيه، بحيث يبدأ بالأهون ثم الأصعب منه وليس العكس.....
ممارسة أسلوب التكرار والإعادة "تطبيق عملي بمثابرة" بإعادة السلوك والتدرب عليه مراراً حتى إتقانه....
استخدام أسلوب التصاعد في السلوك التوكيدي، بحيث يبدأ الشخص تدريجيا في استخدام سلوكيات تأكيد الذات.....
أسلوب التطمين التدريجي:
التطمين التدريجي هو التعرض المتكرر بصورة تدريجية للأشياء أو الموضوعات التي تسبب للفرد المخاوف.. أي بمواجهة تلك الأشياء أو الموضوعات (وعدم تجنبها) تدريجياً، إلى أن يتم تحييد المشاعر والانفعالات السيئة أو السلبية التي تسببها.. وحتى يتم الوصول إلى درجة تفقد فيها تلك الموضوعات خاصيتها السلبية.. وتتحول إلى موضوعات محايدة لا تثير عند الفرد أي قلق أو مخاوف.
ويستخدم أسلوب التطمين التدريجي بمفرده أو مع أساليب أخرى مثل الاسترخاء أو التدعيم. وهو يستخدم في علاج حالات عديدة.. مثل.. المخاوف المرضية كالخوف من الأماكن الضيقة، أو الأماكن المزدحمة، أو المرتفعة، أو الخوف من الحيوانات الأليفة أو الظلام.
واستخدامه مع الأساليب الأخرى مثل أسلوب التدعيم أو أسلوب تأكيد الذات يفيد كثيرا في علاج حالات سوء التوافق الاجتماعي، والخجل، واللعثمة والعجز عن التعبير عن النفس في وجود الغرباء. كما يمكن الاستفادة من ذلك الأسلوب في علاج حالات الاكتئاب النفسي والوسواس وغيرهما..
والخطوة الأولى في اتباع ذلك الأسلوب هي أن يتم حصر وتحديد المواقف التي يشعر فيها الشخص بالقلق أو بالخوف والاستعانة بأسلوب فهم وملاحظة الذات؛ وذلك من خلال طرق التقييم المتعددة، لذا على الشخص الذي يريد تأكيد ذاته أن يدرك أهمية مواجهة نفسه بصراحة ووعى، وبصورة تنير له الطريق وتمكنه من وضع يده على نقاط الضعف وأن يعترف بها دون مكابرة أو عناد.
والخطوة الثانية.. هي ترتيب المواقف المسببة للقلق أو للمخاوف ترتيبا هرمياً.. بحيث يقوم الفرد بتدوين مسببات القلق على شكل قائمة.. يدون خلالها المواقف التي تثير مخاوفه والأحداث التي تزعجه وتجعله يشعر بالتوتر أو اليأس أو الضيق.
وفي نفس الوقت يجب أن يدرب ذلك الفرد نفسه على الاسترخاء, ثم يتخيل المواقف المختلفة التي تسبب له التوتر والاضطراب. أو أن يتذكرها كلما مر بها. ثم يقوم بعد ذلك بإعادة ترتيب هذه المثيرات على شكل هرمي بحيث تكون أضعف هذه المثيرات وأقلها إحداثاً للقلق أو المخاوف عند قاعدة ذلك الهرم, وأن تكون أكثرها وأشدها تأثيراً وإزعاجا عند القمة, ثم يبدأ بعدها في صعود ذلك الهرم بالتدريج وهو في حالة استرخاء سواء وهو يواجه تلك المثيرات مواجهة حقيقة حية متدرجة أو بالتخيل, وأن يبدأ – كما ذكرنا- من المثير الأضعف إلى الأكثر شدة وهكذا على أن يتم ذلك خلال جلسات عديدة - ثلاث جلسات أسبوعية على الأقل- وألا ينتقل من درجة إلى أخرى إلا بعد الإحساس بزوال أو انخفاض القلق أو المخاوف.
وأتذكر حالة شاب كان يخاف بشدة من الكلاب.. فطلبت منه أن يدون كل الأشياء التي تسبب له الشعور بالخوف وأن يدون كل ما يتذكره منها, وأن يتدرب على الاسترخاء وهو يتخيل ما يمكن أن يثير مخاوفه ويمكن في مثل هذه الحالة أن يتم عرض صور للكلاب من بعيد ثم عن قرب.. وذلك بعد عمل تمرينات الاسترخاء حتى يتم تكوين ارتباط شرطي جديد بين المثير وبين الشعور وعدم التوتر, ثم عرض كلب صغير من بعيد ثم تقريبه تدريجيا وهو في حالة من الاسترخاء التام, ثم عرض كلب صغير من النوع الهادئ من بعيد وتقريبه على خطوات، وخلال عدة جلسات بالتدريج أيضاً, وهكذا حتى نصل لمواجهة المثير الأقوى وهو الكلب الكبير.
وقد يستغرق مثل ذلك الأسلوب ستة أشهر أو أكثر. وأذكر حالة شاب آخر كان يشكو من المخاوف والقلق الشديد عن التحدث مع مجموعة من الغرباء, وبإتباع هذا الأسلوب أمكنه ترتيب مخاوفه ترتيباً تنازلياً كالآتي:
1. التحدث أمام أكثر من ثلاثة أفراد غرباء بينهم سيدة أو أكثر.
2. التحدث أمام سيدتين أو فتاتين.
3. التحدث أمام رئيسه في العمل في وجود آخرين.
4. التحدث أمام أحد الغرباء في حفل أو مناسبة.
وباستمرار المران المتدرج واستخدام الأساليب الأخرى (الاسترخاء والتدعيم الذاتي وتأكيد الذات) مع هذا الأسلوب تمكن ذلك الشاب من التخلص نهائياً من مخاوفه بعد فترة تقرب من عشرة أشهر.
تنطيق المشاعر:
يعتقد بعض الأشخاص بأن الآخرين لا يَستطيعون قول ما يَشْعرونَ به في الوقت الحاضر. كما يفشل بَعض الأفرادِ من أهل الحزنِ في إبداء أي عواطف، ويبدون كأنهم متبلدي المشاعر، وهناك آخرون لَيسوا متأكّدينَ حتى مما يَشعرونَ به سواء كان قلقا أو خوفا أو هلعا أو حزنا أو غضبا أو تبلداً أو...... وخاصية التعبير عن المشاعر تعنى -من ضمن ما تعنى- أن تكون لدينا القدرة على أن نعبر للآخرين عن حاجاتنا ورغباتنا المعقولة، وهى بهذا المعنى تعنى أيضا عدم الخوف من أن تُطلِع الآخرين على مشاعرك بدلا من أن تخفيها بداخلك.
إلى النتائجِ المفجعة:
عندما يفتقد الشخص القدرة على التعبير عما يجيش في صدره، وعندما يفتقد القدرة على التواصل مع مشاعره يصبحُ هذا الشخص عديم الحس بما لديه من مشاعر؛ وعندئذ يكون قد فَقد السيطرةً على منطقة مهمة مِن علاقاته الشخصية، ويصبحُ هذا الشخص مستاءً لحاله، غير محترم لذاته، متوتر في علاقاته مَع نفسه ومع الآخرين، ويصبح اقترابه من الآخرين بحذر شديد؛ و هذا يضعُ عبء كبير على أصدقائه وعائلته؛ فيجب على هؤلاء الأصدقاء والأقارب أَن يكونوا قادرين على قراءة أفكار هؤلاء الذين لا يعبرون عن مشاعرهم ولا عن أفكارهم؛ وذلك كي يتواصلوا معهم، ونجد بالتالي مشكلة في تأكيد الذات لدى هؤلاء الذين لا يعبرون عن مشاعرهم.
تُؤكّدُ برامج و تدريبات تأكيد الذات على أهمية التعبير التلقائي عما يدور في خلد الشخص من مشاعر - وعدم التعبير عن المشاعر ليس كعزل أو فصل المشاعر الذي يحدث كحيلة دفاعية في مرضى الوسواس القهري - لذا يَجِبُ أَن يتكامل التعبير عن المشاعر في أجزائه مع تعليم سلوك مُعيّن مطلوب من الشخص غير المؤكد لذاته؛ وبالتالي يصبح من أهدافِ برنامج توكيد الذات دَمْج الفكر مع العمل والمشاعر فيُصبح الفكر والعمل والمشاعر وحدة متجانسة في الشخصِ المراد تدريبه على تأكيد الذات.
وتأكيد الذات بالتعبير عن المشاعر ليس أمرا غريبا؛ ففي العلاج بالتحليل النفسي يُخرِج الشخص كل ما يعاني منه من مشاعر وتجارب وخبرات وأفكار بصورة تلقائية وبتداع حر، وبأقل تدخل من المعالج أو المحلل النفسي؛ ويهدفُ هذا إلى زيادة حساسيةِ المريض لمشاعره الخاصة. ولكن في برامج تأكيد الذات لا يلجأ المعالج إلى إجهاد الشخص في التعبيرِ العلنيِ عن كل مشاعرهِ المحمودةِ والمذمومة على السواء؛ أو في المحاولةِ للتعبير عن الغضبِ أَو الألمِ غير الواعيِ كما يحدث في بَعض أشكالِ العلاج بالتحليل النفسي، حيث يَتركّزُ التعبير عن المشاعر حول التعبير عن منطقة الوعي في الشخص مع الابتعاد عن مناطق اللا وعي الأخرى، وبعبارة أوضح يبتعد الشخص عن البحث ثم التعبير عن مشاعره العميقة الدفينة، والتي من الصعب أو من المؤلم السيطرة عليها وإظهارها.
على كل حال، يتميز التعبير عن المشاعر في برامج تأكيد الذات، وعلى خلاف التعبير عن المشاعر في العديد مِن العلاجات النفسيةِ الأخرى، فيما يلي:
- التعبير عن المشاعر في برامج تأكيد الذات وحده غير كاف.
- يَجِبُ أَن يكون لدى الشخص - الخاضع للتدريب على برامج تأكيد الذات - القدرة على التواصل مع الآخرين.
- إذا قام الشخص المؤكد لذاته بالتعبير عما يشعر به من مشاعر إيجابية نحو الآخرين، والتي يَشْعرُ بها في اللحظةِ ذاتها، وبتُوجّه صادق وملائم؛ فعندئذ يصبحُ هذا الشخص أكثر حساسية وأكثر إدراكا لمشاعره الخاصة؛ وأكثر انفتاحا على مشاعرِ الآخرين.
- التعبير عن المشاعر والتواصل مع الآخرين لَيسَ مسألة بسيطة مِن اختيارِ الكلماتِ المناسبة؛ بل تحتاج هذه المهارة إلى استخدام نغمة الصوت المناسبة، والتعبير الصوتي الملائم، وتعبيرات وجه وإيماءات مناسبة، مع وضع مناسب للجسم.
- من المهم المزج بين السلوك والتعبيرات اللغوية ولغة الجسد المناسبين للموقف، فإذا أتقن الشخص هذا المزيج المناسب لكل موقف على حده، أصبح هذا الشخص قادرا على إبْداء ذلك آنياً وتلقائيا في المواقف المختلفة.
- النظرة السلوكية إلى تعبيرِ بعض الناسِ عن مشاعرهم لكن فقط بصورة غير كافية للتعبيرِ عن مشاعرهم وتأكيد ذواتهم تُظهِِر أنهم يُواجهونَ بعض المشاكل في توكيد ذواتهم؛ لذا عليهم أن يتدربوا لإظهار مشاعرهم بصورة كافية تسمح لهم بتأكيد ذواتهم بصورة فعالة مع الأشخاص الآخرين.
- أثناء ممارسة تنطيق المشاعر كجزء من برامج تأكيد الذات قد يكون هناك نوع من المبالغة من جانب المتدربين في التعبير عن مشاعرهم، ولكن تلك المبالغة تتحسن بمرور الوقت مع مواجهة المواقف العملية في الحياة.
قياس تنطيق المشاعر أو التعبير عن المشاعر:
1. هل تعبر عما تشعر به؟
2. إذا طلب منك صديق طلبا غير مقبول هل تعتذر له ببساطة؟
3. هل تجد صعوبة في رفض سلعة يلح في عرضها عليك بائع ما؟
4. هل من السهل عليك أن تتقدم بالتماس لطلب معونة مادية من صاحب العمل الذي تعمل فيه؟
5. هل تستطع أن تعبر بسهولة ويسرعن حبك أو استلطافك لبعض الأشخاص أو الأشياء؟
6. إذا سمعت أن أحد الأشخاص يشيع عنك أخبارا مسيئة هل تتردد عن مفاتحته ومناقشته في ذلك؟
7. هل تجد صعوبة في مدح الآخرين؟
إذا أجبت عن الأسئلة 1، 2، 4 ، 5 بالموافقة ، بينما أجبت بالسلب على الأسئلة 3، 6، 7 عن الأسئلة السابقة أو أمثالها بالإيجاب فدعنا نبشرك بأنك تملك بعض مفاتيح النجاح في الحياة الاجتماعية. إن هذا يعنى أنك تستطع أن تعبر عن مشاعرك بصدق وأمانة في مختلف المواقف الاجتماعية. لقد أظهرت البحوث أنه من المألوف أن نسعى جميعا للنجاح في الحياة وتحقيق الفاعلية في علاقاتنا الاجتماعية بالآخرين. وقد تبين أن القدرة على تنطيق المشاعر (وهو جزء من برامج تأكيد الذات) من أهم المهارات التي تساعد على تحقيق هذا الغرض، فهي خاصية تميز الأشخاص الناجحين في الحياة وتساعدنا على تحقيق أكبر قدر ممكن من الفاعلية والنجاح فيما يتعلق بالتواصل مع البشر.
والتعبير عن المشاعر مهارة يمكن تطويرها وتدريبها، وتتمثل في التعبير عن النفس والدفاع عن الحقوق الشخصية عندما تُختَرق بدون وجه حق، ولكن يتم ذلك دون الإخلال بحقوق الآخرين والتزاماتنا نحوهم. ومن ثم أصبح بالإمكان بفضل هذه المهارة التخفيف من الأعراض النفسية المرضية التي تنتج عن القصور في المهارات الاجتماعية المرتبطة بالتعبير عن المشاعر.
لماذا يجب أن ننمى هذه المهارة؟
ويوجد أكثر من سبب يجعلنا نشجعك على تنمية مهارة التعبير عن المشاعر كجزء من تأكيد الذات؛ وكطريق للصحة النفسية، من بينها أنها:
تمكنك من تجنب كثير من جوانب الإحباط والفشل، وكذلك الخروج من المواقف الحرجة بلباقة. ومن ناحية أخرى، عادة ما يحصل المُدرّبون على هذه الخاصية على مكاسب وفوائد إيجابية في مجالات العمل والمهنة أكثر ممن هم أقل قدرة في نطاق التعبير عن مشاعرهم.
تبين أن التعبير الإيجابي عن النفس والتصرف بإيجابية مع الناس يعود علينا بإيجابية مماثلة، مما يساعد علي خلق حلقة حميدة من العلاقات الاجتماعية القائمة على تحقيق المكاسب المتبادلة.
بينت البحوث والدراسات العلمية أن الأشخاص الذين يتصفون بالحرية في التعبير عن المشاعر وتأكيد الذات يتكلمون أكثر من غيرهم، ويعبرون عن مشاعرهم في داخل الجماعة بحرية أكبر، لهذا فهم يعطون للآخرين فرصة أكثر للتعبير المماثل عن مشاعرهم. ومن ثم، فإن التعبير عن المشاعر بثقة يخلق جوا إيجابيا سهلا. كما يساعد على تنمية علاقة سهلة ودافئة بالآخرين، وأن يكون مصدراً لإشاعة جو من التواصل الإيجابي مع الآخرين.
يسهل على من يتصف بهذه القدرة أن يحقق أحد المتطلبات الرئيسة للصحة النفسية والعضوية بشكل عام وأن يتمكن من مقاومة الآثار السلبية للضغوط النفسية وضغوط العمل والدراسة بشكل خاص.
وقد يفهم البعض منا تأكيد الذات تفسيرا سلبيا خاطئا فيراها عدوانية أو تهجما على الآخرين (كما أشرت إلى ذلك في فصول سابقة)، وهي ليست كذلك، كما لا تعني الغضب، والصياح، والتسلط، ومواجهة الآخرين بعيوبهم، والإعجاب بالذات، والإلحاح في الطلبات المعقولة أو غير المعقولة.
ما الذي عليك أن تفعله للتدريب على هذه المهارة؟
حاول أن تتكلم عن رغباتك دائما، ولا تجد في نفسك غضاضة من ذلك، أو إحساس بشيء من الغرور؛ مثل:
أنا أريد.........،
أنا أتمنى................،
كنت أرغب في... ،
أعتقد أنه من الصواب أن أفعل .......
تجنب نوبات الحنق وثورات الغضب والقلق الشديد، فأنت عندما تترك هذه الانفعالات السيئة تتملكك فأنت تسمح للانفعال أن يسيطر عليك، وأن يكون هذا هو أسلوبك في مواجهة مختلف أنواع الضغوط، على عكس ما تتطلبه هذه الخاصية من مرونة واستجابة لكل موقف بما يتطلبه من مشاعر وتعبيرات.
إذا قاطعك شخص ما أثناء حديثك؛ فالتزم بالإصرار على مواصلة حديثك، وقم بعرض فكرتك مرة أخرى، للتأكد من أنك قد قمت بنقل فكرتك للآخرين؛ ويحدث ذلك دون أن يبدو عليك علامات الغضب والضجر، ودون أن تسمح لمن يحاورك بأن يستفزك، ويدفعك إلى إظهار غضبك أمام الآخرين.
وبالمثل إذا كانت بعض تصرفات زملائك أو أطفالك أو أفراد أسرتك تثير انفعالك الدائم، فمعنى ذلك أنك تسمح لهم باكتشاف إحدى نقاط الضعف في ذاتك، والتي يمكن أن تستغل منهم حتى ولو بحسن نية لإثارتك، ناهيك عن أن البعض من غير المقربين قد يتمنون إثارتك كي تظهر بصورة إنسان أحمق ومنفعل وطائش. انتبه لطريقتك في الاستجابة للأمور بحيث تكون قادرا على التعبير عن مشاعرك بصدق حتى وأنت في قمة الانفعال.
تعلم بعض المهارات الاجتماعية التي تمكنك من التعبير عن مشاعرك بتلقائية وبطريقة غير مصطنعة أو منفعلة.
تجنب الدخول في المناقشات والمواجهات الحمقاء مع الآخرين، ولا تسمح لهم أن يجروك لذلك. وتذكر قوله تعالى: "وعِبادُ الرحمنِ الذين يَمشونَ على الأرضِ هوناَ وإذا خاطبَهُم الجاهِلونَ قالوا سلاماً". سورة الفرقان ، الآية 63.
أعمل على تنمية توجهات ودية وخالية من العداء والمكابرة والتعدي على أدوار الآخرين. فمثلا عند التعامل مع الرؤساء أو الأساتذة، أو المشرفين، تذكر أن دورهم يتطلب إعطاء أوامر أو توجيهات. امنحهم السلطة التي يتطلبها أداؤهم للدور الممنوح لهم. تذكر أيضا أنك تقوم بدور مماثل في مواقف أخرى، وأن القدرة على تأكيد الذات في مضمونها الصحي هي أن تخرج أنت والأطراف المتداخلة معك في مختلف العلاقات الاجتماعية بالظفر والكسب المتبادل بقدر ما يمكنكم تحقيق ذلك.
لا تسرف في المجادلة، أو محاولة إظهار أنك دائما على حق، أو أن أي رأي آخر غير منطقي مقارنة بما تقدم أنت من آراء أو وجهات نظر، وتذكر قول الإمام الشافعي "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي الآخرين خطأ يحتمل الصواب"؛ ولهذا فالشخص القادر على التعبير عن مشاعره يتجنب المكابرة عند الخطأ، لأنه يعرف جيدا أنه بهذا لا يعالج مشكلة بل يخلق مشكلة إضافية قد تكون أسوأ مما لو أنه قد اعترف بالخطأ وسمح للأمر بأن يسير على النحو الطبيعي، وأظهر أنه لم يكن يقصد ما قام به من خطاْ، وعليه أن يُراعي مستقبلا أن يتجنب الوقوع في مثل ذلك الخطأ مرة أخرى.
ومهارة التعبير عن المشاعر وتأكيد الذات تمكنك أيضا من أن ترفض بمهارة أن يجرك أحد إلى مجادلة أو مناقشة سخيفة، أو مملة، وأن ترفض بوضوح الدخول في مهاترات، أو جدال عقيم، وأنك لن ترضى بأقل من مناقشة هادئة قائمة على الاحترام المتبادل، بل وتمنحك قدرا من الوعي الحذر بالنصائح التي يتبرع لإعطائها لك المحيطون بك، بما في ذلك الأصدقاء وأفراد الأسرة المقربين فالغالبية العظمى من هذه النصائح تأتي في ظروف مختلفة، وتوضع من وجهات نظر مختلفة، وتعبر عن احتياجات خاصة لدى هؤلاء الآخرين. كما أنها تعكس في الغالب دوافعهم الشخصية التي مهما بلغ نبلها فإنها قد لا تعكس تماما فهمك الخاص للموقف الذي تتفاعل معه.
ولا تتعارض مهارة التعبير عن المشاعر وتأكيد الذات مع محاولة أن تستفيد من ملاحظات الآخرين، وخبراتهم في التعامل مع المواقف المماثلة. فملاحظتنا للآخرين، واستفادتنا من تجاربهم -في وضعها الأسلم تفتح أمامنا آفاقا واسعة من النجاح في حل المشكلات المماثلة وتطوير مهاراتنا بشكل يمكننا من التغلب على ضغوط الحياة.
إذا انتقد أحد الأشخاص تصرفا ما من تصرفاتك، فتقبل النقد منه بصدر رحب ولكن لا تنس أن تظهر له بعض محاسن الصفات الأخرى التي تتمتع أنت بها.