بتـــــاريخ : 3/3/2009 6:29:59 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 909 0


    مكـــــان الكبـــار

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | المصدر : www.alameron.com

    كلمات مفتاحية  :
    مكـــــان الكبـــار

    علي في العاشرة من عمره ، يعيش مع أمه و أبيه و جده في

    منزل كبير حياة سعيدة هنيئة ، كان صبيا مجتهدا في دراسته

    محبا لأسرته ، مطيعا للكبار ، حريصا على الصلاة في أوقاتها ،

    وكان يحب جده العجوز كثيرا و يقضي معه معظم وقته ، يتجاذبان

    أطراف الحديث و يتسامران و يتضاحكان

    في أحد الأيام بعد أن انتهى علي واجباته المنزلية وأنهى

    جميع ما عليه من دروس ، ذهب كعادته إلى غرفة جده و سلم

    عليه و جلس معه يحدثه عما تعلمه في المدرسة من أمور

    دخل والد علي على والده و ابنه الدار و ألقى التحية عليهما ثم

    جلس نائيا و التزم الصمت لبرهة قصيرة و كأن أمرا ما يشغل باله

    سأله أبوه برفق:

    ما بك يا ولدي تبدو منشغل البال .. هل هناك ماتود أن تخبرني به ؟ -

    رد أبو علي : الحقيقة يا أبي أنني أراك وحيدا طوال الوقت .. و

    أخشى أن تسبب لك هذه العزلة الحزن و الاكتئاب فلماذا لا

    تحاول أن تكون بعض الصداقات مع غيرك ؟

    استغرب كلا من الجد و علي من هذا السؤال ، فهذه هي المرة

    الأولى التي يطرح فيها هذا الموضوع

    قال الجد : ماذا تحاول أن تقول يا بني ؟

    رد أبو علي : لقد أخبرني أصحابي عن دار يجتمع فيها الكثير من

    الشيوخ و الرجال للسمر و تكوين الصداقات و الترويح عن النفس

    بالأحاديث اللطيفة .. فما رأيك لو ذهبنا غدا إلى هناك ؟

    بدا الأمر لعلي غريبا مثيرا للشك ، فهو لم يسمع بهذه الدار من قبل

    إلا أن جده أبدى حماسة شديدة لهذا الأمر الذي بدا لهو مشوقا و مثيرا

    قال الجد و الحماسة تلمع في عينيه : خذني إليها غدا يا ولدي إن استطعت

    ابتسم أبو علي ابتسامة غريبة و قال : حسنا .. ليكن

    و لكن علي .. ما زال مرتابا بخصوص هذه الدار ..

    فماذا يكون سرها يا ترى ؟

    قال على لأبيه : هل تأذن لي بمرافقتكم يا أبي ؟

    تجهم وجه الأب و قال : لا يمكنك أن تأتي معنا ، الأفضل أن تباشر

    دروسك ..

    تدخل الجد بمرح كعادته قائلا : يمكنك أن تأتي معنا يا صغيري إذا

    أنهيت دروسك باكرا

    و هكذا كان .. حرص علي على أن ينهي واجباته و دروسه بسرعة

    و عندما حان موعد الانطلاق كان أكثرهم استعدادا و فضولا لكسف

    سر " الدار " التي تحدث عنها والده

    و ركب ثلاثتهم السيارة و انطلقوا في طريقهم ، كان الجد منتشيا

    مسرورا ، و كان علي متوجسا متشككا يكاد الفضول يقتله ، في

    حين كان الأب – و يا للعجب – متوترا عصبيا منزعجا

    ترى ما السبب ؟

    كانت الطريق التي سلكتها السيارة طويلة جدا ، و لكنهم وصلوا أخيرا ..

    و فعلا ، رأى علي الدار التي تحدث عنها والده ، و كان فيها الكثير

    من الشيوخ و العجائز الذين سرعان ما وجد الجد مكانا بينهم ،

    و كانت هناك لائحة كبيرة معلقة على باب الدار كتب عليها بخط أسود عريض

    (( دار العجزة و المسنين ))

    دهش علي مما رآه ، هل كان والده يقصد التخلص من الجد

    العجوز بنقله إلى دار العجزة ؟ هل يعقل ذلك ؟

    لماذا يتخلى الإبن عن أبيه الذي لم يتخلى عنه قط ؟

    تساؤلات حائرة ثارت في عقل علي الذي تملكه القلق الشديد

    والخوف على جده المسكين ، أما بالنسبة للأب فما إن رأى أن الجد

    قد استقر في مكانه و انغمس في الحديث مع غيره حتى شد

    علي من يده و غادر الدار

    أدرك علي أن والده يريد التخلص من الجد العجوز و سرعان ما

    فكر بطريقة ذكية لإنقاذ جده .. و لكن الوقت لا يسعفه ، فسرعان

    ما انطلقت السيارة به و بوالده تشق طريقها قافلة إلى المنزل

    كان الأب متوترا و كأنه يتحاشى خوض حديث مع ابنه الذي بادر و سأله:

    أبي .. أين جدي ؟

    تركناه في الدار

    لماذا ؟

    لأنها مكان الكبار

    لزم علي الصمت لبرهة ثم قال : أبي .. ما اسم هذا الشارع ؟

    رد الأب بضجر : شارع السعادة

    و ما اسم هذه المنطقة ؟

    منطقة الشهيد

    و ما اسم000

    قاطعه ابوه بحدة وضجر و صرخ فيه : أما من نهاية لهذه الأسئلة

    المزعجة ! لماذا تسأل عن هذه الأمور ؟

    رد علي بهدوء : أريد أن أسأل عن العنوان حتى أحضرك إلى هنا

    عندما تكبر كما أحضرت جدي

    أولم تقل بأن هذا مكان الكبار ؟

    أصيب الأب بذهول مفرط حتى أنه عجز عن قيادة السيارة و أوقفها

    جانب الطريق و راح يحدق في ابنه بدهشة و بلسان معقود لا

    يدري ماذا يقول

    و فوجئ علي بأبيه يغطي وجهه بكفيه و يبكي ندما و هو يردد

    " سامحني يا أبي "

    " سامحني يا أبي "

    جزع علي من بكاء أبيه و لكنه أدرك أنه ندم على تخليه عن أبيه

    في كبره و إلقائه في دار العجزة ، وضع علي يده على كتف أبيه

    وقال : أبي .. أرجوك .. لنعد إلى جدي و نأخذه معنا إلى البيت

    وقد كان

     

     

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    مكـــــان الكبـــار

    تعليقات الزوار ()