كل الناس يأرقون إلا هؤلاء الذين لا يفكرون وأكثر الذين يتعرضون للأرق المفكرون سواء أكانوا من كبار القوم أم من أواسطهم فكل من يكدح ذهنه ، وتضطره واجبات النهار ، ومتطلبات المعيشة إلى التفكير معرض للأرق حتما .
بعض العظماء لم يكونوا يعرفون الأرق ، كنابليون مثلا ، الذي يقول من أرخوا له : أنه كان ينام متى شاء ويستيقظ متى أراد ، ولكن هذه الظواهر في عالم الإنسان لا تشكل قانونا ثابتا ، ولا نظرية مقررة ولهذا فالقول بأن الأرق عارض يعرض لكل الناس أمر لا سبيل إلى الشك فيه ولا إلى نكرانه والأرق الكامل الذي ينتاب المرء أياما نادر إلا في بعض الحالات الشاذة ثم لا يلبث هذا الشخص الذي تولاه الأرق أن ينام ويغط في نومه ، متى زالت الأسباب كالألم الشديد المتتابع وبعض الحالات العصبية المستعصية
ومحاولة النوم بالقوة تضني الجسم وتسقمه وتضعفه ، ولا تفيد في كثير ولا قليل والأفضل أن يترك المرء نفسه على سجيتها ، فإن تعسر النوم عنده فليحاول الاستماع إلى الموسيقى أو أن يعمد إلى كتاب يقرأه ، حتى إذا أحس برغبة في النوم ألقاه جانبا وأغمض عينيه بعد أن يكون قد تناسى الأفكار الكثيرة التي تشابكت في رأسه فمنعته عن النوم ، وأجبرته على التفكير والتيقظ وللأشربة المختلفة أثرها في الأرق ، كالإدمان على التدخين وتعاطي المسكرات بكثرة والإكثار من المنبهات كالقهوة والشاي وتعاطي المخدرات .
كما ثبت أنه يلازم المرضى المصابين بالانهيار العصبي أو من يكثرون من الأكل ليلا .
عـــــلاج الأرق
وخير علاج للأرق التخفيف من الطعام مساء ، والاعتماد على الألبان والفاكهة ، وسيطرة المرء على نفسه ، وتناسي مشاكل نهاره ، وأن يأوي إلى فراشه باكرا ، أي قبل منتصف الليل لا بعده ، فأفضل ساعات النوم وأجناها للجسم ، ما وقعت قبل منتصف الليل والأفضل ألا يحاول المرء العمل في الليل إلا إذا اضطر إلى هذا اضطرارا لأن ما ينتجه في النهار وهو نشيط قد أخذ حظه من الراحة ، أضعاف ما ينتجه ليلا وهو تعب منهك من متاعب النهار .
ويجب على المرء كذلك تجنب مشاهدة التلفاز وهو نائم في الفراش لفترات طويلة قبل النوم ويحسن بالمرء قبل الذهاب للنوم أن يذهب لدورة المياه ، ويفرغ ما في جسمه من مواد فإن هذا يساعده على النوم براحة وهدوء وينقي جسمه من السموم .
وهناك الحمامات الدافئة فإنها تساعد على النوم وتهدئ الأعصاب وترخي الجسم .
وأفضل طرق النوم أن يمد المرء أطرافه في فراشه وأن ينام على الجانب الأيمن لأن النوم على الجانب الأيسر يزعج القلب ويربك المعدة ويؤخر عملية الهضم .
ولينم المرء على مخدة لا هي عالية ولا منخفضة ، وإنما متوسطة الارتفاع لأن علوها أو انخفاضها سيء للدورة الدموية ، ونم في فراشك وحيدا ولا تحاول النوم مع غيرك ولا حتى مع زوجتك لأن نومك لن يكون مستقرا وإنما متقطعا ما تحرك رفيقك ، أو عطس أو حرك يديه أو قدميه أو قام في الليل لغرض من الأغراض .
ويحسن بمن يشكو من الأرق ألا يحاول شيئا من الأعمال الفكرية في ليله وألا يشرب المنبهات من القهوة والشاي ويستعيض عنها بغلي بعض النباتات من زيزفون وبابونج وأزهار النارنج والبرتقال فهي مهدئة ومسكنة أولا ، وتنظم الدورة الدموية ثانيا وتخفف الضغط عن الدماغ كما ينصح أيضا بقدح اللبن الرائب وتفاحة وقد جرب الكثيرون ممن أعرفهم اللبن فنجحوا وناموا والنباتات المنومة لها تأثيرات ضارة وأفضلها الفالاريان وهو حشيشة القطة.
وهناك أدوية كثيرة مهدئة للأعصاب مثل البروم و الكارنبال و الدوريسون وأنصح بمراجعة الطبيب قبل استعمالها .