شمولية التسويق
أحمد عبود العمودي
يحمل تاريخنا الإسلامي العديد من العلوم والمهارات النفسية والسلوكية والإدارية والقيادية والعسكرية التي تمت ممارستها من قبل أسلافنا. غير أن هذه المهارات لم تكن مقننة وفق خطوات واضحة لتطبيقها ولم تكن تخضع تحت مظلة المصطلحات العلمية التي يقوم التدريس عليها اليوم.
فعندما نزل الوحي على الرسول المصطفى سيدنا محمد بن عبد الله وبدأ نشر الدين الجديد كان خير مبلغ له بأساليب عديدة ومنوعة، فتارة نجده يرسل صحابياً جليلاً إلى قبيلته ليمكث بينهم ويدعوهم للإسلام لعلمه أنه سيكون أقرب لهم من غيرهم، وتارة أخرى يبعث الرسائل مع الرُسل للملوك يدعوهم لعبادة الله مثلما أرسل عمرو بن أمية للنجاشي، ملك الحبشة، ومرة يرسل الصحابة إلى الأمصار البعيدة لتبليغ الدعوة والتعريف بالدين كإرساله للصحابي الجليل معاذ بن جبل لليمن، ومرات عديدة كان يذهب بنفسه عليه الصلاة والسلام ليدعو للإسلام بطرق وأساليب منوعة تكون أحياناً هينة لينة وأحياناً أخرى متفاوتة الحدة حسب ما يقتضيه الموقف ومعرفته المسبقة بالشخص أو الأشخاص الذين هو بصدد دعوتهم.
السؤال الذي أود طرحه.. أليس ما كان يقوم به الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام هو تسويق للدعوة؟
سؤال آخر.. ألم يتعاون مع الرسول الكريم مجموعة من المسوقين لنشر هذه الدعوة الشريفة والذين آمنوا بها وبصدق صاحبها وبذلوا في سبيل تسويقها وترويجها كل غال ونفيس؟
بالتأكيد هي عملية تسويقية. ومن الخطأ أن نربط مسمى التسويق ونقيده في المجال المالي فقط، فكل شيء من حولنا يخضع لمفهوم التسويق بطريقة أو بأخرى وإن تغيرت الأهداف والأساليب. فهناك آراء لقضايا اجتماعية يتم التسويق لها من قبل المفكرين والكتَاب، وهناك مبادرات سياسية تهدف لجمع المؤيدين لتبني هذه المبادرات. وكم من حرب تم شنها ضد دول أو جماعات كانت بدايتها التسويق والترويج لها بغض النظر عن حقيقة غاياتها وأهدافها.
إذاً هو التسويق الذي يتخلل كل نشاط ولا غنى عنه لنجاح أي نشاط.
ومن يبحث ويُنقب في تاريخنا الإسلامي بدءاً من شروع النبي الكريم بدعوة قريش عند جبل الصفا ومناداته لهم وانتهاءً بانتقاله للرفيق الأعلى، سيرصد العديد من المواقف والمشاهد التي يمكن إدراجها ضمن مجالات التسويق وإن تغيرت الأساليب والمسميات.
مدير العلاقات العامة بشركة خبراء التربية للإشراف والتدريب aamoude@hotmail.com