> تلقى الصناعة في المملكة العربية السعودية تشجيعاً كبيراً من الدولة يتمثل في ما تقدمه من تسهيلات لأصحاب المصانع، دعماً لأنشطتهم ومساهمة في تطوير أعمالهم. وتتمثل أبرز هذه التسهيلات في تقديم الدولة للقروض بدون فوائد للمشروعات الصناعية، وفرض الحماية الجمركية للمنتجات المحلية، وتفضيل الحكومة لها في مشترواتها، وإعفاء المعدات والمواد الخام من الرسوم الجمركية، وإنشاء المعاهد والكليات المهنية والتقنية، إضافة إلى إنشاء المدن الصناعية التي تتوفر فيها كافة التجهيزات الأساسية اللازمة لتطور الصناعة.
وتخطو المملكة العربية السعودية بجدية نحو تطوير التصنيع كخيار إستراتيچي أمثل للإسراع في تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية. إلا أنه ومع تشكل مناخ إقتصادي مستقبلي يتسم بالإنفتاح وشدة المنافسة وإزدياد وتيرة المستجدات الإقتصادية والمعلوماتية والتقنية وغيرها من سمات العولمة، تبرز العديد من التحديات التي تواجهها جميع الإقتصادات وقطاعات الأعمال في العالم، ومن ثم تتشكل تحديات كبيرة لمستقبل القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية. وتبعاً لذلك ومع تسارع تداعيات مناخ الإنفتاح والعولمة، يبرز العديد من المحاور التي تعتبر من التحديات المهمة في مستقبل الصناعة السعودية.
تطوير القدرات التنافسية للمنتجات الوطنية
يعتبر الإرتقاء بالمقدرة التنافسية إلى مستوى العالمية لمنتجات الصناعة السعودية ضرورياً ليس فقط لكسب حصص في أسواق التصدير العالمية، وإنما أيضاً للمحافظة على حصص الأسواق المحلية وتعزيزها. وتتطلب مواجهة هذا التحدي من الوحدات الصناعية بالمملكة العربية السعودية العمل على رفع معدلات الإنتاجية والجودة إلى المستويات القياسية العالمية.
مواكبة التطورات في الأسواق العالمية
كما هو مشاهد الآن، فإن التطور والتغير في الأسواق العالمية ومجالات التقنية يشهد إيقاعاً متسارعاً، مما يشكل تحدياً كبيراً لقطاعات الأعمال في العالم وللقطاعات الصناعية على وجه الخصوص. وتحتم مواجهة مثل هذا التحدي استحداث آليات تتسم بالمرونة في الإدارة والتصميم والإنتاج والتسويق وغيرها من مجالات العمل الصناعي في المملكة العربية السعودية.
الإسراع بنقل وتوطين التقنية
تحتل التقنية دوراً حاسماً في زيادة الإنتاجية، مما ينعكس بصورة مباشرة على المقدرة التنافسية للمنتجات الصناعية. ومن هنا فإن بناء قاعدة تقنية صلبة يعد أحد ركائز المستقبل الصناعي الواعد. وفي هذا الخصوص فإن المملكة العربية السعودية، وبالرغم من الإنجازات التي تمت في مجال نقل التقنية، بحاجة إلى مضاعفة المقدرات التقنية لصناعتها الوطنية. ولكن الأهم من ذلك كله يتمثل في المحاولة الجادة لتطوير التقنية التي تم توطينها وذلك من خلال الأبحاث سواء داخل المؤسسات الصناعية أو بالتعاون مع الجامعات والمراكز العلمية المتخصصة، وكذلك جذب الإستثمارات الأجنبية عالية التقنية .
البيئة الصناعية
وإطار التنمية المستدامة
من المؤكد أن الإهتمام الحالي بالبيئة سيحظى بزخم متزايد في المستقبل. وعليه فإن الحفاظ على سلامة البيئة الصناعية، وما يستلزم ذلك من جهود وتقنيات لاحتواء الآثار السلبية، يعد أحد تحديات المستقبل للقطاعات والوحدات الصناعية بالمملكة العربية السعودية.
تطوير مقدرات القوى العاملة السعودية
تعتبر مهارات ونوعية القوى العاملة الصناعية من العوامل الحاسمة في إطار تطور التنمية الصناعية والمقدرة التنافسية للصناعات مستقبلاً. وفي سبيل تطوير مقدرات القوى العاملة السعودية، بات ضرورياً مراجعة وتكثيف مجالات ونوعية التعليم والتدريب التقني والمهني بحيث تتناسب مخرجات هذه المؤسسات مع احتياجات الشركات الصناعية في جميع التخصصات.
تطوير الإدارة الصناعية
يعتمد تحسين الأداء والإنتاجية في المنشآت الصناعية على كفاءة ونوعية الإدارة في هذه المنشآت. ويكتسب ذلك الجانب أهمية كبرى إزاء ما هو متوقع من تزايد المنافسة العالمية وسرعة تطورات الأسواق والتقنية. كما أن هناك حاجة لمزيد من الاهتمام بهذا الجانب في الوحدات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، والتي تشكل غالبية الوحدات العاملة في الصناعة السعودية.
تنفيذ وتطوير مفهوم التكامل
من المعروف والمشاهد في تجارب الإدارة الصناعية الحديثة أن بعض التوسعات الرأسية في صناعات معينة (في المصنع نفسه) قد لا تأتي بالفوائد المرجوة، حيث يتلاشى التركيز على التخصص في المنتج الأساسي الذي يتميز به المصنع مما يؤدي إلى خفض الفعالية وارتفاع التكاليف التشغيلية، وفي بعض الأحيان تفقد المشاريع حصصها في السوق. لذا يتعين على المصانع خصوصاً الكبيرة منها الاعتماد على مصانع أخرى، وحبذا لو كانت محلية، في تأمين احتياجاتها من المنتجات الأخرى، وذلك لكي تتمكن من التركيز على تطوير منتجاتها الأصلية والمنافسة سواءً محلياً أو خارجياً.
زيادة توفير الموارد والاستثمارات في القطاع الصناعي
رغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها الصناعة في المملكة العربية السعودية، إلا أن مساهمة القطاع الصناعي من إجمالي الناتج المحلي تبقى دون الطموحات. وللقيام بدور أكثر فاعلية لزيادة مساهمات القطاع، فإن هناك حاجة لتكثيف توجيه الموارد والاستثمارات، خصوصاً في قطاعات الصناعات التحويلية. وتستلزم مقابلة هذا التحدي تكاتف الجهود الحكومية بتعاون أوثق مع القطاع الخاص الوطني والأجنبي عبر تطوير بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار بالمملكة العربية السعودية من أجل الإرتقاء بمعدلات الاستثمار في هذا القطاع.