بتـــــاريخ : 7/10/2009 5:41:48 AM
الفــــــــئة
  • الســــــــــياحة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1656 0


    آفاق ومستقبل السياحة الداخلية في السعودية

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : www.ecoworld-mag.com

    كلمات مفتاحية  :
    آفاق ومستقبل السياحة الداخلية في السعودية
     

    شهدت العقود الثلاثة الأخيرة اهتماماً عالمياً غير معهود بالسياحـة، حـيث أنها لم تعد ترفاً مقصوراً علي فئة محـدودة من القادرين علي نفقتها، بل عملية مطلوبة لعامة الناس وخاصتهم. وأبعد من ذلك فعالم اليوم بات يفكر جدياً فى سياحـة الفضاء؛ وكأن الأرض -بكل ما فيها- لم تعد كافية لطموحـات المشروع السياحـى العالمى. هذه الطفرة السياحـية لم تكن وليدة الصدفة بل نتيجة لعدة مستجدات علي الساحـات العالمية تأتى فى مقدمتها الثورة التقنية وتكثيف الإنتاج وظهور موارد طبيعية استراتيجية كالبترول فى مواطن جديدة من العالم، وما ترتب عن ذلك من زيادة الدخل القومى ودخل الفرد فى كثير من البلدان. كما أن التقدم التقنى الهائل فى مجال المواصلات والاتصالات جعل من العالم -كما يقال- قرية كونية وأغري الكثيرين بالوقوف فى طوابير طويلة أمام منافذ الرحـلة السياحـية بأنواعها. ولمواجهة الزيادة السكانية وارتفاع مستوي المعيشة والتحـسب لنضوب الموارد محـدودة الأجل، اقتضي الأمر أن تبحـث الدول عن موارد إضافية للموارد الثابتة وعن بدائل لتلك الموقوتة. وبذلك تحـولت أنظار العالم فى الآونة الأخيرة إلي صناعة السياحـة لتكون واحـدة من أهم موارد الدخل القومى. واستطاعت دول كثيرة أن تعيد اكتشاف مواردها الطبيعية والبشرية والتاريخية، وأن تهيئها لأسواق المنافسة العالمية حـتي أصبح الدخل السياحـى يضاهى نحـو ثلثى موارد الخزانة لبعض الدول التى نشطت فى ترقية صناعتها.


    ونلاحـظ من الإحـصاءات الصادرة عن منظمة السياحـة العالمية ما يلى:
    $ فى عام 1950م أصبح عدد السياح فى العالم 25 مليوناً والدخل 2 مليار دولار.
    $ فى عام 1991م أصبح عدد السياح فى العالم 466 مليوناً والدخل 263 مليار دولار.
    $ فى عام 1998م أصبح عدد السياح فى العالم 636 مليوناً والدخل 450 مليار دولار.
    $ فى عام 1996م -علي سبيل المثال- بلغ الدخل العالمى من السياحـة 430 مليار دولار متفوقاً بمئة مليار دولار عن دخل البترول، كما أنه فى عام 1998م وفرت السياحـة العالمية 230 مليون فرصة عمل من المتوقع أن ترتفع إلي 348 مليون فرصة عمل بحـلول عام 2005م.
    $ وتتوقع المنظمة أن يصل عدد سياح العالم فى العام الحـالى 2000 إلي 700 مليون سائح يقدر إنفاقهم بنحـو 661 مليار دولار. أما بحـلول عام 2020م فمن المتوقع أن يصل العدد إلي 5،1 مليار سائح تقدر نفقاتهم بنحـو 2 تريليون دولار.
    وإذا انتقلنا من القراءات الإجمالية لأرقام السياحـة العالمية إلي بعض التفصيلات فى مناطق العالم نجد:
    $ فى أوروبا بلغ عدد السياح فى عام 1999م 381 مليون سائح وهى تخطط كى يصل العدد إلي 717 مليون سائح بحـلول عام 2020م.
    $ فى الشرق الأوسط بلغ عدد السياح فى عام 1998م 18 مليون سائح، ومن المتوقع أن يصل العدد فى عام 2020م إلي 48 مليون سائح. هذا وقد بلغ معدل النمو السياحـى فى منطقة الشرق الأوسط عام 1998م 7% وهى أعلي نسبة فى العالم مما يدل علي أن الشرق الأوسط من أسرع مناطق العالم نمواً فى السياحـة. وتأتى دول الأردن ولبنان وتونس علي رأس قائمة دول الجذب السياحـى فى المنطقة. ومما يؤكد الدور الهام للسياحـة فى دعم الدخل القومى وفى القضاء علي البطالة؛ ما ظهر فى المؤتمر الدولى لمنظمة السياحـة العالمية الذى عقد فى عام 1999م وغيره من حـقائق أهمها:
    $ فى فرنسا -أكثر بلدان العالم حـظاً بعدد السياح- يمثل المردود السياحـى 3،7 من إنتاجها المحـلى كما توفر السياحـة 600 ألف فرصة عمل.
    $ فى كندا غطت السياحـة 1،4 من الناتج المحـلى لعام 1998م ووفرت 518 ألف وظيفة.
    $ أما فى الولايات المتحـدة الأمريكية، فتعتبر السياحـة علي رأس قائمة الصادرات وتنمو بمعدل 250% سنوياً. وقد بلغ عدد السياح فى الولايات المتحـدة الأمريكية 47 مليون سائح عام 1998م أنفقوا 73 مليار دولار، وبذلك يبلغ معدل إنفاق زائر الولايات المتحـدة الأمريكية نحـو 1500 دولار تقريباً موزعة بالنسب الآتية؛ 28% للسكن 18% للإعاشة، 10% للتسلية، 30% لمحـلات التجزئة، و14% للمواصلات.
    وتشير التقديرات إلي أن معدل ما ينفق علي السياحـة الداخلية فى بعض بلدان العالم يتراوح بين 70%-80% من إجمالى الإنفاق السنوى علي السياحـة. بل إن هذه النسبة فى الولايات المتحـدة الأمريكية ترتفع إلي 94%، بينما تتدرج فى بلدان أخري مثل؛ سويسرا وإيطاليا وبريطانيا، إلي 44%، 46%، و70% علي التوالى. لقد أصبحـت السياحـة صناعة مهمة علي الصعيد الاقتصادى والاجتماعى لمعظم دول العالم، وبنداً حـاضراً أصيلاً فى كل الخطط التنموية.

    مقومات السياحـة السعودية



    قبل الانتقال إلي مناقشة حـتمية المشروع السياحـى فى المملكة العربية السعودية الذى أصبح الآن خياراً مطروحـاً -وبإلحـاح- علي الساحـة السعودية بكافة مستوياتها؛ أجد من المناسب أن أؤكد لكل من شارك أو رأي أو سمع عن تجربة السياحـة فى عسير، أو أولئك الذين حـالت ظروفهم دون ذلك؛ أن اختبار التحـدى من أجل تأسيس صناعة السياحـة فى منطقة عسير قد اجتازته الأمة -قيادة وحـكومة وشعباً- بنجاح باهر.
    وهذا -بلا شك- مؤشر طيب علي أن النجاح سيكون -بإذن الله- حـليفاً لشقيقاتها من مناطق المملكة العربية السعودية الأخري التى تسعي لتنمية قدراتها السياحـية؛ كل حـسبما هو ميسر له من مقومات. ولعل الكثير قد تابع ما جري فى عسير من مشروعات وبرامج لقيام المشروع السياحـى علي أسس صحـيحـة؛ بدءاً باستكمال البنية الأساسية، وانتهاءً بتأسيس الكيان السياحـى ذاته علي أكتاف الشركات والمؤسسات المتخصصة التى انتشرت فى المنطقة وفى مقدمتها "الشركة الوطنية للسياحـة" و"شركة أبها نماء". وقد تضافرت الجهود الحـكومية مع خطي القطاع الخاص فى دعم المشروع السياحـى حـتي أصبح صناعة حـقيقية اعترف بها الجميع، ولمس نفعها المواطن حـين بدأ يجنى ثمارها دخلاً سنوياً بلغ فى العام الماضى 1999م حـوالى مليارى ريال. وأبعد من ذلك فإن السياحـة فى عسير أصبحـت علماً يدرس فى كلية الأمير سلطان بن عبدالعزيز لعلوم السياحـة والفندقة بأبها؛ وهى الكلية الأولي من نوعها فى هذا التخصص بالمملكة العربية السعودية. كذلك يستعد الآن المئات من شباب المدارس والجامعات للانخراط مع طلاب هذه الكلية فى العمل السياحـى أثناء إجازة الصيف.
    وبعد أن ثبَّتت أقدامها فى سرواتها، ها هى قافلة عسير السياحـية تنتقل إلي تهاماتها؛ إلي شاطئ البحـر الأحـمر لتدق أوتادها علي مدي 140 كيلومتراً هى طول ساحـل البحـر الأحـمر فى عسير، وذلك لتدعيم السياحـة الشتوية.
    وتقوم الآن مجموعة من الشركات الوطنية فى المملكة العربية السعودية بدراسة أوضاع هذه المنطقة الساحـلية، والبدء فى خطة شاملة لتنميتها عمرانياً واقتصادياً وسياحـياً. ومن المتوقع فى غضون الأعوام القليلة القادمة أن يكون بمقدور عسير تحـقيق ميزة سياحـية فريدة حـيث تقدم ثلاثة أيام سياحـية متباينة المذاق، وإن اتفقت جميعها روعة وجمالاً؛ يوماً علي جبال عسير حـيث الغابات الكثيفة والمزارع الممتدة يقف الإنسان علي ذلك البساط الأخضر معانقاً السحـاب المتماوج الألوان ويطالع لوحـة الطبيعة الأخاذة بكل ألوان الزهور وزخات المطر وهفهفة نسمات الصيف الحـانية، ويستطيع هواة تسلق الجبال ممارسة هواياتهم بكل راحـة وأمان. ويوماً علي الساحـل (البكر) يقف الإنسان مشدوهاً أمام رمال الشاطئ بيضاء من غير سوء، وزرقة ماء البحـر الصافية دونما كدر وشعبه المرجانية التى لم تمتد إليها بعد يد البشر، وهناك يقضى الإنسان يوم شتاء دافئ لا ينسي. ويوماً ثالثاً فى بيداء عسير مع بيت الشعر والخيل وحـليب الإبل وشبة الضو فى ليل تزينه صفحـة السماء الصافية بالنجوم والقمر، ويستنشق السائح هناك عبير الحـرية فى ذلك الأفق الممتد علي مرمي البصر.
    وتجدر الإشارة هنا إلي أن أهم الدراسات والفعاليات التى اتخذت ونفذت للمشروع السياحـى فى عسير هى:
    $ فى عام 1396هـ طرح فكرة تأسيس متنزه وطنى علي اللجنة السعودية الأمريكية للتعاون الاقتصادى فى زيارتها للمنطقة.
    $ فى عام 1400هـ تأسيس إدارة للتطوير السياحـى بإمارة منطقة عسير ضمن القرار رقم 92 الصادر عن اللجنة العليا للإصلاح الإدارى التى يرأسها الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
    $ فى عام 1401هـ افتتاح متنزه عسير الوطنى.
    $ فى عام 1407هـ إنعقاد المؤتمر الثالث لرجال الأعمال السعوديين بأبها تحـت عنوان "فرص وإمكانيات الاستثمار السياحـى بالتطبيق علي منطقة عسير".
    $ فى عام 1407هـ الانتهاء من دراسة "التنمية السياحـية لأبها الحـضرية".
    $ فى عام 1407هـ تأسيس لجنة للتنشيط السياحـى تضم الجهات المعنية بالقطاعين الحـكومى والخاص.
    $ فى عام 1408هـ إنعقاد المؤتمر الثالث لرؤساء بلديات المملكة العربية السعودية تحـت عنوان "دور البلديات فى التنمية السياحـية بمنطقة عسير".
    $ فى عام 1410هـ تأسيس الشركة الوطنية للسياحـة ودعمها بقرض من الدولة قدره مئة مليون ريال، كشركة مساهمة سعودية تعني فى المقام الأول بالمشروع السياحـى.
    $ فى عام 1417هـ يفتتح الأمير سلطان بن عبدالعزيز مشروعات الشركة الوطنية للسياحـة فى عسير، والتى قدرت أصولها الثابتة وقتها بمبلغ 1280 مليون ريال.
    $ فى عام 1417هـ إنعقاد ندوة "السياحـة الداخلية .. آفاق ومستقبل"، تحـت رعاية الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
    $ فى عام 1418هـ إنعقاد المؤتمر السابع للوكلاء العاملين بالخطوط الجوية العربية السعودية والذى خص المشروع السياحـى بأربع من توصياته.
    $ فى عام 1419هـ إنعقاد ندوة عسير "السياحـة إلي أين؟" تحـت رعاية الأمير نايف بن عبدالعزيز.
    يجب أن ننظر بجدية إلي أن السياحـة الخارجية السلبية لا تزال متطورة، إذ يبلغ معدل عدد السياح السعوديين للخارج ثلاثة ملايين سائح سنوياً؛ أنفقوا فى عام 1997م وحـده 31 مليار ريال، أى ما يعادل 17% من الإيرادات البترولية لعام 1998م. وبالاستناد إلي إحـصاءات منظمة السياحـة العالمية، نجد أن عدد السياح إلي المملكة العربية السعودية فى العام نفسه بلغ 6،3 مليون سائح -من المرجح أن جميعهم من الحـجاج والمعتمرين- وقد أنفقوا حـوالى 3،5 مليار ريال؛ وبذلك يصبح العجز فى ميزان المدفوعات السياحـية فى المملكة العربية السعودية أكثر من 25 مليار ريال يتكبدها الاقتصاد السعودى.
    وقد أشارت دراسة لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية إلي أن 24% من الأسر السعودية تتجه نحـو السياحـة الداخلية، بينما 47% تتجه إلي السياحـة فى دول غير عربية و29% للسياحـة فى الدول العربية.
    وعليه؛ فنحـن الآن أمام خسارتين؛ الأولي هى الخسارة المادية الباهظة، أما الخسارة الأشد فهى الخسارة السلوكية الناجمة عن تأثر مواطنينا نتيجة معايشتهم لمجتمعات تختلف قناعاتها كثيراً عن مقتضيات عقيدتنا وعاداتنا وتقاليدنا.
    وفى ظل التحـولات والسياسات الإصلاحـية الاقتصادية التى تشهدها المملكة العربية السعودية لمواجهة المتغيرات العالمية ومن أهمها هبوط أسعار البترول، لابد أن يقودنا التفكير -جدياً- إلي أن يحـتل قطاع السياحـة موقعه اللائق علي خارطة الاقتصاد السعودى للأسباب الآتية:
    $ إن المملكة العربية السعودية دولة بترولية تسعي لتنويع مصادر الدخل البديلة خاصة وأنها تملك مقومات صناعة سياحـية رائدة بحـكم واقعها الدينى والتراثى وبحـكم التكامل البيئى فيها جبلاً وصحـراء وبحـراً وسهلاً، ولأن جدوي السياحـة لم تعد محـل شك.
    $ الحـفاظ علي قيم المجتمع واقتصاده وذلك بتوفير خدمة سياحـية داخلية راقية. وبذلك تتقلص أعداد طيورنا المهاجرة للسياحـة والعائدة لنا بما ينكر مجتمعنا. وعلاوة علي أن أبناء الوطن يفتقدون الأمان خارجاً، فإنهم كذلك يسربون من اقتصاده جُعلاً هائلاً يضاف إلي أرصدة سعداء الحـظ فى الدول السياحـية.
    $ تنشيط دور القطاع الخاص الذى سيتولي تمويل استثمارات السياحـة إذ ينحـصر دور الدولة فى التنسيق والإشراف وتسهيل وتشجيع مهمة القطاع الخاص فى الجذب السياحـى.
    $ الإسهام بقوة فى حـل مشكلة البطالة بزيادة فرص العمل، فهناك ارتباط طردى ملحـوظ بين التنمية السياحـية وبين رفع نسب تشغيل العمالة اليدوية التى تعتمد عليها السياحـة.
    $ يقتضى نمو قطاع السياحـة تنمية المهارات الإدارية نتيجة الحـاجة إلي طبقة إدارية متخصصة ومهارات من طبيعة خاصة مما يعنى الاتجاه إلي إنشاء كليات ومعاهد علمية وتدريبية ومراكز أبحـاث بهدف توفير احـتياجات القطاع السياحـى من الموارد البشرية؛ وهو الأمر الذى بدأ فعلاً بافتتاح كلية الأمير سلطان بن عبدالعزيز لعلوم السياحـة والفندقة بأبها.
    وبذلك يستقيم الميزان المختل بين حـصة العمالة السعودية الحـالية فى المرفق السياحـى، والتى لا تمثل شيئاً يذكر الآن، وبين حـصتهم المرتقبة بعد فرص الدراسة والتأهيل فى تلك الكليات والمعاهد.
    $ من المعروف أن كل إنفاق يولد دخلاً يؤثر علي دورات الإنفاق الأخري فى الاقتصاد الوطنى، وتترابط قطاعات هذا الاقتصاد فى تأثيرها بدورات الدخل، ولذلك فإن الدخل الناتج من الإنفاق السياحـى لا تستفيد به المنشآت السياحـية فحـسب بل وأيضاً القطاعات الاقتصادية المتعددة، ويسرع كذلك من دورة رأس المال.
    $ تحـويل المقومات الطبيعية والتاريخية -التى لا تباع ولا تدر عائداً- إلي مزارات سياحـية تُعرِّف بالوطن وترفد خزانته.
    $ تقوية مركز العملة المحـلية فى مجابهة النظام المالى والنقدى العالمى ومفاجآته التى تعتمد فيها مقاومة الدول علي قوة اقتصادها.
    $ يبلغ النمو السكانى فى المملكة العربية السعودية أعلي معدلاته فى العالم "نحـو 4% سنوياً". وأن التعداد السكانى فى المملكة العربية السعودية سوف يصل إلي 30 مليون نسمة بحـلول عام 2010م وإلي أكثر من 47 مليون نسمة فى عام 2020م. وإذا أضفنا إلي ذلك الارتفاع الملحـوظ فى مستوي المعيشة، فسوف تتأكد لنا الحـاجة الملحـة إلي تشجيع السياحـة الداخلية.
    $ بعد صدور نظام استثمار رأس المال الأجنبى الجديد سيزداد بالطبع الطلب علي السياحـة. وهذا يؤدى إلي نهضة عامة بانتقال الخبرات العالمية وأحـدث الآلات التصنيعية والتقنية فى مجال السياحـة وفى مجال الخدمات المعاونة والتى تشمل تقريباً كل فعاليات السوق السعودية.
    هكذا تتبلور أهمية المشروع السياحـى فى خدمة الوطن والمواطن. ويصبح الحـصول علي حـصة عادلة من السوق السياحـية العالمية مطلباً وطنياً عاجلاً؛ يتطلب تبنى سياسات تسويقية جديدة. وفى الوقت نفسه يتطلب إعادة تنظيم القوانين لتواكب التطورات العالمية الحـادثة علي ضوء عقيدتنا وقيمنا وهو ما تعكف عليه الدولة الآن.
    إن تقدم الأمم رهن باستشعار كل جيل مسؤوليته عن توفير فرص الحـياة الكريمة لا للجيل الحـالى فحـسب وإنما للأجيال القادمة أيضاً. لقد أخذ جيلنا ثمرة كفاح الأجيال السابقة، والآن جاء دورنا لنسهم فى صناعة المستقبل للأجيال القادمة بنظرة مستنيرة أساسها استثمار الإمكانات فى حـدود عقيدة المجتمع وقيمه، دونما إهدار لأى من هذه الإمكانات، ولا استهانة بأى من تلك القيم، علي أن تشجيع السياحـة فى المملكة العربية السعودية -علي عكس ما يظن المتخوفون- سوف يحـمى أبناءنا من مجتمعات السياحـة الغريبة علينا. وبالنسبة للقادمين إلينا فلن يسمح بدخول المملكة العربية السعودية إلا لمن يلتزم مسبقاً بالضوابط التى أشار إليها قرار مجلس الوزراء.
    إننا بعقيدتنا وثقتنا بالله نملك القدرة علي أن نوثر لا أن نتأثر. وكما أن السائح السعودى لا يمكن أن يؤثر فى مجتمع يذهب إليه سائحـاً لفترة ما. فماذا يمكن أن يفعله السائح الأجنبى فى أسبوع أو عدة أسابيع يقضيها فى المملكة العربية السعودية بشروطنا المسبقة؟ ولماذا نذهب بعيداً وأمامنا تجربة حـية قريبة العهد، فقد استقبلت المملكة العربية السعودية -إبان حـرب تحـرير الكويت- أكثر من نصف مليون فرد من أديان مختلفة ومجتمعات لها عادات أخري فماذا كانت النتيجة؟ لقد دخل كثير من هؤلاء الأفراد فى الإسلام، وبقينا نحـن علي ديننا -والحـمد لله- لم يؤثر فينا أحـد. وعلي كل حـال فالعالم الآن مفتوح، وسواءً وصل السائح إلينا أم لم يصل؛ فإن ثقافته وعاداته وسلوكياته التى نخشاها مطروحـة لمن شاء عبر وسائل الإعلام والاتصالات. ومن هنا فإن تأثرنا بوجود السائح بيننا لا يضاهى شيئاً أمام التأثر بوسائط الاتصال المفتوحـة علي العالم بلا حـدود ولا سياج إلا ضمير المجتمع والفرد المسلم الذى ينتقى ويختار ما يناسبه ويضرب صفحـاً عما دونه. وذلك ما يجعلنا نعتمد علي ثبات عقيدتنا ومتانة أصولنا وعراقة أخلاقنا، من خلال الرقابة الذاتية التى يقوم عليها ديننا الحـنيف الحـامى لحـمي البلاد والعباد مهما توافد إليها السائحـون من كل حـدبٍ وصوب.

    المصدر: الورقة التى قدمها الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة عسير، أمام ندوة "السياحـة فى محـافظة جدة .. الواقع الراهن والإمكانات المستقـبلية" الـتى نظمتها جامعة الملك عبدالعزيز بجدة فى الفترة 2-4 مايو 2000.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()