العلاقة الفطرية بين البيئة والإنسان والاقتصاد
يشغل موضوع البيئة فى معظم دول العالم حـيزاً كبيراً من الاهتمام خاصة علي صعيد العلاقة بين البيئة والإنسان والاقتصاد. وتتجسد أهمية هذه العلاقة الثلاثية المحـاور من منطلق، أن مكونات البيئة الأساسية، من هواء وماء وطبيعة ووديان وأرض، وإلي غير ذلك من العوامل والعناصر الهامة لحـياة الإنسان؛ هى فى واقع الأمر تعد موارد اقتصادية هامة تعمل فى مجملها علي بقاء الإنسان لأطول فترة ممكنة من الزمن علي سطح هذه الأرض، وهو ينعم ويعيش حـياة سعيدة آمنة بعيدة كل البعد عن أخطار التلوث البيئى الذى يفتك بحـياة الملايين من الكائنات الحـية من بنى الإنسان والحـيوان والنبات فى كل عام علي مستوي العالم.
والحـفاظ علي البيئة فى المجتمعات الغربية يعد سلوكاً حـضارياً يندرج تحـت أرقي أنواع السلوكيات الاجتماعية، ومن يخرج عن هذا السلوك ويخالفه يعتبر فى نظر المجتمع إنساناً شاذ السلوك فى تعامله مع البيئة ومعطياتها، بل قد يصل الأمر إلي محـاربته ومحـاسبته حـساباً عسيراً من جميع أفراد المجتمع. وفى كثير من الحـالات، من الممكن جداً أن يحـاكم فى محـاكم خاصة، تعني بالنظر فى قضايا حـماية البيئة والعبث بمقدراتها ومكتسباتها، ويصدر فى حـقه العقاب الملائم الذى يتناسب مع ما قام به من فعل انعكس بعبث بيئى علي البيئة. وفى العديد من الدول الغربية شكلت جمعيات وجماعات مختصة تهتم بشؤون البيئة، وعادة ما يعرفون بأصدقاء البيئة، هدفهم الوحـيد هو محـاربة كل من يحـاول النيل من البيئة أو يعبث بها.
إن الحـفاظ علي البيئة، يعنى تحـقيق التوازن العادل والمطلوب بينها وبين متطلبات حـياة الإنسان، وتدميرها والقضاء عليها يعنى علي العكس من ذلك تماماً فهو يعتبر قضاء وتدميراً لحـياة الإنسان، وجعله يعيش حـياة مهددة بانتشار الأمراض الصحـية الخطيرة التى تقضى عليه وعلي الأجيال المتعاقبة من بعده. فعلي سبيل المثال لا الحـصر، انتشرت فى وقتنا الراهن وتعددت حـالات الإصابة بأخطر أمراض العصر وأكثرها فتكاً بصحـة الإنسان، وهو مرض السرطان، الذى يعتقد أن أحـد أهم أسبابه الرئيسية، يرجع إلي عوامل لها علاقة بالعبث بالبيئة واختلال توازنها، خاصة مرض السرطان الذى يصيب جلد الإنسان، بسبب التدمير الذى يحـدثه الإنسان لطبقة الأوزون فى الجو؛ والذى بدوره يتسبب فى اختراق الإشعاعات الضارة بجسم الإنسان.
وصور العبث بالبيئة كثيرة ومتعددة، ولعل من أهمها وأكثرها شيوعاً ما يلى:
\ ما تنفثه المصانع وعوادم المركبات بأشكالها المختلفة من سيارات وطائرات وقطارات وخلافه، من أدخنة ومواد وغازات سامة ضارة بالبيئة خاصة الهواء الذى يتنفسه الإنسان، الأمر الذى ينعكس علي صحـته بالضرر الكبير ويتسبب فى حـدوث أمراض مختلفة لجهازه التنفسى مثل الالتهابات بأنواعها، التى تصيب الرئة وكذلك تجعله عرضة للإصابة بمختلف أنواع أمراض الحـساسية المزمنة. ومن هذا المنطلق، فقد اتخذت معظم الدول الغربية احـتياطات مشددة فيما يتعلق بالتعامل مع هذا الجانب من التلوث الذى يحـدثه الدخان الذى ينبعث من المصانع وعوادم المركبات، حـيث فرضت إجراءات صارمة تهدف للتخلص من تلك الملوثات البيئية. واليوم تتسابق دول الغرب فى استغلال الكهرباء والطاقة الشمسية فى توليد الطاقة، بغرض الاستغناء تدريجياً عن الوقود المعروف الذى يستخدم فى الوقت الحـاضر فى توليد الطاقة اللازمة لحـركة للسيارات، مثل وقود البنزين والديزل.
\ استخدام المواد الكيماوية المختلفة، مثل السماد وغيره فى معالجة التربة؛ الأمر الذى يقضى عليها ويفتك بها عبر الزمن ويجعلها غير سليمة لإنتاج زراعى صحـى وطبيعى للإنسان والحـيوان.
\ التعامل مع النفايات سواءً الصناعية أم تلك التى يخلفها الفرد العادى خلال حـياته اليومية بشكل غير حـضارى يعرض البيئة إلي التلوث الخطير وانتشار الأمراض الخطيرة التى تصيب الإنسان وتفتك بصحـته.
\ التعامل مع الطبيعة بشكل عام بأسلوب عشوائى لا يكاد يخلو من العدائية والهمجية، مثل تدمير النباتات والكائنات الحـية التى تعيش وتتغذي علي تلك النباتات وحـرق الغابات واقتلاع أشجارها وانتزاعها وقتل الحـيوانات النادرة والمحـمية.
وخلاصة القول، إن البيئة منا وإلينا، فإن نحـن حـافظنا عليها، حـافظت هى علينا، وكفلت لنا حـياة سعيدة خالية من الأمراض البيئية التى تتسبب فى هلاك الملايين من الكائنات الحـية سنوياً علي مستوي العالم. والحـفاظ علي البيئة ومكوناتها يعد أسلوباً حـضارياً، يحـقق لها التوازن المطلوب لكى تستمر فى عطائها المميز والفريد لبنى الإنسان والحـيوان علي حـدٍ سواء، وتدميرها والعبث بها، يعنى القضاء عليها وعلي عـطائها وبالتـالى عـلي الإنسـان والحـيوان الذى يعيش علي ذلك العطاء.
$ كاتب اقتصادى سعودى.