في الاقتصاد السعودي
يمكن تلخيص أهداف حزمة الإصلاحات الاقتصادية التى بدأت فى الاقتصاد السعودى منذ سنوات قليلة بأنها موجهة فى المقام الأول نحو معالجة تدنى معدل النمو الاقتصادى، وهى ظاهرة مقلقة عاني منها الاقتصاد السعودى فى السنوات الماضية. وتجاوز ذلك يتطلب فى المقام الأول تحفيز وبناء الاستثمار وزيادة الإنتاج، وهما أمران أساسيان لتعديل مسار ومعدل النمو الاقتصادى.
عملية الإنتاج تعد بمثابة البوتقة التى تنصهر فيها العناصر الأساسية للإنتاج التى تتكون من رأس المال والعمل والموارد الاقتصادية والتقنية والقدرة علي حشد هذه العناصر الأساسية فى العملية الإنتاجية التى تعد محور الإصلاحات الاقتصادية.
والسؤال المهم فى هذا السياق هو هل تمكنت حزمة الإصلاحات الاقتصادية التى قدمتها الحكومة من تحفيز مقومات النمو فى الاقتصاد السعودى؟ أو ما هى العوائق التى تقف أمام تسريع تنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية المطروحة؟ قد لا تكون الإجابة علي هذا التساؤل سهلة، بل قد يصعب اختزالها فى مقال قصير. ولكن يمكن القول إجمالاً أن من الأسباب البدهية التى تخطر علي الفكر هو ما يتعلق بالغياب الواضح للهيكل التنظيمى القادر علي استكمال الجهود المبذولة فى تنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية وتأطيرها حتي لا تنشأ مرحلة لاحقة تلقى بها فى عنق الزجاجة فيصعب التنفيذ وتتراكم المتطلبات.
وإذا كان المجلس الاقتصادى الأعلي هو مطبخ الإصلاحات الاقتصادية، فإنه قد يكون معنياً فى المقام الأول بدراسة هذه الأسباب وبحث وسائل تغيير وتطوير الهيكل التنظيمى لقيادة الاقتصاد السعودى حتي يتمكن من تجاوز عجزه الواضح عن تفعيل الإصلاحات الاقتصادية. وهذا مطلب تعرض له عدد غير قليل من الاقتصاديين السعوديين وطرحوا أفكاراً أولية فى إنشاء وزارة مستقلة للاقتصاد الوطنى تناط بها مهمة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. ولهذا الرأى وجاهة بدهية تستند إلي المآخذ الملموسة علي ربط المالية (الخزانة) بالاقتصاد الوطنى وضعف إمكانات ومهام وزارة التخطيط.
مهما كانت حزمة الإصلاحات الاقتصادية جيدة، فإنها ستظل بريقاً يحتاج إلي ساحة عملية يمكن أن ينطلق من خلالها ليسطع فى أرجاء الاقتصاد. الأفكار الجيدة تحتاج إلي الجرأة فى التنفيذ.