بتـــــاريخ : 5/15/2008 1:00:24 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1879 0


    المهرج العجوز والثور والقرد

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : أمير اوغلو | المصدر : www.diwanalarab.com

    كلمات مفتاحية  :
    قصة

    نصب المهرج العجوز خيمة السيرك على شاطئ البحر، وأعلن عن بدء العروض المضحكة التي ينوي تقديمها للجمهور ولكن أحدا من الناس لم يأت إليه، ولم يبد أن أحدا من الناس مهتم لعروضه بعد أن كبر في السن وصارت ألعابه وحركاته كلها مكررة ومملة.

    فكر المهرج العجوز في حيلة يستقطب بها الجماهير، فتذكر رفاقه القدماء في جمعية المهرجين وحيوانات السيرك المتقاعدين، فبدأ بالإتصال بهم واحدا واحدا محاولا استقدامهم لعلهم بالتعاون مع بعضهم البعض يستطيعون لفت نظر الجمهور الذي فقد الإهتمام نهائيا بمثل هذه السيركات وتغيرت اهتماماته إلى أنواع أخرى من العروض الحية والأفلام الواقعية والتي اكتسحت المشهد الثقافي مخلفة مثل هذه السيركات تنعي حظها وتتأسف على أيام شبابها.

    الكثيرون من أصدقاء المهرج العجوز كانوا في حالة مرض شديد أو حالة احتضار أو موت سريري لم يبق لهم من الدنيا شيء ولم يعد يهمهم الجمهور ولا العروض، بعضهم كان قد مات فعلا وخلفه أولاده الصغار الذين لم تتشكل عندهم الخبرة الكافية أوالذين كانت لهم توجهاتهم الجديدة وعروضهم الحديثة التي لا تتفق مع عروض المهرج العجوز.

    في النهاية استطاع المهرج العجوز أن يتصل بالثور صاحبه القديم وعرض عليه فكرة القدوم والمشاركة في العرض الجديد رغم كثير من الخلافات التي كانت بينهما. كان الثور قد كبر في السن أيضا ولم يعد يشفع له لقبه القديم "الثور الضاحك" عند الجمهور الذي سئم منه أيضا وتركه معزولا في بيته الجديد في منطقة نائية عن الناس والجماهير.

    حاول المهرج العجوز أن يقنع الثور الضاحك بأهمية هذه المشاركة وقال له إنه سيحاول أن يجمع أكبر عدد من أفراد السيرك القدماء وأن يحشد أكبر عدد ممكن من المتفرجين ومن الإعلاميين ولكن الثور الضاحك كانت عنده مشاكل كثيرة خاصة مع زوجته التي كانت تصر عليه بأن يصطحب ابنه العجل الشاب في كل مكان ويعلمه كل الفنون والحركات والألعاب البهلوانية التي كان يؤديها في الماضي على أمل أن يجد العجل الشاب في المستقبل القريب عملا في نفس السيرك الذي يعمل فيه والده خاصة أنه كان حتى الآن عاطلا عن العمل.

    رفض الثور الضاحك في البداية ولكن المهرج العجوز كان يعرف تماما كيف يتعامل مع رفاقه القدامى فوعده بنسبة كبيرة من أرباح الحفلة كما وعده أن تكون الحفلة قصيرة ومربحة للغاية. وافق الثور الضاحك على مضض واشترط أن يحضر أحد الأصدقاء الآخرين على الأقل.

    القرد القصير سمع بالقصة وهو مشهور بحبه للسفر وحبه للحفلات والظهور في جميع الإحتفالات والتعازي والأمسيات على اختلاف أنواعها فباشر بالإتصال بالمهرج الكبير معاتبا له على أنه لم يدعه إلى هذه المناسبة. اعتذر المهرج العجوز بأنه يعرف أن هناك خلافا بين الثور والقرد وبأنه ظن أن القرد لن يحضر إذا حضر الثور. القرد على العكس ذكره بأن خلافه مع الثور واجتماعهما في هذا الحفل سيكون مدعاة لحضور أكبر للجمهور الذي يتوقع أن يشاهد معارك وخلافات مضحكة بين القرد والثور.

    أعجبت الفكرة المهرج وشكر القرد على ذكائه الخارق واتصل مباشرة بالثور مبشرا إياه بموافقة القرد على الحضور وبالفكرة الجميلة التي طرحها القرد والتي يمكن من خلالها جلب الجماهير إلى الحفلة. قهقه الثور الضاحك عاليا عندما فهم القصة وأكد على حضوره ووعد بأن يجعل الجميع يضحكون من القرد القصير.

    في يوم افتتاح الحفل ارتدى المهرج العجوز ثيابه المزركشه ووضع كمية كبيرة من المساحيق على وجهه ليبدو أصغر سنا وأجمل في نظر الجماهير، جاء الثور الضاحك وقد صبغ جلده كله بالأسود ليبدو أكثر شبابا وأما القرد فقد كان شعر ذيله الأبيض المتدلي في الهواء وتعابير وجهه الفكاهية كافيين لإسعاد كل أطفال المدينة.

    قام المهرج ببعض الألعاب البهلوانية وقدم بعض النكات والقصص للأطفال وقفز القرد على ظهر الثور ثم على كتف المهرج وعزفت الموسيقى بعض الألحان الجميلة وركض الثور خلف القرد محاولا نطحه بقرنيه الكبيرين وصفق الجمهور طويلا عندما تصالح القرد مع الثور الذي ركض دورة كاملة في ساحة السيرك حاملا القرد على ظهره والمهرج في وسط الساحة يفرقع بسوطه الطويل وأنظار المتفرجين وعدساتهم تلاحق المنظر. إنتهى الحفل وعاد الناس إلى بيوتهم فرحين.

    في غرفة تغيير الملابس كان الأبطال الثلاثة جالسين تسيل على وجوههم دموع غزيرة تختلط بالألوان والأصبغة التي كانت تغطي وجوههم. ربما كانت دموع الفرح بنجاح الحفل، أو دموع الأسى على هذا الجمهور الغبي الذي صرف نقوده ليتفرج عليهم، أو دموع الحزن لأنهم كانوا موقنين أنه الحفل الأخير.

    كلمات مفتاحية  :
    قصة

    تعليقات الزوار ()