لماذا يرى كثير من الناس الأمور بالمقلوب؟.فهم كثيراً ما يبحثون عن السعادة ليروا أنفسهم في ظلام التشاؤم والإحباط. والحال أن السعادة قد تكون في متناولنا غير أننا نغفل عنها! ألا ترى أن بعضنا قد يبحث عن نظارته وهي على عينيه؟!
ومن هنا فإن التشاؤم مرض بشري قديم، يحوي التطير، واليأس، والقنوط، والتواكل وما أشبه. فهو مطرقة تهشم الحياة الفردية والأسرية وحتى الاجتماعية.
فقد كشفت دراسة نفسية صادرة عن جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية ، أن الأشخاص المتشائمين بطبعهم أميل لأن يكونوا فاشلين في الحب من غيرهم ، وأكد الباحثون أن الناس الذين ينظرون إلى الأفعال الغامضة والمبهمة من منظور سلبي ويظهرون حساسية خاصة إزاء أية علامة أو إشارة على الرفض فإنهم يميلون إلى رؤية علاقاتهم فاشلة مسبقاً.
وتنبأت الدراسة كذلك بأن الأشخاص الذين يتصفون بأنهم حساسون للغاية إزاء الرفض أكثر ميلاً من غيرهم للخوض في مشكلات مع شركاء حياتهم.
وعلى الصعيد الأسري هناك أنواع من النساء ، النوع الأول هي التي تسترجع دائماً أخطاءها وتلقي اللوم على نفسها ، لدرجة المبالغة في اللوم والعتاب وإيذاء النفس أحياناً، والنوع الثاني هي من تؤمن بأن الفشل له أسباب خطيرة ويجب السعي وبذل الجهد للبحث عن سبل وطرق الحل والعلاج، والنوع الثالث هي من تدع كل الهموم والمشكلات ، الصغيرة منها والكبيرة كلّها في سلّة واحدة ، لدرجة تجعلها تشعر بأنها غير قادرة على حلّ أي واحدة منها ، مما يجعلها تهمل كل المشكلات بلا حلول.
تقول البروفيسورة “سوزان نولن-هوكسيما” : “كل هذه الطرق السلبية في التفكير تؤدي إلى ما أطلق عليه “العدسة المحرفة” أو ” المشوهة” فبدلاً من رؤية الحقيقة واضحة ، ترى المرأة ، التي تستسلم للهواجس ، الجزء السلبي منها فقط ، فحتى لو لم تقع أحداث سيئة ، فإنها تقنع نفسها بأنها وقعت”.
فمن هنا يرى هذا النوع من السلبيين بأن كل حياتها ليست سوى سلسلة من الإخفاقات والنكسات والمشاكل والسواد، فتبدأ أحاسيس الفشل تغزوها قبل أن تبدأ أي نشاط جديد ، مما يضعف معنوياتها ويثبط همتها ويحبط نفسيتها ويخر بعزيمتها، ومن المؤكد أن معرفة المرأة بهذه الفئات ، وقدرتها على التمييز بينها ، سوف تحفزها على التعامل مع المشكلات بفاعلية أكبر.
“إن حوالي تسعين بالمائة من الأشياء في حياتنا هي جيدة، وحوالي عشرة بالمائة منها هي ربّما سيّئة . فإن أردنا أن نكون سعداء فإن كل ما علينا هو التركيز على التسعين بالمائة الجيّدة وتجاهل العشرة بالمائة السيّئة وإن أردنا أن نقلق ونتألم ونصاب بقرحة المعدة فما علينا سوى التركيز على العشرة بالمائة الخطأ وتجاهل التسعين بالمائة الصح، تماماً كمن يضع نظارة سوداء على عينيه”.
“كان جوناثان سويفت، مؤلف “رحلات غاليفر” من أشد المتشائمين في الأدب الإنكليزي، كان شديد الندم على ولادته، حتى إنه كان يرتدي ثياباً سوداء دائماً، ويمتنع عن الطعام في ذكرى ميلاده. ومع ذلك، وفي ذروة تشاؤمه، كان يمتدح فوائد الفرح والسعادة، وقد أعلن: “أن أفضل الأطباء في العالم هم الدكتور اعتدال والدكتور هدوء والدكتور مرح”.
ونحن يمكننا الإفادة من خدمات “الدكتور مرح” مجاناً في كل ساعة من اليوم بتركيز انتباهنا على الثروات غير المعقولة التي نمتلكها، وهي ثروات تفوق كنوز علي بابا، هل تبيع عينيك مقابل مليون دولار؟ وماذا تأخذ مقابل ساقيك أو يديك أو سمعك أو أطفالك وعائلتك؟ اجمع كل هذه الثروات وستجد أنك لن تبيع ما تملك مقابل جبال من الذهب والألماس”.
قال شوبنهاور: “من النادر أن نفكر بما نملك، بل إننا نفكر بما ينقصنا”.
قال الخليفة علي : “سعادة المرء في القناعة والرضا”.
وقال أيضاً : “السعيد من استهان بالمفقود”.
وجاء في الحديث : “في النعم انظروا إلى من تحتكم ،وفي المصائب انظروا إلى من فوقكم”.
حقا ًإن التشاؤم مرض قد يؤدي بحياة الإنسان الأسرية والاجتماعية ليقتلها بصمت. وكأين من أفراد هلكوا بسبب تشاؤمهم، أو دخلوا النار بسبب يأسهم وقنوطهم من رحمة الله، أو تغيير أنفسهم. فهل من مدّكّر؟
|