تحية طيبة إلى كل أعضاء و مشرفي منتدى آدم
أقدم لكم اليوم بمشاركة من قلم ذهبي إن شاء الله
كتابة و إنشاء 100% مني غير منقول من أي أحد
أتمنى أن ينال إعجابكم
هكذا تورث الأجيال
ما هي الصورة الحقيقية للحياة؟؟ في نظري الحياة عبارة عن جبل شديد الإنحدار، وكلنا هدفنا واحد هو الوصول إلى قمة الجبل، حيث قد نجد مبتغانى أو خلاصنا ، لكننا نحمل حجارة فوق ظهورنا و إن أحدنا إقترب من القمة أحس بالتعب و أصبح بحاجة إلى الراحة ليريح ظهره من عبئ الحجارة، فبينما ينزلها بين قدميه تنفلت فجأة وتتدحرج على أسفل المنحدر ليضطر إلى الرجوع وحملها مرة أخرى حتى يكاد يصل إلى القمة مرة أخرى، فيحاول أن يرتاح قليلا فتنفلت الحجارة مرة أخرى ليعيد الكرة و هكذا ذواليك ..حتى تنتهي حياته و هو على نفس الحال ، و إن رأيت من حولك رأيت أناسا يصرخون و يتألمون من ثقل الحجارة حيث ترى حجارة كبيرة جدا فوق ظهورهم و في الحقيقة هي عبارة عن حجر زائف فارغ من الداخل وزنه كالريشة أو أقل ، و في نفس الوقت ترى أناسا آخرون يحملون حجارة صغيرة و في الحقيقة هي عبارة عن حجر خادع أثقل من الجبل نفسه في حين انهم يتشبتون في المنحدر بأيديهم الملئى بالجروح و الدماء و هم يتصببون عرقا و مع ذلك لا نكاد نسمع صوت نفسهم حتى ... والجدير بالذكر هو أنه لم يصل قمة الجبل أحد من قبل فأين إذن حجارة الناس الذين ماتوا ؟؟ هل هي الحجارة التي نحملها نحن ؟؟ و إذا إنتهت حياتنا قبل أن نصل إلى قمة الجبل فما مصير الحجارة التي نحملها ؟ هل سنعطيها للجيل الذي من بعدنا؟ فقد تكون لهم أيضا حجارتهم ؟؟..
اود ان أؤكد على شيئ بديهي و هو ان الإنسان يكاد يكون المخلوق الوحيد الذي يحتاج و لمدة طولة على رعاية الناضجين ليوفروا له من جهة المأكل و المشرب و الملبس ، و هي امور ضرورية للبقاء و الإستمرار ومن جهة أخرى ليوفروا له عناصر الوجدانية و العقلية و السلوكية الضرورية لتكوين الشخصية الاساسية . هذا الامر البديهي يجعلنا نعتقد إعتقادا تاما بان الاسرة هي الإيطار الإجتماعي الذي يفتح الطفل عينيه فيه على العالم و هي الوسط الذي يتكفل بتزويد الحدث الصغير بما ذكرناه من عناصر التنشأة و التكوين و الأمان و هي عناصر بعضها وجداني و بعضها عقلي و بعضها سلوكي لابد من تفاعلها لتحقيق النضج أي للتدرج من الحالة الجنينية إلى الطفولة ثم المراهقة عبر مراحل نجحت العلوم الإنسانية من رسم معالمها....لكن خلال ذال كله يوجه اللوم للجيل الحاضر من الشباب، و يتهم بالعناد و الغرور و عدم التماسك و فقدان الإنتماء و الإحساس باللمبالاة ، و كثيرا ما تنطبق هذه الأوصاف التي يطلقها حكماء الجيل السابق – و أشدد على كلمة الحكماء و ليس من يدعيها على شباب الجيل اللاحق- و اللافت للنظر أن الكثير من شباب هذا الجيل يعاني من الإغتراب و فقد القدوة و هي ظاهرة خطيرة تستدعي الدراسة في ضوء علاقات الاجيال وما يسفر عنها من تواصل أو صراع حيث ان الفروق بين الأجيال أمر لا يحتاج إلى جدال ، كما أن الصراع بين الأجيال يرتبط إرتباطا وثيقا بالمجتمع ذي القسمات الواضحة ، إضافة إلى ان تعاقب الأجيال أثر طبيعي في مسيرة الزمن . إن الأجيال تتعاقب و السلف يورث الخلف عاداته و تقاليده و معتقداته و قيمه يزيد أو يحذف أو هما معا عليها الخلف ثم يورثها بدوره لم يصيرون خلفا له هكذا تورث الأجيال بعضها البعض ثقافة المجتمع وكل ما هو سائد من الماديات و المعنويات ، و المفروض أن الجيل السابق أكثر حكمة من الجيل اللاحق و ربما أكثر علما و لكن في بعض الأحيان يأتي من جيل الخلف من هم أعضم شأنا و أوفر علما و أسعد حظا من جيل السلف ، و ذلك بطبيعة الحال يتوقف على ما يناله كل من الجيلين السلف و الخلف من فرص الحياة و إذا ما قارنا جيل السلف بجيل الخلف سنجد أن الجيل السابق أكثر حكمة ، بينما أبناؤهم أشد قوة ، و الغريب أن كل جيل ينظر للأيام السابقة عليه على أنها أسعد حالا من حاضره ، و الواقع أنه في كثير من الأحيان فإن أيام العصر الحاضر فيها هذا الجيل أفضل بكثير من أيام العصر الماضي ، و ذلك نظرا لإنتشار التعليم و المعرفة و كثرة الخبراة و الكشوف و الإختراعات المتعددة و بالمقابل نرى في هذه الايام في ضوء العلاقات بين الأبناء و الآباء أن التجاهل متبادل بينهم في الغالب و مع الاسف نجد الجيل الكبير مشغولا بقضاياه المتعددة و نلاحظ إهماله الشديد للجيل الصغير الناشئ و هم يتعللون بإنشغالهم بالسعي وراء الرزق لكي يوفرو لأبنائهم المعيشة المتوسطة ولا أقول الكريمة... و المفروض أن جو الترغيب و اللاترهيب سائدا في العائلة . فرأيي أن واجب الآباء حتمي بتوفير المعلومات وسبل المعرفة وتوفير جو علاقة مبنية على أسس الشورى فالنقاش هو أساس كل قرار و الحوار المغلف بالمحبة إضافة إلى زجل الثقة فيهم لتسود بين الجيلين المحبة ، فلا يفكر أحد منهما ان يكون السبب في ضيق الآخر كما يجب أن لا يلجأ الآباء إلى التخويف في توجيه الأبناء فاستخدام القوة في تاديب الطفل و فرض الإنضباط عليه وسيلة غير ناجحة و تأتي بنتائج عكسية .. وهو أسلوب يمكن أن يولد فردا خائفا يغالي في الإحترام المحيطين ، أو على العكس تماما تنتج فردا دائم الثورة و الإعتراض كاذبا و مستعدا للمقاومة بأي شكل من الأشكال في كلتا الحالتين لن يكون للطفل شعور طبيعي نابع من داخله يدفعه لأن يسلك سلوكا مهذبا و أن يتعاون مع المحيطين به ، ومن ثم إلى الطريق الصحيح كما ان على الآباء أن لا يحسسوا أبنائهم بأي حرمان و إذا ما تجاوزت طلباتهم استطاعتهم فيجب عليهم أن يوضحوا لأبنائهم الموقف بهدوء تام حيث يرى الطفل آنذاك أن الآباء يقومون بواجبهم ليعرف أن الدور عليه لآداء واجبه .
إن الجيل الأخير الذي نشهده الآن جيل سرعة الإتصالات ، كما أن رقعة الصداقة بين الشباب إتسعت أكثر من الجيل السابق ، و من هنا يجب أن يتعامل الآباء مع أولادهم بصداقة وحب و أن يرحبوا دائما بوجود أصدقائهم بينهم و هذا كي تصبح الرقابة غير ملموسة و لا محسوسة للجيل الصغير لتصبح العائلة تسود بينهم الصراحة المطلقة بين أفرادها من الجيلين ،فمثلا يصارح الكل بعضهم البعض بوقت ومكان خروجهم و موعد عودتهم وخط سيرهم ولاكن بالشكل الذي تطرقنا إليه ومن هنا تنشئ وتنموا بينهم المصالح و الخدمات المتبادلة .
................................................" وكفى الله المؤمنين قتالا ".......................................................
تحيات جهاد التطواني