بتـــــاريخ : 4/20/2010 3:19:27 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1468 2


    أسد دمشق العنيد

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : مي كمال الدين | المصدر : www.moheet.com

    كلمات مفتاحية  :

     
           

       الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد حكم الجمهورية العربية السورية لمدة ثلاثين عاماً، مرت خلالهم سوريا بالعديد من الأحداث، اشتهر الأسد بعناده وصلابته عند التفاوض مع الإسرائيليين، فكان لا يتهاون في أي شرط من الشروط التفاوضية قد يؤدي لحرمان بلاده من حق لها، تدرج في العديد من المناصب السياسية والعسكرية، فكان قائداً للقوات الجوية ووزيراً للدفاع قبل أن يتولى مهمة رئاسة الدولة السورية.

    جاءت وفاة الأسد في العاشر من يونيو عام2000، لتمر خلال هذا الشهر الذكرى الثامنة لوفاة زعيم تمكن من المحافظة على كيان الدولة السورية والارتقاء بها على مدار ثلاثة عقود كاملة.

    النشأة

       ولد حافظ الأسد في السادس من أكتوبر 1930 بقرية قرداحة بمحافظة اللاذقية، لعائلة تعمل بالزراعة، وتنتمي للطائفة العلوية، كان الأسد هو الابن الأكبر للأسرة، أما رفعت الأسد فهو الشقيق الأصغر لحافظ والذي خاض شوطاً هو الأخر في السياسة  حيث تولى مناصب عديدة في الدولة السورية، كان أخرها منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، وبعد وقوع أحد الخلافات بينه وبين أخيه تم إبعاده إلى فرنسا.

    ترعرع الأسد في وسط جو يسوده الاضطرابات السياسية على الساحة العربية كقيام الدولة الإسرائيلية، وسعي الكثيرون من أجل التحرر من الاستعمار، بالإضافة للاحتلال الفرنسي والبريطاني الذي سيطر على البلاد في هذه الفترة.

    اخترق الأسد النشاط السياسي مبكراً فقد كان رئيس فرع الاتحاد الوطني للطلبة في محافظة اللاذقية، ثم رئيساً لإتحاد الطلبة في سوريا، وفي عام 1946 انضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي عندما شكل رسمياً أول فرع له في اللاذقية، ثم أصبح عضواً قيادياً في التشكيلات العسكرية للحزب منذ عام 1960.

    تلقى حافظ الأسد علومه العسكرية في الأكاديمية العسكرية عام 1952 وتخرج منها عام 1955، ثم التحق بأكاديمية الطيران وتخرج منها طياراً مقاتلاً، حصل بعد ذلك على المزيد من دورات التدريب العسكري بالإتحاد السوفيتي ومصر.

    المرحلة العملية

     
      الاسد بزيه العسكري    

       تولى الأسد على مدار حياته العملية العديد من المناصب السياسية والتي تدرج بها حتى وصل لأعلاها، تم إبعاده من الجيش مع عهد الانفصال الذي ألغى دولة الوحدة مع مصر، إلا أنه تم إعادته مرة أخري إلى الخدمة عام 1963، بعد انقلاب عسكري قاده عدد من ضباط حزب البعث وحركة القوميين العرب والناصريين بقيادة لؤي الأتاسي وزياد الحريري.

    رقي الأسد بعد ذلك إلى رتبة لواء وكان في الرابعة والثلاثين من عمره، وفي عام 1965عين قائداً للسلاح الجوي، تعرضت سوريا لانقلاب عسكري أخر  في فبراير 1966 حيث حدثت صراعات بين كل من التيارين العسكري والمدني داخل حزب البعث، كان من نتائجه الإطاحة بالقيادة القومية المدنية للحزب وحكم الفريق أمين الحافظ، وتلا ذلك تولي الأسد لوزارة الدفاع بعد بضعة أيام من الانقلاب، وجاء توليه لهذا المنصب ليكون عامل دعم أساسي بالنسبة له لتقوية نفوذه العسكري والسياسي.

    رئيساً للجمهورية

       جاء عام 1967 حاملاً الحزن للأراضي السورية وذلك بعد الهزيمة التي تعرض لها العرب عقب الغدر الإسرائيلي والذي ترتب عليه فقدان الأراضي السورية لمرتفعات الجولان في يونيو 67، وفي نوفمبر 1970 شهدت الساحة السورية انقلاباً عسكرياً قام به حافظ الأسد، أطاح فيه بالرئيس السوري نور الدين الأتاسي، ليصبح  رئيساً للجمهورية بعد ذلك خلفاً له، ولم يكن هذا هو الانقلاب الأول الذي قام به الأسد فقد قام بمحاولة انقلاب فاشلة قبل ذلك عام 1969.

    تم عقد استفتاء في مارس 1971 تم بموجبه انتخاب الأسد رئيساً للجمهورية السورية لفترة رئاسية مدتها سبع سنوات، وظل على كرسي الرئاسة ثلاثين عاماً، بعد تكرار انتخابه أكثر من مرة.

    وأثناء فترة رئاسته شهدت سوريا العديد من التغيرات منها رفع بعض القيود التي كانت مفروضة على السفر للخارج، والتجارة الخارجية، كما تم تغيير اتجاه الاقتصاد السوري من إطار المركزية إلى بدايات الاقتصاد الحر.

     
      الاسد مع الرئيسين القذافي و السادات    

    من المحطات الهامة التي مرت بحياة الأسد وسوريا حرب 1973 إلى جانب جمهورية مصر العربية ضد إسرائيل، والتي نسق فيها كل من الرئيسين الأسد وأنور السادات معاً من أجل استعادة أراضيهما المحتلة، وبالفعل تحقق النصر في هذه الحرب ولكن لم يتمكن الكيان السوري بقيادة الأسد من استعادة الجولان، ووقع خلاف بين الطرفين المصري والسوري بعد توقيع مصر الاتفاق الثاني لفصل القوات بينها وبين إسرائيل.

     قامت سوريا بتشكيل جبهة الصمود والتصدي مع كل من ليبيا واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية وذلك عقب توقيع السادات لمعاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل 1979، ودخوله في مفاوضات سلام مع الجانب الإسرائيلي.  

    أحداث سورية في حكم الأسد

       عقب حرب 1973 قامت سوريا بتوقيع عدد من الاتفاقيات فتم توقيع اتفاقية صداقة وتعاون مدتها 20 عام مع الرئيس السوفيتي ليونيد بريجينيف عام 1980، واتفاقية أخرى مشابهة وقعها الأسد مع إيران عقب الثورة الإسلامية بقيادة أية الله الخميني عام 1979.

    كما كان  لسوريا دوراً كبيراً في الحياة السياسية والعامة بلبنان، فقد أمر حافظ الأسد قواته بدخول لبنان عام 1976 وفرضت سوريا نفوذها على الأحداث اللبنانية، بالإضافة للدور الذي لعبته في الحرب الأهلية اللبنانية حتى تم توقيع اتفاق الطائف الذي انهى الحرب عام 1991، والذي ترتب عليه عقد عدد من الأتفاقيات بين الجانبين السوري واللبناني كان من اهمها معاهدة " الإخوة والتعاون والتنسيق" التي أبرمت في مايو 1991م، ومعاهدة الدفاع والأمن التي وقعت في سبتمبر من نفس العام.

    قامت الجماعات الإسلامية المتطرفة بتنظيم عدة انتفاضات معادية ومعارضة للأسد في كل من حماة وحمص وحلب وذلك عقب الثورة الإسلامية بإيران، وازداد الوضع تأزماً وتوتراً بين الطرفين  في عام 1982 وتدخل الجيش ليقمع ثورة الإخوان في مدينة حماة، وراح ضحية هذه الاشتباكات الآلاف من الضحايا، وتعرض الأسد لسلسلة من الاتهامات منها انتهاك حقوق الإنسان، والاغتيال السياسي، وقتل الخصوم السياسيين.

    شارك الجيش السوري مع قوات التحالف الدولية لتحرير الكويت عام 1991، وعقب الحرب قامت كل من سوريا ومصر ودول مجلس التعاون الخليجي بتكوين منظومة دفاعية سميت بدول إعلان دمشق.

    الأسد العنيد

     
      الاسد مع الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون    

       تمتع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بالعناد وانتهاج الأسلوب الحذر وخاصة فيما يخص المفاوضات مع إسرائيل في القضايا السورية والعربية، واستعان في مفاوضاته بالدعم السوري لحزب الله في الجنوب اللبناني، والدعم السياسي لعدد من فصائل المعارضة الفلسطينية. 

    اجتمع الأسد أكثر من مرة مع الإسرائيليين من اجل الجلوس للتفاوض والتباحث بشأن مرتفعات الجولان، فقد توجه إلى مؤتمر مدريد للسلام لإجراء مباحثات مباشرة مع الإسرائيليين في 30 أكتوبر 1991 ووقف الأسد موقفاً صلباً رافضاً التنازل عن هدفه بانسحاب إسرائيلي كامل من الجولان.

    وفي ديسمبر 1999 بدأت سوريا جولة أخرى من المباحثات مع إسرائيل حول الجولان تبعها جولة في شيبرد تاون بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم تأجلت المفاوضات إلى أجل غير مسمى، حتى جاءت قمة جينيف للتوصل إلى سلام بين سوريا وإسرائيل والتي قام بها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في 26 مارس 2000 ، ولكن كان هذا اللقاء كغيره من اللقاءات السابقة فلم يوافق الأسد على التعديلات التي وضعها كلينتون لخريطة حدود 67 وفضل الانتظار حتى يتم استعادة الجولان بأكملها، وهو الهدف الأساسي الذي تمنى الأسد إنجازه قبل وفاته، ورفض أي اتفاقات وجدها غير منصفة أو مرضية للجانب السوري.

    قال عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بريز "أنه أصر دوماً على مطالب أكثر مما ينبغي"، كما قال عنه هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي عندما وجه إليه سؤال عن مكانة الأسد التاريخية وأثره في سوريا "لم يكن الأسد ملماً بالغرب جيداً، وأعتقد أنني كنت أول شخص من الغرب يتفاوض معه بشكل منتظم، وكان يتمتع بذكاء فوق العادة، وبحس للدعابة، وكان أيضاً قاسياً لا يرحم، وتتملكه المشاعر القومية".

    الحياة الشخصية للأسد

     
      الاسد وسط عائلته    

       تزوج الرئيس الراحل حافظ الأسد من السيدة أنيسة مخلوف، وأنجب منها أبناؤه بشرى وهي طبيبة صيدلانية، والرائد الركن باسل الذي توفي في حياة والده إثر حادث تصادم بسيارته في دمشق في يناير 94، والعقيد الركن الدكتور بشار طبيب أمراض العيون وضابط مدرعات في الجيش السوري والرئيس الحالي للجمهورية السورية خلفاً لوالده، والرائد الركن المهندس ماهر، وأخيراً مجد الحاصل على درجة جامعية في الاقتصاد.

    المرض والوفاة

     
      جنازة الرئيس حافظ الأسد    

       ترددت العديد من الشائعات عن مرض الرئيس الراحل، فقد قيل أنه عانى من سلسلة من الأزمات القلبية خلال فترة الثمانينات، بالإضافة لإصابته بمرض سرطان الدم " اللوكيميا"، وقد جاءت وفاة الأسد السوري بعد حياة حافلة قضى منها ثلاثين عاماً رئيساً للجمهورية السورية في العاشر من يونيو عام 2000 عن عمر يناهز السبعين عاماً.     

    عمل الأسد قبل وفاته على إعداد أبنه بشار لتولي الرئاسة خلفاً له وذلك بعد وفاة أبنه الأكبر باسل.

    تلقى الشعب السوري خبر وفاة رئيسهم الأسد كصدمة قاسية فلم يعرف معظم السوريين رئيساً غيره على مدار ثلاثين عاماً وخاصة جيل الشباب، الذي نشأ وترعرع في وطن يحكمه حافظ الأسد.


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()