بتـــــاريخ : 5/16/2010 10:44:25 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1310 1


    لماذا تقتل أمريكا مواطنيها المشتبه بهم دون محاكمة؟!

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : www.algomhuria.net.eg

    كلمات مفتاحية  :

    تحليل اخبارى
    يكتبه رئيس التحرير
    كان عجيبا أن ألاحظ الحدة والقسوة في انتقاد واشنطن لمصر لمدها قانون الطوارئ لمدة عامين رغم انه تم تقييد التطبيق علي جرائم الإرهاب والمخدرات.. مبلغ عجبي ودهشتي انه في الوقت الذي انتقدت فيه الولايات المتحدة مد العمل بقانون الطوارئ كانت حكومة الرئيس باراك أوباما نفسها تجيز قتل أي إرهابي مشتبه به حتي لو كان مواطنا أمريكيا وذلك استنادا إلي أي معلومات تقدمها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي أصبح لها سلطات شاسعة في التصدي للإرهابيين وكلمة منها تكفي لإزهاق الأرواح.
    القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية اثار احتجاجات في الكونجرس مثل الاحتجاجات الموجودة في مصر علي مد قانون الطوارئ وقال الجمهوريون ان الإدارة الأمريكية عندما تتخذ قرارا بقتل أحد مواطنيها بدون محاكمة واعتمادا علي شبهات قد تكون وكالة المخابرات المركزية لم تتحر الدقة فيها. فإنها بذلك تعطي القانون إجازة!
    لقد كان الأجدر بالولايات المتحدة وغيرها ممن اعتادوا توجيه نصائح عن بعد أو محاولة تبني دور الوصي الدولي علي صيانة حقوق الإنسان توجيه النصح إلي نفسها أولا بعد أن قررت مطاردة مواطنيها الإرهابيين في أي بقعة من العالم عن طريق هجمات صاروخية عن بعد وقتلهم بدون محاكمة.
    ان مصر ليست الدولة الوحيدة التي احتاجت لإجراءات استثنائية للتعامل مع خطر الإرهاب فالولايات المتحدة نفسها والتي تعرضت لحادثين كبيرين فقط "اوكلاهوما 1995 و11 سبتمبر 2001" اندفعت إلي تبني إجراءات شديدة الجسامة مست بلا شك الحقوق والحريات العامة والخصوصيات الفردية وها هي تقرر قتل مواطنيها المشتبه بهم دون محاكمة وفي أي مكان من العالم منتهكة بذلك سيادة الدول وضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي وآلياته.
    أعود وأؤكد ان مصر ليست الدولة الوحيدة التي احتاجت لإجراءات استثنائية للتعامل مع خطر الإرهاب. فها هي واشنطن تعلن عن إجراء جديد للقتل بدون محاكمة استنادا إلي تقارير المخابرات التي يمكن أن تكون مغرضة أو غير دقيقة.
    إذن أمريكا اندفعت إلي تبني إجراءات شديدة الجسامة لتمس بلا شك الحقوق والحريات العامة والخصوصية الفردية وكان بعضها بعيدا عن رقابة القضاء. الا أن الحكومة الأمريكية رأت مبررا لذلك ممثلا في حماية المجتمع ضد اخطار محدقة به. وكذلك الأمر في دول أخري لاتزال تعدل وتطور في قوانينها لتمكين أجهزة الأمن من حماية المجتمع ولو علي حساب اعتبارات الخصوصية وإضاعة الحقوق.. أما مصر فرغم تواتر وتوالي الاعتداءات التي تعرضت لها أو تلك التي نجحت في التصدي لها فقد رأت الدولة تقليص نطاق ما يستخدم حياله قانون الطوارئ وتحديد عدد ونوعية الإجراءات التي يمكن أن تستخدم في أضيق نطاق.
    قتل الشيخ أنور
    أعود للإجراء الأخير الذي صدقت عليه الإدارة الأمريكية يوم 13 مايو الحالي وينص علي تجاوز الحدود القانونية والسياسية إذا ما كان الأمر يتعلق بمطاردة أحد الأمريكيين المتهم في عملية إرهابية وذلك باعطاء الأوامر لهجوم صاروخي علي مكان وجوده.
    الشخص الذي صدر بسببه هذا الإجراء الاستثنائي هو أنور العولاقي وقد أثار اعتراضات واسعة. لكن الحكومة الأمريكية لم تهتم وأصرت علي تنفيذ القرار..
    لقد أسقطت الولايات المتحدة كل الإجراءات التي كانت تقوم بها قبل التنصت علي أي مشتبه بتورطه في عمل إرهابي والتي تتركز في الحصول علي إذن قضائي وأمر ضبط وإحضار من المحكمة.. الآن تستعد واشنطن لقتل الأمريكي أنور العولاقي المختبئ في اليمن عن طريق هجمات صاروخية.. هذه المرة لن تلجأ واشنطن لمجلس الأمن تطلب موافقته علي القيام بضربة صاروخية علي بلد أجنبي مثلما فعلت أيام الهجوم علي أفغانستان والعراق ولكنها ستضرب دون إذن.
    "لقد رفض الكونجرس التنصت علي مكالمات الهاتف المحمول لأنور العولاقي ولكنه لم يرفض الإجهاز عليه" وهذا ما يقوله فيكي ديفول أحد محامي المخابرات المركزية الأمريكية سابقاً ويدرس الآن في الأكاديمية البحرية الأمريكية.
    يعتقد مسئولو الإدارة الأمريكية أن العولاقي لا ينبغي أن يتمتع بأي حقوق دستورية أو قانونية.. كان العولاقي وهو أحد الوعاظ أصحاب الحضور بين المتطرفين قد زعم أن الهجوم علي الولايات المتحدة هو واجب ديني. وقد اتهمته مصادر كثيرة بأنه أحد المخططين للهجوم علي "تايمز سكوير" في الأول من مايو بالإضافة إلي التحريض علي ارتكاب هجمات أخري ضد أهداف في الغرب.
    يقول أحد مسئولي مكافحة الإرهاب الأمريكيين إن الجنسية الأمريكية أو "المواطنة" لا تعطي للمرء الحق في شن هجمات علي بلده. لذا فإن أي مواطن أمريكي يتحالف مع أعداء بلده فلابد أن يلقي مصيرهم.
    تنتقد الصحف الأمريكية حالياً الرئيس أوباما الذي خاض حملته الرئاسية ضد سياسات بوش الرامية إلي التعذيب واحتجاز المعتقلين وغير ذلك. وتعهد بأن تكون سياساته مرتكنة إلي الأخلاق والقانون. لكن لم يحدث ذلك.
    وتماماً كما أثارت سياسات إدارة بوش بخصوص التعذيب والمعتقلات جدلاً كبيراً. فإن نفس هذا الجدل مثار حالياً حول الاستهداف بالقتل "استناداً إلي تقارير المخابرات فقط التي يتم بناء عليها شن هجمات صاروخية توجه عن بعد" ويستعد النائب جون تيرني إلي انتقاد هذا الإجراء غير القانوني علناً وسيطالب الكونجرس بالسعي لأن يظلل هذا الإجراء غطاء قانونيا وحتي لا تكون عمليات الاغتيالات بمثابة قتل إجرامي يثير حفيظة الدول ضد أمريكا ويزيد من أعدائها المنخرطين في أعمال إرهابية ضدها.
    معارضة شديدة
    إن استهداف أنور العولاقي من قبل السلطات الأمريكية لن يكون الأول أو الأخير. ولكنه مقدمة لإعدام أي مواطن أمريكي يشتبه في أن يكون متورطاً بأية صورة من الصور مع الإرهابيين.
    يقول ديفيد تيريني وهو سناتور ديمقراطي من ماساشيوتس ويرأس إحدي لجان الكونجرس الفرعية حول الأمن القومي إن استهداف مواطن أمريكي وقتله يثير التساؤل حول الحقوق التي يمكن أن يتمتع بها هذا المواطن . وما هي الخطوات التي ينبغي علي الحكومة القيام بها قبل أن تضعه علي قائمة المستهدفين.
    ورغم كل الاعتراضات التي أثيرت حول تطبيق الإجراءات الاستثنائية في الكونجرس. إلا أن إدارة أوباما تمضي قدماً في تنفيذها ويؤكد بعض النواب الجمهوريين والديموقراطيين في الكونجرس أن الهجمات الصاروخية عن بعد أثبتت نجاحاً باهراً في تعقب الإرهابيين في المناطق القبلية بباكستان. إلا أن هذه الهجمات لم تنجح في اليمن عام 2002. لذلك ستطور أمريكا تكنولوجيا الاستهداف لتقتل أنور وغيره في مخابئهم التي رصدتها منذ فترة.. يذكر أن 500 شخص قليل منهم من المدنيين ماتوا من جراء الهجمات الصاروخية الأمريكية منذ 2008 حتي الآن.
    ورغم محاولات بعض نواب الكونجرس التنويه إلي أن ما تقوم به الادارة الامريكية هو اهدار للحقوق السياسية والدستورية للمواطنين الامريكيين إلا أن هارولد كو المستشار القانوني لوزارة الخارجية الامريكية أفتي بأن الهجمات الصاروخية عن بعد لقتل الإرهابيين حتي لو كان منهم امريكيون هي قانونية 100% وانها جزء هام من العمل العسكري الذي وافق عليه الكونجرس عقب اعتداءات 11 سبتمبر 2001 وأن الولايات المتحدة من حقها تسديد الهجمات الصاروخية عن بعد في أي مكان بالعالم دفاعا عن نفسها..
    وهكذا تبرر امريكا سياستها فترفض الاعتراف بأن ما تقوم به هو قتل عمد واغتيال وهما مجّرمان في القانون الامريكي.
    واعود إلي أنور العولاقي "39 عاما" المختبئ حاليا في اليمن والذي تنوي الولايات المتحدة اغتياله فأقول إنه مواطن امريكي ولد في نيومكسيكو ويتمتع بالتعديل الخامس لقانون الضمانات الامريكية الذي ينص علي "عدم السماح بسلبه حريته أو ثروته أو ممتلكاته بغير اللجوء إلي القانون!"..
    التفرقة في معاملة الأمريكيين
    ويدور حاليا جدل شديد في الأوساط الأمريكية حول عدم قانونية الإجراءات التي اتخذت ضد انور أو غيره من المواطنين الأمريكيين المتمتعين بالمادة الخامسة من القانون.
    وقد زعم البعض أن تيموتي ماكجفي المتسبب في انفجار أوكلاهوما عام 1995 حصل علي محاكمة عادلة. لكن المسئولين في ادارة أوباما قالوا ان الظروف اختلفت والأوضاع تغيرت.. لذلك فان الوضع مع أنور أو غيره سيكون مختلفا..
    ويقول فرانك بيرنز أحد المحامين في وكالة المخابرات المركزية أن أي مواطن أمريكي يتحالف مع العدو يصبح هدفا مشروعا للاغتيال ويدلل علي ذلك بالقول إن الامريكيين ذوي الجذور الألمانية الذين قاتلوا مع النازي في الحرب العالمية الثانية تم قتلهم ولم يقدموا لأي محكمة..
    المهم أن أمريكا قررت إعدام أحد مواطنيها وخرق سيادة دولة عربية وتهديد حياة مواطنيها خصوصا وأن هذه الدولة ليست في حالة حرب معها وذلك دون أن تحصل علي موافقة دولية من الأمم المتحدة أو تقود تحالفا عالمياً للقضاء علي الإرهابيين.
    المهم أن كثيرين طالبوا الحكومة الأمريكية بأن تتوخي الدقة وهي تنفذ عمليات القتل استناداً إلي تقارير المخابرات المركزية فقط واستشهدوا بأن التقارير لا تكون دقيقة كالعادة مثلما حدث عام 2004 عندما ألقوا القبض علي ألماني "خالد المصري" واحتجزوه في أفغانستان لمدة 9 أشهر قبل أن يعتذروا له عن الخطأ.. ومن ثم فليس هناك ما يضمن ألا تتكرر أخطاء المخابرات الأمريكية ويدفع أبرياء الثمن.
    ويطالب البعض بأن تخضع الهجمات الصاروخية واستهداف أي إرهابي إلي رقابة قانونية لصيقة ولا يعطي الأمر بها إلا الرئيس أوباما نفسه لكن المسئولين الأمريكيين رفضوا وأصروا علي قتل أي مواطن أمريكي إذا ما حامت حوله شكوك المخابرات المركزية.
    وأشار جون رادسان أحد المحامين لوكالة المخابرات المركزية إلي أنه لابد من قتل أي مواطن أمريكي يتعاون مع الأعداء علي الإضرار ببلاده ومثل هذا الشخص لن يحصل علي أية امتيازات أو حقوق دستورية.. وقد طالب البعض أن يطلبوا من اليمن اعتقاله لكن السلطات رفضت من أجل هذا كله نقول إن مصر ليست الدولة الوحيدة التي احتاجت لإجراءات استثنائية للتعامل مع خطر الإرهاب.
    التوجه الإعلامي المقترح للتعامل
    مع موقف الإدارة الأمريكية من مد حالة الطوارئ
    من ثم انطلاقا من ذلك اليقين وإيمانا في الوقت ذاته بأهمية تحقيق التوازن المنشود بين احتياجات مكافحة الإرهاب وصون أمن البلاد من ناحية وضرورات عدم المساس بالحقوق والحريات الأساسية من ناحية أخري فقد تعهدت الحكومة منذ عام 2005 بإنهاء حالة الطوارئ فور الانتهاء من اعداد مشروع قانون لمكافحة الإرهاب ليحل محله إلا أن صياغة قانون جديد لمكافحة الإرهاب ليكون بديلا لحالة الطوارئ أمر لابد وأن يخضع لفحص متعمق ودراسة متأنية دون تسرع بحيث يتم تحقيق التوازن الدقيق بين مقتضيات الأمن العام والصلاحيات والتدابير اللازمة للتعامل مع مخاطر الإرهاب من ناحية. وضمان الحقوق والحريات العامة من ناحية أخري. نحن نمضي بجدية للانتهاء من اعداد قانون مكافحة الإرهاب في أسرع وقت والتزام الحكومة والرئيس في هذا الصدد أمر لا يقبل التشكيك.
    ولذا فإن القرار بمد حالة الطوارئ سعي إلي تحقيق ذلك التوازن من خلال إجراءين جديدين أولهما هو قصر نطاق التدابير التي يتيحها قانون الطوارئ حصريا في التعامل مع اخطار الإرهاب والمخدرات بحيث لا يجوز استخدام هذه التدابير بما يجاوز ذلك فضلا عن تحديد نوعية التدابير المسموح بها في حالة التعامل مع قضايا الإرهاب والمخدرات وقصرها علي إجراءات أقل اتساعا عما كانت عليه قبل صدور قرار المد الأخير. ولا شك في أن هذين التطورين يمثلان ضمانة قانونية لا لبس فيها تضمن عدم استخدام التدابير التي يمنحها قانون الطوارئ للتعامل مع النشاط السياسي أو المجتمعي العادي.
    إن الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة طواعية اتصالا بالمد الأخير لحالة الطوارئ لم تأت من فراغ وإنما جاءت نتاج الحوار الوطني الفعال سواء علي مستوي المجالس النيابية أو من خلال الإعلام وبإسهام من المؤسسة الوطنية المعنية بقضايا الحريات العامة والتي كشفت كلها عن الحاجة لضمانات قانونية واضحة تكفل صون الحقوق الأساسية والحريات الفردية خلال مكافحة الإرهاب ومن ثم فإن هذا التعامل الجديد مع حالة الطوارئ هو انعكاس للتوجه العام في مصر وتعبير عن رؤية مجتمعية وطنية تدرك حقيقة الأوضاع في مصر وتقدر مساحة التحديات التي نواجهها وبحيث لا نحتاج لرأي أو توصية أو وصاية من أي طرف كان من خارج مصر ممن لا تتوافر لديه المعرفة الكافية أو يملك الحق في توجيه النصح أو الإعراب عن خيبة الأمل أو القلق اتصالا بهذا الأمر.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()