بتـــــاريخ : 5/25/2010 5:48:40 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2088 1


    اقتصاد المعرفة في مجتمع المعلومات

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : د.محمود قطر | المصدر : alyaseer.net

    كلمات مفتاحية  :

    حسانة محيى الدين" اقتصاد المعرفة في مجتمع المعلومات " مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية ،مج9 ، ع2 (2004)

    اقتصاد المعرفة في مجتمع المعلومات

    تقدمة :
    يتناول البحث بداية أبرز الخصائص التي يتميز بها مجتمع المعلومات، بحيث إنها تستخدم بشكل مكثف كوجـه اقتصـادي ؛ ونتيجـة ذلك بـرزت العديـد من
    الإحصائيات التي تؤكد نمو قطاع المعلومات على المستوى العالمي، والتحول من اقتصاد الصناعات إلى اقتصاد المعلومات، والتحول من إنتاج البضائع إلى إنتاج المعلومات.
    ثم يتطرق البحث إلى العلاقة الجدلية بين الاقتصاد وصناعة المعرفة (المعلومات) والتي هي عملية اقتصادية تدار بواسطة المؤسسات العامة والخاصة وشركات الاتصالات ومنتجي الأجهزة والبرمجيات والحواسيب, وتبيان ذلك من خلال إحصائيات تبرز حجم صناعة المعلومات في أوربا والولايات المتحدة. وكذلك إحصائيات عن ازدياد العمالة في حقل المعلومات.
    بعد ذلك يتناول البحث المعلومات وعلاقتها بالتنمية البشرية ومدى أهمية توافر البيانات الإحصائية الدقيقة في مجالات التنمية المختلفة لا سيما الصحية منها, أيضًا مدى أهمية توافر البيانات الدقيقة في مجالات الاقتصاد العالمي. مع تطور التقنيات الحديثة ولاسيما منها صناعة الأقراص المدمجة. شهد الاقتصاد العالمي نموًا ملحوظًا في هذا المجال، ثم خطـا نحو التجـارة الإلكترونية من خـلال شبكة الإنترنيت ليحقق بذلك الاقتصاد نموًا لم يسبق له مثيل.
    أخيرًا يستعرض البحث إحصائيات تتناول اقتصاد المعرفة على المستوى العربي والعالمي, نختم بعدها بعرض لبعض مقترحات حلول لمشكلات برزت لنا من خلال المعالجة للموضوع لاسيما في عالمنا العربي من أجل الاستفادة من ثورة المعلومات.
    تمهيد :
    إن المعلومات مورد أساس في أي نشاط بشري , والمعلومات عنصر مهم في علاقة الإنسـان بمجتمعه وعلاقة المجتمعات بعضها ببعض من النواحي السياسية والثقافية والاقتصادية.
    علمًا أن هناك ثلاث خصائص رئيسة أساسية تتحكَم في مجتمع المعلومات :
    1 – الخاصية الأولى : استخدام المعلومات كمورد اقتصادي حيث تعمل المؤسسات والشركات على استغلال المعلومات والانتفاع بها في زيادة كفاءتها وهناك اتجاه متزايد نحو شركات المعلومات لتعمل على تحسين الاقتصاد الكلي للدولة.
    2 – الخاصية الثانية : هي الاستخدام المتناهي للمعلومات بين الجمهور العام. يستخدم الناس المعلومات بشكل مكثّف في أنشطتهم كمستهلكين وهم يستخدمون المعلومات أيضًا كمواطنين لممارسة حقوقهم ومسؤولياتهم, فضلاً عن إنشاء نظم المعلومات التي توسع من إتاحة التعليم والثقافة لأفراد المجتمع كافة.
    وبهذا فإن المعلومات عنصر لا غنى عنه في الحياة اليومية لأي فرد.
    3 – الخاصية الثالثة : هي ظهور قطاع المعلومات, كقطاع مهم من قطاعات الاقتصاد. إذ كان الاقتصاديون يقسمون النشاط الاقتصادي تقليديًا إلى ثلاثة قطاعات هي :
    الزراعة : وهو ما كان يُعرف بالمجتمع الزراعي المعتمد على الموارد الأولية.
    الصناعة : وهو ما كان يُعرف بالمجتمع الصناعي المعتمد على الطاقة المولدة مثل : الكهرباء, الغاز والطاقة النووية ثم الخدمات.
    علماء الاقتصاد والمعلومات يُضيفون إليها منذ الستينيات من القرن الماضي قطاعًا رابعًا وهو قطاع المعلومات, حيث أصبح إنتاج المعلومات, وتجهيزها وتوزيعها (معالجتها) نشاطًا اقتصاديًا رئيسيًا في العديد من الدول.
    هناك تحول جوهري من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلومات في أكثر أشكالها اتساعًا وتنوعًا, وهي القوة الدافعة والمسيطرة.
    وبعضهم يقول إن مجتمع المعلومات هو المجتمع الذي تستخدم فيه المعلومات بكثافة كوجه للحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية.
    ومجتمع المعلومات يعتمد في تطوره بصفة رئيسة على المعلومات والحاسبات الآلية وشبكات الاتصال, أي أنه يعتمد على التكنولوجيا الفكرية تلك التي تضم سلعًا وخدمات جديدة مع التزايد المستمر للقوة العاملة المعلوماتية التي تقوم بإنتاج وتجهيز ومعالجة ونشر وتوزيع وتسويق هذه السلع والخدمات.
    إنه المجتمع الذي يعتمد اعتمادًا أساسيًا على المعلومات الوفيرة بصفتها موردًا استثماريًا وسلعة إستراتيجية, وخدمة متقدمة, ومصدرًا للدخل القومي ومجالاً للقوى العاملة.
    لقد قدر الاتحاد الدولي للاتصالات بعيدة المدى : إن قطاع المعلومات قد نما على المستوى العالمي في عام 1994م بمعدل أكثر من 5٪, بينما كان نمو الاقتصاد العالمي بصفة عامة بمعدل أقل من 3٪.
    وهكذا فإن الملامح البارزة للاقتصاديات الحديثة هو التحول من اقتصاد الصناعات إلى اقتصاد المعلومات والتحول من الاقتصاد الوطني إلى الاقتصاد العالمي الشامل أو المتكامل والتحول من إنتاج البضائع والسلع المصنّعة إلى إنتاج المعلومات.
    1 – تعريف مصطلح "معلومات" و"تكنولوجيـا المعلومـات" :
    المعلومات مصطلح ينـدرج في طيـاتـه عناصر ثلاثية الأبعاد, متعارف عليها "بالمعلومات" وهي :
    البيانات, المعلومات, المعارف (المعرفة) ويمكن إضافة عنصر رابع وهو الذكاء بصفته وسيلة لتوليد المعرفة وتوظيفها.
    البيانات : هي المادة الأولية التي نستخلص منها المعلومات :
    بنود البطاقة الشخصية – الإشارات التي تنبعث من أجهزة الإرسال – هي ما ندركه مباشرة بحواسنا.
    المعلومات : ناتج عن معالجة البيانات تحليلاً أو تركيبًا لاستخلاص ما تتضمنه البيانات, تطبيق عمليات حسابية, موازنات, معدلات, طرق إحصائية ورياضية ومنطقية.
    البيانات ركيزة المعلومات... والمعلومات هي المتغير التابع, وفي توصيف آخر, تعرف المعلومات : "بأنها تلك التي تؤدي إلى تغيير سلوك وفكر الأفراد واتخاذ القرارات".
    المعرفة : هي حصيلة الامتزاج الخفي بين المعلومة والخبرة والمدركات الحسية والقدرة على الحكم. نتلقّى المعلومات ونخرجها بما تدركه حواسنا. المعلومات وسيط لاكتساب المعرفة ضمن وسائل عديدة كالحدس والتخمين والممارسة الفعلية والحكم بالسليقة.
    إذا اقتصرنا بحثنا على الأبعـاد الثـلاثة (للمعلومات) وحاولنا تحليل وفهم الدور الذي تؤديه المعلومات على الوضع الاقتصادي على المستويين العربي والعالمي. نستطيع أن نؤكد بأنه أصبح للمعلومات الدور الحاسم في بنية الاقتصاد العالمي مع تطور ما يسمى بتكنولوجيا المعلومات الحديثة حيث إن لكل تكنولوجيا مادتها الخام التي تتعامل معها وأداتها الأساسية التي تعالج بها – ثم تحويل تلك المادة الخام إلى منتجات ثم توصيلها إلى المستفيد من خلال وسائل التوزيع المختلفة والتي لابد وأن تتلاءم وطبيعة هذه المنتجات وطرق استخدامها.
    إذا ما طبقنا هذا الإطار العام على "تكنولوجيا المعلومات" نبين التالي :
    المادة الخام : البيانات, المعلومات, المعرفة.
    الأداة : الكمبيوتر والبرمجيات (تحويل المادة الخام إلى سلع وخدمات معلوماتية).
    التوزيع : من خلال التفاعل الفوري بين الإنسان والآلة وأساليب البث المباشر وغير المباشر. شبكات البيانات (إيصال كمبيوتر بآخر أو عبر الطرفيات).
    إن هـذه التكنولوجيا على مدى مسار تطورها, قد تحولت من تكنولوجيا كثيفة الطاقة إلى تكنولوجيا كثيفة العمالة, حتى ارتفعت أخيرًا إلى تكنولوجيا كثيفة المعرفة. وهنا تكمن الخطورة ؛ نظرًا لأن المعرفة الإنسانية (المعلومات) مازالت في قبضة الأقوى الذي يجيد استغلال أيضًا تكنولوجيا المعلومات لإحكام قبضته وفرض عولمته وإعادة إنتاج عالمه.
    من هنا تأتي أهمية تفعيل المعرفة داخل منظومة المجتمع إذ هي حلقة متصلة مكوّنة من ثلاثة عناصر أساسية هي :
    اقتناء المعرفة, استيعابها ثم توظيفها فلا نضيف جديدًا إذ نقرّ بتفكك هذه الحلقة المعرفية لدينا (في العالم العربي). عادة ما يغيب عنها شق توظيفها في حل مشكلات المجتمع وتنمية أفراده وموارده. وفي كثير من الأحيان يتوقف الجهد عند حدود الاقتناء (المعرفة) دون استيعابها في الظروف المحلية.
    وسنظل نشكو من أنيميا معرفية حادة مهما تعددت لدينا نظم الكمبيوتر وانتشرت مواقعنا ومقاهينا على الإنترنت ومهما كثر الحديث عن أهمية المعلومات وضرورة اللحاق بركبها إذا لم نسع إلى استيعاب هذه المعرفة وتوظيفها.
    إن تعميم استخدام تكنولوجيا المعلومات وشبكاتها والتطور التكنولوجي السريع واتساع السوق بشكل هائل إضافة إلى عولمة تدفق المعلومات, قد حوّلت مجتمعاتنا إلى اقتصاديات مبنية على المعرفة والتكنولوجيا وفرضت شروطًا تنافسية جديدة.
    من هنا فإن المشاركة في الاقتصاد العالمي الجديد الذي يعتمد بشكل كبير على ثورة المعلوماتية يحتم علينا أداء دور بارز في مجال التكنولوجيا والمعلومات من خلال توفير البيئة والتقنيات التي تسمح بنمو وازدهار صناعة المعلومات.
    2 – الاقتصاد وصناعة المعرفة (المعلومات) :
    قطاع المعلومات هو القطاع الذي يشمل كل الأنشطة المعلوماتية في الاقتصاد فضلاً عن السلع المطلوبة بهذه الأنشطة.
    وقد أشار (ماكلوب – Machlup) إلى قطاع المعلومات على اعتبار أنه صناعات المعرفة التي تضم الأقسام الخمسة التالية :
    التعليم – البحوث والتنمية – الاتصالات – آلات المعلومات وخدمات المعلومات.
    كما يورد (*** مور – Moore) "أن قطاع المعلومات هو الذي يتكوّن من المؤسسات في كلا القطاعين العام والخاص, تلك التي تنتج المحتوى المعلوماتي أو الملكية الفكرية, وتلك التي تقدم التسهيلات لتسليم المعلومات للمستهلكين وتلك التي تنتج الأجهزة والبرامج التي تمكننا من معالجة المعلومات".
    وبناء عليه, يمكن تقسيم المعلومات إلى ثلاثة أقسام رئيسة على النحو التالي :
    صناعة المحتوى المعلوماتي :
    تتم هذه الصناعة عن طريق المؤسسات في االقطاعين العام والخاص التي تنتج الملكية الفكرية : عن طريق الكتّاب, المحررين... وهؤلاء يبيعون عملهم للناشرين والموزعين وشركات الإنتاج التي تأخذ الملكية الفكرية الخام وتجهزها بطرق مختلفة ثم توزعها وتبيعها لمستهلكي المعلومات.
    أيضًا يوجد جزء خاص لا علاقة لـه بالإبداع وإنما يهتم بجمع المعلومات مثل جماع الأعمال المرجعية وقواعد البيانات والسلاسل الإحصائية.
    صناعة توصيل (بث المعلومات) Information delivery :
    إن القسم الثاني من صناعة المعلومات إنشاء وإدارة شركات الاتصال والبث التي يتم من خلالها توصيل المعلومات.
    وهي تشمل شركات الاتصالات بعيدة المدى والشركات التي تدير شبكات التلفزيون – مؤسسات تتولى هذه القنوات وغيرها لتوزع المحتوى المعلوماتي مثل بائعي الكتب والمكتبات.
    صناعة معالجة المعلومات Information Processing :
    تقوم هذه الصناعة على منتجي الأجهزة ومنتجي البرمجيات ويتولى منتجو الأجهزة تصميم صناعة وتسويق الحواسيب وتجهيز الاتصالات بعيدة المدى والإلكترونيات. وهم يتركزون في الولايات المتحدة وشرق آسيا. أما فئة منتجي البرمجيات فهي تقدم نظم التشغيل Unix Dos Windows.
    حجم صناعة المعلومات في أوربا والولايات المتحدة
    ببلايين الدولارات في سنة 1994م
    الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي فئات قطاع المعلومات
    255 186 المحتوى المعلوماتي
    116 165 تسليم المعلومات
    151 193 معالجة المعلومات
    566 544 المجموع
    هكذا أصبح إنتاج المعلومات وجمعها وتجهيزها وتجميعها نشاطًا اقتصاديًا كبيرًا للعديد من دول العالم. ففي الولايات المتحدة دول أخرى نجد أن المعلومات سلعة استهلاكية كبيرة ومن المدخلات في إنتاج كافة المنتجات والخدمات.
    ضمن هذا الإطـار ذكـر (كيت بيكر –
    Baker) – في مؤتمر (نحو مجتمع المعلومات) الذي عقد في هونغ كونغ عام 1983 "أن دخل إنتاج صناعة المعلومات وصل إلى أكثر من 75 بليون جنيه إسترليني في العالم عام 1982م. هذا الدخل يزداد بنسبة 12٪ سنويًا. وبهذا المعدّل في الزيادة السنوية, فإن صناعة المعلومات ستكون المورد الأساس للاقتصاد العالمي خلال الخمس والعشرين سنة القادمة.
    كذلك أشارت الدراسات الحديثة للاقتصاديات المتقدمة أن قطاع المعلومات هو المصدر الرئيس للدخل القومي للعمالة, حيث قدر في الولايات المتحدة أن قطاع المعلومات ينتج حوالي نصف الدخل القومي... وتظهر اقتصاديات الدول الأوربية المتقدمة أن حوالي 40٪ من دخلها القومي انبثق من أنشطة المعلومات.

    العمالة في حقل المعلومات (عام 1996م)
    النسبة المئوية في عدد من دول العالم القطاع
    المجر سنغافورة اليابان الولايات المتحدة
    2.28 7.24 24 7.15 الصناعة
    4.12 3.0 2.7 8.2 الزراعة
    4.25 9.29 5.32 7.33 الخدمات
    34 9.40 8.35 8.47 المعلومات

    هذا التحول إلى العمل في حقل المعلومات يستتبعه فكرة العمل عن بعد (إلى الاتصال إلكترونيًا بمكتب رئيسي) وهو ما يؤدي إلى ظهور طبقة أو فئة مهنية جديدة لها وزنها هي فئة "العاملون في المعلومات" Information Workers ويقسمون إلى أربع فئات فرعية :
    - منتجو المعلومات (منشئو المعلومات وجامعوها).
    - مجهزو المعلومات (يستقبلون المعلومات ويستخدمونها).
    - موزعو المعلومات (ينقلون المعلومات من المنشأ إلى المتلقي).
    - بيئة المعلومات (تقوم على التكنولوجيا للأنشطة المعلوماتية).
    3 - التنمية البشرية (الاقتصادية) والمعلومات :
    في عام 1990م قدم "برنامج الأمم المتحدة" للتنمية من جانبه تقريرًا عن التنمية البشرية بمبدأ "التنمية البشرية الذي أصبح البديل الأساس لرؤية التنمية التي تتعادل مع النمو الاقتصادي.
    وهناك جهود لهذا التغيير, تتمثل في أن استئصال الفقر قد أصبح نشاطًا متعدد الأبعاد, فالفقر يُعـد أكثر من مجرد نقص أو افتقار الرفاهية المادية فهو أيضًا بالصحة المعتلة, وضعف التعليم والحرمان من المعرفة والاتصال والعجز من ممارسة الحقوق الإنسانية والسياسية من ضياع الكرامة والثقة واحترام الذات.
    وتقوم تقنيات المعلومات والاتصال بدور بارز في هذا المفهوم الأشمل للفقر. فهي توفر الأدوات والوسائل المهمة لتحسين الصحة والتعليم, وتقدم القنوات الجديدة لنشر المعرفة.
    إن التعامل الأفضل من مصدر أساس مثل المعلومات سوف يعمل كثيرًا على تحسين مستويات المعيشة.
    لقد كتب (مانسيل – Mansell) و (وين – When) يقولان :
    "إن محاولات قياس تأثير تقنيات المعلومات والاتصال على اقتصاديات الدول الصناعية والدول المتنامية تعترضها مشكلات قاسية تتعلق بالتصنيف الإحصائي وسهولة الحصول على اليانات".
    كما أن البيانات كثيرًا ما تكون غير واضحة أو موثوق بها, كما أنه يتم حجز بعض البيانات على أنها ملكية خاصة.
    ضمن هذا الإطار تعد الشفافية ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الحديث. فلا يمكن للحرية الاقتصادية أن تزدهر، بل أن تستمر إذا لم تترادف مع شفافية كافية في جميع القطاعات وعلى كل المستويات. فالدول الصناعية تعلمت عبر العقود الماضية أن للمعلومات قوة , بل لها تأثير كبير على تكوين الرأي العام الذي يحاسب الحكام ويقرر مصير الوطن.
    الدولة الحديثة لا يحق لها أن تحجب أي معلومة عن شعوبها مهما كانت سيئة. الدول النامية تعرف أيضًا للمعلومات قوة مما يجعلها تحتفظ بها أحيانًا لنفسها لتستعملها عند الضرورة لمصالح عامة وخاصة.
    غياب الشفافية لـه تأثير سلبي ليس فقط على الحياة الساسية وإنما الاقتصادية والاجتماعية. الاقتصاد غير الشفاف كان لـه التأثير المباشر في الأزمات في المكسيك – دول شرق آسيا – روسيا ؛ حيث إن مقومات الأزمة كانت موجودة ولكنها كانت مخبأة عن المجتمع؛ لأن المعلومات المتوافرة لم تكن كاملة أو كافية, كما كانت بعض المعلومات خاطئة عن قصد أو جهل (النتيجة واحدة).
    كما تردد عن دور المعلومات في انهيار الاقتصاد العالمي على أثر النكسة التي عصفت بأسواق المال في نهاية عام 1987م (الإثنين الأسود) لعدم توافر نظم معلومات فعالة حينها كتلك التي تؤازر الاقتصاد العالمي حاليًّا.
    - كذلك من دراسة الأزمات البترولية المختلفة وأسبابها، يلاحظ أنها تعود إلى عوامل مختلفة تشمل الأسباب السياسية والمعلوماتية والمتمثلة في وجود معلومات غير دقيقة تؤدي إلى عدم اتخاذ أي قرار أو اتخاذ قرار خاطئ. وهذا يؤدي إلى شح أو فائض في العرض ثم ارتفاع أو انخفاض وربما مفاجأة في الأسعار.
    المقصود بالعامل المعلوماتي : وجود معلومات يعتقد صحتها من حيث الإنتاج والاستهلاك وحركة المخزون وكمية المخزون والطاقة الإنتاجية والنمو الاقتصادي المتوقع.. وعلى هذه المعلومات تتخذ قرارات مهمة مثل زيادة أو تخفيض الإنتاج أو الشراء أو البيع.
    من هنا نلاحظ : أن العديد من المستثمرين يفضلون توظيف أموالهم في الدول الصناعية على الرغم من العائدات المنخفضة خوفًا من مفاجأة الأسواق النامية (لعدم توافر المعلومات الصحيحة).
    إن العالم العربي ولبنان بالتحديد بحاجة اليوم إلى اعتماد ثقافة في كل شيء. لم يعد مقبولاً إخفاء المعلومات أيًّا كانت ومن أين أتت. فالمواطن (العربي) على درجة من الوعي تسمح لـه بتفهم الواقع والتصرف.
    المحافظة على المعلومة أصبح من جهل الماضي ويضرّ بالمستقبل, إن أكثر ما يعرقل التطور الاقتصادي في العالم العربي التخفّي وراء الحقائق والإحصائيات، بل المعلومات التي هي أصلاً ملك المواطن وحق له.
    نخلص في هذا المجال إلى القول :
    إن هناك بعدًا جوهريًّا في التنمية البشرية, وهو المعرفة التي تُعد حاسمًا في تمكين الناس من توسيع مجالات اختياراتهم وتقنيات المعلومات والاتصال هي الأدوات الأساسية للمجتمعات الناهضة التي تتأسس على المعرفة وهي تمثل تحولاً مهمًا من استغلال الموارد الطبيعية والمادية إلى انتشار البيانات والمعلومات. وما يتصل بهما من مهارات خاصة بالتحليل والمعالجة. وهذه التنمية يصاحبها اتجاه قوي نحو خصخصة مصادر المعرفة وإضفاء الطابع التجاري عليها وما يتزامن مع ذلك من فرض إجراءات قانونية لحماية الملكية الفكرية الخاصة.
    إن النظام العالمي الناهض من أجل حقوق الملكية الفكرية يميل إلى أن يركز على الجوانب الاقتصادية لحماية حقوق الملكية الفكرية أكثر مما يركّز على اعتبارات المصلحة العامة.
    ضمن هذا الإطار فإن النقاشات ووجهات النظر مازالت مستمرة ومتباينة بين القانونيين من جهة, وبين المطالب بديمقراطية المعرفة (حق المواطن في المعرفة) وما نصّت عليه مواثيق منظمات الأمم المتحدة من جهة ثانية.
    من هنا يأتي تقرير "البنك الدولي" عن التنمية في العالم عام 1998م بعنوان : المعرفة من أجل التنمية ليؤكد أن المعرفة ليس على نطاق الصفوة وإنما على مستوى الشعب كله هي العامل الحاسم للتنمية.
    كما يؤكد التقرير وجوب التصدي لفجوات المعرفة ما بين البلدان وداخلها ولمشكلات المعلومات التي تضعف الأسواق وتعرقل الإجراءات الحكومية أو أن هذه الفجوات هي أكثر حدّة في البلدان الأشد فقرًا. وهي السبب الرئيس في ذلك الفقر. ويؤكد التقرير أن هناك حوالي 3 مليارات نسمة تعيش على 3 دولارات في اليوم بأسعار 1997م في الولايات المتحدة. ويتركز معظم فقراء العالم في شرق وجنوب آسيا.
    وهنا يتساءل التقرير : هل يمكن التصدّي لمشكلة نقص المعلومات في مثل هذه البلدان ؟
    المبدأ العام يقضي بأنه ينبغي للمؤسسات أن تعمل وفقًا لقدرتها النسبية وللحكومات أن تركز على المسؤوليات التي لا يحتمل أن تنهض بهذا القطاع الخاص.
    وهو يقوم على الاستنتاجات التالية :
    يمكن تضييق الفجوة في الدراية الفنية التي تزيد من النمو الاقتصادي وترفع الدخل, وتقلل التردي البيئي وتحسن نوعية المياه.
    - تجهيز بنية تحتية.
    - تطوير القوانين والأنظمة.
    - تحديث البرامج التعليمية.
    - تفعيل المرافق والإدارات.
    - دعم الابتكار.
    - تنسيق الجهود.
    - اكتساب المعرفة العالمية وإيجاد المعرفة المحلية (تطويع المعرفة المستوردة وإيجاد المعرفة التي لا تستطيع الحصول عليها على الصعيد الدولي.
    4 – اقتصاد المعرفة والتقنيات الحديثة :
    تعدّ البنية التحتية لتقانة المعلومات والاتصالات لبـلد ما العامل الأهم في تحديد قدرتـه على الانتقـال إلى الاقتصاد العالمي المبني على المعرفة وتشكل كثافة الخطوط الهاتفية – الثابتة والنقالة وانتشار الحواسيب الشخصية ومدى استخدام الإنترنيت من المؤشـرات الأساسية لهذه البنية التحتية.
    تقنيات المعلومات والاتصال لا تعمل منفردة بل تعمل معًا, لذلك فنموها يؤدي إلى نمو في القطاعات الأخرى من الاقتصاد.
    ونتيجة لتقارب العديد من هذه الصناعات: علوم الحاسوب، الاتصالات وصناعة المحتوى – صناعة السمعي / البصري, النشر وتسجيل الصوت والوسائط.
    كان لهذه الثورة المتنوعة عدد من التبعات (السياسية والاقتصادية), أيضًا يجب عدم تجزئة صناعة الوسائط المتعددة عن صناعة الاتصالات وتقارب الشبكات وعولمة الصناعات الثقافية وإنتاج المكونات الرئيسة للوسائط المتعددة التي تتحكم بالمحتوى (المضمون) وأدوات النقل لتقديم ذلك المضمون.
    تمثـل الوسائط المتعـددة مرحلـة من المراحل في تطور الوسائل (الطرق التقليدية) لإنتاج ومعالجة وإرسال ونشر البيانات وأحد المميزات الرئيسة للوسائط المتعددة هو القيمة المضافة فيما يتعلق بالألعاب والأعمال المرجعية – التدريب والصفقات التجارية والاتصالات.
    بين عام 1997 و1998, تحول مجال إنتاج وتوزيع الوسائط المتعددة رأسًا على عقب بفعل إدخال البيانات بشكل رقمي كامل.
    إن كل المشاركين في صناعة الوسائط المتعددة يتأثرون بالتغييرات التي تحدث. فقد حدثت مكتسبات واندماجات كثيرة جدًا, كما تم إعـادة تكوين مؤسسات مشاركين وشركات جديدة تنبثق طوال الوقت. ومناطق امتياز جغرافية ومنتجات جديدة يتم تطويرها وتنميتها بشكل مستمر.

    توزيع مبيعات العالم من تطبيقات الوسائط المتعددة آلاف الملايين من الدولارات 1995 – 2000م
    إجمالي باسفيك أوربا أمريكا الشمالية
    8.9 7.1 3.3 1.4 1995
    22.2 5.5 4.7 1.6 2000
    8.17 ٪ 5.26 ٪ 5.17 ٪ 3.8 ٪ الزيادة السنوية

    هناك نمو شامل في السوق في كل من الطلب على منتجاب الوسائط البصرية واستخدام خدمات الإنترنيت.
    إن إجمالي مبيعات الأقراص المدمجة (CD Rom) على مستوى العالم من : قواعد البيانات والصور والصوت والوسائط المتعددة, بلغ ثمانية ملايين وحدة (1993م) – 5.16 ملايين وحدة (1994) و9.53 ملايين وحدة (1995). كما أن عدد الأقراص زاد بشكل مذهل بمقدار 80 ٪ بين 1990 و1995م.
    كما أن التوسع الهائل بشبكة الإنترنيت أدى إلى إيجاد سوق ضخمة لمستخدمي منتجات الوسائط المتعددة في مجالات : الترفيه – الصحافة – المكتبات والمعلومات – الشراء – الإعلانات – البنوك – الشركات.
    5 – التنمية الاقتصادية (اقتصاد المعرفة والإنترنيت) :
    لا تزال الإنترنيت بعيدة عن الاستخدام المباشر في مجال التنمية بالمعنى الضيق للكلمة. إن الاقتصاديين يعملون على إدخال عامل المعرفة بشكل مباشر وواضح في نظرياتهم ونماذجهم الاقتصادية. "نظرية النمو الجديدة".
    العلاقة بين التنمية وتوليد المعرفة واستخدامها أصبحت واضحة, وتدل الإحصاءات على أن أكثر من 50 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الدول المتقدمة مبني على المعرفة. وهكذا أصبح الاستثمار في المعلومات أحد عوامل الإنتاج, فهو يزيد في الإنتاجية, كما يزيد في فرص العمل.
    إن توفير المعرفة وتحويلها إلى معلومات رقمية يجعلها تتحوّل إلى سلعة تزداد أنواعها يومًا بعد يوم ويعتمد ذلك على مراحل :
    توليد المعلومات – نقلها ونشرها واستثمارها.
    كما يعتمد اقتصاد المعرفة اعتمادًا أساسيًا على فعالية الشركات في جمع المعرفة واستعمالها لرفع الإنتاجية وتوليد سلع خدمات جديدة توزع عبر شبكات المعرفة التي تتغير المعلومات فيها بمعدلات سريعة. وستؤدي شبكة الإنترنيت دورًا أساسيًا في تشبيك المعرفة.
    ففي أقل من عقد من الزمن استطاعت الإنترنت تبديل العديد من المفاهيم الاقتصادية, كما أنها أثرت في الكثير من القطاعات الاقتصادية.
    وفّرت الانترنيت المعلومات الكثيرة وبأقل التكاليف, كما أدّت إلى تخفيض تكاليف الصفقات التجارية إلى حدودها الدنيا.
    هذا ما أدى إلى تزايد استخدام التجارة الإلكترونية وإلى تحسين المنافسة على الصعيد العالمي, كما أدت إلى بروز فعاليات اقتصادية جديدة لم تكن معروفة من قبل.
    تعدّ الإنترنيت أفضل ما يمثّل مجتمع المعلومات؛ لأنها نتيجة تلاقي ما سمي عصر المعلومات والاتصالات، فهي أداة رئيسة للنشر والتبادل للمعلومات.
    إن العلاقة بين التنمية وبين توليد المعلومات واستخدامها أصبحت واضحة. وبالتالي أصبح الاستثمار في المعلومات والإنترنيت أحد عوامل الإنتاج – فهو يزيد في الإنتاجية كما يزيد من فرص العمل.
    والتجـارة عبر الإنترنيت ستكون بين شركات بشكل أساس وهـذا ما سمي بالتجـارة B.To.B=Business-to-Business ومن المتوقع أن ترتفع التجارة عبر الإنترنيت في الولايات المتحدة الأميريكية من 43 مليار دولار عبر الإنترنيت إلى 1300 مليار دولار عام 2003م , أما في بقية الدول المتقدمة سيرتفع مستوى التجارة عبر الإنترنيت من 45 مليار دولار في عام 1998 لتصل إلى 3200 مليار دولار عام 2003م.
    وبالمقابل فإن تجارة الأشخاص عبر الإنترنيت التي يرمز إليها بالتجارة B. To. C = Business to Consumer – من المتوقع أن ترتفع في الولايات المتحدة الأميركية حوالي 20 مليار دولار في عام 2004م. كما أن الفرق بين سعر السلعة على الإنترنيت وسعرها عند شرائها بالطريقة التقليدية يؤدي دورًا مهمًا في تشجيع أو إعاقة تجارتها عبر الإنترنيت على سبيل المثال : أسعار الكتب والأقراص المبرمجةCD بنسبة 10٪ على الإنترنت.
    ومن المتوقع أن تتزايد الطلبات على خدمات إنترنيت بمقدار أربعة أضعاف خلال السنوات الثلاث المقبلة ومن المتوقع أن تصل سوق الإنترنيت في عام 2003م إلى ما يقارب 6.14 مليارات دولار.
    لقد بلغ حجم التجارة الإلكترونيـة عام 1998م = 3.2 تريليونات دولار – وعام 1999 = 5.3 تريليونات دولار.
    بعض الأمثلة على استخدامات إنترنيت اقتصاديًا :
    - باعت شركة أمازون مئات الآلاف من الكتب عبر الإنترنيت عام 1996م ما يقارب 16 مليون دولار, عام 1997 = 148 مليون دولار, عام 1998 = 250 مليون دولار.
    - حجز تذاكر السفر ونسبة العمولة عليها عن طريق الوكيل تتم بكلفة 8 دولارات, عن طريق الشركة 6 دولارات, عن طريق الإنترنيت دولار واحد. من هنا, لن تستطيع الطرق التقليدية أن تصمد مع جاذبية الطرق الجديدة.
    إن الاقتصاد الأميركي حقق نجاحًا كبيرًا بفضل الثورة التكنولوجية للمرة الأولى. فبعد أربعة عقود – سجلت الموازنة الفيدرالية فائضًا لسنتين على التوالي – والمؤشر الأكثر بلاغًا – هو أن الولايات المتحدة بدأت تسدد مديونيتها للمرة الأولى منذ العام 1895م.
    إن سر نجاح عالم الإنترنيت يكمن إلى جانب امتلاك البنيـة التحتية الضرورية لنقل الصوت والصورة والمعلومة في السيطرة على المضون والمضمون هذا متعـدد الأشكال, البرامج الترفيهية, التربوية, الإعلامية, الخدمات المباشرة, معلومات مالية, مطبوعات الكتب والأرشيف وصولاً إلى الموسيقى وأفلام الفيديو والسينما.
    6 – اقتصاد المعرفة عالميًا وعربيًا :
    أ – على المستوى العالمي :
    نقلاً عن برنامج الأمم المتحدة الذي يرى أن
    اكتشاف مناجم الذهب والسيطرة على الآليات الصناعية لم تعد تؤدي إلى العظمة الاقتصادية, فالسبل الجديدة هي القدرة على إنتاج برامج معلوماتية وإمكانية فك الرموز الجينيات.
    الـدول بدأت تركب قطار الاقتصاد والمعرفة وبنجاح :
    - أوربا حزمت أمرها في النصف الثاني من القرن المنصرم (الهاتف المحمول – الإنترنيت – الإعلام – الإعلان – الدمج المعلوماتي..).
    - أميركا اللاتينية وشرق آسيا.. تضررتا لبعض الوقت إنما استعادتا فيما بعد المكانة في هذا المجال ثم هونغ كونغ – ماليزيا – فنزويلا.
    - الهند أيضًا نجحت في بناء صناعة برمجية عالية واستطاعت أن تحصل على 5.18٪ من السوق البرمجية العالمية وشغلت هذه الخدمة 200000 من أبنائها.
    - كما شكلت صادرات الهند من البرمجيـات ما نسبتـه 5.4٪ من مجمل صادراتها لعام 1999م. وكان من المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 23٪ في عام 2002م.
    - في الولايات المتحدة ارتفع الإنفاق أقل من 5٪ من عام 1960 إلى أكثر من 43٪ مع 1996م. وطبقًا لتقديرات وزارة التجارة الأمريكية (1990/1995م) أثمرت صناعة تقنيات المعلـومـات والاتصال في الولايات المتحدة عام 1990م عائدات قدرها 683 ألف مليار دولار.
    - ارتفعت الاستثمارات على مستوى العالم في مجال الاتصال عن بعد من 115 ألف مليون دولار في عام 1990 إلى 152 ألف مليون دولار في سنة 1995م.
    مثل : ألمانيا (خصصت لشركة دويتش تيليكوم أكثر من ثلاثة عشر بليون دولار), اليابان (شركة نيون NTT سبعين ألف مليون دولار).
    بريطانيا (تيليكوم ثلاثة وعشرين ألف مليون دولار).
    كما أظهر تقرير برنامج التنمية للأمم المتحدة صدر عام 1994م Development Report Human – أن قطاع الخدمات في اقتصاديات دول مثل سنغافورة أو هونغ كونغ أو المجر, كان يشكل أكثر من 60٪ من النشاط الاقتصادي للدولة. وحتى في الدول الأقل تقدمًا شكل قطاع الخدمات 43٪ بينما شكل قطاع الزراعة 37٪ وقطاع الصناعة 20٪.
    وهنا جاء قول أحد الاقتصاديين : (كريس فريمان – Freeman) "إن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سوف تحدث موجة طويلة جديدة من النمو الاقتصادي دافعة لنشأة وتطور مجتمعات المعلومات.
    إن نصيب الدول الصناعية الكبرى السبع (الولايات المتحدة, اليابان, ألمانيا, فرنسا, بريطانيا, إيطاليا, كندا...) يملكون 46 شركة من أكبر 500 شركة كوكبية هذا ما جاء في المجلة الأميركية Fortune Magazine في 7/8/1997م.
    "إن القوة الاقتصادية الفاعلة في تشكيل الكوكبة ترتبط ولـو شكليًا بالدول السبع التي يجتمع رؤساؤها مرة كل عام. إنهم مجلس إدارة اقتصاد العالم".
    لقد أنفقت تلك الأقطار عام 1996م على أعمال البحث والتطوير أي أبحاث تحويل المعرفة العلمية التطبيقية إلى تقنيات إنتاج مبلغ 345 مليار دولار مقاسمة بين الدول والقطاع الخاص".
    ب – على المستوى العربي :
    اقتصاد العالم العربي بقي لحقبة طويلة من الزمن مرتبطًا بشكل عضوي بأسعار النفط, فلم يكن هناك من بنية تحتية ولا استثمارات ولا قوانين تواكب التطور التكنولوجي.
    المجتمع العربي لم يستعد بعد للدخول في زمرة مجتمعات المعلومات على الرغم من أن صناعة المعلومات قد كسبت أرضًا لا بأس بها في العديد من البلدان العربية بالتحديد (لبنان – دبي ومصر...) إلاّ أنها لا تزال في مراحل البداية.
    إن الاهتمام العربي بصناعة المعلومات ينحصر في دعامتين :
    - صناعة البرامج والاتصال بشبكات المعلومات.
    -صناعة الإلكترونيات الدقيقة وأجهزة الحاسبات الآلية :
    والذي هو قائم على الاستيراد للحاسبات المنتجة بصورة كاملة في بلادها أو تتم عمليات تجميع فردي بعد استيراد مكونات الحاسبات بصورة كاملة من بلادها.
    أن تتم عمليات تجميع فردية بعد استيراد مكونات الحاسبات بصورة مفرقة من الأسواق المختلفة.
    أن 80٪ من قيمة الاستشارات والتصميمات في عالمنا العربي يوكل إلى بيوت الخبرة الأجنبية.
    التبادل الأفقي بين البلدان العربية في مجال المعلوماتية يكاد يكون غائبًا. وأسبابه متعددة لعل أبرزها :
    - ضعف البنى التحتية.
    - مصدر الموارد البشرية والمادية.
    - غياب السياسة الوطنية.
    - محدودية حجم السوق العربي الذي يصعب فيه اجتذاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية للاستثمار.
    7 – اقتراحات حلول :
    الاقتصاد المبني على المعرفة هو اتجاه متنام نحو آفاق التكامل العالمي, متجه إلى اقتصاد عالمي مفتوح وذلك بفضل "ثورة المعلومات والاتصالات".
    الانفتاح على الاقتصاد العالمي يحمل في طياته مخاطر ولكنه يحمل فرصًا جديدة إذا استطاعت المؤسسة أن تطور نفسها وترفع مستوى أدائها وأن تُستثمر تكنولوجيا المعلومات بصورة جيدة.
    يمكن تحويل هذه التخيلات إلى آمال وفرص حقيقية من خلال :
    1 – إقامة شراكة بين عدة مؤسسات صناعية تجارية في بلدان مختلفة – تكامل مراحل صناعية.
    2 – إتاحة الفرصة للاستثمارات التي لا تملك رؤوس أموال هائلة, ولكنها تملك القدرة على العمل في قطاع المعلومات وتمتلك الخبرة.. وروح المبادرة والتنظيم الإداري المتطورّ مما يشكل فرصة عظيمة أمام الجيل الجديد من المستثمرين وتستفيد من شبكة الإنترنيت واستخدام تكنولوجيا المعلومات.
    3 – وضع سياسة للمعلومات على المستويين الوطني والإقليمي : لقد زادت مفاهيم وممارسات مجتمع المعلومات المعاصر من أهمية الحاجة إلى السياسة المعلوماتية الوطنية, وهناك اتجاه قوي نحو وضع إستراتيجية للمعلومات في دول مختلفة. حيث تم ذلك في دول متقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان والمجتمعات الإقليمية مثل الاتحاد الأوربي الذي أقر سياسة المعلومات عام 1995م بواسطة مجموعة الدول السبع.
    هناك وجود لأفكار جيدة في هذا الصدد طرحت من قبل :"دليل إرشادات إعداد السياسات الوطنية لنظم المعلومات وخدماتها في البلدان العربية.
    وفي مشروع إستراتيجية التوثيق والمعلومات في الوطن العربي. تحتاج هذه المشاريع إلى المراجعة وتتطلب الموافقة عليها بعد ذلك وإقرارها وتنفيذها.
    إن سياسة المعلومات لابد وأن تتَسم بالشمول والمرونة وقابلية التطبيق. كذلك لابد وأن تستند إلى "مجلس وطني للمعلومات" أو ما شابهه تكون مهمته القيام بمهام التنسيق والتكامل لكافة وحدات قطاع المعلومات.
    4 – اعتبار المدخل المعلوماتي منطلقًا لتحقيق الاندماج والتكامل العربي : هذا ما يؤكد عليه (نبيل علي في كتابه "العرب وعصر المعلومات" ص 431) كبديل للمدخل الاقتصادي أو الأمني.
    ويؤيده في هذا إبراهيم نافع رئيس تحرير جريدة الأهرام القاهرية في مقاله حول صناعة المعلومات ص 1.
    "إن قطاع صناعة المعلومات هو القطاع الذي يُعتقد أنه يمكن أن يُسهم كثيرًا في دفع التعاون العربي / العربي من خلال تكوين سوق عربية مشتركة في هذه الصناعة الواعدة". التجانس العربي في مجال السياسات المعلوماتية مهم لمواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية وما وراءها من تخطيط سياسي واقتصادي للهيمنة على الدول النامية.
    وهنا لابد من اعتبار قضية المعلومات قضية جديرة بالاهتمام من جانب السلطات العليا, عبد الباقي الدالي – "مدير عام مركز المعلومات الوطني التونسي" يطرح تسييس المسألة التوثيقية أو المعلوماتية, أي نقل شؤون قطاع المعلومات في وطننا العربي إلى الساحة العمومية واستحثاث همة السلطة السياسية على تبنّي القطاع – ضمن اهتمامات النظام والتعامل معه رسميًا على غرار القطاعات الحيوية للمجموعة الوطنية.
    إن قطاع المعلومات أصبح من أهم وأبرز عوامل التنمية والتغيير الدائم لأي مجتمع معاصر والمجتمعات النامية بصفة خاصة.
    5 – الاهتمام بالتعليم باعتباره من أهم مقومات مجتمع المعلومات : إن من ملامح مجتمع المعلومات الاهتمام بالتعليم, تقرير حديث عن مجتمع المعلومات في أوربا عن الحاجة إلى خلق مجتمع التعليم.
    العالـم العربي في أشـد الحاجة إلى تعليـم
    حقيقي يشجع تنمية القدرات على حل المشكلات والابتكـار , عن طريق ربط تخطيط التعليم بتخطيط القوى العاملة, ويرتبط بهذا التعليم المستمر والتنمية المهنية، هناك تحديات تواجهنا في المستقبل مساندة محو الأمية المتعددة (الكتابية والإلكترونية بمختلف أشكالها).


    ببليوغرافيا

    1 – توماس, جوليان؛ جرينجر, جاريت؛ كومن, كارين. السيطرة على تقنيات المعلومات والاتصال. في : تقرير الاتصالات والمعلومات في العالم (1999- 2000) الطبعة العربية – اليونسكو. القاهرة – 116 – 135.
    2 – حبيقة, لويس. أهمية الانترنيت في الاقتصاد. في : الأنوار. (25 – 6 – 2001).
    3 – حبيقة, لويس. ثقافة الشفافية. في : المستقبل (15-4-2001م).
    4 – حسن, رشيد. العرب في سباق الإنترنيت. في : الاقتصاد والأعمال. (شباط – فبراير 2000). ص 28 – 33.
    5 – لافرانس, جين – بول. منتجات وتسويق الوسائط المتعددة. في : تقرير الاتصالات والمعلومات في العالم (1999– 2000م) الطبعة العربية – اليونسكو. القاهرة : ص 143 – 156.
    6 – عباس, بشار. مجتمع المعلومات العربي : المفاهيم والمرتكزات والتوجهات. في : معلومات دولية. مج8, ع63 (شتاء 2000) ص 85 – 101.
    7 – عبد الهادي, محمد فتحي. أسس مجتمع المعلومات وركائز الاستراتيجية العربية في ظل عالم متغير. في : أعمال المؤتمر التاسع للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات : حول الإستراتيجية العربية الموحدة للمعلومات في عصر الإنترنيت.
    (أكتوبر 1998). المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. ص 267 – 277.
    8 – عبد الله، إسماعيل صبري. العرب والعولمة: العولمة والاقتصاد والتنمية العربية (العرب والكوكبة). في : أعمال ندوة العرب والعولمة. مركز دراسات الوحدة العربيـة (2000م) ص 361 – 386.
    9 – علي, نبيل. العرب وعصر المعلومات. في : علم المعرفة (184). الكويت, المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. (1994م). 464ص.
    10 – علي, نبيل.ثورة المعلومات : الجوانب الثقافية (التكنولوجية). في : أعمال ندوة العرب والعولمة. مركز دراسـات الوحدة العربية (2000م) ص 103 – 118.
    11 – علي, نبيل. الثقافة العربية وعصر المعلومات : رأيه لمستقبل الخطاب الثقافي العربي. في : علم المعرفة (265 – عدد خاص) الكويت, المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب (2001م). 582 ص.
    12 – العرب وإنترنيت : الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. حوار طاولة مستديرة على الإنترنيت في موقع Estart. Com 13-12-1999م. 17ص.
    13 – السعيدي, ناصر. ورقة ألقيت في : الندوة السورية اللبنانية الأولى حول تطور المعلوماتية والاتصالات (2000م).
    14 – سيشاجيري, نارا سمهلا. عامان من الازدهار التكنولوجي والابتكارات. في : تقرير الاتصالات والمعلومات في العالم (1990 – 2000م) الطبعة العربية – اليونسكو – القاهرة. ص 133 – 142.
    15 – شماس, نقولا إيلي. الاقتصاد المعرفي وأثره على الاقتصاد والمجتمع في لبنان. في : الندوة السورية اللبنانية حول واقع المعلوماتية والاتصالات في سوريا ولبنان (2000م). 33ص.
    16– ضرورات ومعوقات إدخال تقانات المعلومات والاتصالات إلى دول غرب آسيا. في : المعلوماتي– الحاسوب والتقنيات – مج9؟, 94 (خريف 2000م) ص 68- 78.
    17 – مراياتي, محمد. نحو اكتساب التكنولوجيا في الوطن العربي مع تغيرات بداية القرن الحادي والعشرين. في : معلومات دولية – مج8, ع63 (شتاء 2000م) ص. 70 – 84.
    18 – كمال, دينا. في تقرير للبنك الدولي حول : التصدي لفجوات المعرفة ومشكلات المعلومات التي تضعف الأسواق. الأهرام (1-12-1999م)
    19 – كاهن, روبرت. تطور شبكة المعلومات العالمية (الإنترنيت). في : تقرير الاتصالات والمعلومات في العالم (1999 – 2000) الطبعة العربية – اليونسكو – القاهرة – ص . 157 – 164.
    20 – هاربو, أولى. خدمات المعلومات والمكتبات والأرشيف. في: تقرير الاتصالات والمعلومات في العالم (1999 – 2000م) الطبعة العربية – اليونسكو –القاهرة. ص. 104 – 115.
    21– هاميلنيك, ج. التنمية البشريـة. في : تقرير الاتصالات والمعلومات في العالم ( 1999 – 2000م) الطبعة العربية – اليونسكو– القاهرة : ص. 23 – 45.
    22 – Le Crosnier, Herve
    L’Economie de l’information dans le contexte des nouvelles technologies. (1997) 11p
     
     

    23-Martinet, Bruno; Marti, Yves-Michel
    L’lintelligence economique; les yeux et les oreilles de l’entreprise. Paris. Les Editions d’Organisation, 1995. 244p.
    24-Miege, Bemard
    La pensee communicationnelle. Grenoble. Presses Universitaires de grenoble. 1995. 118p.
    حسانة محيى الدين" اقتصاد المعرفة في مجتمع المعلومات " مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية ،مج9 ، ع2 (2004)

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()