بتـــــاريخ : 5/26/2010 7:56:02 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1000 0


    نحن والأسد

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : رولا خرسا | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :
    نحن الاسد مقالات اراء

    لا أستطيع أن أصف نفسى بـ«المتهورة» ولكنى أميل إلى المغامرة، أحب اكتشاف الأماكن الجديدة والسفر حتى ولو كانت هناك بعض المخاطر المحسوبة أتركها على الله.. أتكل عليه، كما يقال، وأعقلها، أحب أيضاً كل ما هو مختلف وشعارى فى الحياة فكر خارج الإطار..

    وأحياناً كثيرة أسعد وأشعر بالاختلاف وأتفهم ردود الفعل المختلفة المستغربة، بل أستطيع أن أخرج، وسط الجميع، الشخصيات التقليدية والتى تضع حول عينيها أطراً لا تخرج عنها.. تقولب نفسها وأفكارها وحياتها ترسم خطوطاً تتحول، مع الأيام، إلى قضبان تسجن أفكارها داخلها وللخروج من هذه القضبان لابد من جهد كبير لنشرها أو قطعها.. وفى عملى وحياتى اليومية وأفكارى أبحث عن المختلف، فالعادى ممل وروتينى..

    ومؤخراً اقترح علىَّ زميل فى الإعداد فقرة عن تربية الأسود واقترح إحضار شبل للاستديو، طبعاً وافقت، أولاً الشبل مثل الكلاب أو القطط الصغيرة لا يكون مفترساً، ومن الممكن أن تطبطب عليه دون خوف، وقبل موعد الهواء بساعات عرفنا أن الشبل ليس شبلاً بل كبر وربرب وأصبح أسداً صغيراً قلت مش مهم.. أسد صغير يعنى «طفل»، يعنى ليس مفترساً..

    ووصل الأسد إلى الاستديو وبدأت تطمينات من نوعية لا تقلقى إنه أشبه بالقطة البلدى، أو من نوعية كل الأمور تحت السيطرة، كل هذا قبل أن أرى الأسد، ودخلت الاستديو فوجدتنى أمام أسد، أسد حقيقى عندما تمطع وقرر النوم على طريقة الكلاب والقطط أخذ الكنبة بأكملها طبعاً.. كل ما قلته فى مقدمتى عن حبى للاختلاف والتفكير خارج الإطار تبخر وتجمدت الدماء فى عروقى..

    ولكن، والحق يقال، رغم ذعرى لم أفكر لحظة فى إلغاء الفقرة وطبعاً بوجه شاحب وبعض التلعثم قمت بعملى، المهم عندما انتهيت فؤجئت بالجميع يستغرب شحوبى وخوفى وأسئلة من نوعية: لماذا كنتِ خائفة هكذا؟ فاستغربت للحظة وبدأت أتقصى عما فعله الزملاء السائلون فاكتشفت أن الجميع فر وهرب واختبأ وذهب إلى استديوهات أخرى بل وصل الحال بالبعض لمحاولة طلب إلغاء الفقرة والحجة طبعاً الخوف مما قد يحدث.. وفى الغرب على العكس يعتبرون أنه لو حدث أمر خارج عن المألوف فهو سبق..

    أما عندنا العكس تماماً، وأذكر فى هذا الإطار أنه فى حادث اغتيال الرئيس الراحل السادات كل المصورين رموا كاميراتهم وهربوا إلا حسبما عرفت مصور ألمانى، كان بعيداً، نجح فى التقاط الفيديو القليل الذى نشاهده اليوم... وأعود إلى مكانى مع الأسد، وصل الأمر بالبعض إلى أن قفز من النافذة، الحمد الله أننا فى دور أرضى، وهرب البعض الآخر.. أما أنا فبكل رعب جلست أمام أسد طول وعرض، أسد حقيقى.

    ما أقصده هنا ينعكس على الكثير من الأمور فى حياتنا، نلوم الآخرين على تصرفاتهم ومخاوفهم ولا ننظر لأنفسنا.. نعطى لأنفسنا الحق فى الحكم على الآخرين بل وننتقدهم دون أن نضع أنفسنا مكانهم.. لم أسمع كلمة من نوعية نحييكِ على شجاعتك لأنك جلست أمام أسد.. أو من نوعية رغم خوفك أديت واجبك... بل كلها عبارات تنتقد خوفى وكأن من حولى كانوا من نوعية هرقل أو من معتادى ترويض الأسود..

    نحن ننفى عن أنفسنا أى عيوب مع أن الخوف شعور طبيعى عند كل مخلوقات الله.. نخاف من المجهول ونخاف من الامتحانات ونخاف من الغد ونخاف من المرتفعات ونخاف على أولادنا ونخاف من المرض ونخاف من الموت، يعنى القائمة طويلة.. لذا فليس عيباً على الإطلاق أن نخاف وأن نعلن خوفنا.. العيب أن يكبلنا خوفنا.. أن يمنعنا من التقدم أو أن يسجنا داخل أمر آخر...

    فلنتذكر جميعاً أننا بشر وبدلاً من أن نلوم الآخرين على مخاوفهم فلنكن أكثر تفهماً وقرباً وإحساساً بالآخرين، ودائماً أحكامنا سلبية.. نحن لا نملك ثقافة المدح نعتبرها تقليلاً من شأننا ونخاف إن مدحنا أحد أن يصاب بالغرور.. وفى هذا أيضاً حكم مسبق، على كل أنا شخصياً أردد لنفسى «برافو يا رولا جلست أمام أسد» صحيح كان يمسكه أربعة بحبال وجنازير ولكنها تفصيلة بسيطة، كما لو أنه لو لم يكن ممسوكاً ما كنت وافقت على التواجد معه فى مكان واحد أصلاً.

    كلمات مفتاحية  :
    نحن الاسد مقالات اراء

    تعليقات الزوار ()