رغم أن محافظات الصعيد هى الأكثر معاناة من الفقر فى مصر، حيث يعيش فيها 60% من فقرائها، و80% ممن يعانون فقرا مدقعا من المصريين، فإن البنك الدولى يرى أن مشكلة هذا الإقليم لا ترجع بالأساس لنقص الاستثمارات وإنما للزيادة السكانية فيه، كما جاء فى تقريره الصادر أمس، بعنوان «بين فقر المكان وازدهار الشعوب: كيف يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تتجاوز الاختلافات المكانية».
ويركز التقرير على اختلاف مستوى معيشة السكان داخل البلد الواحد باختلاف المنطقة التى يعيشون فيها، حيث تعانى بعض المحافظات أو الأقاليم من الفقر بدرجة أكبر من غيرها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويلعب هذا العنصر دورا أكبر فى تحديد مستوى معيشة الفرد فى المغرب، تليها مصر، ثم اليمن، بحسب تقرير البنك الدولى.
ويشير البنك الدولى إلى أن العامل السكانى يفوق العوامل الجغرافية والاقتصادية فى إعاقة تقدم صعيد مصر. فالعمال فى صعيد مصر عليهم أن يقتسموا إيراداتهم مع عدد أكبر من أفراد العائلة العاجزين عن العمل، إما لصغر أو لكبر سنهم، أى إن معدل الإعالة فى هذا الإقليم أعلى منه فى بقية المناطق.
كما يشير التقرير إلى أن الاختلافات فى مستويات الخدمة التعليمية تلعب دورا ملموسا فى تفاوت مستويات المعيشة بين سكان الأقاليم الجغرافية داخل نفس الدولة.
وتوجد تباينات واسعة بين منطقة وأخرى داخل نفس الإقليم، كما فى حالة الصعيد، فيما يتعلق بالقدرة على الحصول على الخدمات العامة والرعاية الصحية، وهى مرشحة للزيادة، بحسب التقرير، نتيجة الإهمال الذى تتعرض له بعض القرى، مقابل قدرة قرى أخرى على الإفلات وتقليل معدلات الفقر لديها، ولذلك يعتبر البنك الدولى أن إستراتيجية الدولة الحالية فى التركيز على تحسين أحوال القرى الأفقر بالمحافظات ذات الدخل المنخفض «قد تكون ملائمة حقا».
وينصح البنك الدولى الحكومة بأن تولى اهتماما أكبر بمشاركة المواطنين فى عملية التخطيط وتحديد المشروعات الأولى بالرعاية، مع إدراج مخصصات مالية موجهة إلى أشد المناطق فقرا، مؤكدا أن تحسين مستويات المعيشة بالمناطق الأكثر تأخرا يجب أن ينصب على تطوير البشر بقدر تطوير إمكانات المكان نفسه، وأن أساس علاج هذه الاختلالات يكمن فى المزيج بين تطبيق المناسب من السياسات، مؤكدا ضرورة تجنب أسلوب الوصفات الجاهزة التى يتم تطبيقها.