بتـــــاريخ : 6/22/2010 6:16:38 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 785 0


    ريف الإسماعيلية الذى ليس ريفًا ولا إسماعيلية

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : عزت القمحاوى | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :
    ريف الاسماعيلية ريف الاسماعيلية

    للأديب الكبير يوسف القعيد مقولة يكررها وأحبها، يقول يوسف: «المدن يبنيها البشر، أما القرى فأنشأها الله».

    وفى ريف الإسماعيلية قبل أى ريف آخر، تصدق هذه الرؤية؛ فكما أن الإسماعيلية واحدة من أجمل مدن مصر، فإن ريفها هو الأجمل بين الأرياف؛ حيث تمنحه حدائق المانجو مظهر الغابات الجميلة التى تقع شمالاً فى أوروبا وجنوباً فى أفريقيا وآسيا التى ليست ضمن عالم عربى تفادى جمال الغابات بحكمة وقدرة قادر، اللهم لا اعتراض!

    على أن الإسماعيلية ليست فقط الحى الإفرنجى الذى يحبه زوارها ويهتم به محافظوها واحدًا بعد الآخر.. هى العشوائيات فى المدينة والريف، حيث الدموع التى لا يراها العالم بين أشجار المانجو وجمالها النادر.

    فى ريف الإسماعيلية، يمكن أن ترى أكثر المزارعين فقرًا ومعاناة فى مصر، حتى إن أحدهم قرر التنازل عن عداد الكهرباء اكتفاء بعمود النور أمام بيته لعجزه عن دفع فواتير الإنارة المتلاحقة، علمًا بأنه ليس ممن يوصفون بـ «المعدمين»، وهو الوصف الذى كان ملتصقًا بالفلاح المظلوم فى العهد الإقطاعى الأول ما قبل يوليو.

    الآن، الفلاح معدم، على الرغم من حيازته الأرض، وعلى الرغم من أن فلاح ريف الإسماعيلية يبدو ساكن حديقة، فهو الأكثر فقرًا بين الفلاحين بسبب عناد الأرض صحراوية الأصل.

    وقد يكون الزائر العابر للإسماعيلية (مدينة سياحة اليوم الواحد) معذورًا، عندما لا يرى دموع فلاح الإسماعيلية، لكن ما عذر المسؤولين عنها؟!

    الوزير اللواء المحافظ عبدالجليل الفخرانى مثل كثير من الوزراء المحافظين، بدأ عهده بارتداء الجلباب، وفاجأ وفتش وزار مخابز المدينة فى بداية توليه المحافظة، لكنه قرر بعد ذلك ألا يعيش فى جلباب أبى وأخى المواطن الفقير. وعلى كل حال، فقد ارتدى الجلباب وبعد أن خلعه فى الإسماعيلية المدينة وليس الريف.

    لم يفكر الوزير المحافظ فى الاستماع إلى شكاوى الفلاحين الفصحاء الذين يشربون الماء العكر من محطات أولاد البطة السوداء، التى يمكن أن تسمى محطات تعكير وليست تحلية، بعكس محطات المدينة التى تتولاها بكفاءة عالية هيئة قناة السويس.

    نعم، يشرب أهل الريف فى أبى صوير والمنايف والعالى ماءً ليس كالماء، بعكارة الترع ورمل الطريق، حيث أنابيب المياه ممتدة تحت سطح الرمل مباشرة ولا تكف عن التهشم، ولا يكف الأهالى عن الشكوى، ولا يلبى عمال الصيانة النداء.

    وليت الأمر يقف عند عكارة مياه الشرب، بل الأسوأ هو ندرة مياه الرى إلى الحد الذى يجعل زراعة الأرض مقامرة يقدم عليها الفلاح مرغمًا.

    محصول المانجو هذا العام فى كثير من مناطق الإسماعيلية مخفض إلى الربع بسبب نقص المياه فى موسم الإزهار، مما حول عناقيد الزهر إلى رماد وخيوط عنكبوت، أما زراع المحاصيل فيصرخون من ضياع الموسم الشتوى فى المنايف البحرية، حيث انقطعت المياه تمامًا لتحرم القمح والفول من رية إتمام النضج، وتحرم زراع البرسيم من حشة إضافية.

    ومع أن معظم ريف مصر يعانى الآن مما يعانيه ريف الإسماعيلية من نقص المياه، منذ مغامرة توشكى التى حذر منها العالم الجليل رشدى سعيد، إلا أن ريف الإسماعيلية يختلف عن ريف الأرض السوداء بوعورة الأرض الرملية واستعدادها لقتل نباتاتها بسرعة كبيرة، بل خنق البذور فى مهدها بسبب حرارة الرمل.

    يصرخ على أبوإسماعيل لأنه اضطر لزرع الذرة مرتين؛ فبعد تسوية الأرض لم تصل المياه وظلت الحبوب فى الرمل الساخن، وعندما وصل الماء كانت الشمس قد قتلت الحياة فى الحبة فأعاد الزرع وبعد أن وصل إلى طول ركبته انقطعت المياه مرة أخرى «نفسى أعيط ومش جادر» يقول الرجل، وأظن أنه استطاع أن يبكى بعيدًا عن عيون الآخرين.

    ولابد لمن يرى الحياة تختنق أن يبكى، ولابد من أن يعرف وزير الرى أن هناك من يبكون من ضياع تعبهم موسمًا وراء الآخر، حتى لا ينشغل بالمفاوضات مع دول المنبع فقط، ويترك بشرًا مخلصين للحياة لأحزانهم، بعد أن لم يعودوا يجدون قوت يومهم بسبب ندرة المياه، وعندما يشكون لمهندس الرى بالمحافظة، يرد عليهم بأن الأولوية لتدبير سقاية البشر!

    هل حقًا صارت العناية بمحطات المياه مسؤولية مهندس الرى؟!

    رد سيئ، من مسؤول لا يكترث بمهام وظيفته أو بأحزان مزارعين «معدمين»، ولكنه أيضًا رد مخيف، لأن النيل لا يمكن أن تكون مهمته فقط تغذية محطات الشرب.

    والأمل كل الأمل أن يستعير الدكتور نصر الدين علام، وزير الرى، جلباب اللواء عبدالجليل ليرى بنفسه كيف صارت دموع فلاحى الإسماعيلية أغزر من مياه الترع المسدودة بالبوص والحلفا.

    كلمات مفتاحية  :
    ريف الاسماعيلية ريف الاسماعيلية

    تعليقات الزوار ()