إلى الأفلاج عُجْ بي يا فتاها
............أنلْ نفسي رجوتُكَ مُشْتهاها
مررت بها أصيلا ذات يومٍ
..................ومنذئذ تعمّدني هواها
فكم في غيرها كم من طعامٍ
.............وما للروح من قوتٍ سواها
رذاذ الخير يغمرها صباحا
.............ووابلُه - وأنعمْ بِهْ - مساها
تمرّ بها الكواكبُ مخبتاتٍ
..............وتحني الرأسَ إكراماً بهاها
وجوهُ العاشقين لها اصفرارٌ
.........كما شمسُ الأصيلِ على رُباها
هي الأفلاج ملعب طيفِ ليلى
............ أرى لكليهما حُسناً تماهى
صواديها (1) وُشومُ ذراعِ ليلى
...............وصدّاءٌ (2) هَمَتْهُ مُقلتاها
على قيسٍ أراه بكل دربٍ
..............يردد منذ أن رحلت وتاها
فتنطلق الحمائم ساجعاتٍ
..............سؤالاً لمْ يزلْ يعلو الشّفاها
"بربك هل ضممت إليك ليلى
..............قبيل الصّبح أم قبّلت فاها
وهل رفّت عليك قرون ليلى
..............رفيف الأقحوانة في نداها"
نداها في نسائم عابقاتٍ
...............وفي أطباع من رُوّوا بماها
كأن نسيمَها أنفاسُ ليلى
...........ونفحَ الرّوضِ من ليلى شذاها
وظَلَّ الحسنُ بعد رحيل ليلى
................مُقيما هاهنا وبها تماهى
رأيتُ بتُرْبها حِناءَ ليلى
...............ونعم الدارُ حِنّاءٌ ثراها
عَلَتْ ليلى بأشعارٍ لقيسٍ
.............كما الأفلاجَ أعلى مُنْتداها
___________________
(1) الصّوادي: النخيل الطوال
(2) صدّاء، جاء في الوافي للشيخ عبد الله البستاني: الصّدآء كسلسال ويُقال الصّداء وهو المشهور ركيّة لا أعذب من مائها عندهم،ومن ذلك المثل الذي رواه المنذري عن أبي الهيثم وهو "ماءٌ ولا كصدّاء" وهذا المثل لقدور بنت قيس بن خالد الشيباني وكانت زوجة لقيط بن زرارة فتزوّجها بعده رجل من قومها، فقال لها يوماً أنا أجملُ أم لقيط، فقالت "ماءٌ ولا كصدّاء" أي أنت جميلٌ ولست مثله فصار يضرب لإثبات الجود للواحد وانحطاطه عن رتبة الآخر، وسميت الركية بصدّاء لأنها تصدّ من شرب منها عن غيرها