أصابني خرس مفاجئ جعلني أتوقف عن الكتابة فترة طويلة.. ثم قررت أن أستخدم إرادتي وأعود للكتابة في 5 يونيو الماضي.
قرأت كتاب محمود عوض (اليوم السابع) فقررت أن أكتب عن الهزيمة المظلومة ثم تراجعت.
تاريخ 5 يونيو غير مناسب لأنه يذكرني أولاً بالألم والخوف والصدمة، ثم تأتي ذكريات المقاومة وحرب الاستنزاف تالية.
وأنا وأنتم مشبعون تماماً بمشاعر الألم والخوف والصدمة.. وبعيدون كثيراً عن فكرة المقاومة المسلحة.
فقررت أن أعّدل الخطة وأختار تاريخ 23 يوليو لأستعيد النطق.
بالتأكيد 23 يوليو هو التاريخ الذي سيعطيني دفعة قوية للعودة للكتابة.
ألم يستعد حسين رياض قدرته علي الكلام في فيلم رد قلبي؟!
لم لا أحاول أنا الأخري استعادة النطق في التاريخ نفسه بعد 57 سنة.
أعجبتني المزحة وقررت استكمالاً للمرح وتشبثا به ألا أبدأ بالحسرة والندب والبكاء علي روح ثورة يوليو (التي انتقلت إلي جوار القديسين والشهداء) فلم أجد ألا الأغاني لأستعين بها وشخصية حسين رياض لأتقمصها وأنطق.. ولهذا كله كتبت أمس (وصحيت علي ثورة بترج الدنيا) .
جملة من أغنية لعبد الحليم قديمة اسمها «ذكريات» كلمات أحمد شفيق كامل وألحان عبدالوهاب، تحكي حدوتة عن قهر الاحتلال الإنجليزي .
ظلت هذه الجملة تطاردني أياماً كنغمة وكأمنية!!
أليس مثيراً للشفقة والرثاء والسخرية معاً أن تصبح أغنيتي وأمنيتي بعد كل هذا العمر والنضج أن أصحو من نومي علي بيان للضباط الأحرار الجدد يلقيه السادات الصغير ويعلن قيام الثورة ؟!
وأن يصبح سؤالي كيف سأسمع البيان إذا كنت أنام أثناء متابعتي مسلسل «E.R» علي قناة فوكس المسلسلات وأستيقظ علي سمبسونز؟!!
بسيطة، الحل أن أثبت الفضائية المصرية طوال الليل !!
في قديم الزمان كان أصدقائي الصغار يحلمون بأنهم سيقودون الثورة الشعبية ، وكانوا يثقون في قدراتهم علي تحقيق هذا الحلم .
وكنت أصدقهم لأنني كنت صغيرة مثلهم .
ومع تقدمي في العمر اكتشفت سذاجتي .
وعندما أصبحت صديقة للأستاذ محمد عودة (كنت واحدة من ضمن مذات الأصدقاء والتلاميذ والمريديين).
كان يحكي لي تاريخ مصر كما لو كان يحكي مذكراته الشخصية، وتلمع عيناه وتزداد اتساعاً وتضيء الابتسامة وجهه وهو يقول (إنت جاهلة لو كنتي مذاكرة تاريخ بلدك كنت عرفتي إن الثورة الشعبية قريبة جداً) .
أسأله: ( إسلامية يا أستاذ عودة؟)
يقول: (مش باقولك جاهلة.. لا يمكن الإخوان المسلمون ولا أي تيار ديني يحكم مصر).
كنت أحبه وأطمئن لوجودي معه ، لكن لم أستطع أن أصدقه، للأسف كنت قد أصبحت كبيرة بمايكفي..
كان يتهمني بالجهل وكنت أتهمه بالتفاؤل!
أشعر الآن بأنني أفتقد بشدة تفاؤل أستاذ عودة وسذاجتي القديمة ولا أجد إلا الأغاني لتسليني.
قوم.. قوم.. قوم.. قوم ارفع راسك !