"جنة الأرض" هذا هو الاسم الذي يطلقه سكان شبه القارة الهندية على ولاية جامو وكشمير لكثرة الحدائق والبساتين والبحيرات بها .. وتتمتع الولاية التي تقع في قلب آسيا الوسطى بمناخ لطيف ، وتتميز بوجود أحد أعلى القمم الجبلية في العالم بها ، وهو الجبل الشهير المعروف باسم "سياشين جليشيو" ويمر بها طريق "الحرير" الذي يربط بين باكستان والصين الشعبية ، تبلغ مساحة كشمير بشقيها الحر والمحتل 240 ألف كيلو متر مربع ، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 12 مليون نسمة 85% منهم يدينون بالإسلام، بينما الباقون أخلاط من الهندوس والسيخ والبوذيين وغيرهم ، وعلى خلاف مزاعم الهنود فإن أهل كشمير لا ينتمون إلى العرق الهندي، لأنهم بيض البشرة طوال الأجسام، ولهم لغة خاصة بهم لا تُشبه أية لغة من اللغات الهندية.
وقد أنجبت كشمير الكثير من العلماء والمفكرين الأفذاذ ، منهم المفكر والشاعر الإسلامي الأشهر العَلاَّمة محمد إقبال .
وكشمير بلاد جبلية بها واديان فقط هما وادي "جامو" ووادي "كشمير" وأكبر أنهارها "السند وجليم وجناب" ، وتنبع الأنهار الثلاثة من كشمير لتنساب إلى المصب في باكستان ، التي يمتد شريطها الحدودي مع كشمير نحو 700 ك مترًا مربعاً، بينما لا يزيد طول حدود الهند مع كشمير عن 300 كيلو متراَ مربعا فقط ، وهي تجاورها من الجنوب ، أما الصين فتلاصق كشمير من الشمال والشرق وبعض الجنوب الشرقي ، وهناك أفغانستان التي تجاورها من الشمال الغربي.
وتقول كتب التاريخ : إن الإسلام دخل كشمير في القرن الثامن الهجري على يد مسلم تركستاني هو "بلبل شاه" الذي نشر دعوة الحق في ربوع البلد ، وتوجت جهوده بإسلام حاكم كشمير الهندوسي "رنجن شاه" الذي غير اسمه إلى (صدر الدين) وبإسلام الحاكم أسلم معظم الهندوس ، واستمر الحكم الإسلامي في كشمير سبعة قرون تقريبا، حتى قام السيخ بحركة دموية سيطروا بها على المنطقة عام 1819 م وحتى عام 1846م ، وخلال تلك الفترة مارس السيخ أشد صور الاضطهاد والقهر ضد أغلبية السكان من المسلمين ، وفي عام 1846 احتلت بريطانيا الهند وكشمير ، وبعد الاحتلال الإنجليزي بعام واحد – أي في سنة 1846م – وقعت واحدة من أسخف مهازل التاريخ بمكيدة بريطانية مفضوحة ، فقد باعت بريطانيا منطقة كشمير وجامو بأرضها وشعبها وكنوزها الطبيعية النادرة إلى مهراجا هندوسي يدعى "جولان سيخ" بمبلغ سبعة ملايين ونصف مليون روبية (!!) .
وتعرف هذه الصفقة بالغة الشذوذ باسم اتفاقية "أرميستاز" وقد أعادت إلى الأذهان ما كان يحدث في القرون الأولى من بيع للأراضي والأقاليم بما عليها من الناس والدواب والخيرات !! .
وهكذا باع من لا يملك لمن لا يستحق إقليماً وشعباً بأكمله بأبخس الأثمان!! فهل عرف تاريخ النخاسة العالمية أغرب من هذه الصفقة ؟!! .
وكانت هذه لعبة استعمارية مقصودة كعادة الاستعمار الأوروبي الذي دأب على بث الألغام القابلة للتفجير في أية لحظة، تارة بحدود مصطنعة متنازع عليها بين الدول، أو تحريضاً للأغلبية ضد الأقلية أو العكس، أو زرع عوامل الفتن والقلاقل والحروب الأهلية بمثل هذه الصفقة المثيرة للسخرية، والتي بمقتضاها اشترى مهراجا نصف مخبول شعباً بما يعادل ثلاثمائة ألف دولار أمريكي !! وبعد قرن كامل من العام الذي سطر فيه صك البيع للمهراجا دخلت القوات الهندية كشمير ، وبذلك انكشف المخطط الخبيث الذي أعده الانجليز والهندوس .
ويصف مؤرخ كشميري ما حدث قائلاً : المعروف أن الاستعمار البريطاني لم يترك واحدة من مستعمراته إلا بعد زرع بذور الفتن والاضطرابات فيها ، فعل هذا في فلسطين وفي الصومال والحدود بين العراق والكويت وغيرها ، وفي كشمير كان المثال صارخاً ، فالغاصب الذي احتل شبه القارة الهندية بأكملها عمد إلى بيع ولاية معظم سكانها من المسلمين إلى مهراجا هندوسي غريب عن المنطقة ، وبذلك تركت بريطانيا شوكة مسمومة في ظهور مسلمي كشمير !! .
وفي أغسطس 1947 أصدر البرلمان البريطاني قانون استقلال الهند، وينص القانون على قيام دولتين مستقلتين هما الهند وباكستان. وطبقاً لخطة التقسيم تنضم المناطق ذات الأغلبية المسلمة إلى باكستان ، في حين تنضم المناطق الأخرى ذات الأغلبية الهندوسية إلى الهند، ويتعين تبعاً لذلك أن تنضم كشمير ذات الأغلبية المسلمة إلى باكستان .
وكانت تلك هي رغبة الأغلبية الساحقة من سكان كشمير وهم من المسلمين ، بل كان عدد كبير من الأقلية غير المسلمة يفضلون الانضمام إلى باكستان، وتؤكد حقائق الجغرافيا أيضاً حتمية انضمام كشمير إلى باكستان ، إذ ليس لها طريق للاتصال بالعالم الخارجي سوى الأراضي الباكستانية، والميناء البحري الوحيد لكشمير هو مرفأ كراتشي بباكستان ، كما أن كشمير هي الامتداد الحيوي والاستراتيجي لباكستان، إذ تنبع الأنهار الثلاثة التي تروي أراضي باكستان من كشمير، وهي نهر "السند" الشهير وأخواه جليم وجناب ، وللأسف الشديد فإن ما تم تطبيقه مع عشرات الولايات ذات الأغلبية الهندوسية التي انضمت إلى الهند، رفضت هذه الأخيرة إعماله بالنسبة لكشمير المسلمة وثلاث ولايات أخرى ذات أغلبية إسلامية !! .
وكان من المفروض أن تعلن كل الولايات قرارها بالانضمام إلى الهند أو باكستان قبل يوم 15 أغسطس 1947م ، غير أن المهراجا الهندوسي الذي يحكم كشمير لجأ إلى خدعة ماكرة أوهم بها المسلمين أنه تفاهم مع الحكومة الباكستانية تمهيداً للانضمام رسمياً إلى باكستان ، وبدلاً من تنفيذ الاتفاق أمر المهراجا رجاله بنزع سلاح المسلمين العاملين في الجيش والشرطة الكشميرية ، ثم هاجم البيوت ونزع ما كان لدى السكان المدنيين من أسلحة ، وعندما اعترض الأهالي على هذه الإجراءات ، استعان المهراجا بغلاة الهندوس لإبادة المتظاهرين العزل ، ووقعت مذبحة رهيبة استشهد فيها 270 ألف مسلم ، ولم تسكت باكستان على تلك الإبادة ، فقد ثارت القبائل الباكستانية ، وزحف رجالها البواسل لنصرة إخوانهم وأصهارهم المستضعفين في كشمير، واستطاعوا تحرير جزء من كشمير تأسست فيه حكومة كشمير الحرة .
خشى المهراجا الهندوسي سوء العاقبة فبادر بالفرار إلى ولاية جامو ، ومن المخبأ أرسل كتاباً يوم 27 أكتوبر 1947 إلى حاكم الهند العام اللورد مونتاباتن يعلن فيه رغبته في ضم ولاية كشمير إلى الهند ، ويطلب إرسال قوات من الجيش الهندي لقمع السكان المسلمين وأنصارهم من قبائل "الباتان" القوية ، وفي اليوم الأسود – كما يطلق عليه في كشمير – وهو يوم 27 أكتوبر سنة 1947م اجتاحت قوات الاحتلال الهندي "جنة الله في أرضه" كشمير المسلمة .
ومنذ اللحظة الأولى لفترة الاحتلال التي دامت ستين عاماً حتى الآن لم تتوقف الجرائم الوحشية ضد أبناء كشمير المحتلة ، فالقوات الهندية لا تتورع عن استخدام أبشع الوسائل الشيطانية لقمع انتفاضة شعب كشمير المسلم، وتصفية شبابه وأطفاله خشية أن يأتي اليوم الذي يحررون فيه أرضهم وعرضهم ، ويطهرون فيه ديارهم من رجس عبدة الأبقار والأوثان ، ومن الواضح أن الممارسات الهندوسية تندرج في إطار مخطط متكامل للتطهير العرقي بعيد المدى ، فهناك الإبادة الجماعية للرجال رمياً بالرصاص أو ذبحاً بالسكاكين والمدى أو حرقاً بالنار أو بإلقاء أحماض كيميائية قاتلة على رؤوس وأجساد الضحايا .. وهناك الاعتقال العشوائي المقترن بتعذيب عشرات الألوف بلا محاكمات أو تحقيقات عادلة، وإحراق المتاجر والمنازل والزراعات على أوسع نطاق وحظر التجوال معظم الوقت وبتر الأطراف . إلخ .
ومن أغرب وأبشع الوسائل التي تلجأ إليها سلطات الاحتلال الهندي للحد من تزايد عدد السكان المسلمين أنهم يقومون بخصي الشباب والأطفال – استئصال الخصيتين للذكور- قهراً حتى لا ينجبوا ذرية في المستقبل !! .
كما يقومون بتعقيم الفتيات كي لا يلدن !! ومن الجرائم اليومية كذلك مصادرة وإتلاف ممتلكات المسلمين وإحراق حقولهم ومواشيهم وأغنامهم حية ، ومن يعترض فإن مصيره المحتوم رصاصة في القلب، أو طعنة مهلكة في العنق ، أو الذوبان الرهيب في أحد أحواض حمض الكبريتيك المركز!! وتضج التقارير الدولية لمنظمات حقوق الإنسان - وعلى رأسها منظمة العفو ومنظمة مراقبة آسيا ومنظمة أطباء بلا حدود وغيرها- صارخة من هول وبشاعة جرائم سلطات الاحتلال الهندي ضد السكان العزل في إقليمي جامو وكشمير ، والتي تفوق بشاعتها ما كان يحدث للعبيد في غابر الزمان ، ويكفي أن نستعرض بعض الأرقام ذات الدلالة الواضحة على خطورة ما يجري في كشمير :
خلال أقل من عامين، وبالتحديد في الفترة من أول يناير سنة 1990 وحتى نهاية أغسطس سنة 1991 كانت خسائر المسلمين في كشمير ما يلي :
1- استشهاد 35 ألف مسلم ومسلمة، منهم 2200 ضحية أحرقهم الجيش الهندي أحياء في منطقة "كبوارة" وحدها .
2- جرح وإعاقة 30 ألف شخص من بينهم عدد كبير أصيبوا بعاهات مستديمة إثر اعتداء من قوات الاحتلال .
3- اعتقال 69 ألف شخص في السجون ومعسكرات التعذيب .
4- طرد 25 ألف مسلم إلى كشمير الحرة بعد هدم أو حرق منازلهم .
5- فصل آلاف الموظفين المسلمين تعسفياً وحرمانهم من مورد الرزق الوحيد.
6- اغتصاب 3575 مسلمة بصورة جماعية مروعة ، واستشهد من المجني عليهن 110 إثر الاغتصاب، كما جرى إغراق 20-على الأقل- من الضحايا في الأنهار لبث الرعب في المنطقة .
7- تعرض 600 امرأة للإجهاض بعد الاغتصاب البربري .
8- تم نزع الخصيتين لأكثر من 415 رجلاً في قرية سنور كليبورة وغيرها .
9- إحراق 21 ألف متجرًا ومنزلاً و 550 مدرسة وكلية، وقامت سلطات الاحتلال بإحراق حبوب غذائية قيمتها تفوق المليار دولار ، وأعدموا عشرات الألوف من المواشي والأغنام الحية !! .
كما تولى أعداء الحياة الهندوس تخريب وإحراق مساحات هائلة من الغابات الطبيعية والبساتين تفوق قيمة ما بها من أشجار وموارد طبيعية وثمار عدة بلايين من الدولارات ! .
إذا كانت تلك هي حصيلة أعوان الشيطان خلال بضعة عشر شهراً فقط من عمر احتلال استمر أكثر من 60 سنة حتى الآن، فكيف يبلغ حجم الحصاد الكلي لسنوات البطش الأسود المجنون ؟! . إن هذه الأرقام الفلكية للخسائر المادية والبشرية التي سببتها قوات الاحتلال الغاشم ليست من عندنا ، وإنما هي من إحصاء هيئات دولية ومنظمات عالمية محايدة تتولى الدفاع عن حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم .
وعلى الرغم من السياسة الهندية الثابتة والمتمثلة في منع دخول الصحفيين وبعثات منظمات حقوق الإنسان إلى كشمير المحتلة لمتابعة ما يدور هناك، إلا أن هذه المنظمات استطاعت بمصادرها ووسائلها الخاصة أن تخترق الستار الحديدي، وأن تجمع المعلومات الوفيرة والأدلة القاطعة على جرائم القوات الهندية ضد شعب كشمير الأعزل إلا من الإيمان بالله الواحد الأحد ولو كره الهندوس .
تقول منظمة العفو الدولية : "إن القوات الهندية تورطت في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من بينها عمليات إعدام بدون محاكمة وجرائم اغتصاب وتعذيب واغتيال للعاملين في الرعاية الصحية بصورة متعمدة ، وقد ساهمت نيودلهي في ازدياد انتهاكات حقوق الإنسان بعدم تقديم جنودها وضباطها الذين ارتكبوا المخالفات إلى المحاكمة", وكذلك (الاكتفاء بعقوبة ضئيلة مثل وقف الترقية أو تسجيل ملاحظات بلفت النظر في ملفات أفراد القوات المسلحة رغم خطورة الجرائم التي ارتكبوها مثل الاغتيال والاغتصاب) .
وتصف منظمة (آسيا ووتش) عمليات القتل الجماعي لمئات المعتقلين أسبوعياً داخل السجون بأنها: (جرائم يجري تصويرها على أنها مسألة سياسية بحتة)!! وتهاجم المنظمة الدولية حكومة الهند بشدة ، وتتهمها بالتراخي في معاقبة الفاعلين في مثل هذه الجرائم الخطيرة والتستر عليهم في اغلب الأحيان .
منظمة دولية ثالثة هي الرابطة الدولية لمنظمات حقوق الإنسان أدانت أعمال التعذيب والاغتصاب والقتل التي ترتكبها القوات الهندية في كشمير، وأكدت أن عدداً كبيراً من الضحايا هم من الثوار المطالبين بالاستقلال أو المتعاطفين معهم ، ونقل تقرير المنظمة شهادات وأقوال شهود عيان بشأن جرائم التعذيب الوحشي والاغتصاب وإطلاق النار عشوائياً على المواطنين .
وقالت المنظمة الدولية : (إن الإجراءات التي تدعي الهند أنها تتخذها دفاعاً عن النفس لا يمكن أن تكون مبرراً لوحشيتها وإهدارها للقوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان) وأكدت المنظمة أن التعذيب للحصول على معلومات من المعتقلين أثناء التحقيقات هو عملية شائعة في معسكرات الاستجواب الهندية ، واختتمت المنظمة التي تتخذ من باريس مقراً لها تقريرها بمطالبة السلطات الهندية باحترام حقوق الإنسان في كشمير وغيرها من المناطق ، وإيجاد حل عادل وسلمي للقضية طبقاً لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي توجب إعطاء الكشميريين حق تقرير المصير ، وسحب قوات الاحتلال الهندي من الولاية ذات الأغلبية المسلمة .
وشاركت منظمة ألمانية هي "جمعية مناصرة الشعوب المضطهدة" في تأكيد خطورة ما يقع في كشمير من انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان ، ووجهت المنظمة انتقادات لاذعة للحكومة الهندية وجيشها الذي وصفته بأنه "ذو مستوى أخلاقي منحدر" وقالت المنظمة في رسالة وجهتها إلى حكومة نيودلهي : "إن كشمير في عهد حكومتكم التي تدعي أنها ديمقراطية تحولت إلى معسكر تحقيق ملئ بالتعذيب والإرهاب ، وإن فرض أحكام الطوارئ على الولاية منذ أربع سنوات أحال حياة المواطنين العادية إلى جحيم لا يطاق، وهم في أمس الحاجة إلى العلاج والرعاية الطبية" .
وأعربت المنظمة الألمانية عن قلقها البالغ بشأن أوضاع مئات الألوف من المفكرين والمثقفين والأبرياء والمعتقلين بدون محاكمة، كما أدانت بشدة عمليات قتل المحتجزين على نطاق واسع ، وكذلك قتل المدافعين عن حقوق الإنسان في كشمير، مؤكدة أن هذه الإجراءات الإجرامية لن ترهب أنصار ودعاة حقوق الإنسان .
وفي يوليو 1992 اضطر الكونجرس الأمريكي إلى الموافقة على مشروع قرار تقدم به السناتور الجمهوري دان بيرثون يقضي بخصم 24 مليون دولار من المساعدات الأمريكية للهند عقاباً لها على ما ثبت وقوعه من ممارسات قمعية وانتهاكات دامية لحقوق الإنسان في كشمير المحتلة ، وقد تم إقرار المشروع بصعوبة - رغم تفاهة العقوبة كما نرى- بعد أن سبق رفضه في عام 1991، بسبب تآمر النواب اليهود لصالح الهند ذات العلاقات القوية مع إسرائيل في كافة المجالات وخاصة المجال العسكري!!
وبالإضافة إلى ما أوردته تقارير وتحقيقات المنظمات الدولية، هناك شهود عيان على المذابح والمخازي التي تقترفها قوات الاحتلال الهندية بصفة يومية ، تقول الطفلة زينب علي - 5 سنوات – أنها رأت الجنود يذبحون أمها أمام عينيها بلا شفقة أو أدنى استجابة لصرخات الطفلة المسكينة التي فقدت كل أهلها بهذه الوسائل الإجرامية .
أما الطفلة كلثوم – 7 سنوات - فهي مصابة بغرغرينا في ساقها بعد اعتداء بربري شنته قوات الاحتلال على منزلها ، وكانوا قد أخذوها رهينة حتى يذعن أبوها لرغباتهم المجنونة ويرشدهم إلى المكان الذي تختبئ فيه أمها ليغتصبوها !! .
وعندما أصر الأب الشجاع على الرفض قطعوا ساق الطفلة وتركوها تنزف بلا أية إسعافات!!
وهناك الطفلة فاطمة المصابة بحالة نفسية تجعلها ترتعد رعباً حين ترى الغرباء ، فقد شاهدت الهندوس يلقون بأمها في نهر "جليم" إثر الاعتداء عليها !! .
ويقول غلام بني راجا – 19 سنة- إن قوات الاحتلال اعتقلته من منزله مع مجموعة كبيرة من شباب المنظمة واقتادوهم إلى أحد مراكز الاعتقال المنتشرة في مدن "الله آباد" و "فاراناسي" و "كومباتور" و "جابابور" و "ساتنا" وغيرها ، وهناك ضربوه مراراً بأحزمة من الجلد الغليظ ، كما تعرض للصعق الكهربائي لإجباره على العمل مرشداً والتجسس على الثوار الكشميريين .
أما عبد المجيد خان من منطقة "لان ان" فهو يعاني من عجز بدني دائم نتيجة تعرضه لتعذيب بشع مستمر في مركز استجواب "كبوارى" ، حيث كان الهندوس يضعون يديه ورجليه في ماء مملح لفترة طويلة ثم ينقلوه مباشرة ليضعوا أطرافه في ماء مغلي !! وترتب على هذا التعذيب المتواصل إصابته بغرغرينا في أصابعه وتركوه بلا أي علاج ، وكانت النتيجة بتر أصابع يديه وقدميه ، وبطبيعة الحال لا يمكنه الآن القيام بأي عمل لكسب الرزق !! .
عبد الخالق سومور – 21 سنة – أحرق الهندوس بطنه بعد اعتقاله إثر الادعاء بإطلاق أعيرة نارية في سماء القرية التي يسكن بها الضحية !! .
ضحية أخرى . شاب في عمر الزهور اسمه إخطار الدين محمد حاول الجلادون الهندوس إرغامه على الجلوس فوق جمر ملتهب، وعندما رفض أحرقوا أعضاءه التناسلية بالنار عقاباً له على أنه لم يرشدهم إلى مكان أحد المجاهدين!!
وفيما يلي نعرض بإيجاز حالات أخرى من ضحايا التعذيب والقهر ، وجميعهم يعيشون الآن في حالة يرثى لها بمخيمات اللاجئين بالجزء المحرر من كشمير :
1- أمير دار شاب يسكن في بلدة "ناركاه بدجام" تعرض لضرب مبرح بالعصى والهروات على رأسه أحدث به انفجارًا في المخ ، وأنقذت حياته بصعوبة بعد عملية جراحية .
2- عبد العزيز شيخ محمد شفيع، أعتقله الهندوس من منزله في (تكيركب وارى) وعذبوه أثناء الاستجواب حتى تحطمت ساقه ، ويرقد رهين العلاج في مخيم "باغ" .
3- محمد يوسف فيروز وزميله حبيب الله عبد الأحد بير- مدرسان- تم اعتقالهما مع آخرين يوم 20 مايو 1990م ، وجردوهما من الملابس تماماً في ساحة عامة أمام القرويين واعتدى جنديان عليهما جنسيا أمام الناس (!!!) .
4- ألطاف أحمد محمد ملك من سكان العاصمة "سرينجار" أعتقلوه 20 يوماً، وأثناء الاستجواب وضعوه على الأرض وعلى ظهره جسم حديدي يزن 50 كيلو جراماً حتى حطموا أضلاعه .
5- أثناء اعتقال الشاب مهراج خالد محمد أمين اقتيد إلى مركز تحقيق مقره الكلية الإسلامية (سابقاً) ، وتعرض للضرب المبرح ورش "الفلفل" في عينيه وجراحه ، وذات الأمر مع آخرين لا يحصى عددهم !! .
ويعتبر تقرير البعثة المشتركة لمنظمتي (مراقبة حقوق الإنسان وأطباء بلا حدود) عن (الاغتصاب الجماعي في كشمير) من أخطر التقارير الموثقة عن المخطط الهندي الرهيب لإذلال المسلمين في كشمير وإضعاف الروح المعنوية لديهم، ومن ثم تسهيل عملية التطهير العرقي، وإجبارهم على الهجرة إلى باكستان أو الجزء المحرر من كشمير تمهيداً لإحلال الهندوس بدلاً منهم، وبذلك تضيع كشمير إلى الأبد!! ونظراً لأهمية وخطورة التقرير رأيت أنه من الأفضل سرده حرفياً بلا أي رتوش، أو تدخل من جانبي ، ويكفي أن نشير إلى ما تضمنه التقرير من أدلة طبية قاطعة وشهادات الضحايا وشهود آخرين، بل واعترافات جنود ومسئولين هندوس بوقوع مثل هذه الجرائم الفاضحة . وفيما يلي فقرات مطولة من التقرير ننقلها حرفياً :
"لقد أصبحت ولاية جامو وكشمير الواقعة بين الهند وباكستان منذ شهر يناير 1990 مسرحاً لصراع وحشي بين قوات الأمن الهندية والمسلمين المسلحين الذين يطالبون بالاستقلال عن الهند أو الانضمام إلى باكستان ، ولقد انتهجت الحكومة المركزية في الهند سياسة قمعية في كشمير ، في إطار جهودها لسحق الحركة المسلحة هناك ، مما نجم عنه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من جانب قوات الجيش والقوات شبه العسكرية الهندية، وطوال فترة الصراع اتخذت قوات الأمن الهندية- عن عمد- المدنيين هدفاً لها ، حيث إنه من المعتقد أن الغالبية العظمى من المدنيين يتعاطفون مع الجماعات المسلحة في كشمير ، ولقد دأبت قوات الأمن الهندية على الاعتداء على المدنيين خلال عمليات البحث عن المسلحين ، وكذلك تعذيب وإعدام المعتقلين في السجون، إلى جانب قتل المدنيين في هجمات انتقامية .
وقام ممثلون عن منظمتي "مراقبة آسيا" و "أطباء من أجل حقوق الإنسان" بزيارة لكشمير في أكتوبر عام 1992 م بغرض جمع الأدلة عن عمليات الاغتصاب وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى ، وكذلك انتهاكات قوانين الحرب التي ترتكبها قوات الأمن الهندية ، وأدانت المنظمتان هذه الجرائم باعتبارها انتهاكاً لحقوق الإنسان وانتهاكاً للقانون الإنساني .
ومنذ أن بدأت الحكومة الهندية حملتها القمعية ضد المسلمين في كشمير بشكل مكثف في يناير عام 1990 ازدادت بشكل كبير عمليات الاغتصاب التي يرتكبها أفراد الأمن، والتي غالباً ما تحدث أثناء عمليات الحصار والبحث والتفتيش ، حيث يتم احتجاز الرجال من سكان كشمير في الحدائق العامة أو في أفنية المدارس ، بينما تقوم قوات الأمن بمداهمة منازلهم بغرض تفتيشها، وكثيراً ما تقوم قوات الأمن الهندية في هذه الحالات بفرض عقاب جماعي على السكان المدنيين يتمثل في الضرب والاعتداء على المواطنين، وكذلك حرق منازلهم ، وتلجأ قوات الأمن الهندية إلى اغتصاب النساء كوسيلة لعقاب هؤلاء السيدات المتهمات بالتعاطف مع المسلحين، كما تعتبره وسيلة لإذلال المجتمع بأسره في كشمير !! .
وتحدث عمليات الاغتصاب أيضاً خلال الهجمات الانتقامية التي تقوم بها قوات الأمن الهندية ضد المدنيين في كشمير في أعقاب الهجمات التي تنفذها الجماعات المسلحة الكشميرية ، ففي هذه الحالات يكون أي مواطن من سكان المنطقة التي وقع فيها الهجوم هدفاً لانتقام قوات الأمن الهندية ، حيث يتعرض المدنيون للقتل بالرصاص ، ويتم حرق المنازل والممتلكات إلى جانب اغتصاب النساء .
وفي بعض الحالات تتعرض النساء للاغتصاب لمجرد اتهامات بتقديم الطعام والملجأ للجماعات المسلحة ، أو لرفضهن الإرشاد إلى أماكن اختباء أقربائهن من الرجال أعضاء الجماعات المسلحة ، غير أنه في الحالات الأخرى لا يكون هناك سبب واضح لاغتصاب النساء في كشمير ، وفي كثير من الحالات يكون اختيار الضحايا عشوائيا، فالنساء مثلهن مثل الآخرين من المدنيين يتعرضون للاعتداء والقتل لمجرد تواجدهن في المكان الخطأ في الوقت الخطأ !!.
وحيث إن معظم حالات الاغتصاب حدثت خلال عمليات الحصار والبحث والتفتيش التي تقوم بها قوات الأمن الهندية فإن مجرد العيش في منطقة بعينها يمكن أن يعرض النساء لخطر الاغتصاب (!!!).
ويتضمن التقرير معلومات عن بعض حالات الاغتصاب التي جرت في كشمير. ورغم أن جماعات حقوق الإنسان الهندية والصحافة العالمية قد تناولت في تقاريرها قيام قوات الأمن الهندية بعمليات اغتصاب على نطاق واسع في كشمير، إلا أن ذلك نادراً ما يحظى بالإدانة على المستوى الدولي !! . وأمضى ممثلو منظمتي مراقبة حقوق الإنسان بآسيا و أطباء من أجل حقوق الإنسان أسبوعاً في كشمير تم خلاله تسجيل خمس عشرة حالة اغتصاب ، و44 حالة تعرض أصحابها لأحكام مبالغ فيها، و8 حالات تعذيب، وعشرين حالة إصابة ناجمة عن قيام قوات الجيش وقوات الأمن الهندية بإطلاق النيران بصورة عشوائية على أناس غير مسلحين ، وقد حدث 80% من هذه الانتهاكات خلال فترة زيارة ممثلي حقوق الإنسان، وخلال الأيام العشرة التي سبقت الزيارة ، وقام ممثلو منظمتي حقوق الإنسان بجمع وثائق عن عدد كبير من الانتهاكات التي جرت خلال الأسابيع والشهور التي سبقت الزيارة ، كما أن المنظمتين لا تزالان تستقبلان المزيد من المعلومات في هذا الصدد حتى الآن ، وتضيف المنظمتان الدوليتان :
وحيث أن هذه المعلومات ترد من مصادر موثوق بها فإننا نعتقد أن هذه الانتهاكات استمرت دون فتور ، بل تزايدت لتشمل قتل أنصار حقوق الإنسان الكشميري الذين ساعدوا منظمتي مراقبة حقوق الإنسان في آسيا وأطباء من أجل حقوق الإنسان ، والذين قدموا معلومات للمنظمات العالمية وللصحافة الأجنبية!!" .
وهذا التقرير هو الثاني في سلسلة تقارير تنشرها منظمتا مراقبة حقوق الإنسان في آسيا وأطباء من أجل حقوق الإنسان حول قضية حقوق الإنسان في كشمير .
وتسعى المنظمات من نشر هذا التقرير إلى توجيه نظر المجتمع الدولي إلى أسلوب الاغتصاب للنساء الذي أصبح تكتيكاً من تكتيكات الحرب في كشمير ، كما أصبح على رأس سياسات الحكومة الهندية ، الأمر الذي دفع قوات الأمن الهندية إلى الاعتقاد بأن ارتكاب جريمة الاغتصاب لا يوجب العقاب ، إن حالات الاغتصاب التي يتضمنها التقرير مذكورة على سبيل المثال ، حيث إن جرائم الاغتصاب التي ترتكب في كشمير من الكثرة بحيث يعجز تقرير واحد عن احتوائها جميعا (!!).
إن قيام قوات الشرطة الهندية بعمليات اغتصاب يعتبر أمراً شائعاً في جميع أنحاء الهند ، والضحايا غالباً نساء فقيرات ينتمين إلى طوائف اجتماعية ضعيفة أو إلى جماعات الأقليات في الهند (مثل المسلمين) وفي بعض الحالات يتم أخذ النساء رهن الاعتقال للاشتباه في ارتكابهن جرائم صغيرة للغاية ، أو لاتهامهن بجرائم أكبر، كما يتم اعتقال النساء كرهائن لمجرد قرابتهن لأشخاص مطلوب القبض عليهم في جرائم سياسية أو جنائية ، ويتم في بعض الحالات اعتقال النساء كوسيلة من جانب رجال الشرطة للحصول على رشوة في مقابل إطلاق سراحهن.
والنساء في جميع هذه الحالات عرضة للاغتصاب من جانب رجال الأمن ، كما تحدث جرائم الاغتصاب على نطاق واسع خلال عمليات قمع حركات التمرد التي تحدث في أنحاء مختلفة من الهند خاصة في ولاية "أسام" ومناطق الصراع الأخرى في شمال شرق الهند ، إن قوات الجيش والشرطة الهندية تلجأ إلى الاغتصاب كسلاح لتوقيع العقاب والترهيب والإكراه والإذلال والامتهان (هل كان يحدث للعبيد الرومان أبشع من هذا ؟!!) .
وفي الحقيقة لا توجد هناك إحصائيات دقيقة عن عدد حالات الاغتصاب التي ترتكبها قوات الأمن الهندية في كشمير، غير أن جماعات حقوق الإنسان قد سجلت الكثير من الحالات منذ عام 1990 كما أن حالات اغتصاب عديدة قد جرت في قرى نائية ، ولهذا فإنه يكون من المستحيل حصرها ، غير أنه مما لا شك فيه أن اللجوء إلى ارتكاب جرائم الاغتصاب يعتبر أمراً شائعاً في كشمير وغالباً ما يمر دون عقاب !! .
وتضيف المنظمات الدولية : "إن السلطات الحكومية الهندية نادراً ما تُجري تحقيقات بشأن الاتهامات الموجهة لقوات الأمن والخاصة بارتكاب جريمة الاغتصاب في كشمير ، وتعد محاكمة اثنين من الجنود الهنود لاغتصابهما سائحة في أكتوبر عام 1990 هي الحالة الوحيدة- على حد علمنا- التي سمحت الحكومة الهندية بنشرها على العامة، وقد تم الحكم على الجنديين - نظريا فقط - بالسجن ، بيد أنه حتى شهر إبريل عام 1993 كان الجنديان لا يزالان في مواقعهما العسكرية (!!!) .
ورغم أن الحكومة الهندية ادعت أنها أمرت بإجراء تحقيقات حول ما تردد عن حدوث حالات اغتصاب إلى جانب اتخاذ إجراءات ضد المذنبين، إلا أنها لم تعلن حتى الآن عن أية محاكمات أو عقوبات ضد أي من رجال الأمن المتورطين في مثل هذه القضايا ، إن عدم محاكمة ومعاقبة المسئولين عن عمليات الاغتصاب ، أو عدم الإعلان عن اتخاذ أي إجراء ضد رجال الأمن المتهمين في جرائم الاغتصاب ، يعني أن السلطات الهندية تكون بذلك قد أعطت الضوء الأخضر لعمليات الاغتصاب الجماعي ضد المسلمين في كشمير وغيرها، طالما ضمن الجناة الإفلات من العقاب" .
انتهى التقرير, ولكن لم تنته تلك الممارسات الإجرامية الهندية, ومازال المسلمون في كشمير يعانون من البطش والقهر والإذلال حتى الآن , فهل هناك استعباد أبشع من هذا ؟!! .
المصدر : موقع التاريخ