على امتداد عقود أربعة مضت من الزمن، كان تصدي القطاع الخاص السوري للاستثمار الصناعي والتجاري، في سورية، يعد مغامرة محسوبة النتائج.. على الرغم من أنه كان، وربما لايزال الأكثر عراقة وقدما في سوق الإنتاج عربيا وأحيانا دوليا.
وحتى وقت قريب جدا كانت خدمة النقل الجوي من سورية وإليها والاستثمار في هذا المجال حكرا على الدولة ممثلة بالمؤسسة العربية السورية للطيران التي كانت من أولى مؤسسات النقل الجوي الحكومي في البلدان العربية، لكن هذه المؤسسة التي قدمت خدمات جليلة على مدى عقود طويلة، سواء للمسافرين من سورية أو عبرها إلى جميع خطوط النقل الجوي في العالم تقريبا، عانت خلال العقد الماضي من مشكلات تقلص دورها وتراجعه لعوامل مختلفة منها عدم تمكنها من تحديث أسطولها الجوي، أو من إعادة تعمير طائراتها بسبب الحصار والحظر المفروضين عليها.
من هنا ولكون الاستثمار في تقديم النقل الجوي يعد فتحا جديدا للقطاع الخاص السوري، بدأت أفكار بعض رجال الأعمال السوريين بالاتجاه نحو التأسيس لشراكة حقيقية ما بين رأس المال الوطني والدولة للاستثمار في هذا القطاع.. فكان تأسيس شركة «أجنحة الشام للنقل الجوي»، وهذا ما يتحدث عنه م.عصام شموط المدير العام للشركة لـ«الأنباء» في الحوار التالي:
لماذا «أجنحة الشام»؟
مع إطلاق الدولة للتشريعات الجديدة التي تواكب التطور العالمي، ووضعها للأرضية المستقرة من خلال هذه التشريعات لإتاحة المجال للرأسمال الوطني في الاستثمار الصناعي والتجاري وكذلك الخدمي، برزت لدينا فكرة الاستثمار في النقل الجوي.
محطة عبور
ولماذا النقل الجوي تحديدا؟
سورية عموما، ودمشق وحلب على وجه التحديد محطتان أساسيتان في النقل الجوي ليس في المنطقة العربية وحدها وإنما في العالم بأسره وأغلب خطوط النقل الجوي تتجه إليهما، ولاسيما إلى دمشق كمحطة عبور أو نهاية خط.
وهي صلة الوصل بين أوروبا وآسيا، وكانت المؤسسة العربية السورية للطيران تقوم بدور فاعل في تغطية احتياجات النقل الجوي من سورية وإليها، على امتداد عقود طويلة، وذلك بالتعاون من شركات نقل جوي عربية أو أجنبية..
وخلال السنوات الأخيرة، ولظروف خارجة عن إرادة هذه المؤسسة العريقة حصل عجز في هذه التغطية.
وقد تعارض هذا العجز مع تزايد احتياجات النقل الجوي سواء للركاب والمسافرين أو للشحن من سورية وإليها خلال هذه السنوات.. ما دفعنا للتفكير في تأسيس شركة «أجنحة الشام» كأول شركة خاصة سورية للنقل الجوي لاعتقادنا الراسخ بأن «أجنحة الشام» ينبغي أن تظل خفاقة في كل الفضاءات ولمحبتنا للشام.
متى كانت البدايات وفي أي اتجاه؟
البدايات كانت في العام 2007، والوجهة الأولى كانت باتجاه العراق الشقيق.
لماذا إلى العراق أولا؟
في سورية بوجه عام، وفي دمشق بوجه خاص توجد جالية عراقية شقيقة كبيرة، وبسبب عدم الاستقرار القائم هناك بسبب ظروف الاحتلال، أحجمت شركات النقل الجوي عن التوجه إلى هذا البلد الشقيق وجميعنا يعلم ان في العراق مواقع سياحية دينية هامة وأساسية يرغب الكثير في زيارتها. ومن هنا فكرنا في التوجه إلى النقل الجوي باتجاهه في محاولة منا لاستمرارية ارتباط الأشقاء العراقيين بوطنهم الأم وفي التعريف بالمواقع السياحية الدينية الهامة، في هذا البلد الشقيق. لذلك بدأت رحلات شركة «أجنحة الشام» بالتوجه إلى النجف الأشرف وإلى بغداد ومن ثم إلى البصرة.
البداية
هل تقتصر خطوط رحلات «أجنحة الشام» على العراق؟
لا، على العكس.. هنا أقول كانت البداية.. لكن خلال هذه السنوات الثلاث بعد عجز هذه الشركة الوليدة، وصلت أجنحة الشام إلى الدمام وجدة والمدينة المنورة ونجد، وتبوك في السعودية، وإلى عدد من الدول الاسكندنافية (مالمو في الدانمارك) وبروكسل في بلجيكا.
هل ستعملون على فتح خطوط ومحطات جديدة مستقبلا؟
نحن نطمح إلى شراكات جديدة مع الأشقاء في الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي جميعها. وهناك توجه، وبالتنسيق مع مؤسسة الطيران العربية السورية والشركات الشقيقة في دول الخليج العربي لتشغيل المزيد من الخطوط في هذا الاتجاه، مع مراعاة أولويات التشغيل والجدوى الاقتصادية.
على ذكر الجدوى الاقتصادية ماذا عن الأسعار لدى شركة «أجنحة الشام»؟
إن أسعار النقل على شركة أجنحة الشام تعد من الأسعار التشجيعية والمنافسة قياسا إلى أسعار شركات أخرى والتجربة أكبر برهان. في سوق النقل الجوي، كما في الأسواق الأخرى هناك أوقات ذروة، يعني في فصل الصيف مثلا تزداد الحاجة إلى النقل الجوي فتعمد الكثير من الشركات إلى رفع أسعارها. وفي فصل الشتاء يكون العكس صحيحا. نحن في شركة أجنحة الشام نراعي كثيرا مصلحة الراغب في السفر عن طريق شركتنا سعيا لكسب ثقته أولا، ولتحقيق الأمان في النقل والوصول والعودة بالسلامة إلى ومن الجهة المقصودة.
أسطول ودعم جديد
ما الطائرات التي تنقل «أجنحة الشام» المسافرين على متنها؟
أسطول «أجنحة الشام» الحالي مكون من 3 طائرات إيرباص M.D حديثة وبوينغ 757، ومكدونالدبوينغ إن دي 83، ولدينا أيضا طائرات صغيرة خاصة بالوفود الرسمية، ولخدمة رجال الأعمال وبعض هذه الطائرات يتسع لتسعة مسافرين فقط، وهذه تتواجد لأول مرة في سورية.
كما أننا بصدد تدعيم أسطولنا الجوي الناقل بالمزيد من الطائرات الحديثة نظرا للإقبال المتزايد على السفر على متن خطوط «أجنحة الشام» من جهة ولتطوير أداء الشركة من جهة ثانية، ولتلبية احتياجات النقل الجوي في سورية منها وإليها.
في حديثك عن المحطات التي تنقل إليها شركتكم ركابها وعن طموحات المستقبل لم تأت على ذكر الكويت كمحطة حالية، أو محطة مأمولة ضمن الخطة المستقبلية، لماذا؟
على العكس مما ظننت، الكويت العزيزة من أهم المحطات التي أردنا ورغبنا في الوصول إليها ولم ولن نمل السعي لتكون إحدى المحطات الرئيسية لخطوط شركتنا، لكن للأسف الشديد هناك مانع يحول دون تحقيق هذا الأمل الكبير..
ما هو هذا المانع؟
باختصار شديد أقول: للأسف الناقل الوطني السوري يعارض ويمنع شركتنا من الدخول إلى سوق النقل الجوي في الكويت الشقيقة.. لكن كما قلت سنظل نسعى حتى نحقق هذا الهدف الهام والعزيز.
وهل من جديد في خطة «أجنحة الشام»؟
جديدنا القريب جدا خلال هذا العام هو تأسيس قسم الشحن الجوي السريع، إضافة إلى أن قسم التطوير يدرس الآن عدة مقترحات لتطوير آلية العمل وزيادة الخدمة للمسافر وفتح خطوط جديدة إن شاء الله.
المصدر: هدى عبود - الأنباء الكويتية