يبدو أن المنطقة الحرة بدأت تنتبه لخطورة بث بعض القنوات الفضائية التي تحمل برامجها الإعلامية خطوطاً حمراء تؤثر بشكل مباشر علي عقلية المشاهد التي سلبت إرادته، ويتزايد هذا بصورة ملحوظة مع تصاعد ثورة الاتصال والمعلومات، ويستجيب لكل ما يقدم له دون التفكير فيما تحمله من فكر يهدم استقرار الأمم، وساهمت في غياب وعي المشاهير بقراءة الخطاب المرسل له عبر الشاشات الذي اعتبره أصحاب الفضائيات أنه مشتر جيد لسلعتهم ويحققون أعلي ربح من تليفوناته التي ابتكرتها البرامج بحجة خدمة المشاهد، وتحولت الشاشات إلي أداة تجارية بدلاً من أن تكون عنصراً مهماً للثقافة وهذا يؤكد أن الدول التي أفرطت في إنشاء قنوات خاصة خرجت عن المألوف دفعت ثمناً اجتماعياً وثقافياً باهظاً، وتحتاج إلي سنوات لتعديل منظومة الإعلام الخاص. وأري أن إيقاف القنوات التي تخالف وتخرج عن الإطار المسموح به في الرسالة الإعلامية شيء صحي، حتي تفكر القنوات مائة مرة فيما تبثه ويكون مفيداً للجمهور. وقد حذرت بعض الأقلام من قبل من خطورة البرامج التي تبني علي الشتائم والإهانة بين الضيوف وتؤثر علي النشء وسلوك الناس، وأيضاً القنوات الدينية التي تصدر كل يوم فتاوي تجعل الناس تتداولها وتحرم كل شيء وتبيح دماء غير المسلم، وتكفر ما تريد. وطالبنا كنقاد من وزراء الإعلام العرب أن يتفقوا علي صيغة لوقف مهازل هذه القنوات ولم يستجب أحد ومرت سنوات والبلبلة الإعلامية في تزايد إلي أن وقعت الواقعة وانتشرت برامج الفتنة الطائفية فانتبه المسئولون للكارثة وبدأوا يتحركون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، واتفقت شركة النايل سات مع المنطقة الحرة بمتابعة القنوات التي تبث عبر الأقمار الصناعية وتحذير أصحابها ومن لا يستجيب تغلق قنواته علي الفور كما فعلوا مع قنوات البدر والخليجية والناس التي جلبت شيوخاً ليس لهم صلة بالدين الحنيف، وقنوات الصحة والجمال والحافظ والعدالة. وهذا القرار جعل بعض القنوات التي اتبعت منذ فترة أسلوب خطاب إعلامي غير مستنير أن تلحق بالفرار من الغلق فتعلن في الجرائد أنها تضع خطة لإعادة صياغة جديدة لبرامجها مثل ما فعل صاحب قناة الحكمة. أتمني أن نري قنوات تخلق عقولاً مستنيرة وتحث علي المشاركة الاجتماعية وتعالج الأفكار الهدامة التي أصيب بها شبابنا وإعادتهم مرة أخري إلي ثقافتنا وأخلاقيتنا وتوظيف التكنولوجيا لصالح الجمهور ونقدم للشباب نماذج يحتذي بها ونفسر لهم الدين المسيحي والإسلامي بمعناهما الحقيقي حتي نعيد التنشئة الاجتماعية مرة أخري.. وأن نطبق المادة الثالثة من وثيقة الشرف الإعلامي التي تنص علي أن تتحمل وسائل الإعلام مسئولية ترسيخ إيمان الإنسان العربي بالقيم والمبادئ الخلقية الأصيلة، وعلي تربية الشباب علي احترام حقوق الإنسان وتنمية حسه الوطني وواجباته تجاه مجتمعه ووطنه.