بتـــــاريخ : 8/3/2008 1:44:51 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1972 0


    قصة محزنه( اعترافات فتاه).. تهم كل فتاه

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : admin | المصدر : www.qassimy.com

    كلمات مفتاحية  :
    قصة قصص واقعية
    شاطئ جدة يصبح ساحراً في أواخر ِ الشتاء ..

    الريح البحرية المنعشة تهب برقـّة .. محمّلة ً برائحة تذكرني بقصص السندباد ..

    والأضواء تتراقص على صفحات الموج وكأنها مدينة عجيبة تحت البحر ..

    أفتح رئتي لأستنشق المزيد من هذا الهواء المنعش .. علّ رطوبته تروي شيئاً من ظمأ في صدري ..فجأة .. شعرت بشيء أملس ينساب فوق خدي .. تلمّسته .. إنها دموع ..

    انسابَ المزيد منها حتى وجدت نفسي أبكي كطفل صغير تائه .. ولا أعرف كيف ولا لماذا ..

    انتبهت لأصوات أخوتي وأبناء خالتي الصغار وهم يلعبون حولي .. فأخفضت صوتي .. وأخذت أنشج بهدوء .. دون أن يشعروا ..

    - " سماح " .. هيا يا ابنتي .. تعالي لتناول العشاء ..

    - لا أريد يا أمي ..

    أصرت أمي وخالتي عليّ لكني أشرت لهما بأني شبعى ولا أريد .. وبقيت في مكاني على الشاطئ ..

    شيء ما كان يقض ويحرمني السعادة والتمتع في الحياة .. شيء أعرفه جيداً ..

    إني أغرق فيه .. كما يغرق طفل في أعماق ِ هذا البحر ..

    الفرق .. أن الطفل يستطيع أن يصرخ حينها ويطلب المساعدة .. قد يلوح بيده هنا وهناك طلباً للنجاة .. لكن أنا ..

    أغرق بصمت و هدوء .. دون أن يشعرَ بي أحد .. و دون أن أستطيعَ أن أبوح لأحد ..

    أشعر بالعطف على نفسي المسكينة كم تحمّلت وهي لم تتجاوز عامها السادس عشر ..

    كم عانت وخافت وبكت وهي لم تزل في بداية حياتها ..

    كل ذلك .. بسبب " حنان " .. نعم .. إنها السبب .. هي التي زينت لي هذا الطريق الشائك .. هذه الـ ..

    كلا .. بل إن أمي هي السبب .. نعم .. أمي التي لم تهتم بي يوماً ولم تحبني .. لقد تركت لي الحرية المطلقة دون أن تسألَ عني أو حتى تشك بي ولو للحظة .. ألا تعلم أني بشر .. ضعيفة .. لماذا لم تحتويني يوماً ولم تسألني عن مشاكلي .. لِمَ لم تسألني يوماً إلى أينَ أذهب مع السائق ومع من كنت أخرج ؟ .. لماذا يا أمي .. لماذا لا تحبينني وتحرصين عليّ ..

    لم أشعر بأن أحداً يحبني .. حتى احتواني هو ..

    شعرت أني وجدت كل ما أحتاجه لديه .. الحب والحنان والرقة ..

    كنت غبية ..

    كلا ! لم أكن غبية لهذه الدرجة .. أي فتاة مثلي كان بإمكانها أن تصدق ما قاله لقد كان مؤثراً في كل كلمة قالها .. كيف لي أن أعرف أنه لم يكن كذلك ؟ إنه ليس ذنبي أن صدقته .. ربما .. هو ذنب .. لا أعرف !

    أحببته من كل قلبي .. ومنحته قلبي البريء المتعطش .. و رغم جفائه لا زلت غير قادرة على كرهه .. فلماذا تركني .. لماذا فعل بي هذا ؟ .. لماذا حطّم قلبي وتركني ضائعة .. أتخبط باحثة عمّن يحتويني بعده ؟
    استمريت في البكاء مدة طويلة .. حتى مر بائع البالونات .. وحوله بعض الأطفال ..

    - مدام .. فيه صرف خمسين ريال .. ؟

    رفعت رأسي .. نظرت للبالونات الملونة .. ووجوه الأطفال البريئة حوله .. تنتظر صرف المبلغ .. ابتلعت عبراتي .. وأدخلت يدي في حقيبتي .. هذه ورقة عشرين ريال .. وهذه ورقة عشرة .. مم .. ماذا يوجد أيضاً .. هذه ورقة ..! أوف .. إنها صورته .. جعدتها بيدي واستمريت أبحث .. نعم .. هذه ورقة عشرين أخرى .. الحمدلله !

    - تفضل ..

    - شكراً مدام ..

    وناولني ورقة الخمسين ..

    - لحظة .. لو سمحت أعطني واحدة ..!!

    حملق البائع فيّ للحظة وأنا أناوله المبلغ بكل جدية .. ثم ما لبث أن ناولني واحدة .. وأكمل سيره ..

    كانت البالونة حمراء جميلة .. على شكل قلب .. لوهلة شعرت أنها قلبي الضائع الذي ذاب كمداً .. أمسكتها بيدي .. ثم ساورتني رغبة طفولية في أن أدعها تطير عالياً .. وأرقبها من هنا ..

    نظرت إليها طويلاً وضممتها .. ثم ..

    أطلقت يدي وتركتها تطير ..

    بدأت تطير بهدوء وأنا أرقبها .. شعرت في تلك اللحظة أني أحرر قلبي من سجن هذه العلاقة ..

    شعرت أني أحرر قلبي من سلطانه الظالم عليّ .. حين استغل طفولتي ونقاوتي و رقة قلبي ..

    وجعلني أسيرة لأحرف اسمه ..

    ترى .. أي حب هذا كان عليّ أن أتلظى بناره خلف أسوار الخوف والتردد وتأنيب الضمير ..

    أ كان لهذا الحب أن يعيش .. ؟ كان يجب أن أعلم يقيناً منذ البداية أنه سيموت لحظة ولادته .. لأنه حب كاذب وغير شرعي ..

    توقفت للحظة عن هذا التفكير ..

    وأخذت أنظر إلى البالونة وهي تطير نحو السماء .. سبحان الله .. كم هي جميلة .. ضوء القمر انساب على هذه الغيوم فأكسبها غلالة رائعة .. والبالونة تطير .. وتطير .. ثم تخترق الغيوم .. وتطير .. عاااااالياً .. حتى اختفت ..

    فكرت لوهلة .. وماذا خلف هذه السماوات .. ماذا هناك ..

    سرت في جسمي قشعريرة غريبة .. حين تخيلت أن الله فوقنا الآن ..

    إنه ينظر إليّ .. في هذه اللحظة .. ويعلم بكل ما يتردد في سري .. فانتابتني خشية لم أشعر بها من قبل ..
    سبحان الله .. إنه ينظر إليّ الآن .. وقد كان ينظر إليّ منذ ولدت ..
    وحين كنت أحادث طارق في الهاتف .. وحين كنت أخرج معه .. يا الله .. كان الله ينظر إليّ في كل لحظة .. لكنه أمهلني .. وصبر عليّ وهو الصبور الكريم .. أكرمني و رحمني .. ولم يعجّل بعقابي أو بموتي حتى أموت وأنا عاصية ..

    تذكرت فجأة قصة روتها لنا معلمة فاضلة .. حين قالت .. أن سيارة أصيبت في حادث ومات من فيها .. وحين أخرجوهما وجدوهما فتاة بصحبة شاب .. فتخيلوا الموقف حين يحضر الأب والأهل .. ويعلموا أن ابنتهم ماتت وهي خارجة مع شاب .. ! فضيحة في الدنيا والآخرة ..

    توقفت لوهلة وتخيلت لو كنت أنا مكانها ..

    كيف سأسوّد وجه أبي وأمي وعائلتي .. وقبل كل ذلك .. كيف سيكون مصيري وموقفي .. هناك .. أمام الله ؟


    يا الله .. الحمدلله .. أن كتب لي النجاة من هذه العلاقة .. الحمدلله أن نجاني منه قبل أن يحصل ما لا تحمد عقباه ..
    الحمدلله أن رحمني ولطف بي وأمهلني حتى هذه اللحظة ..

    شعرت بانتعاش يسري في قلبي وكأنه عاد للحياة من جديد .. وبدأ ينبض بصوت الحياة ..
    أدخلت يدي في حقيبتي .. وأخرجت صورته .. نظرت إليها طويلاً ..

    أيها القاسي .. كيف استطعت أن تعبث بقلب فتاة مثلي بكل برود .. كيف كنت تدعي الحب الصادق والعشق .. وأنت أبعد الناس عنه .. ؟!

    ابتسمت حين تذكرت عبارات حبه .. وأنا أتذكر لحظة اكتشافي لعلاقته بإحدى صديقاتي في نفس الوقت !

    أشعر بالعجب حقاً كيف كان لي أن أصدقه طوال تلك المدة .. وأصدق أعذاره و حججه ..

    نظرت مرة أخرى .. يا الله ! خلف ذلك المنظر الوسيم كان يختفي شخص آخر .. كم كنت بلهاء حين عشقت القناع .. وبعت من أجله راحتي وهدوء نفسي .. بل بعت ديني .. حتماً إنك لا تستحق سوى الرثاء أيها الـ .....

    توقفت عن التفكير .. شخص مثله لا يستحق أن أخسر دقيقة في التفكير فيه ..

    مزقت صورته .. مزقتها تماماً .. إلى قطع صغيرة .. رميتها على الأرض ثم وقفت لأطأها برجلي .. شعرت في هذه اللحظة أني أرمي القيد الذي كان يكبلني ويحرمني السعادة .. الحمدلله .. يا الله .. اغفر لي و تب عليّ ..

    يا الله .. كم أنت رحيم وكريم .. أمهلتني وصبرت عليّ وأنا أعصيك .. فامنن عليّ بعفوك ومغفرتك وأنا عائدة إليك ..

    وفجأة .. شعرت بقرصة جوع ، فقمت من مكاني لأجري نحو أمي وخالتي .. بقي شيء من العشاء ؟ أنا جائعة !

    وخلفي .. تهادت موجــة قويــة غمرت مكان جلوسي ..

    وابتلعـت بقـــــــايــــا صـــــورتـــــه


    كلمات مفتاحية  :
    قصة قصص واقعية

    تعليقات الزوار ()