دبي (ا ف ب) - بعد سنة من طلب مجموعة دبي العالمية تجميد استحقاقات ديونها واهتزاز الاسواق في العالم نتيجة ذلك، ما زالت الامارة تجهد للتعامل مع استحقاقات الديون الا انها تعود الى نشاطاتها الاقتصادية الاساسية كالتجارة والنقل والسياحة كوسيلة للتغلب على تداعيات الازمة.
وبعد الانفجار المذهل لفقاعة العقار الذي كان المحرك الاساسي للنمو في سنوات الطفرة، يبدو ان اهتمام الامارة والمستثمرين انتقل الى قطاعات اخرى كانت سبب نجاح دبي في الاصل مثل التجارة والسياحة والنقل وسائر النشاطات اللوجستية.
وكانت الاسواق العالمية اهتزت في 26 تشرين الثاني/نوفمبر بعدما طلبت مجموعة دبي العالمية التابعة لحكومة دبي تجميد استحقاقات ديونها، بعد ان شكلت لسنوات ابرز مجموعات الاعمال في الامارة.
ولا تملك دبي احتياطات نفطية كبيرة كتلك التي تملكها ابوظبي.
لكن بعد هذه الازمة التي كان لها وقع كالزلزال في دبي، تمكنت الامارة من الاتفاق مع الدائنين على اعادة جدولة ديون لدبي العالمية بحوالى 14,4 مليار دولار على شريحتين تستحقان بعد خمس وثماني سنوات مع معدل فائدة معتدل نسبيا.
الا ان الامارة ما زالت بحاجة الى المال لسداد ديون اخرى تستحق في المدى المتوسط.
وقالت مونيكا مالك كبيرة خبراء بنك "اي اف جي هيرمس" الاستثماري "ليس هناك مخاوف بشأن الديون على المدى القصير".
واضافت في حديث مع وكالة فرانس برس "لكن على المدى المتوسط، هناك حاجة لجمع الاموال للحد من مستوى الدين وهذا سيتطلب بيع بعض الاصول".
وتملك مجموعة دبي العالمية اصولا مهمة، مثل شركة موانئ دبي العالمية التي تعد رابع اكبر مشغل للوانئ ومحطات الحاويات في العالم.
كما تملك حصصا في فندق اتلانتس في دبي وشبكة المتاجر "بارنيز" في الولايات المتحدة اضافة الى المجموعة الفندقية "ام جي ام".
وتحاول المجموعة تاخير عملية بيع الاصول على امل تسجيل انتعاش افضل في الاسواق العالمية ما سيسفر عن تحسن قيمة هذه الاصول وجني مزيد من الاموال جراء بيعها.
وتواجه مجموعات اخرى في دبي ضغوطا ناتجة عن الديون.
فمجموعة دبي القابضة التي يملكها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم، وهي ايضا ضمن المجموعات الكبرى المرتبطة بحكومة دبي والمعروفة ب"دبي انك"، حظيت مؤخرا بضخ اموال بمقدار ملياري دولار.
وبحسب بعض المعلومات المتداولة في السوق، فان "مجموعة دبي" (دبي غروب) وهي الذراع المالية لدبي القابضة، تخلفت عن دفع استحاقاقين من ديونها بقيمة 330 مليون دولار.
وفي تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز، قال محمد شيباني الذي ينظر اليه على انه ابرز معاوني الشيخ محمد في ملف ادارة الديون، ان حكومة دبي ستتدخل عندما وحيث يتبين ان هناك حاجة لذلك.
وكانت دبي تمكنت من تجنب تعثر مجموعة دبي العالمية ومن السيطرة على عملية اعادة جدولة الديون، بفضل 20 مليار دولار من الدعم المالي حصلت عليها من امارة ابوظبي ومن مصرف الامارات المركزي.
الا ان اجمالي ديون دبي، الحكومة والشركات المرتبطة بها، تصل الى مئة مليار دولار على اقل تقدير، وهو ما يبقي على مستوى من المخاوف خصوصا في ظل انخفاض القطاع العقاري.
وقالت ملك ان "الظروف ستظل صعبة. دبي ستستمر بالشعور بتداعيات الفقاعة العقارية والديون على المستوى المتوسط".
وتعاني المصارف المحلية من انكشافها على قطاع العقار.
وقال علي شيباني رئيس البنك الاستثماري الذي مقره دبي "رسملة"، ان مشكلة المصارف "هي انها لم تنظف دفاترها بعد". واضاف "نحن بحاجة للقيام بذلك ولضخ اموال جديدة للسماح للمصارف بالعودة الى الاقراض، فمن دون ذلك سيكون الانتعاش ناقصا".
ولكن اذا ما وضع القطاع العقاري جانبا، فان القطاعات الاخرى تبدو في وضع جيد وهي تعود للنمو.
وذكرت دائرة الاحصاءات في دبي ان النمو في الامارة سيكون بحدود 2,3% هذه السنة بينما تشير ارقام صندوق النقد الدولي الى نمو بنصف نقطة مئوية فقط مقارنة بانكماش بنسبة 1,3% في 2009.
وذكر الصندوق في تشرين الاول/اكتوبر ان اداء القطاع السياحي في دبي وكذلك القطاع التجاري، يتقدم بشكل افضل من المتوقع.
واشارت مونيكا مالك الى تسجيل "انتعاش صلب في السياحة والتجارة، وهما قطاعان عرفت دبي كيف تطورهما، وهما سيحفزان النمو".
وتملك دبي اكبر وانشط مطار في المنطقة كما تملك شركة طيران الامارات التي ارتفعت ارباحها بنسبة 351% في النصف الاول من السنة المالية.
وقال علي شيباني ان القطاعات الاساسية لاقتصاد دبي اكتسبت مزيدا من القوة بعد الازمة، خصوصا ان الخدمات الفندقية واللوجستية والمكاتب والغرف باتت "متوفرة بالكمية والنوعية للمرة الاولى".
واضاف "عندما نجمع ذلك مع شركة طيران ومطار من الدرجة الاولى، يكون لدينا نموذج رابح لا يمكن التغلب عليه على المستوى الاقليمي".