قد يتساءل الوالدان ، وهذا التساؤل له ما يبرره كل التبرير ، لماذا يلاحظ على بعض الأطفال خلال مرحلة طفولتهم بعض السلوك العابر المزعج والمسيء للأهل ، بينما يعتري البعض الآخر أنماط السلوك السيىء بحيث يخلق مثل هذا السلوك بالنسبة للوالدين مشكلة دائمة ، وأعباء تربوية مرهقة مضنية ؟
الذي لا جدال فيه أن السلوك المقبول التكيفي ، والآخر السيئ المنافي المرفوض ، إنما يتعززان بالإثابات والمكافآت التي يتلقاها الأطفال من قبل الوالدين خلال العملية التربوية . ففي بعض الأحيان ، وبصورة عارضة ، قد يلجأ الوالدان إلى تقوية السلوك السييء الصادر عن أطفالهما بدون أن يعيا النتائج السلبية السلوكية لهذه التقوية أو التعزيز ، وهنا يكونان قد خلقا متاعب بأيديهما من جراء هذا الخطأ في تعزيز السلوك السيئ .
مثالنا على ذلك إغفال الوالدين للولد عدم التزامه بموعد ذهابه إلى الفراش الذي اعتاد عليه ، وتركه مع التلفزيون يتابع برامجه التي تجذبه . هذا الإغفال هو إثابة غير مباشرة من جانب الوالدين لسلوك غير مستحب ينشأ عنه نشوب صراع بين الطرفين من أجل إجباره على النوم في وقت محدد وبخاصة إذا كانت مدة النوم قليلة بالنسبة للولد ، تجعله في تعب عصبي يمنعه من القيام بواجباته المدرسية البيتية . لذا فالسلوك غير المستحب إذا ما تم عدم إثابته أو عوقب من أجله ، فإنه سيظل ضعيفاً غير مرسخ ولا معزز ، سهل الإزالة والمحو ، وأقل احتمالاً في استمراره أو ظهوره مستقبلاً .
هناك ثلاث قواعد أساسية ناظمة لتربية الطفل يتعين على الوالدين مراعاتها . وهذه القواعد سهلة التطبيق ، غالباً ما تجنب المتاعب السلوكية التي تصد عن أولادهما ، والالتزام بهذه القواعد يستوجب الاستمرارية واتخاذها نهجا تربويا أساسياً . وهذه القواعد هي :
1-إثابة السلوك المقبول الجيد إثابة سريعة بدون تأجيل . فالطفل الذي التزم في المكان المألوف العادي الذي عينته له والدته ( المرحاض )، عليها أن تبادر على التو بتعزيز هذا السلوك ، إما عاطفياً وكلامياً ( المدح والتشجيع والتقبيل ) ، أو بإعطائه قطعة حلوى ، ووعده بمتابعة إثابته في كل مرة يلتزم بالتبول في المرحاض . والأمر كذلك عند الطفل الذي يتبول ليلاً في فراشه ، حيث يثاب عن كل ليلة جافة .
2-عدم إثابة السلوك السيئ إثابة طارئة عارضة ، أو بصورة غير مباشرة . ومثالنا هو الذي الذي ضربناه في البدء .
3-معاقبة السلوك السيئ عقاباً لا قسوة فيه ولا عنف شديد .
ويحسن بنا هنا أن ندخل في شيء من التفصيل لهذه القواعد الثلاث كيما نصل إلى مدركات الآباء بما يقنعهم بأهمية هذه القواعد التربوية الهامة ، التي تسهل عليهم تنشئة أطفالهم ، وتوفر عليهم متاعب سلوكية كبيرة ، وتضفي عليهم متعة تربية الولد، وتدفع عنهم شقاوة التعامل معهم .
آ- إثابة السلوك الجيد
يتعلم الطفل الكلام ، والاعتماد على ذاته باللباس ، ومشاركة الأطفال في التسلي باللعب ، لأنه يتلقى الاهتمام ، والإثابة من قبل الوالدين وأفراد الأسرة ، والمحيط الذي يعيش في كنفه وإطاره . ويقع على الوالدين بالدرحة الأولى ممارسة الإثابة كنهج أساسي تربوي في تسييس الولد ، والسيطرة على سلوكه وتطويره تطويراً سليماً ومتكيفاً . وإيجابية الإثابة في تعزيز السلوك الحسن التكيفي لا تقتصر في الواقع على الأطفال ، بل هي أداة حفز هام في ترشيد الأداء الجيد ، ورفع وتيرته ، وخلق الحماس ورفع المعنويات ، وتنمية الثقة بالذات عند الكبار أيضاً، لأنها تعكس معنى القبول الاجتماعي الذي هو جزء من الصحة النفسية وعلى هذا فإن الإثابة Reward ، تؤطر السلوك وتحدد منحاه وتوجهاته عند الصغار والكبار على حد سواء .
ثم إن الطفل الذي يثاب على سلوكه الجيد المقبول المتوافق ، فإن هذه الإثابة تحفزه على تكراره مستقبلاً . وهذا ما نراه عند الكبار الذين يستمرون في عملهم ، لأنهم يتقاضون أجوراً في نهاية الأسبوع أو الشهر . والأجور هي إثابة على عمل مقبول من قبل رب العمل بالمعنى التحليلي .
السؤال المطروح هنا هو : ما نوع الإثابة الواجب استخدامها ، وأي منها تبدو أكثر فعالية ؟
1- الإثابة الاجتماعية : هذا النوع من الإثابة هو على درجة كبيرة من الفعالية في تعزيز السلوك التكيفي المقبول المرغوب عند الكبار والصغار معاً . ونعني بالإثابة الاجتماعية ، الابتسامة والتقبيل والمعانقة والربت والمديح والاهتمام ، وإيماءات الوجه وتعبيرات العين المعبرة عن الرضا والحبور والاستحسان . فالعناق والمديح تعبيران عاطفيان سهلا التنفيذ والأطفال عادة ميالون إلى هذا النوع من الإثابة بالإضافة إلى التقبيل ، لأن فيهما مضامين عاطفية ، وحنان وحب .
قد يضن بعض الآباء على أولادهم إبداء الانتباه والمديح لسلوكيات مليحة مستحسنة أظهروها ، إما بفعل انشغالهم المفرط في أعمالهم اليومية ، فلا وقت عندهم للانتباه إلى سلوكيات أطفالهم ، أو لاعتقادهم ، خطأ طبعاً ، أن على أولادهم إظهار السلوك المؤدب المهذب بدون الحاجة إلى إثابة ومكافأته . فالطفلة التي رغبت في مساعدة والدتها بإعادة ترتيب غرف النوم أو في بعض الشؤون المنزلية ، ولكنها لم تقابل على هذا العون بأيه إثابة من والدتها ، فإنها ، في أكثر الاحتمالات ، لن تكون متحمسة إلى إبداء هذا العون لوالدتها مستقبلاً تلقائياً .
يبدو المديح فعالاً في تعزيز السلوك المرغوب للطفل . وهنا يتعين إثابة السلوك ذاته وليس الطفل ، لأن الهدف هو جعل هذا السلوك متكرراً مستقبلاً فالطفلة التي أعادت ترتيب غرفتها ونظمتها ، يمكن إثابة سلوكها من قبل الأم بالمقولة التالية :
" تبدو غرفتك فاخرة رائعة ، وتنظيفك لها وإعادة تنظيمها هما عمل أفتخر به يا حبيبي "
وهذه المقولة لها وقع أكبر في نفسية البنت من القول التالي :
" أنت فتاة جيدة " .
2- الإثابة المادية : إلى جانب الإثابات المعنوية الاجتماعية هناك المكافآت المادية ، كإعطاء الطفل أو الطفلة الحلوى ، والألعاب والدراهم ، أو إشراك الطفلة في إعداد الحلوى مع والدتها تعبيراً عن شكرها لها ، أو اصطحاب الطفل برحلة ترفيهية خاصة ( سينما ، حديقة حيوانات ، سيرك …الخ ).
ودلت الاحصائيات على أن الإثابة الاجتماعية تأتي بالدرجة الأولى في تعزيز السلوك المرغوب ، بينما تأتي الإثابة المادية بالدرجة الثانية ، ولكن هذا لا يمنع من وجود أطفال يفضلون الإثابات المادية . وفيما يلي الإثابات التي اتضح أن الأطفال يفضلونها :
الإثابات الاجتماعية
|
إثابات النشاط والامتيازات
|
الإثابات المادية
|
الابتسامات
|
لعب الورق مع الأم
|
شراء بوظة
|
العناق
|
الذهاب إلى الحديقة
|
شراء ساعة
|
الربت
|
مشاركة الأب في تصفح كتاب شيق
|
إعطاء مال
|
الاهتمام
|
مساعدة الأم في تحضير الحلوى
|
شراء لباس
|
اللمس والاتصال
|
السماح للطفل بمشاهدة التلفاز حتى ساعة متأخرة ليلاً
|
شراء بالونات
|
مصافحة اليد
|
اللعب بالكرة مع الوالد
|
شراء حلوى خاصة
|
المديح والإطراء
|
تنظيم لعبة جماعية مع أفراد الأسرة
|
شراء حلي
|
اللمز والغمز
|
الذهاب لتناول عشاء فاخر خارجاً
|
|
وكما ذكرنا يتعين تنفيذ المكافأة تنفيذاً عاجلاً بلا تردد ولا تأخير ، وذلك بعد إظهار السلوك المرغوب ، والأداء المطلوب ، والتعجيل بإعطاء المكافأة أو الإثابة الاجتماعية هو مطلب شائع في السلوك الإنساني ، وعلى الأبوين الامتناع عن إعطاء المكافأة أو توجيه الإثابة لسلوك مشروط من قبل الطفل ، أي طلب إعطاء المكافأة قبل أداء السلوك المطلوب . فالإثابة تأتي بعد تنفيذ الأداء أو السلوك المطلوب وليس قبله .
ب- لا تثب السلوك غير المرغوب فيه بصورة عارضة
السلوك غير المرغوب الذي يثاب حتى ولو كان ذلك بصورة عارضة وبمحض الصدفة ، من شأنه أن يتعزز ويتكرر مستقبلاً . فالمشاهدات الحياتية تظهر لنا أن الآباء المنهمكين في أعمالهم ، وليست لديهم الفرص الكافية ليقضوا جانباً من وقتهم مع أولادهم بصورة منتظمة ، يقدمون إثابات عن غير قصد ولا بصيرة لأولادهم عند انخراطهم بمظاهر سلوكية منافية ومرفوضة . ومثل هذه الإثابة الخاطئة تخلق مستقبلاً ، متاعب لهم ولأولادهم على السواء . ولعل هذا الجانب من سوء التقدير وضعف الفطنة هو من أكثر الأخطاء شيوعاً في أجواء الأسر . مثالنا على ذلك الأم التي تساهلت مع ابنتها في ذهابها إلى النوم في وقت محدد ، بحجة عدم رغبة البنت في النوم وعدم شعورها بالتعب ، فرضخت الأم لمطالبها بعد الرفض المشفوع بالبكاء والتمتع . وقد سمحت لها الأم إزاء هذا التمتع والرفض بالبقاء مدة نصف ساعة أخرى ، متذرعة بعدم قدرتها على تحمل بكاء وصراخ ابنتها .
في هذا الوقت تعلمت البنت أن مقدورها اللجوء إلى السلوك الحرون مستقبلاً لتلبية رغبتها وإجبار والدتها على الكف عن مطالبتها بالنوم في الوقت المحدد ، بعد ما حصلت على تعزيز لهذا السلوك الرافض، مستخدمة سلوك الصراخ والبكاء والتمرد وسيلة لتحقيق هذا المطلب .
ومثل هذه السلوكيات تكون متعلمة تماماً على غرار السلوك المقبول . لذا يتوجب على الوالدين عدم إثابة السلوك غير المرغوب حتى ولو بدون قصد .
مثال آخر : طفل عمره خمسة أعوام يرغب في شد انتباه أمه إليه ، وبخاصة عندما تكون منهمكة في شؤون تدبير المنزل ، عمد إلى البكاء بصورة ملحة ، حتى ضاقت الأم ذرعاً من بكائه المزعج ، فاضطرت إلى التوقف عن عملها ( وهذا كان مطلبه ) والتفتت إليه توبخه على بكائه غير المبرر ، ومن ثم استفسرت منه عن الشيء الذي يزعجه . تعلم هذا الطفل أنه عندما يرغب بشد انتباه أمه إليه ما عليه أولا سوى اللجوء إلى البكاء وقبول التوبيخ البسيط ، حيث سيحظى في النهاية بمطلبه . وهكذا نجد كيف أن الإثابة غير المقصودة من جانب الأم على بكائه علمته كيف يبتزها ، فأضحى سلوكاً رابحاً عنده . فالأطفال والآباء يعلمون بعضهما بعضا السلوكيات غير المستحبة واللامقبولة .
وثمة مثال آخر عن الطفل العنيد الذي يجبر أمه على الرضوخ لمطلبه بالبكاء والمزاج الغضوب الثائر ، مما يستأثر بعطفها عليه كيما يكف عن بكائه فتعمد إلى تلبية طلبه . وهكذا يكون هذا الطفل القوي الإرادة هو المسيطر على والدته في تلبية كافة طلباته يجعلها منزعجة وموترة إلى أن يحصل على غرضه .
وأعرف صديقاً لا يستطيع تبديل شريط مسجلة سيارته ، كلما كان ابنه راكباً السيارة . فيرغمه هذا الصبي على إبقاء شريطه المفضل طوال فترة ركوبه السيارة ، رغماً عن أنف والديه . فالتساهل في تلبية هذا الطلب بهدف الكف عن إلحاحه جعله يفرض إرادته عليهما ، نتيجة هذا التعزيز للسلوك غير المرغوب .
ج- عليك معاقبة السلوك غير المرغوب الصادر عن أولادك
إن التربية الخالية من الألم هي تربية موجودة في الفراغ ، ومحض تصور لا معنى له على الإطلاق . يحمل الطفل الدوافع والغرائز التي تنحو نحو الإشباع والتلبية من جانب المحيط . وهذه الدوافع التي تخدم الذات كثيراً ما تتضارب في وسائل إروائها وإشباعها مع النظم والمعايير الاجتماعية والأخلاقية السائدة . ويصعب تصور إنساناً تمكن من تمييز ما يقبله المجتمع من سلوك يصدر عنه ، وآخر مرفوض من هذا المجتمع بدون إخضاع سلوكه منذ نعومة أظفاره إلى الترشيد الذي يقبله المجتمع . والعملية الترشيدية – التربوية لسلوك الطفل تقوم بأساسها على تعلم السلوك المقبول اجتماعياً وتعزيزه وإكراهه على التخلي عن السلوك المجافي الذي يرفضه المجتمع . وهذه العملية التعليمية لابد وأن تقوم على الإثابة للسلوك المناسب ، والعقوبة للسلوك المرفوض . وأية عملية تربوية لا تأخذ بمبدأ الإثابة والعقاب في ترشيد السلوك بصورة متوازنة وعقلانية ، فإن الانحراف في السلوك سيكون نتاج هذه التربية ، بل إن عملية التكيف الاجتماعي برمتها هي توافق بين الحاجات الشخصية والحاجات الاجتماعية ، وتوازن بين الأخذ والعطاء في المجتمع . وإذا سلمنا بهذا المبدأ الجوهري ، يحتم في العملية التربوية – الترشيدية للسلوك معاقبة السلوك الخاطئ غير المقبول الذي يصدر عن الطفل . والعقوبة يجب أن تكون مناسبة ( خفيفة ) لا قسوة فيها ، لأن الغرض منها أساسا عدم تعزيز السلوك السيئ والحيلولة دون تكراره مستقبلاً وليس إيذاء الطفل وإلحاق الضرر بجسده وبنفسيته من وراء العقوبة ، كما يتصرف بعض الآباء في تربية أولادهم .
وعلى نقيض ذلك نجد أمهات ( بفعل عواطفهن من الأمومية الطاغية وبخاصة إذا كان الولد وحيداً في الأسرة ) يعزفن عن معاقبة أولادهن لسلوكيات خاطئة ، قد تكون خطيرة مستقبلاً على تكيفهم . إنهن يكافئن فقط السلوك الجيد بينما يعزفن عن معاقبة السلوك السيئ . فالطفل هنا أضحى في موقف لا يستطيع تقويم السلوك الخاطئ المرفوض ، لأن عدم ردعه جعله يعتقد أنه سلوك مقبول أيضاً ( السكوت هو إثابة ضمنية ) . إنه مستقبلاً سيكون عرضة للصراع النفسي بين صد أفراد المجتمع لما يصدر عنه من سلوك مرفوض ، وبين رغباته الاجتماعية والشخصية . ومثل هذا النقص في التكيف يرتد عليه بمشاعر الاضطهاد ، وفقدان اعتبار الذات والانسحاب من المجتمع والولوج في متاهات الاضطراب النفسي .
تأخذ العقوبة مظاهر وتعابير متعددة ، ونذكر منها الأكثر نجاعة من حيث التطبيق وتحقيق الغرض :
- التوبيخ والتقريع .
- التنبيه لعواقب السلوك السيىء .
- الحجر لمدة معينة .
- العقوبة الجسدية .
امتنع عن العقوبة القاسية المؤذية المعنوية والجسدية كالتحقير وإنقاص الذات ، أو الضرب الجسدي العنيف المؤذي ، لأن العقوبة القاسية تؤذي الشخصية ، وتخلق ردود أفعال سلبية تتمثل في الكيد ، والإمعان في عداوة الأهل من خلال التمسك بالسلوك السلبي غير المرغوب لمجرد الانخراط في صراع مع الوالدين وتحدي سلطتهما .
وكيما يكون القارئ في سياق ما ذكرناه ، وفاهماً القصد والهدف ، ومستوعباً القواعد السلوكية في التربية التي شرحناها ، يحسن بنا أن نضرب أمثلة عن الأخطاء التي قد يرتكبها الأهل بحق أولادهم وفقاً للقواعد المذكورة :
· مثال عن الخطأ المرتكب في عدم إثابة الطفل على سلوك جيد
الولد ( سامي ) ، في الصف الرابع ابتدائي ، حمل سجل علاماته المدرسية الباهرة إلى والده الذي كان يقرأ الصحيفة اليومية . تقدم الولد من والده وهو يبتسم قائلاً : إليك يا والدي إنجازاتي الدراسية التي حققتها هذا العام ، إنها بلا شك ستسرك جداً . وبدلاً من أن يقطع الوالد قراءته للصحيفة ،ويبادره بالاستحسان والإثابة . طلب منه الذهاب إلى والدته ليسألها عن الوقت الذي يكون فيه الطعام جاهزاً ، معتذراً من الولد لأهمية الموضوع الذي يقرأه في الصحيفة .
· مثال عن الخطأ المرتكب في معاقبة الولد عقاباً عارضاً على سلوك جيد
البنت ( رنا ) ،رغبت في أن تفاجئ أمها بشيء يسرها ، فعمدت إلى غسل جميع الصحون التي استعملت في فترة وجبة الغذاء ، فقالت لها : أماه ها قد غسلت جميع الصحون ، ألا يسرك هذا ؟ الأم : لقد حان الوقت لأن تقومي بعمل كهذا ، ولكن لماذا لم تنظفي الأواني الموجودة في الفرن ، هل نسيتي ذلك ؟
إن جواب الأم كان عقوبة وليس إثابة ، لأنها أولاً لم تعترف بالمبادرة الجميلة التي قدمتها البنت لها . وثانياً وجهت لها اللوم على تقصيرها في ترك أواني الفرن بدون تنظيف بصورة غير مباشرة .
· مثال على إثابة السلوك السيئ إثابة عارضة غير مقصودة
الصبي (ماهر) ، عمره ستة أعوام ، عاد ظهراً إلى المنزل – وقت الغذاء – وأخبر والدته أنه يعتزم الذهاب إلى المسبح القريب من المنزل قبل أن يتناول غذاءه مع أفراد أسرته . طلبت منه والدته أن يتناول الطعام ، ويأخذ قيلولة ومن ثم يذهب للسباحة . رفض ماهر وأصر على تنفيذ ما خططه ، فهددها بالبكاء والامتناع عن الطعام ، إن رفضت السماح له بالسباحة في الوقت الذي يريده ، أي الآن . فما كان من والدته إلاّ وأذعنت لمطلبه قائلة له : أي شيء ولكن لا تبكي ولا ترفض الطعام . اذهب للسباحة كما تشاء .
· مثال على عدم معاقبة سلوك سيئ
بينما كان الأم والأب جالسين مساء في غرفة الجلوس ، لاحظا كيف اندفع الابن الأكبر سمير وبعدوانية يصفع أخاه الأصغر على أذنه خلال شجار وقع بينهما وهما يلعبان الورق . التفتت الأم وقالت لزوجها : هلا عمدت إلى تأديب سمير على هذه العدوانية السيئة . أجابها الزوج : الأولاد يظلوا أولاد ، يقتتلون لفترة ومن ثم يعودون إلى الوئام …
وناحية هامة نلفت النظر إليها ، ترتبط بالمشكلات والمتاعب السلوكية عند الأولاد ، هي أن للحالة الفيزيولوجية – البدنية دورها في السلوك غير المرغوب . فالطفل الجائع ، التعب ، تنخفض قدرته في السيطرة على ذاته انخفاضاً مؤقتاً عابراً ، فتقوي هذه الحالة الفيزيولوجية المضطربة من سلوكه المضطرب . كما وأن بعض الحالات المرضية أيضاً تزيد من المشكلات السلوكية عند الأولاد عموماً . وهنا يتعين على الآباء التبصر في المشكلات السلوكية بعلاج أسبابها المرضية البدنية مستعينين بالمشورة الطبية .
ومهما كانت الأسباب التي تسهم في زيغ سلوك الأطفال واضطرابه ، فإن القواعد الثلاث الجوهرية التي ذكرناها تظل الدعامة الأساسية في ترشيد السلوك نحو الوجهة السليمة ، والوسيلة السيكولوجية الفعالة في تربية الطفل تربية اجتماعية سوية وتكيفية .
" من كتاب كيف تعالج متاعبك من سلوك ولدك 1990 ، للمترجم "