نقول في مصر: استقبل العيد بالجديد، وأنا طورت هذه المقولة لتكون استقبل العام الجديد بشيء جديد. نعرف جميعا من دروس العلوم أن الدم بداخلنا يجدد خلاياه كل حين من الوقت، فماذا عنا نحن؟ ماذا عن تجديد أفكارنا ومعتقداتنا وأعمالنا – ومدوناتنا؟
لنبدأ من القمة، لاحظتم بالطبع الرسم الكرتوني لمحدثكم، وسألني الكثيرون عن قصة هذا الرسم، وبدأ الأمر حين وجدت في موقع يهتم بأخبار أشهر الإعلانات خبرا عن رسم استخدمته هيئة حماية حقوق المستهلك في قطر (الرابط) وعلى الفور تواصلت مع من رسمه وعرفت أنه فنان من أقصى شرق روسيا، وطلبت معرفة سعره لرسم كاريكاتير لي. كان سعره الأولي صدمة مرعبة لي، فاعتذرت له بلطف وأكدت له أنه موهوب وأنه يستحق مثل هذا السعر لكني ميزانيتي ترفض أن تسمن وتكبر أكثر.
بعد أيام عاد لي وقال لدي فترة فراغ حالية ويمكنني أن أرسم لك رسما سريعا بدون طلبات كثيرة منك وسعره كذا، فوافقت وكان الرسم الذي ترونه. الطريف في الأمر أن أهل روسيا مفتنون بإمارة دبي، وهذا من العوامل التي جعلت الصفقة بيننا تتم، فالرجل أراد التواصل مع عميل من دبي (الرابط)!
أريد هنا التنبيه على أشياء كثيرة، فأنا راسلت قبله رسامين عرب، لكني وجدت أكثرهم إما مشغولا بأعمال أخرى، أو يستعمل الإبل في تبادل الرسائل ولا يرد على السائلين إلا في موسم الربيع من كل عام! المصيبة الأخرى أن كل واحد منهم – إلا من رحم ربي – يرى نفسه العبقري الوحيد، ولذا من العيب أن تقول له عليك تعديل هذه أو تغيير تلك… وهنا تكون نهاية التعامل. حتى وإن وجدت من لديه العبقرية فعلا، تجده يتأخر كثيرا… وهذا كله لم يحدث مع Fil Dunsky الرسام الروسي.
أنا لا أريد التقليل من شأن الرسامين العرب، فنحن بحاجة لهم، لكن كذلك عليهم أخذ الأمر بجدية وحرفية أكبر. الرد على الرسائل يجب أن يكون على الفور، ولو برسالة مفادها أنا مشغول حاليا وسأعود إليك بعد انتهائي. غرضي من هذا الكلام التنبيه لضرورة زيادة درجة الالتزام لدى الجميع، ولا أقصد شخصا بعينه. لا تملك الوقت، قلها وبسرعة، لا عيب في الاعتذار ورفض طلب عمل لا تستطيع الوفاء به، لكن اضغط على زر الرد – لا تترك رسائلك بلا رد.
بعدها يأتي وقت الكلام عن تحديثي لشعار المدونة من الأمل التفاؤل النجاح التسويق إلى ملتقى العصاميين والناجحين. بعد سنوات من استخدام الشعار القديم، تبين لي أشياء كثيرة. بداية، لا جدال في أن عالمنا العربي بحاجة ماسة لقصص نجاح واقعية ذات نهايات جميلة، مثل شخص بدأ من تحت خط الفقر ونجح وحقق حريته المالية. آخر كان ناجحا فخسر كل شيء، لكنه لم ييأس وعاد من جديد لتسلق قمة جبل النجاح.
المشكلة كانت أن قراء مدونتي حين قرؤوا مثل هذه القصص عندي، انتشوا بجرعة التفاؤل والأمل لفترة – ثم هبطت همتهم ولم يعرفوا ما الخطوة التالية لهم. ما الحل؟ لسنوات خلت كنت أحفز القراء لعمل شيء ما، اتخاذ خطوة ما، ثم أتركهم على أمل أن يعرفوها وحدهم، لكن التجارب والأيام أوضحت لي أني أترك من لا يتقن فن العوم في بحر متلاطمة أمواجه، تتقاذفه على غير هدى.
لكل مشكلة أكثر من طريقة لحلها، أنا وأنت ومن سيأتي بعدنا سيحلها بشكل مختلف. في ضوء ما توفر لي من قراءة وفكر واجتهاد، وجدت أن تأسيس الفرد لشركته، وانطلاقه في تجارته، هو حل مشكلة الفقر، والضياع، والسير على غير هدى، والبطالة والعنف وتأخر الزواج، وضع ما شئت من مشاكل هنا. سيقفز قارئ ليؤكد أن هناك حلول أخرى لحل هذه المشاكل، وهذا بديهي ومؤكد، فأنا لم أقل أن حلي هو الحل الوحيد، بل هو حل من ضمن حلول كثيرة.
ما أراه واجب الفعل الآن على المدونة هو أن تنشئ مجتمعا قوامه الراغبون في التحول من موظفين إلى أرباب عمل، وكذلك من اتخذوا هذه الخطوة بالفعل. هذا التجمع والملتقى سيكون لتبادل الخبرات والتجارب، وربما شد الأزر وتبادل الصفقات والتعريف بالعملاء. في المرة المقبلة التي أنشر فيها قصة نجاح، أريد أن أجد بعدها مجموعة من القراء يخبروننا بما خرجوا به من القصة من فوائد، وكيف نفذوها، وما الذي يحتاجونه من قراء المدونة لمساعدتهم على نجاح شركتهم. أريد أن أجد عناوين أسماء المعلقين على غرار محمد، مؤسس شركة كذا وكذا، ومستعد للمساعدة في مجال التسويق والإعلان، وأريد المساعدة في إتمام صفقة كذا وينقصني كذا وكذا.
أحيانا يكون حل المشكلة بسيطا جدا، لكن في الوقت ذاته غريبا للغاية، حتى إن العقل يرفضه لأنه أمر غير معهود أو مسبوق، أو لأنه شيء لم نفعله من قبل. حين تجد رسائل من أناس أسسوا شركتهم بالفعل ويساعدون غيرهم، سنتشجع معا لأن نقلدهم ونأخذ أول خطوة لنا نحو طريق الحرية المالية والتجارية. قد يكون الكلام معسولا بشكل يدعوك للقلق من صدقه، لكننا هنا معا لنكتشف صحة ذلك الأمر، فمرحبا بكم في ملتقى العصاميين والناجحين.
طبعا لا يمكن أن أنهي مقالتي دون توضيح سبب اختياري لكلمة عصامي وليس رائد أعمال، بداية لأن الأولى كلمة وحيدة، بينما الخيار الثاني كلمتان، وحين تضع شعارا ما، فأنت تريده قصيرا قدر الإمكان. كذلك، لم تتفق العرب على ترجمة واحدة لكلمة انتربنور، وحتى يحدث ذلك، فأنا اخترت عصامي نسبة إلى عصام. وأما كلمة الناجحين، فعندي أن كل من اهتم بأخبار الناجحين فهو على أول درب النجاح. من رغب في النجاح وأعد نفسه تدريجيا لصعود جبل النجاح، فهو الناجح عندي. الناجح هو من رغب في النجاح وبدأ يفكر ويعمل لتحقيق هذا النجاح، وأظن أن من قرأ هذه المقالة حتى نهايتها لهو منهم!
أود كذلك شكر كل من أرسل لي عناوين بريدية لمن يعرفهم من الصحفيين، لكني بحاجة للمزيد. حتى الآن لم يصلني أي عنوان من المغرب أو الجزائر أو تونس أو ليبيا، وكذلك من الكويت وقطر والبحرين وعمان، وأين أهل جيبوتي الذين أسعد حين يخبرني سكريبت الاحصائيات أنهم يقرؤون مدونتي.