بتـــــاريخ : 12/28/2010 5:12:11 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1309 0


    للنجاح تعريفات كثيرة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :
    النجاح تعريفات مقالة المدونة المسلمين

    ** كنت أود كتابة مقالة جديدة، لكن سعادتي بالتعليقات الكثيرة على مقالتي البسيطة هذه منعتني من ذلك – أشكر كل من ترك تعليقه، وأدلى برأيه، وشارك بتجربته، وكل هذا يثريني ويثري المدونة ويثري تجربة قرائها، فلكل معلق الشكر الجزيل… **

    بعد تهنئتكم بعيد الأضحى المبارك، سائلا الله أن يتقبل من الحجيج، ويرزقنا نزول رحماته علينا، وأن يأتي العام المقبل ونحن معاشر المسلمين في حال أفضل ووحدة أشمل ونجاح أكبر، أعود للرد على بعض التعليقات التي وردت على مقالاتي السابقة، والتي وجدها البعض تحوي أفكارا سلبية لم يعهدوها مني، حتى أن أحدهم تساءل، كيف يمكن لمحدثكم الذي اشتهر بكتابته كثيرا عن النجاح والناجحين، كيف له أن يشكوا من عدم نجاحه في شيء ما. حسنا، قلتها من قبل وأكررها طمعا في إفادة القارئ: إذا كنت تسير في طريق ثم وجدتني أمامك وقلت لك: يا هذا، لا تلمس هذا الجسم المعدني الذي يعوق طريقك إذ أن التيار الكهربي يجري فيه وقد يصعقك فيقضي عليك وتريحنا من الجدل والنقاش معك.
    الآن، إذا نظرت إلى شخصي الضعيف وقلت: كيف لك أن تعرف ذلك وأنت لم تتخرج من كلية الهندسة – قسم الكهرباء، ولم تتقلد يوما منصبا في وزارة الكهرباء أو شركتها أو أي ما له علاقة بها… ثم قمت فلمست هذا الجسم المعدني لأني سقطت من نظرك، فأنت ساعتها قد ظلمت نفسك وعقلك لأنك نظرت إلي أنا ثم حكمت علي – وليس على ما أقوله، وهذه نظرة خاطئة في القياس. عليك أن تنظر إلى كلامي وليس إلى شخصي أو شكلي أو جنسيتي أو سابقة أعمالي. عندما يأتي مدمن للمخدرات ويقول لك لا تفعل مثلي فتنتهي كما انتهيت، فأنت لا تقول له ساعتها: كيف آخذ النصح من أمثالك، ثم تعانده وتفعل عكس نصيحته … لا تمضي الحياة على هذا المنوال.
    ببساطة شديدة، أنا أحب تحري قصص النجاح وقراءتها والكتابة عنها، ليس انبهارا مني بكل ما هو غربي مثلما حاول بعضهم تلخيص رحلتي مع التدوين، وليس جريا وراء الربح المالي لأني شخصية مادية بحتة، مرة أخرى كما اتهمني أحدهم، كذلك، أنا أؤمن بالمثل الانجليزي: إذا وجدت نفسك في حفرة، توقف عن الحفر – If you find yourself in a hole, stop digging بمعنى أنني إذا وجدت مشكلة ما، تحريتها وتأكدت منها، ثم اعترفت بها بدون مواربة أو تجميل، لأن هذا الاعتراف هو أول خطوة على طريق حل أي مشكلة.
    عندما نشرت حواري المختصر مع الأخت نورا يحيى، شاءت الأقدار ألا أتمكن من كتابة موضوع تال لفترة طويلة، مما أتاح الفرصة للعديد من القراء لترك تعليقاتهم، وحين سألتها في الحوار هل كانت لتحقق النجاح ذاته لو استعملت اللغة العربية، أجابت بالنفي، ولم أعلق على هذه النقطة، كان ذلك لأسباب كثيرة، أولها أن كل شخص حر في إبداء رأيه، كذلك، حين أعلق، يجب أن يكون لدي من الأمثلة الفعلية التي تؤيد تعليقي هذا.
    ببساطة شديدة: تقديم شيء هادف باللغة العربية من خلال انترنت لن يعود بالربح المالي على صاحب المشروع، نهاية الأمر.
    علينا تقبل هذه الجزئية بصدر منشرح، ثم نفكر كيف يمكن لنا تغيير هذه الحقيقة، ليس بالخطب الرنانة التي تدافع عن اللغة العربية، وليس بالتقليل من شأن من نجحوا باستخدام لغات أخرى، وحتما ليس بتحقير ربح المال، لأنه وبكل بساطة، ليقل لي من يحقر المال كيف دخل على انترنت؟ لقد دفع مقابل الكهرباء، ومقابل تعلمه للكتابة والقراءة، ومقابل اشتراك انترنت، ومقابل شراء الكمبيوتر، وغير ذلك الكثير، فكيف يأتي بعد كل هذه الماديات ويحقرها؟
    على الجهة الأخرى، ليس الأمر أن الماديات هي كل شيء، نعم لها أهمية كبيرة، لكنها ليست أهمية قصوى، وليست نهاية المطاف، وما لم نتقبل هذه الجزئية في تعاملنا مع انترنت العربية، ونعمل من أجل مراعاتها وتنميتها، فمن المحزن أن مستقبل اللغة العربية على انترنت لن يتغير كثيرا عن حالها الآن.
    الغريب في الأمر أن ديننا الإسلام تعرض لهذه الجزئية ولم نجد من يعترض عليها، فما من مرة ذكرت فيها فرضية الصلاة في القرآن الكريم وإلا تجد فرضية الزكاة تتبعها (كما تعلمنا من علمائنا)، وما هي الزكاة؟ بشكل مبسط هي إخراج المال. حسنا، نعم، من لا يملك المال لا زكاة واجبة عليه، لكن لماذا نرضى بالدونية، لماذا نرضى بأن نكون اليد السفلى، اليد التي تأخذ وليس اليد العليا التي تعطي؟ لماذا نسفه المال وربحه، لماذا نقلل من شأن من أغنوا أنفسهم عن عبودية الوظيفة ولو كان بمشروع لغته غير العربية؟ لماذا نحارب – دون قصد منا – من ربحوا المال ليخرجوه ضمن زكاة أموالهم، وهي طاعة مفروضة.
    حين نختلف في الرأي مع أحدهم، لماذا نلجئ للتقليل من شأنهم، لماذا يتحول الأمر إلى نقاش ملخصه أنا أفضل منك، أنت غبي لا تفهم، أنا أفهم في الإسلام أكثر منك ومن علموك، أنت مادي بحت تبحث عن التربح والحمد لله الذي كشفك على حقيقتك، إن لم تفعل كما آمرك سأفضحك في ربوع انترنت، ولن أهدأ حتى يعلم الجميع بحقيقتك… (نعم، تجربة شخصية حدثت معي بكل أسف)..
    نورا يحيي مثال حي لحقيقة تردد الكثيرين من الناجحين العرب في نشر قصصهم، لأن من ضمن التعليقات التي ستأتي علي هذه القصص، كلمات سلبية مثل أين النجاح في قصته، حدث ذلك من قبل مع قصة عبد المحسن الراشد من السعودية التي نشرتها، وكذلك مع قصة نورا، ونعود هنا لعنوان هذه التدوينة، ما هو النجاح، ما هو تعريفك للنجاح؟
    علمونا في المدرسة أن اجتياز الاختبارات هو عين النجاح، فحين تخرجنا للدنيا وتركنا المدارس اكتشفنا الخدعة الكبرى، فالمدارس حولتنا لآلات تخزن المعلومات، ولم تعلمنا ماذا نصنع بهذه المعلومات – سوى قذفها على صفحات أوراق إجابة أسئلة الامتحان. ماذا حدث بعد أن تخرج لدينا ملايين الأوائل على الدفعات؟ أصابتهم صدمة الواقع، ففروا إلى العالم الأكاديمي، وانضموا إلى جيوش المدرسين، وعلى ذات الدرب ساروا، ولهذا لا أتعجب كثيرا حين أقرأ فضيحة أستاذ جامعي سرق موضوع رسالته وأطروحته من غيره (نعم، هناك قلة شريفة لا تفعل ذلك، لكن ما جدوى قليل الماء العذب في بحر أجاج شديد الملوحة؟)، ذلك لأنه تربي على التلقين لا التفكير والإبداع.
    النجاح في ملتي واعتقادي هو ألا تكون عالة على غيرك، سواء في وظيفة أو في غيرها، أن تكون حرا مرفوع الرأس، لا تخشى غضب مدير أو زوال راتب شهري، أن ترى الخطأ وتشير إليه بكل قوة، أن تختلف مع مديرك – بشكل لبق – دون أن تخشى صرفك من العمل. النجاح هو أن توظف الشباب عندك وتساعدهم على الزواج وعدم سؤال الناس، أن تغرز في عقولهم أهمية الرأس المرفوعة التي لا تخاف من زوال مصدر دخل، لأن لديها غيره.
    سيقول البعض أن هذا ممكن بدون كل هذه الكلمات الكثيرة، لكني أكررها، أنا أحب العملانية والواقعية في التفكير، هذا الأمر ممكن في رواية أدبية جميلة، أو في درس يلقيه أستاذ حالم، لكن في العالم الذي نعيشه الآن، ستجد الملايين التي تحني رأسها وتغير من رواسخها وثوابتها لأنها تريد أن تحمي شمعتها من أن تنطفئ، وتريد أن تعود لأهلها بلقمة تسد جوعهم وشربة ماء تطفئ ظمأهم.
    أنا لا أقلل أبدا من شأن الموظفين العاملين لدى الغير فأنا منهم، لكني سأقلل من شأن من ارتضى بالوظيفة، دون أن يفكر أنه في يوم ما سيكبر سنه، ولن يعود له قيمة كبيرة لدى صاحب العمل، وأنه سيفيق يوما ما ليجد نفسه شيخا كبيرا، يتجنبه الناس، ساعتها سيقف ليفكر في أسباب اختلافه في الرأي معي في هذه النقطة. النجاح عندي هو أن تستعد ليوم تذهب فيه قدرتك على العطاء وعلى العمل، النجاح هو أن يكون لك أكثر من مصدر دخل واحد، النجاح هو أن تستمر في التفكير في مشروعك التجاري الذي سيجلب لك الحرية المالية ويحررك من قيود الوظيفة، ولو جاء هذا المشروع ساعة قبل رحيلك عن هذه الدنيا، ولو كنت خرجت إلى التقاعد، ولو كنت بلغت من العمر أرذله، ولو كنت فقيرا معدوما لا تملك مقابل شربة ماء.
    أراك تريد أن تقول لي: وماذا عنك يا هُمام، أين عملك وأين الأدلة التي تثبت صحة ما تدعونا إليه، وهنا أذكرك بصدر هذه المقالة – مثالي حول الجسم المعدني الذي تمر فيه الكهرباء، هل تريد أن تحكم على صحة ما أقوله عن طريق حكمك علي، أم عن طريق البحث عن أدلة تؤكد مرور الكهرباء في هذا الجسم المعدني؟ عد إلى بداية التدوينة وأعد القراءة لتعرف الإجابة، حتى هذا الوقت وهذا الفهم، رجاء دعونا نشجع الناجحين منا، ولو كان نجاحهم قليلا ضعيفا مشكوكا فيه، ولو كان بلغة غير العربية، ولو كان بدراهم قليلة، ولو كنت قادرا على فعل أكثر منهم، دعونا نشجع بعضنا على التقدم للأمام، لو كانت لديك كلمة سلبية احرمنا منها، نحن لا نستحقها، إذا كنت تراني أتكلم عن أشياء لا أنفذها على نفسي، مرة أخرى، لا تحكم على شخصي الضعيف، احكم على الكلمات…
     
    عدا عن أنك نجحت في قراءة تدوينتي الطويلة هذه حتى نهايتها وحتى وجدت سؤالي هذا، الآن، ما تعريفك أنت عزيزي القارئ للنجاح؟ لماذا ستختلف معي؟ وهل سبق لك وقللت من شأن ناجح عربي لأن نجاحه قليل الشأن في نظرك؟

    كلمات مفتاحية  :
    النجاح تعريفات مقالة المدونة المسلمين

    تعليقات الزوار ()