الفصل الثامن: التجديد هو السبيل للحياة
يحكي جون في هذا الفصل عن صديقه الياباني أندو، الرئيس التنفيذي لشركة سوني أمريكا (وقت تأليف الكتاب) وكيف كان يشارك جون الحديث عما يفكر فيه جيش العلماء العامل لدى شركة سوني، وكيف كانت هذه الأفكار المستقبلية تتحقق فعلا على يد منتجات سوني. ذات يوم سأله جون: إنه لأمر مخيف حتما حاجتكم الدائمة والمستمرة للتفكير في منتجات جديدة تقدمونها خلال فترة قدرها ستة شهور؟ رد عليه أندو ضاحكا، الجديد هو أسلوب حياتنا، إذا لم نبتكر شيئا جديدا، طوال الوقت، سنموت في السوق.
قد لا يكون فريق التسويق في موقف حياة أو موت مثل رجال سوني، لكن المبدأ ينطبق عليهم، فكل ستة شهور، على فريق التسويق المجيء بعدة أفكار تسويقية – جديدة تماما، مبتكرة، ثورية، عبقرية، بدلا من ابتكار منتج جديد تماما كل ستة شهور. سيقول المتشائمون من المسوقين إن اختراع طرق تسويق جديدة يستغرق وقتا طويلا، ثم ما هي الحكمة من إتباع أساليب جديدة إذا كانت الحالية تعطي نتائج حسنة؟ ثم من أين سنأتي بالأفكار الجديدة؟ هل هناك جديد تحت الشمس؟
يرد جون ببساطة، أولا الأمر لا يستغرق وقتا على الإطلاق، ثانيا أساليبك التسويقية المجدية اليوم ستصبح غير ذات جدوى بعد ستة شهور، ثالثا هناك طرق كثيرة جدا للتسويق لمنتجك.
كان العهد بشركات أفلام السينما التسويق بكثافة وبسخاء لأي فيلم، عبر دعايات في التليفزيون والصحف، وحديث مقدمي برامج الحوارات، لكن شركة ارتيسان خرجت من هذا الإطار تماما، وامتنعت تماما عن تكرار غيرها، فلم تضع إعلانا واحدا في تليفزيون أو صحيفة أو جعلت شهيرا يتحدث عنه.
بدأت خطة التسويق بالاتفاق مع 100 طالب جامعي ليذهبوا إلى جميع أماكن تواجد الشباب والطلاب، من مكتبات وجامعات ومدارس ومقاهي ومحلات ملابس شبابية وغيرها، ليوزعوا ويعلقوا مطويات ومعلقات ومطبوعات تتحدث عن ثلاثة من الشباب مفقودين، خرجوا ولم يعودوا، وعلى من يريد معرفة المزيد من المعلومات للمساعدة الولوج على موقع مشروع ساحرة بلير. (أنصحك بشدة بأن تزور هذا الموقع وتتعرف على ما نتحدث عنه هنا).
بدا موقع ساحرة بلير كما لو كان يتحدث عن أمر حقيقي فعلي، شباب مفقودون في غابة بلير أثناء بحثهم عن ساحرة وكل ما تبقى من أثرهم فيلم فيديو صوروه بأنفسهم جرى العثور عليه بالصدفة. نشر زوار الموقع الخبر في كل منتدياتهم، وبلغ زوار الموقع عدة ملايين.
حظرت شركة ارتيسان على الشباب الثلاثة، الممثلين المجاهيل أبطال الفيلم، حظرت عليهم فتح أفواههم مع أصدقاء أو غرباء أو صحافة عن الفيلم، وأن يبقوا تحت مستوى الرؤية. هذا الأمر زاد من غموض الموقع وزاد من حماس زواره.
في حين كان يمكن للشركة عرض الفيلم في دور عرض كثيرة، حصرت العدد على 27 دور سينما، ما جعل الفيلم دائما كامل العدد، وتحت الضغط الجماهيري الرهيب، زادتها حتى 1000 دور عرض فقط.
كم كانت تكلفة تصوير الفيلم؟ 50 ألف دولار.
كم كان إجمالي عوائد بيع الفيلم الأول فقط عالميا؟ أكثر من 248 مليون دولار دخل بها موسوعة جينيس…. ولا زال العداد دائرا، لكم أعشق هذا النوع من التسويق…
ولا زال البعض منا ينظر بعين الشك إلى أهمية التسويق في حياة الأفراد والشركات …
بالطبع، سأجد تعليقات تقول لي هذه من مفاجآت الدهر التي تحدث مرة واحدة فقط… ولهؤلاء أقول، من لم يخاطر لم يفز، وإن أنت لعبتها بأمان، فهذا لا يمنع غيرك من المخاطرة، والتقدم عنك بسنوات ضوئية… على أن الجزء الثاني من الفيلم لم يحقق نجاحا يذكر!!!
** أحب أن أتوجه بالشكر إلى أخي جاسم (أبو هارون) من أستراليا، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا طيب، هديتك الغالية وصلت، جزاك الله كل الخير.