في هذا الفصل، تظهر لنا راديكالية طريقة تفكير جون، فهو يرفض الإفراط على الإعلانات والدعايات، ممثلا هذا الأمر بمن يرمي أمواله في إعصار، (ولأن بلادنا قلما تعرف الأعاصير، دعنا نقول في البالوعة). لا، لا يرفض جون الدعاية بالكلية، بل يريد منها أن تحقق له معادلة واحد إلى أربعة، فمقابل كل دولار ينفقه على الإعلانات، يريد أن يحقق 4 دولارات أرباح.
كانت عقيدة فريق Nets الدعاية على اليافطات في الشوارع، لتذكر سائقي السيارات بالاستماع إلى مباريات الفريق، ولربما شاهدوها. رفض جون هذا الأمر، وطلب بتوجيه ميزانية الدعاية (مائة ألف دولار وقتها) إلى الصحف والجرائد. أوجز جون المطلوب إلى وكالة تصميم الإعلانات: عنوان كبير، صورة، كلمات كثيرة، رقم اتصال مجاني. حين جاء مخطوط الإعلان الأول، رفضته الإدارة قائلة كلمات كثيرة. حسنا، حتى أنا من حزب تقليل الكلمات والترميز بالصور، لكن جون دافع عن وجهة نظره متسائلا: لماذا “يشتري” القراء الجريدة؟ أمن أجل الصور أم الكلمات؟
حين نـُشر الإعلان لأول مرة، حقق نسبة مبيعات 1 إلى 6، فالإعلان تكلف ألفي دولار بينما مبيعات التذاكر بلغت 12 ألف دولار. كرر جون نشر الإعلان حتى انخفضت النسبة عن 4 إلى 1 وحتى ساعتها صمم دعاية جديدة ونشرها من جديد. الطريف أن ميزانية الدعاية نفدت، ورفض مسئول الميزانية دفع دولار فوق الميزانية المحددة سلفا، لكن جون أقنعه بأنه سيدفع الدعايات الإضافية من جيبه، لكن بشرط، من عوائد الإعلانات، سيسترد جون المال الذي دفعه، ثم يشارك الفريق في نصف العوائد. بالطبع فغر المسئول فاه – ثم وافق على الفور على زيادة ميزانية الدعاية!!
في حين ينظر البعض إلى الدعايات والإعلانات – التي تأتي في صورة تحف فنية مبهرة – على أنها وسيلة لحفظ صورة المنتج / شهرة الشركة في أذهان الناس، يرى جون الإعلان من وسائل التسويق، ويؤمن أن الحفاظ على صورة المنتج في الأذهان تجدي فقط مع المنتجات التي يستخدمها قطاع عريض من الناس، مثل المشروبات الغازية أو السيارات أو الأحذية، لكن جون – مثلي – يركز على تلك المواقف ذات الميزانيات المحدودة، حين يجب على كل فلس مصروف أن يرجع ومعه صحبة من الفلوس! يوضح جون موقفه أكثر من جانب الدعاية والإعلان، فيذكر أن هناك مدرستان للدعاية:
1 – مدرسة بناء الاسم والهوية
عندما تطرح شركة سيارات سيارة جديدة تماما في الأسواق، فهي مطالبة بإنفاق الطائل من الأموال لتعريف الناس بالسيارة الجديدة. هذه الدعايات لا تخبرك الكثير عن تفاصيل السيارة، فقط أنها جميلة وناعمة وانسيابية وكل هذه الافتراضات. هل يذكر الإعلان من أين تشتري السيارة؟ هذه النوعية من الدعاية لا تتوقف حتى بعد أن يعرف الجمهور جيدا عن السيارة. ذات الأمر في حالة كوكاكولا و بيبسي، هل تجد في الإعلان اشتر بيبسي من دكان شبايك؟ بالطبع لا، وبرغم ذلك تستمر دعاياتها لفترة طويلة.
2 – مدرسة اشتر الآن
اشتر هيونداي الجديدة الآن (لماذا هيونداي؟ لأنها سيارتي). عبء نشر اسم السيارة وطرازها يقع على المنتج والمُصنع، بينما عبء بيعها يقع على عاتق الموزع والبائع. هيونداي الكورية ستضع دعايات في قنوات تليفزيونية عالمية، بينما الموزع سيضع في الجريدة دعايات العرض الخاص للتخلص من المخزون بسبب قرب قدوم الشكل الجديد! هل سيهتم الموزع في دعاياته ببناء اسم المنتج؟ لا، بل بالبيع والتبجح برخص سعره لبيع السيارة. تركز مدرسة اشتر الآن على تهديد المتلقي بأنه إن لم يشتر الآن ارتفع السعر وضاعت الصفقة من يده.
هل يمكن لمدرسة النجاح بدون الأخرى؟ بالتأكيد نعم، لكن لكل منتج ولكل شركة حالته الخاصة. كوكاكولا تسير في ظل المدرسة الأولى، بينما وكلاء بيع السيارات يتبعون الثانية. يمضي جون ليشرح لنا أن الكثير من رجال التسويق يقعون في بعض الأخطاء فيما يتعلق بالدعاية والإعلان:
لا يمكنك الخلط ما بين الدعاية لبناء الهوية والدعاية للبيع المباشر: بل بالتأكيد يمكنك ذلك.
الناس لا تقرأ النصوص الكثيرة: يختلف جون، فالناس تقرأ عشرات السطور في الجرائد وعلى صفحات المجلات، وهم سيفعلون ذلك مع إعلان إذا:
(1) أظهرت لهم دافعا للقراءة، (2) جذب الإعلان انتباههم، (3) صياغة الكلمات بشكل مشوق ومبدع.
إذا لم تنجح في جذب انتباه الناس لقراءة إعلان، فربما حدث الأمر ذاته مع إعلان بناء الهوية.
نهاية الفصل.