لعل الأخبار الجميلة التي وصلتني من أصدقاء للمدونة، بدأوا خطواتهم الفعلية في اتجاه بدء نشاطهم الخاص، بعد تحريهم جميع الأسباب، هي ما خففت علي وطأة التهاب الغدة اللمفاوية، الذي وجد الطبيب معه الحاجة إلى علاجي بجرامين كاملين يوميا من المضاد الحيوي، يصاحبه مسكن للألم، ما جعل التركيز عندي يأتي بعد جهد جهيد.
هذا التحول لبدء النشاط التجاري الخاص، يستلزمه بعض المهارات في التسويق وفي المبيعات، ووجدت في قصة اندي اندروز الكوميدي خبير بيع النفس، ما يجمع ما بين العالمين، وفي قصته النفع الكثير.
عاش اندي حياة عادية، حتى بلغ 19 عاما، حتى توفى والديه في عام واحد، الأم من السرطان، والأب في حادث سيارة، مما قلب حياته رأسا على عقب، وتحول في بضعه سنوات ليصبح بلا مأوى. هذا التحول الدرامي دفع اندي للتساؤل: هل الحياة تذكرة يانصيب – تربح أم تخسر، أم أن هناك خيارات أمام الواحد منا، تعينه على تحديد مستقبله؟
لمعرفة الإجابة، طرق اندي ردهات المكتبات العامة، وقرأ ما يزيد عن 200 قصة حياة ونجاح مشاهير الناجحين، ومن ملاحظاته، ومشاهداته، وجد اندي خصالا سبعة مشتركة في غالبية الناجحين، درسها في حياته كلها، ووضعها في كتب كثيرة، دارت حول هذه الصفات والقرارات.
كان اندي يعمل بالليل ليسدد مصاريف الدراسة، وحدث أثناء درس كيمياء في كلية الطب البيطري، أن كان كل ما كتبه على ورق دفتره هو دعابات وسخرية هزلية لمواقف تخيلها من وحي الدرس، ساعتها قال اندي لنفسه: ما الذي تفعله هنا؟ أنت مخلوق للكوميديا. بعدها، بدأ اندي حياته المهنية كممثل كوميدي، وهو لا يعرف أي شيء عن هذا المجال الذي اختاره لنفسه.
ظل اندي يستجدي ويعرض نفسه شهورا طويلة ليحصل على فرصة – حتى بدون مقابل – يؤدي فيها استعراضه الكوميدي. تعلم اندي أن يجعل قانون الأرقام يعمل لصالحه، بمعنى أن يستمر حتى يجد شيئا. تعلم اندي من محاولاته الفاشلة، وتعلم المثابرة والاستمرار في المحاولة، تعلم أن يتصل منتحلا صفة وكيل أعمال نفسه، واستمر في الاتصال بالجميع، حتى حصل على عرضه الكوميدي الأول مقابل 25 دولار.
كانت التجربة الأولى غير ناجحة بشتى المقاييس، فهي كانت في مكان يبعد عن سكنه 4 ساعات، وكان أداؤه رديئا للغاية، وخرج خالي الوفاض منها. لكن اندي تعلم منها الكثير، تعلم أن يثابر حتى يحصل على شيء، وتعلم أنه لكي يحصل على فرصة عمل، فإن عليه عمل اتصالات هاتفية كثيرة جدا بحثا عن هذه الفرصة.
ذات يوم، قرر اندي رفع أجره إلى ألف دولار في الليلة. المفاجأة كانت استمرار الطلب عليه، هذه المرة من المجتمعات الراقية، التي علمته الكثير وساعدته على بلوغ الشهرة الواسعة، في الكوميديا وفي المثابرة وفي المبيعات. هذا الرفع في الأجر جعل الناس يعاملونه معاملة أخرى، ما دفع اندي للتيقن أن الناس بدأت تنظر إليه على أنه فنان مرموق، غالي أجره.
اليوم اندي مؤلف كتب شهير، ومحاضر بارع، ومتحدث محبوب، يستطيع أن يبث روح الدعابة والمرح في أي موضوع يتحدث فيه. جرب أن تبحث عن محاضرته السمعية والبصرية، ودعها تعطيك دفعة قوية من الأمل والتفاؤل، والثقة في أنك قادر على تغيير مستقبلك للأفضل، فقط إذا اقتنعت بأنك قادر على ذلك، واتبعت الأسباب، أسباب النجاح.