أردت اليوم مشاركتكم كتاب مدير الدقيقة الواحدة للكاتبين: كينث بلانشرد وسبنسر جونسون، والذي علمت به من سياق كتاب مليونير الدقيقة الواحدة، بسبب حاجة أي مليونير لإدارة فريق العمل الذي سيساعده على النجاح. رغم أن هذا الكتاب نُشر لأول مرة في يناير 1983 لكنه بقي محل اهتمام الكثيرين حتى الآن.
في زمنه، كان هذا الكتاب من أوائل الكتب السهلة التي اتبعت فكرة رواية القصة مع التركيز على العِبر والأفكار، ومن أوائل الكتب التي روجت لمبدأ الدقيقة الواحدة. إيجاز الكتاب يأتي في صورة ثلاثة أسرار ستساعدك على زيادة إنتاجيتك وإنتاجية من تديرهم. يلفت الكتاب نظر المدراء إلى أن من يديرونهم هم أهم المصادر في أي شركة ومنشأة، ولذا يجب اقتطاع وقت قصير في كل يوم عمل للقيام بمهام مدير الدقيقة الواحدة، لكن من هو مدير الدقيقة الواحدة؟
مدير الدقيقة الواحدة هو قائد وقور يحترمه من هم تحته، و يعود سر نجاحه للأسرار الثلاثة التالية:
السر الأول: أهدف الدقيقة الواحدة
الذين يشعرون بالرضا عن أنفسهم يعطون نتائج أفضل
يجب على المدير أن يجتمع – بشكل دوري – مع أعضاء فريقه، لمناقشة الأهداف المطلوب تحقيقها، والاتفاق عليها، ثم كتابتها بشكل بسيط وقصير وواضح بشدة للكل، مع مراجعة هذه الأهداف من وقت لآخر للتأكد من تحقق هذه الأهداف المتفق عليها. تسمية الدقيقة الواحدة لا تعني قصر هذه الاجتماعات على 60 ثانية، بل أن تكون دورية ومتكررة وسريعة، تهدف لتأكيد مسؤولية كل عضو في الفريق، والتأكد من أن كل عضو قد فهم حدود مسؤولياته، وأنه يعمل فعلاً لتنفيذ المطلوب منه.
أجرى الكاتبان العديد من الدراسات على المدراء والمدُارين، حيث طلبا من المدراء كتابة توصيف لأهداف من يديرون، وطلبوا من المدارين كتابة الأهداف المطلوبة منهم، ونادرًا ما تشابهت كفتي الأهداف!
السر الثاني: مديح الدقيقة الواحدة
ساعد الناس ليبذلوا أقصى إمكانياتهم، واضبطهم وهم يقومون بأداء شيء على وجهه الصحيح
عندما ترى أحدهم يجيد في أداء أي شيء، فعليك أولاً أن تمدحه وتشجعه في التو وعلى الفور، وثانيًا أن تخبره السبب وراء كل هذا المديح والرضا، وكيف أن أداؤه العالي هذا سيساعد الشركة على التقدم والتطور وتحقيق الأرباح والنجاح. انتظر عليهم قليلاً ليشعروا بالسعادة بسبب هذا المديح، ثم امضِ في طريقك بعدما تصافحهم بيدك.
عند سؤال المدُارين عن كيفية معرفتهم أنهم يؤدون وظائفهم بشكل جيد، كان الرد عندما لا يصيح المدير فيهم غاضباً، فالهدوء معناه أن كل شيء على ما يرام، وهذا غير صحيح.
السر الثالث: تأنيب الدقيقة الواحدة
أن تكون أميناً مع من تعمل معهم يتطلب منك توجيههم للأخطاء التي وقعوا فيها
بداية ستتفق أنت ومن تدير أنك ما أن تراهم أخطئوا في مجال ما، فإنك ستوجههم على الفور لهذا الخطأ. ومثل السر الثاني، يجب أن يتم اللوم على خطوتين: الأولى عند حدوث الخطأ ودون أي تأخير، والثانية توضيح سبب اللوم بشكل واضح بطريقة زائدة. هذا التأنيب يساوي في قوته مديح الدقيقة الواحدة.
تنفيذ اللوم بهذه الطريقة سيساعد المخطئ على فهم سبب وطبيعة خطأه، وعلى تأدية المهمة المطلوبة منه على شكلها الصحيح. التأنيب يجب أن ينحصر على الخطأ الذي حدث، ولا يتطرق لكون المخطئ كسولاً بطبيعته لا أمل في إصلاحه. يجب عليك أيضًا التعبير عن شعورك الداخلي إزاء وقوع هذا الخطأ، وكيف أن هذا الخطأ كان يمكن تفاديه مع بعض الالتزام.
بعد هذا التأنيب، ستنتقل لمرحلة تأكيد الثقة في النفس، وتذكر كيف أنك تُقدّر دور هذا المخطئ في الفريق، وتوضح له أهميته فيه، وكيف أن طريقة أداؤه تؤثر على الجميع. بعد هذا التأنيب، يجب أن تقف عند هذا الحد وتعود لسابق طبيعتك.
الآلية التي يعمل هدف الدقيقة الواحدة
في دراسة لتحليل كيفية قضاء الموظفين غير المنتجين لوقتهم، وُجد أن هؤلاء غير المنتجين ما أن ينتهي دوامهم/وقت عملهم حتى ينطلقوا لممارسة هواياتهم وطرقهم المفضلة لقضاء الوقت بحيوية ونشاط. هؤلاء غير متفهمين لطبيعة الدور المطلوب منهم، وبحاجة ماسة للتشجيع والتحفيز، والأخذ بأيديهم لفهم الطريق الصحيح. لا يوجد إنسان فاشل، بل إنسان غير مُحفز وغير مُدرك لطبيعة الدور المطلوب منه تنفيذه.
في الأغلب، تنفق غالبية الشركات معظم نفقاتها على رواتب العاملين بها، بينما التدريب وتطوير المهارات يأتي في ذيل قائمة هذه التكاليف. يرى بعض أصحاب الأعمال أن تدريب الموظفين سيجعلهم أفضل ومن ثم قد يتركون العمل لديهم، لكن – وإن صح هذا- فكيف سيوظف هؤلاء ذوي المهارات والكفاءات العالية ويحافظون عليهم؟ بالتأكيد – ليس الحل هو بقاء الحال على ما هو عليه، فهذا الموظف قد يحضر تدريبات مسائية ويرحل في نهاية الأمر لشركة توفر بيئة عمل أفضل. تثبت الدراسات أن التدريب يجعل الموظف راضيًا عن نفسه ومن ثم ترتفع إنتاجيته، هذا الرضا يجب استثماره في تحديد الهدف المطلوب تحقيقه، وتوجيهه عبر المديح والتأنيب.
كل شخص تراه هو رابح محتمل، وقد يتخفى بعضهم خلف قناع الفشل – لا تجعل هذا القناع يخدعك.
الآلية التي يعمل بها تشجيع الدقيقة الواحدة
هل رأيت كيف تملأ السعادة قلب الأبوين حين يخطو طفلهما أولى خطواته؟ هل لاحظت كم التشجيع اللذان يفرطان في تقديمه لطفلهما؟ وهل لاحظت تأثير هذا التشجيع الغامر؟ خذ مثال آخر تعليم الأطفال طريقة الكلام، إنك تعيد لهم الكلمة مرات ومرات حتى يتقنوا نطقها. رغم ذلك، تجد أن غالبية المدراء ينتظرون اكتمال المهمة التي يؤديها موظفيهم لكي يشجعوهم ويمدحوهم. تخيل لو اتبعنا هذا الأمر مع هذا الطفل الصغير – ماذا ستكون النتائج؟
المديح والتشجيع -في وقت الأداء الجيد- يخلق علاقة ذهنية بين طريقة الأداء الصحيحة والرضا النفسي الناتج من هذا المديح، ما يجعل الموظف يبحث بشكل تلقائي عن المديح، على أن المديح هو نصف الطريق.
الآلية التي يعمل بها تأنيب الدقيقة الواحدة
تلازم التأنيب مع لحظة وقوع الخطأ يساعد الفرد على الربط بين ما وقع منه وبين كون هذا الفعل غير صحيح أو غير مطلوب. يكون التأنيب قاصرًا على الفعل ولا يتعلق بأهمية الفرد في الفريق، وبذلك تساعد المخطئ على تقبل التأنيب وتجعله يعزف عن الدخول في جدل بيزنطي لا طائل منه، وبذلك لن يكرر هذا الخطأ ويؤدي المطلوب منه على الوجه المطلوب فلا يضيع وقت المدير.
يصل الموظف الجديد إلى العمل، فتقوم بتعريفه على الزملاء، ثم تتركه، وما أن يقوم ببعض الخطوات حتى تصرعه بسبب خطأ وقع فيه، فما يكون من هذا الغر إلا أن ينـزوي في الخلف ويتوقف عن الحركة، فأنت تترصده لتفرغ مشاكلك النفسية فيه، ولا تخدع نفسك بتوهم أنك تصنع منه موظفًا ناجحًا، بل تصنع منه شخصًا سلبيًا غير مبدع.
بناء على تجارب على أرض الواقع، لكي يكون التأنيب ذا فائدة ملموسة، يجب أن يسبقه التشجيع، ويجب أن يكون التأنيب على شيء شاهدته بنفسك وفهمته على وجهه الصحيح، وليس بناء على القيل والقال.
اقتطع دقيقة في اليوم لكي:
1- تراجع أهدافك
2- تقيم أدائك
3- تقرر هل يتساوى أدائك مع أهدافك
شعار مدير الدقيقة الواحدة:
أفضل دقيقة أقضيها هي تلك التي استثمرها في الناس.
يبدو لي أن هذه المقالة تستحق الطباعة، وتستحق مراجعتها من حين لآخر، عسى الله أن يسوق من خلالها التوفيق.