بتـــــاريخ : 8/9/2008 6:22:56 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1445 0


    لماذا لم يدعم التخصيص حركة تداول الأسهم ؟

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : د\محمد محمود أحمد شمس | المصدر : www.arriyadh.com

    كلمات مفتاحية  :
    اسهم سعودية اقتصاد السعودى

    لماذا لم يدعم التخصيص حركة تداول الأسهم ؟


    بالرغم من الاندفاع الشديد وغير المقيد لحركة تداول الأسهم السعودية في عام 2003. والربع الأول من عام 2004 والذي شهد وثبة كبيرة في مؤشر السوق، فإن سوق الأسهم لا تزال في حاجة ماسة إلى دفعة قوية من الدولة، من أجل إرساء قواعدها على أسس اقتصادية علمية سليمة لتنشيط حجم التداول فيها والبعد عن الاحتكار والعشوائية. إن سوق الأسهم المحلية ما زالت مقيدة إلى حد كبير بقيود تكاد تدمي معاصمها الفتية وعمرها الزمني القصير، بسبب ملايين الأسهم التي تمتلكها المؤسسات الحكومية العملاقة في شركات الكهرباء، سابك، والاتصالات، والتي هي خارج حلقة التداول الفعلي، هذا بجانب الاحتكار الفردي لعدة ملايين أخرى من أسهم بعض الشركات والتي لا يتم تداولها إلا في حالة الرغبة الاحتكارية الشخصية في زلزلة أسعار أسهمها، وقد نتج عن ذلك غياب التناسب بين إجمالي عدد الأسهم ومجموع الأسهم المتداولة فعلياً، ما أدى إلى كبح جماح حركة التداول التي كان من الممكن أن تكون أكثر قوة مما هي عليه حالياً في سوق الأسهم، بجانب فقد الثقة بها نسبياً إذا ما قورنت بحركة التداول في أسواق الأسهم الإقليمية. فالحاجة تبدو ماسة إلى تحرير أكبر قدر ممكن من الأسهم المحلية والعمل على تطبيق التخصيص الكامل، بدلاً من هذا التخصيص الجزئي الذي يعوق حركة تداول الأسهم، وذلك قبل الانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي يفترض إن أخذت طريقها إلى الاقتصاد الوطني، فسيكون التخصيص إجبارياً وبشروط المنظمة تحت مظلة لا ترحم من لم يدرك أهميتها وأثرها البالغ.

    الجدير بالذكر أن حجم السيولة النقدية الذي من شأنه تشجيع مختلف أنواع الاستثمارات بما في ذلك المساهمة في سوق الأسهم يفيض حالياً في خزائن البنوك المحلية، وهي في تزايد مستمر. لقد بلغت السيولة النقدية حتى شباط (فبراير) 2004 نحو 345مليار ريال بزيادة مقدارها 10 في المائة، أو بنحو 31 مليار ريال، مقارنة بشباط (فبراير) عام 2003، فلماذا هذا الانتظار والتردد في التخصيص الكلي؟ وهل يجب أن ننتظر حتى تهرب الرساميل السعودية ثانية إلى بنوك أجنبية تستفيد بها ثم نندم عليها ونلطم الخدين؟ يجب على المسؤولين في المؤسسات الحكومية المعنية العمل من أجل اغتنام فرصة وجود هذه الأموال الضخمة في الاقتصاد الوطني قبل مهاجرتها مرة أخرى وتنشيط عملية التخصيص الكلي بالأساليب الاقتصادية الفاعلة.

    إن معدل البطالة المتنامي يلتهم مواردنا البشرية بشراهة بالغة العام تلو العام، وتقاعس الاستثمارات المحلية يسكب الماء البارد على نشاطات القطاعات الاقتصادية بما في ذلك سوق الأسهم، فإلى متى سيستمر هذا الحال؟ فعلى ضوء الإحصاءات اليومية والشهرية والسنوية الصادرة من إدارة سوق الأسهم في مؤسسة النقد العربي السعودي، نجد أن نسبة قيمة الأسهم المتداولة إلى إجمالي القيمة السوقية للأسهم ضعيف للغاية، نتيجة قلة المعروض من الأسهم للتداول، هذا على الرغم من التضخم الكبير في أسعار الأسهم الذي لا مبرر لـه. إن فك قيد المعاصم الدامية لباقي أسهم شركات الكهرباء، الاتصالات، وسابك، وطرحها للتداول الحر في سوق الأسهم للمواطنين، سيكون لـه أثر كبير في تقليص القوة الاحتكارية لكبار المساهمين. فالمنافسة السوقية الحرة هي التي تحدد القيمة الحقيقية لأسعار الأسهم، لأنها تتنفس الهواء الطلق وتدب بها الحياة بزيادة عدد الأسهم المتداولة في سوق الأسهم، كما تضرب بيد من حديد على أيدي القلة المحتكرة للسوق. إن السيطرة الاحتكارية لسوق الأسهم لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تقليص حجم سوق الأسهم وتقييد التداول بها، وهذا هو الحاصل حالياً بواسطة قلة من كبار المساهمين.

    إن شركة سابك التي تمتلك الدولة 70 في المائة من أسهمها والتي يبلغ إجمالي عدد أسهمها 300 مليون سهم، لا يتجاوز متوسط حجم التداول اليومي فيها 1 في المائة، وتنطبق النسبة نفسها والتي يطلق عليها عمق السوق في حقل أسواق الأسهم، على شركة الكهرباء السعودية، وكذلك شركة الاتصالات. إن إجمالي عدد أسهم شركة الكهرباء يبلغ نحو 883 مليون سهم، ويبلغ إجمالي عدد أسهم شركة الاتصالات 300 مليون سهم لا يتداول منها ما يُسمن من جوع ويطفئ الظمأ. الجدير بالذكر، أن مجموع عدد أسهم هذه الشركات الحكومية الثلاث يبلغ نحو 58 في المائة من إجمالي عدد الأسهم في السوق المحلية، الأمر الذي يفرض مساهمة أكثر فاعلية لأسهم هذه الشركات في الاقتصاد الوطني من خلال التخصيص الكامل.

    من ناحية أخرى، فإننا نجد أن أحد أسباب عشوائية أسعار الأسهم وضعف تداولها الناتج عن هذا التخصيص الجزئي هو غياب المؤشرات الاقتصادية على مستوى الاقتصاد المحلي وكذلك غياب المؤشرات المالية على مستوى القوائم المالية للشركات المساهمة. فغياب الإحصاءات الضرورية الدورية عن معدلي التضخم والبطالة وحجم الدين العام والأنشطة الاستثمارية المختلفة في الاقتصاد الوطني بجانب ضعف الشفافية في التقارير المالية في الشركات المساهمة، وإضافة إلى غياب الإدراك العلمي لِمَا تحمله مؤشرات السوق من معان لها الأثر الكبير فيما ينتاب أسعار الأسهم من قرارات عشوائية. لقد تسببت هذه العشوائية في حركة تداول الأسهم المحلية والتي قد تقرب في بعض الأحيان من الغوغائية، في خلط أوراق قواعد العرض والطلب المتعارف عليها عالمياً في العلوم الاقتصادية وفي جميع الأسواق الاقتصادية سواء كانت أوراقاً مالية أو أسواق سلع وخدمات أو أسواق عمالة. فأسعار كثير من الأسهم ترتفع بحدة في كثير من الأحيان عندما تضعف حركة التداول إلى مستوى منخفض جداً، وتنخفض أسعار هذه الأسهم بحدة أيضاً عندما تشتد فيها أسعار التداول الشديد. ومن هنا تبدو الرؤية ضبابية لحد بعيد لكنها جلية في ذلك الخلط الواضح والتضارب المؤلم في قواعد العرض والطلب الاقتصادية. وعلى سبيل المثال فقط وليس الحصر، نجد أنه في السادس من آثار (مارس) 2004 بلغت أسهم "الراجحي" 950 ريالاً، وكان حجم التداول 34 ألف سهم، وفي اليوم التالي مباشرة انخفض حجم تداول هذه الأسهم إلى 20 ألف سهم بنسبة 41 في المائة، لكن أسعار أسهم "الراجحي" لم تنخفض واحتفظت بالسعر نفسه وهو 950 ريالاً للسهم، إلا أنه بعد يومين فقط تعاظم الانخفاض في حركة التداول ليصل إلى ثمانية آلاف سهم فقط، فارتفع سعر سهم "الراجحي" إلى 957 ريالاً للسهم، بدلاً من أن ينخفض، الأمر الذي لا يعكس هذا الاتجاه الغريب في الأسعار. أما سعر أسهم شركة سابك فقد بلغ نحو 401 ريال في 14 آذار (مارس) 2004، وقد بلغ حجم التداول في هذا اليوم نحو 681 ألف سهم، وفي اليوم التالية مباشرة أي في 15 آذار (مارس) 2004 دبت حركة نشاط هائلة في تداول أسهم شركة سابك. ارتفع على أثرها حجم التداول إلى 2.7 مليون سهم بزيادة مقدارها 2.1 مليون سهم، خلال يوم واحد، الأمر الذي كان يجب أن يقود أسهم "سابك" للارتفاع الكبير، إلا أن قواعد العرض والطلب في سوق الأسهم أبت أن تسلك السلوك الطبيعي وانقضت على أسهم شركة سابك وعصرت محتواها فانخفضت سبعة ريالات للسهم لتصل إلى 394 ريالاً. أما الحال في شركة المواشي المكيرش فغريب جداً، فأسعار أسهمها تحوم بثبات حول 50 ريالاً للسهم بزيادة ونقص ريالين تقريباً، إلا أن حركة التداول بها عنيفة للغاية ولا تعكس قواعد العرض والطلب الاقتصادية على الإطلاق. ففي 14 آذار (مارس) 2004 بلغت حدة تداول أسهم "المكيرش" نحو عشرة ملايين سهم انخفضت في اليوم التالية إلى 2.3 مليون سهم أي بنحو 7.7 مليون سهم خلال يوم واحد فقط، ثم انخفضت مرة أخرى، ثم ارتفعت بعدة ملايين، لكن السعر لم يستجب الاستجابة الفعلية لهذه الاضطرابات الحادة في حركة التداول وحام حول نحو 50 ريالاً للسهم.

    هذه هي خطى ومسارات أسعار أسواق الأسهم المحلية وهذا يتطلب تصحيحاً فعلياً لواقع السوق من خلال اتساع دائرة التداول الفعلي باتباع سياسة التخصيص الكلي ونبذ سياسة التخصيص الجزئي، والعمل على إتاحة الشفافية للقضاء على الاحتكار وإنارة الطريق للمساهمين.

     

    الاقتصادية / الاثنين 21 ربيع الأول 1425هـ / 10 مايو 2004 العدد 3864

    الدكتور / محمد محمود أحمد شمس

    رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية والإدارية

     

    كلمات مفتاحية  :
    اسهم سعودية اقتصاد السعودى

    تعليقات الزوار ()