محيط – علي عليوة
|
|
|
من اليمين د. سيف عبد الفتاح ثم وائل ثم عصام ثم سمير مرقص |
|
|
دعا الدكتور سيف عبد الفتاح أستاذ النظرية السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إلي ضرورة وجود رؤى متنوعة حول الدولة المدنية التي تطالب بها التيارات الوطنية التي قامت بثورة 25 يناير.
جاء ذلك في كلمته أمام الندوة التي عقدها مركز "الدراسات الحضارية وحوار الثقافات" بجامعة القاهرة ومركز "الحضارة للدراسات السياسية".
وعقدت الندوة تحت عنوان " الدولة المدنية: من رؤى متنوعة إلى إطار مشترك على ضوء الثورة المصرية" ودارت فعالياتها بمقر كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة .
وأضاف بأن المركزين ومنذ ثورة 25 يناير قاما بتداول قضايا مهمة تتعلق بإدارة الفترة الانتقالية وتفعيل المجتمع المدني بعد الثورة لكن الحوار الفكري استدعى قضايا ذات طبيعة فكرية تحتاج لفتح الباب لحوار وطني مجتمعي حقيقي حولها .
وعلى رأس تلك القضايا ما يتعلق بالدولة المدنية لإقامة حوار بين الأفكار والتيارات والتوجهات المتنوعة في إطار علمي ومنهجي.
ومعالجة جملة من المحاور منها الدولة المدنية: المرجعية والمحتوى.و الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية. ومفهوم المدني والعلاقة بين الديني والسياسي.
المجال السياسي والمجال الديني
وفي كلمته اوضح الباحث السياسي سمير مرقص أن قراءته لمسيرة المواطنة في مصر منذ محمد على إلى اليوم تقول أن ثورة 25 يناير لحظة غير مسبوقة لأنه لأول مرة جميع المحكومين في الشارع يصرون على إسقاط الحاكم، فيسقط ويصير لدينا حاكم سابق.
وأضاف بأنه في إطار هذه الخبرة فإن ثورة 1919 أكدت على البعد السياسي والمدني لهذه الدولة المصرية – وثورة ناصر لم تستمر في تطوير البعد السياسي والمدني ولكن اهتمت بالبعد الاجتماعي، فلم تكتمل في مصر الدولة الحديثة .
وأن إرهاص الاكتمال نحو هدف الدولة الحديثة المدنية كان في 25 يناير لأن الشعار كان حول العدالة الاجتماعية مع الحرية، وهو ما يحمل فكرة تجديد الدولة الحديثة في مصر أي الحرص على كلا المكوِّنين – "السياسي المدني" – وكذا – "الاقتصادي الاجتماعي".
وطالب بالخروج من خصوصية المدني والديني، والاتجاه نحو الدولة الحديثة بمكوِّنها المدني. لافتا إلي أن لحظة التجديد التي تمت تقول أن مصر دخلت القرن العشرين بمصالحة بين الديني والمدني، وبين المدني والمدني الآخر في الوطن الواحد، وقمة ذلك في فكر الإمام محمد عبده.
ونبه إلي أن هذه المصالحة قد تمت في لحظة تاريخية معينة، وللأسف لم تستمر وهو ماجعلنا ندور في حلقة مفرغة من الخصومة بين الديني والمدني وطبيعة السلطة السياسية هل هي مدنية أم دينية.
لافتا إلي انه يختار "المدنية"وبالنسبة إلي المجال العام والسياسي، حسم الإمام محمد عبده أمره على أساس "مدنية المجال العام والسياسي". وان تكون هناك مسافة بين السياسة والدين وإلا تحولت الدولة إلى دولة ثيوقراطية.
مشيرا إلي أنه يوافق علي حضور للدين في الحياة والحركة الوطنية ولا يوافق علي أن يكون الدين محركاً للسلطة السياسية مؤكدا علي أنه لابد من التساؤل عن "نموذج التنمية" في الدولة، بالتوازي مع السؤال حول مدنيتها.
الليبراليون ونتيجة الاستفتاء
ومن جانبه أوضح عصام سلطان المحامي واحد مؤسسي حزب" الوسط " ان الاستفتاء علي التعديلات الدستورية كانت فرصة للكشف عن الكثير من الأمور.
فعقب إعلان النتيجة كان هناك جزء من التيار الذي يسمي نفسه "ديموقراطي ليبرالي"يرفض نتائج التصويت عندما جاءت النتيجة بان الأغلبية قالت" نعم" للتعديلات وصار يقول أن الاستفتاء مزور وأن القضاة قاموا بالتزوير ... الخ بدلا من القبول بالنتيجة التي جاءت بها صناديق الاقتراع والتي تعبر عن إرادة الجماهير كما تقول الديموقراطية .
وشدد علي أن الملمح الثاني كان الاستقطاب الحاد بين (نعم) و(لا) وانه كان هناك اتجاه كبير استخدم الشعارات الدينية مما دفع معتز عبد الفتاح ليكتب في "الشروق" تعليقاً على خطبة جمعة في المنيا .
والخطيب – الذي قال له معتز عبد الفتاح في مقاله "لا أنجح الله لك حزباً من باب لا أربح الله لك تجارة ولا ردّ الله عليك ضالتك -لانه دعا المصلين للدخول في حزب "الحرية والعدالة"عقب الصلاة اي أنه استخدم المسجد في اغراض سياسية . وهو خلط بين الديني والسياسي الذي ينبغي رفضه .
وقال إن أصحاب التيار الإسلامي كلهم مدعوون للتفكير في تعريفً ملهمً محددً لفكرة المرجعية الإسلامية مؤكدا انها . يجب أن تقوم على أمور ثلاثة هي كرامة الإنسان بصرف النظر عن لونه ودينة وفكره وعقيدته. وان العقل هو أساس حرية الإرادة.
وبالتالي كل قيد على حرية التفكير والتعبير هو يتناقض مع هذه المرجعية. والثالث هو نفي العصمة لأي فرد أو رئيس أو إمام.و إقرار التعددية الدينية ومنها التعددية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
النخبة تعاني من الحول الفكري
وشدد عصام سلطان علي انه مع تعريف الدولة المدنية الذي هو القبول بأشكال ومضامين الدولة الحديثة القائم على حكم القانون المستمد من الدستور المراقب بواسطة المحكمة الدستورية العليا وكل ذلك في إطار حرية الرأي في إطار صحف وإعلام مستقل.
أما الذين قالوا (لا) فهم مدعوون أيضاً لأن يجيبوا علي تساؤلات منها: هل كفروا بالديمقراطية؟ هل أعادوا التفكير بخصوص الديمقراطية أساساً؟ كانوا معنا في الحركة الوطنية وكنا نحلم معاً بالحلم الديمقراطي –
ولكن مع التعديلات الدستورية وجدنا من تراجع عن فكرة الديمقراطية بدعوى أن الإسلاميين قادمون والإخوان قادمون وتخوفاً من المادة (2) في الدستور مع أنها موجودة في الدستور منذ 1971 بل ومنذ دستور 23 ولم تكن تثير كل هذا اللغط غير المبرر .
وهم الآن يقودون حملة شديدة على أصل فكرة الديمقراطية وأصل فكرة الاستقرار على المثال الشعبي الشعبي (فيها وإلا أخفيها).
وفي كلمته انتقد الصحفي على عبد الوهاب الاستنكار الذي أبداه عصام سلطان لاستغلال احد الإخوان للمسجد في الإعلان عن الحزب الجديد لجماعة الإخوان عقب الصلاة واعتبر ذلك خطأ .
ولكنه لم يستنكر قيام الدكتور عمرو حمزاوي الذي يقول البعض بأنه كان في فترة ما عضوا بلجنة السياسات بالحزب الوطني بالإعلان عن حزبه الجديد من داخل الكاتدرائية المرقصية بالعباسية وهو أيضا استغلال لدور العبادة في النشاط السياسي .
وأضاف بأنه كان يتمني أن يتناول عصام سلطان بالشجب قيام الكنيسة بحشر أتباعها ونقلهم بالسيارات إلي أماكن الاقتراع وأمرهم بالتصويت بـ"لا" في استفتاء التعديلات الدستورية.
وتساءل لماذا لم ينتقد سلطان تدخل الكنيسة وهي مؤسسة روحية في الامور السياسية والعمل في السياسة وهو ما يتعارض مع أسس الدولة المدنية؟ متهما النخبة في مصر بأنها لاتري إلا في اتجاه واحد ؟.
وقال الدكتور سيف عبد الفتاح أستاذ النظرية السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إن في حال الثورات في المجتمع فإن المسكوت عنه لابد أن يقل لأن الثورات تقوم على مبدأ "كشف المستور" ولأنها مضادة لأسلوب النظام المستبد في "صناعة المكبوت".
وشدد علي أن التنميط أي محاولة عمل طبعة واحدة من البشر يكونوا كلهم متشابهون هو خطر لافتا إلي أن غير السياسيين كانوا أكثر نضجاً من النخبة و انه يشعر بالقلق عندما تتدحرج المسائل في حجر السياسيين.
المطلوب نظام يحقق العدل الاجتماعي
وقال وائل خليل الناشط السياسي الاشتراكي انه من بين الذين قالوا (نعم) للتعديلات الدستورية لافتا إلي أن الاستفتاء كان فرصة ضاعت لفتح نقاش واسع ومؤصّل حول: ما العمل؟
وشدد علي أننا في حاجة إلي السعي لتحقيق التوازن المجتمعي والتفكير في كيفية الوصول لهذه الغاية والدفع بالمجتمع نحو نظام يدعو للعدالة الاجتماعية .
وقال أنه من المؤكد أن هناك مؤامرة ضد العدالة الاجتماعية وان الملايين الذين هم تحت خط الفقر لم تصل لهم الثورة كما أن النخبة لم تقل لهؤلاء الناس متى سوف تحل الثورة مشاكلهم.
من جانبها اوضحت الدكتورة نادية مصطفى الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن الثورات المتتالية في مصر لم تركز إلا على جانب واحد من جوانب ما أسمته "التغيير الحضاري"الذي يشمل الجانب السياسي والمدني أو الجانب الاقتصادي والاجتماعي.
واضافت بأنه مع وصولنا إلى 25يناير لم تكن هناك عدالة اجتماعية على الإطلاق مع كل الانتهاك لحقوق الإنسان وللديمقراطية.مؤكدة علي ضرورة الدفع باتجاه القوانين المحققة للعدالة الاجتماعية وليس للفزّاعات.
لافته إلي انه في مصر من يقولون بأنهم حماة الدولة المدنية هم الليبراليون مع ان النموذج الليبرالي الغربي ليس هو الطريق الوحيد للديمقراطية.
مؤكدة علي انها وإنطلاقا من المرجعية الحضارية الاسلامية نستطيع القول بأن هناك ديمقراطية إسلامية مثلما هناك ديمقراطية اشتراكية.
واوضحت ان من يتكلم عن الديمقراطية الليبرالية لابد أن يفهم أن هذه الليبرالية ترتبط بالأساس بالرأسماليةلافتة إلي ان محمد عبده حين تحدث عن الدولة المدنية كنقيض للدولة الديمقراطية الدينية اراد أن يؤكد أن دولة الإسلام ليست "ثيوقراطية ".
وطالبت بأن يكون المجال العام فضاء للتعدد والتنوع مع الاحتكام إلي قوانين وثقافة تمنع توظيف الدين في اللعبة السياسية، مؤكدة في نفس الوقت علي ضرورة عدم إنكار أن الاسلام كمصدر للتشريع وباعتباره دين ودولة.
وانه نموذج تم تطبيقه عبر عصور مختلفة يمثل صيغة للدولة المدنية المطلوبة في مصر و يجب أن تستمر الجهود حتي يجد هذا النموذج طريقه للتطبيق .