مشهد من الثورة المصرية
قررت مجموعة من البنوك والمؤسسات المالية العالمية الكبرى التعاون فيما بينها لدعم آمال الشعوب العربية في مستقبل اقتصادي أفضل.
وأعلنت الحكومتان الفرنسية والأمريكية الجمعة إن كلا من البنك الدولي وبنك الإعمار والتنمية الأوربي وبنك التنمية الأفريقي والبنك الإسلامي للتنمية هي من بين البنوك التي تعهدت بالمشاركة في "خطة عمل" يتم الإنتهاء من وضعها بحلول نهاية مايو/أيار القادم.
وأوضح بيان صدر عقب اجتماعات مغلقة استضافها البنك الدولي في واشنطن أن كلا من مصر وتونس ستكونان على رأس الدول العربية المستفيدة من تلك الخطة ، وأن وزراء مالية عدد من الدول ورؤساء البنوك العالمية قد بحثوا كيفية العمل معا لمساعدة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في سعيها لتحقيق نمو اقتصادي شامل يكون من شأنه رفع مستوى معيشة الشعوب في تلك الدول.
وأضاف بيان البنك الدولي إن البنوك الأربعة سالفة الذكر ومعها المؤسسة المالية الدولية وبنك الإستثمار الأوروبي ومؤسسات مالية أخرى قد اتفقت على التكاتف لوضع خطة عمل تستهدف توجيه استثماراتها نحو دعم طموحات شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في التنمية الإقتصادية والحياة الكريمة.
وصرحت وزير المالية الفرنسية كريستين لاغارد بأن بنك الإعمار والتنمية الأوربي سيساعد كلا من مصر وتونس في الخروج من الآثار الإقتصادية المترتبة على الثورة في كل من البلدين.
وقالت لاغارد في اجتماع لوزراء مالية الدول الصناعية السبع الكبرى، والتي تترأس فرنسا دورتها الحالية "من المؤكد أن بنك الإعمار والتنمية الأوربي سيعيد النظر في الدور الذي يمكن أن يقوم به لتعزير النمو وتحفيز التنمية في هاتين الدولتين".
على صعيد آخر أكد عدد من الخبراء الإقتصاديين أن أفريقيا ستكون هي الوجهة القادمة لموجة كبيرة من الاستثمارات العالمية.
ويقول الخبراء إنه في ظل الثورات في تونس ومصر وليبيا والإضطرابات الدامية في ساحل العاج وزيمبابوي والانتخابات الوشيكة في نيجيريا كلها قد توحي بأن صورة الاستقرار السياسي في القارة الأفريقية تبدو باهتة إلى أقصى حد.
ولكن مع ذلك فإنه عندما يتعلق الأمر بمستقبل أفريقيا فإن النصيحة التي تتردد الآن للمستثمرين هي التوجه بكل قوة إلى القارة السمراء وضخ كميات كبيرة من الاستثمارات الجديدة فيها.
وهناك الكثير من الدوافع التي تبرر تلك النصيحة، فأسعار المواد الأولية التي تنتجها دول كثيرة في القارة آخذة في التصاعد في الأسواق الدولية، وأسعار البترول هي الآن في أعلى مستوياتها منذ عامين، مما يعني ارتفاع العوائد التي تتحصل عليها أفريقيا الغنية بموارد البترول والذهب والماس والبلاتين والنحاس والحديد والفوسفات.
ويضاف إلى ذلك ظهور طبقة وسطى أفريقية يقدر قوامها بنحو مليار نسمة، وهي طبقة من المتعلمين والمثقفين وأصحاب الأعمال والمهنيين، وتلك الطبقة تمثل قوة إقتصادية كبيرة بما تنتجه وتحتاجه من سلع وخدمات.
ويضاف إلى ذلك حقيقة أن القارة الأفريقية تشهد اتجاها قويا نحو تطوير قطاعات الزراعة والمياه والكهرباء والصحة والإنتاج الحيواني في كل دولها تقريبا ، وبما يعنيه ذلك من ازدياد الحاجة إلى آلات المصانع ومولدات الكهرباء والأجهزة الطبية ومحطات الطاقة وغيرها.
ويقول يوهان دي بروجن مدير الاستثمار في مؤسسة "إيمرجنج ماركتس ماندجمنت" الامريكية "من الثابت أنه بالرغم من أن الإضطرابات السياسية أو الصراعات الحدودية تحمل مخاطر على الاستثمار إلا أن انتباه العالم يتركز الآن بدرجة أكبر على أفريقيا".
كما أن المستثمرين أدركوا الآن أن الأسواق الناشئة مثل البرازيل والصين والهند قد استنفدت قواها بعد الأزمة المالية العالمية قبل ثلاث سنوات، مما دفعهم الآن إلى تحويل اهتمامهم إلى "أسواق جديدة تمثل حدودا غير معروفة لرأس المال"، وهي أسواق أفريقيا الأقل تطورا ونموا ولكنها ما زالت واسعة وبكرا وتحمل الكثير من الامكانات.
وقد بدأت بعض المؤسسات والشركات العالمية في دخول الأسواق الأفريقية بقوة، وعلى سبيل المثال فإن صندوق "نايل بان أفريكان فند" وهو واحد من مؤسسات مالية أمريكية قليلة يقتصر نطاق عملها على أفريقيا ، حقق أرباحا فاقت المتوسط المسجل في مؤشر ستاندارد أند بور بنسبة 16 في المائة .
وهناك بعض أكبر الشركات في العالم وضعت عينها الآن على القارة الأفريقية مثل مجموعة متاجر السوبر ماركت العالمية "وول مارت" التي تعكف الآن على تدبير التمويل اللازم للاستحواذ على مجموعة متاجر في جنوب أفريقيا قيمتها مليار دولار.