بتـــــاريخ : 4/23/2011 5:24:45 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1201 0


    البارادايم (paradigma)… نظارة العقل !

    الناقل : sayedibrahim | العمر :40 | الكاتب الأصلى : اكاديمية النجاح | المصدر : www.4lead.net

    كلمات مفتاحية  :
    نفس البارادايم نظارة العقل

    تحدثنا فى التدوينة السابقة عن  عوامل تدمير الكفاءات وإن أحد أهم العوامل التى تتسبب فى عملية تدمير أو تعزيز الكفاءات هو البارادايم ، ولكى نفهم معنى البارادايم علينا أن نلقى الضوء على بعض التعريفات المهمة :

    ما هى المرجعية ( الميتاأيدولوجيا أو ماوراء الأيدلوجيا ) ؟

    ما هو الاعتقاد أو المجموعة القيمية ( الأيدلوجيا ) ؟

    المرجعية أو ما يسمى ( الميتا أيدلوجى أو ما وراء الأيدلوجيا ) : هى المرجع الذى يستقى منه الإنسان المجموعة القيمية الخاصة به  وروافد المرجعية تتعدد وتتنوع وتختلف من فرد إلى آخر حسب الثقافة والديانة والبيئة  فمثلا المرجعية الاسلامية يدخل فيها  القرآن الكريم والسنة وأفعال الصحابة والتابعين ثم تأتى العوامل المشتركة مع الأفراد الآخرين كالوالدين والمجتمع المحيط والخبرات المكتسبة التى تلقاها الانسان والمعلومات التى اختزنها نتيجة لاطلاعه أو لاحتكاكه بتجارب مختلفة ومتنوعه

    أما المجموعة القيمية أو العقيدة أو ما يسمى ( الأيدلوجيا)

    هى مجموعة القيم التى يكونها الانسان من خلال المرجعية و تلعب الصفات الموروثة وطريقة التربية دورا مهما فى التفاعل مع الروافد المرجعية المختلفة وتصبح المجموعه القيمية المتكونة هى التى  تحكم سلوك الفرد  وتصرفاته وحكمه على الأشياء من خلال ما يسمى بالبارادايم

    فالبارادايم هو المنظار الذى من خلاله نرى الأشياء ونحكم عليها  وفق المجموعة القيمية التى نعتقد بها  والتى كوناها من خلال مرجعياتنا المختلفة

    وعلى هذا يتحدد مجال الرؤية وسعه الادراك  فكلما تعددت روافد المرجعية وتنوعت استطاع الانسان أن يصدر حكما صالحا على  الأشياء واستطاع أن يكون أكثر دقة وقدرة على التفريق بين المناطق الرمادية الواقعه بين  الأبيض والأسود

    super-mini-spy-scope

    ويبقى هناك نقطة مهمة حتى نستطيع أن نضع رؤية واضحة وهى أنه ليس بكثرة الاطلاع والقراءة أو العمق فى التخصص يصبح الانسان قادرا على الحكم الصحيح على الأشياء  فكم من علماء أكاديميين توغلوا فى العلم والمعرفة ثم تراهم حين يحكمون على رأى تشعر أن الذى يحكم هو طفل صغير فى ثياب رجل كبير

    ويبقى عامل التجربة والاحتكاك ووضوح الرؤية بالنسبة للثوابت التى تحكم المرجعية عاملا مؤثرا فى ثقل الشخصية ونضجها

    وأكثر المشكلات تأتى عندما نحكم على شىء من خلال رؤيتنا  الحالية أو الحكم على شىء ليس من تخصصنا ظنا منا أن ما نملكه من علوم أو معارف كفيل باصدار الأحكام وأكثر المناطق التى يفتى فيها بدون تخصص هو علم الإدارة

    إذ أن الكثيرين يحسبون أن القرارات متاحة للجميع وأى مدير يستطيع أن يتخذ قرارا

    فغياب المراقبة والمحاسبة على طرق الادارة ونظمها ونتيجة القرارات أدى إلى عدم تحرى الدقة

    ولعلى أذكر طرفة سمعتها حينما جاء رجل إلى أحد الشيوخ وسأله : هل تنفع ( تصلح ) الصلاة بدون وضوء فأجابة لا فقال السائل لكنى جربتها ونفعت

    فعدم المحاسبة على نتائج القررات الادارية يؤدى إلى هذا اللبس أن الجميع يصلح والقررات التى تتخذ من المدير حتما ستصل إلى نتيجة جيدة

    وعندما تسأل أحدهم أو ترى أنه لا يصلح للإدارة يقول لك ولكنى أصبحت مديرا … كمثل الرجل فى الطرفة ( ولكنى جربت ونفعت ) وكأن الوصول لمنصب المدير هو مبرر لأن يصبح الانسان ناجحا فى قرراته

    ولعل الصورة تكون واضحة عند الحكم على الأشخاص فجميعنا إذا قابل انسانا ما وجلس معه دقائق ثم بعد انتهاء اللقاء تسأله عن رأيه فى هذا الشخص فيصدر لك تقريرا مفصلا عنه وكأنه اطلع على مكنونات نفسه وطباعه وهذا حكم فاسد

    فالصورة النمطية التى نرسمها للأشخاص تكون على قدر معارفنا وعلومنا وعند ما نتعلم علوما جديده نكتشف أننا لم نكن ذوو رأى صائب عند الحكم السابق

    وما أشد بشاعه المثل القائل ” الانطباع الأول يدوم ” فكيف يمكن لنتيجة لقاء واحد أن تكون اطار الادراك المتكون تجاه شخص وبناء عليه يتم رسم خريطة تعاملاتنا وطريقة الحديث عنه وطريقة نقل المشاعر عنه  إلى الآخرين من خلال هذا اللقاء الأول

    يحكى أن مجموعه من الركاب  فى احد عربات القطار دخل عليهم فى احدى المحطات رجل معه ثلاثة أطفال وانقلب القطار صخبا وصياحا وبدأ الركاب يشعرون بالضيفق من تصرفات الأطفال وكيف حولوا الجو الهادىء إلى جو لا يطاق  والرجل الذى معهم لا يحرك ساكنا  وتهنا قام أحد الركاب وقال للرجل ألا يمكن أن تسكت هؤلاء الأطفال وتسيطر عليهم لقد أزعجونا ولا بد أن تجد حلا

    وهنا بدأ الرجل فى الكلام فقال هؤلاء أبنائى و لست أدرى ماذا أصنع معهم لقد قدمت للتو من المستشفى وقد توفت أمهم ولا أدرى ماذا أفعل ؟

    وهنا انقلب الموقف وتغير وبدأ الركاب فى ملاطفة الأولاد فهذا يحمل أحدهم ويلاعبه وأخرى تمسك بيد احدهم وتحتضنه وأخرى تخرج قطعا من الحلوى لتعطيها لهم

    ترى ما الذى تغير ؟! فالأولاد هم الأولاد بصخبهم وازعاجهم والأب لم يصنع شيئا والركاب هم الركاب ،الذى تغير هو الادراك هو وجود معلومات جديدة ورؤية جديدة للأمور

    عندما سافرت إلى احدى الدول الخليجية وجدت مكتوباً على أحد المحلات  ” المحل للتقبيل ” ولما كانت معرفتى ببكلمة التقبيل  من خلال المعروف فى بلدى مصر أن التقبيل تعنى القبلة فاحترت فى فهم هذا الأمر وتفسير معنى العبارة المكتوبة ولما سألت عرفت أن كلمة التقبيل تعنى الايجار وعندها رأيت أن كل التفسيرات التى وضعتها لتفسير هذا العبارة قبل معرفة معناها بلغه أهل هذا البلد هى تفسيرات خاطئة ولا تمت للمعنى بأى صلة

    ولعل هذا مثالا بسيطا فى اختلاف الكلمات فما بالك باختلاف الادراك والقضايا الكبرى والأفكار الجديدة والعلوم المتعددة التى من خلالها نستطيع الحكم على الأشخاص أو الحكم على الأفراد والآراء والأفكار الجديدة

    إن المصيبة الكبرى التى يتم من خلالها تدمير الكفاءات ونسف الأفكار الجديدة وارسالها إلى التوابيت هى محاكمة الفكرة الجديدة بما نملكه من معارف ساعتها دون تصور لنقص أفكارنا ومعارفنا وحاجتها إلى التجدد والأمر الأشد صعوبة أن يتم نقد الفكرة ممن لا يملكون فيها تخصصا أو نقدها قبل دراستها ومعرفة مكنوناتها

    وكم ضيعت الرؤية الضيقة  من أفكار عظيمة كان يمكن أن تؤدى إلى خير كثير .. وفى المقابل كم ساعدت الرؤية الممتدة والادراك المتفتح أفكار صغيرة عادية وحولتها إلى صروح من الفائدة

    فى التدوينة القادمة إن شاء الله سنتحدث عن مصادر تنيمة البارادايم وتطويره  وحتى هذا الحين عزيزى القارىء ترى ما نوع البارادايم الذى تمتلكه .. وهل تعرضت لمواقف مماثلة من قبل ؟


    كلمات مفتاحية  :
    نفس البارادايم نظارة العقل

    تعليقات الزوار ()