كتب عواصم - وكالات الأنباء ٢٦/ ٤/ ٢٠١١
|
(رويترز)
|
لقطة تليفزيونية لدبابات الجيش لدى اقتحامها «درعا»
|
فى تصعيد جديد لنزيف الدم فى سوريا، نفذت السلطات، أمس، حملة أمنية واسعة لقمع الاحتجاجات المناهضة للرئيس السورى بشار الأسد التى تصاعدت حدتها فى الآونة الأخيرة، حيث اقتحم أكثر من ٣ آلاف عنصر من قوات الأمن السورى تساندهم دبابات ومدرعات صباح أمس مدينة «درعا» جنوبى سوريا، مما أسفر عن مقتل ٢٥ شخصاً على الأقل وإصابة آخرين، فى الوقت الذى قتل فيه ١٣ شخصاً برصاص قوات الأمن فى «جبلة» قرب اللاذقية شمالى غرب سوريا، كما شنت السلطات مداهمات فى دوما والمعضمية قرب دمشق، بينما حذرت ناشطة سورية بارزة من «حرب وحشية تهدف إلى إبادة السوريين المطالبين بالديمقراطية».
وقال شاهد إن قوة مؤلفة من نحو ٣ آلاف فرد، يرتدى بعضهم زى الجيش السورى ويرتدى آخرون زياً أسود، اقتحموا مدينة درعا - التى اندلعت فيها الشرارة الأولى للاحتجاجات- فجر أمس «ونحن نيام ولا نتظاهر»، وداهمت المساكن وبدأت فى إطلاق النار عشوائياً على المواطنين، ونقلت شبكة «سى.إن.إن» الأمريكية عن شهود عيان تأكيدهم وجود عشرات الجثث فى الشوارع، موضحين أن ٢٥ شخصاً على الأقل قتلوا، فيما تتحدث منظمات حقوق الإنسان عن وقوع نحو ٤٠٠ قتيل منذ اندلاع الاضطرابات فى الشهر الماضى.
وقال ناشط: «إن رجال الأمن يطلقون النار فى درعا فى كل الاتجاهات ويتقدمون وراء المدرعات التى تحميهم»، مشيراً إلى أن «الكهرباء والاتصالات الهاتفية قطعت بالكامل تقريباً»، وقال ناشط آخر إن «قناصة تمركزوا على الأسطح، وإن قوات الأمن أطلقت النيران على خزانات المياه، وإن نداءات الاستغاثة تطلق من مآذن المساجد»، وتحدث الناشط عن وقوع اشتباكات بين قوات الأمن والجيش قائلاً «أطلقوا النار على بعضهم».
وبعد ساعات من التدخل الأمنى المكثف فى «درعا» القريبة من الحدود مع الأردن، أعلن وزير الإعلام الأردنى طاهر عدوان، إن سوريا أغلقت معبريها الحدوديين البريين مع الأردن، وقال دبلوماسى أردنى بارز إن التوقيت مرتبط بما يبدو أنها عملية أمنية كبيرة تجرى الآن، بينما نفى مصدر رسمى سورى إقدام بلاده على تلك الخطوة، مؤكداً أن جميع المعابر مفتوحة.
ومن جانب آخر، قتل ١٣ شخصاً وجرح آخرون برصاص قوات الأمن فى «جبلة» قرب مدينة اللاذقية الساحلية - التى يشكل فيها العلويون الذين ينتمى إليهم الأسد أغلبية، وقال ناشط حقوقى إن «مجموعة من القناصة ورجال الأمن أطلقوا النار فى شوارع جبلة دون تحذير بعد زيارة قام بها محافظ اللاذقية الجديد عبدالقادر محمد الشيخ إلى المدينة للاستماع إلى مطالب السكان»، وأضاف: «بعد خروج المحافظ تم تطويق جبلة من جميع الأطراف، وانتشر عناصر من الأمن وبدأوا بإطلاق النار» - على حد قوله.
وقال نشطاء على اتصال بأشخاص فى جبلة إن قوات الأمن ومسلحين انتشروا فى الحى السنى القديم فى جبلة، أمس الأول، بعد اندلاع احتجاجات مطالبة بالديمقراطية.
وذكر المرصد السورى لحقوق الإنسان ومقره لندن أن «أكثر من ٣ آلاف متظاهر تجمعوا بالقرب من بانياس على الطريق العام المؤدى من اللاذقية إلى دمشق معلنين اعتصامهم تضامناً مع أهل جبلة».
وأفاد ناشطون حقوقيون بأن أجهزة الأمن تقوم بعمليات مداهمة فى دوما والمعضمية قرب دمشق، وأوضحوا أن قوات الأمن السورية ومسلحين موالين للرئيس السورى داهموا ضاحية دوما بدمشق صباح أمس وأطلقوا الرصاص على مدنيين عزل، وألقوا القبض على سكان، وقال النشطاء إن الكثيرين أصيبوا، وأضافوا «الأمن يكرر نفس النمط فى كل الأماكن التى تشهد انتفاضات مطالبة بالديمقراطية.. يريدون إخماد الثورة باستخدام أقصى درجات الوحشية».
وأضافوا: أن كل وسائل الاتصال بدوما قطعت وان قوات الأمن تنتشر فى البلدة بكثافة. وأضاف نشطاء أن «قوات الأمن طوقت جامعاً وأطلقت النار دون تمييز.. ودوما معزولة عن العالم الخارجى».
وذكرت مواقع إلكترونية سورية أنه سمع إطلاق نار كثيف قرب ضاحية «الأسد» على طريق حمص -دمشق، وفى منطقة «حرستا» بريف دمشق، دون ذكر أى تفاصيل. وأفاد شهود بأن الطرق المؤدية إلى «المناطق الساخنة» القريبة من العاصمة كانت مغلقة ليل أمس الأول، وأقيمت فيها حواجز للتفتيش عن الهُوّيات ولا يسمح بدخولها سوى السكان.
ومن جهتها، قالت سهير الأتاسى الناشطة الحقوقية السورية البارزة إن السلطات السورية بدأت «حرباً على الحركة السلمية المطالبة بالديمقراطية فى سوريا»، معتبرة أن «هذه الحرب الوحشية تهدف إلى إبادة السوريين المطالبين بالديمقراطية»، فيما رأى رئيس المرصد السورى لحقوق الإنسان أن «السلطات اتخذت على ما يبدو قراراً بالحسم العسكرى والأمنى».
وفى غضون ذلك، أكد شهود وعناصر معارضة أن قوات الأمن قامت خلال الأيام الأخيرة بحملة مداهمة فى العديد من المدن اعتقلت خلالها عشرات المناهضين للنظام بالرغم من رفع حالة الطوارئ. وأعلن وسام طريف، الذى يشرف على مجموعة سورية للدفاع عن حقوق الإنسان فى أشبيلية جنوب إسبانيا، تدعى «إنسان» أن ٢٢١ شخصاً اختفوا فى سوريا منذ الجمعة، وقالت قناة «العربية» إن السلطات السورية اعتقلت أحد العلويين لاعتراضه على إطلاق النار على المتظاهرين.
وفى بيان حمل توقيع ١٠٢ شخص - منهم علويون- أدان مثقفون وإعلاميون سوريون، أمس الأول، «الممارسات القمعية للنظام السورى» ضد المتظاهرين، مطالبين بحوار يضم جميع أطياف الشعب السورى ويحقق مطالب التغيير السلمى.
وفى الوقت الذى مازالت السلطات السورية تتحدث فيه عن سقوط قتلى فى صفوف الشرطة والجيش برصاص «عصابات مسلحة» حملتها مسؤولية حركة الاحتجاج، دعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى إلى فرض «عقوبات» على المسؤولين السوريين الذين أمروا «بقتل المتظاهرين وتعذيب مئات المعتقلين بعد مذبحة الجمعة».
وبينما حث أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكى من كلا الحزبين - الديمقراطى والجمهورى - على المزيد من الدعم للمعارضة فى سوريا بما لا يصل إلى التدخل العسكرى المباشر، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية بأن الحكومة الأمريكية تستعد لفرض عقوبات على مسؤولين سوريين رفيعى المستوى مقربين من الأسد يشرفون حالياً على قمع المظاهرات فى سوريا.