- تل أبيب- رام الله- الألمانية
فاجأت المصالحة بين طرفي السلطة الفلسطينية فتح وحماس، بعد سنوات من العداء المرير كل من هم على صلة بالقضية الفلسطينية، عدا أولئك الذين شاركوا في المحادثات السرية التي شهدتها القاهرة، حتي المخابرات الإسرائيلية نفسها.
لقد اتفقت الفصائل الفلسطينية على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة في غضون عام.
وحتى ذلك الحين، ستتولى حكومة مؤقتة تتألف من مجموعة من "التكنوقراط" مهمة إعادة توحيد قطاع غزة الذي تحكمه حماس، والضفة الغربية التي تديرها حكومة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح.
وقال ممثل "فتح" عزام الأحمد، وموسى أبو مرزوق، ممثل حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، خلال مؤتمر صحفي عقد في القاهرة، إن الطرفين أبديا اتفاقا في كل القضايا بوجه عام، بما في ذلك القضايا الأمنية، غير أن الكثير من بنود الصيغة النهائية لم تكتب بعد، ويبقى التساؤل، هل سيدوم الاتفاق؟.
أبو مرزوق حذر من أن "الشيطان يكمن في التفاصيل".
لكن لماذا يدفن الطرفان أحقادهما الآن؟
إن عباس وسلام فياض، القائم بأعمال رئيس وزرائه، يخططان للسعي للحصول على اعتراف من الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، في ظل جمود مفاوضات السلام مع إسرائيل، وبرغم الجهود الدبلوماسية المحمومة التي تبذلها إسرائيل والولايات المتحدة لعرقلة جهودهما.
إن حل الخلاف بين فتح وحماس، قد يوهن انتقادات من يستبعدون صدور قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطينية منقسمة على نفسها.
لكن من المحتمل أن يكون توقيت المصالحة الفلسطينية مرتبط بالثوارات التي شهدها العالم العربي مؤخرا، والتي أظهرت أن القادة الذين لا ينصتون لمطالب شعوبهم يمكن أن تطويهم صفحة النسيان وبسرعة.
لقد دعا النشطاء الفلسطينيون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني، إلى احتجاجات منددة بالشقاق بين الضفة الغربية وغزة، مستلهمين روح وأفكار جيرانهم في الشرق الأوسط.
كما أن " فتح" والرئيس عباس فقدا نصيرا أساسيا بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، فيما أحست " حماس" أنها كسبت وسيطا جديدا أقل تحيزا، يتمثل في القيادة المصرية بعد الثورة، والتي تلعب دور الوساطة الآن.
ومع اهتزاز الأرض التي يقف عليها الرئيس السوري بشار الأسد، فمن المحتمل أن تفقد حماس بدورها نصيرها الأساسي في المنطقة.
لقد رأى كلا الطرفين نفسه مجبرا على إعادة النظر في موقفه.
لم تخف إسرائيل عدم ارتياحها لشريك عباس الجديد.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نيتانياهو، في تعقيب فوري تقريبا بثه التلفزيون: "على السلطة الفلسطينية أن تختار بين السلام مع إسرائيل والسلام مع حماس".
وأضاف نيتانياهو: "لا يمكن أن تنال (السلطة الفلسطينية) الاثنين معا.. فحماس تريد تدمير إسرائيل".
ورد نبيل أبو ردينة، المتحدث الرسمي باسم الرئيس عباس بسرعة، مؤكدا أنه يتعين على نيتانياهو "الاختيار بين السلام والمستوطنات".
وتنبأ وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، بأن تسيطر "حماس" على الضفة الغربية خلال الانتخابات المقررة في غضون عام، كما فعلت في غزة.
فهل ستتمكن حماس حقا؟
بحسب استطلاعات الرأي، فإن حركة فتح تمكنت من سبق حماس بخطوات، في الضفة الغربية وأيضا في غزة.
وأشارت نتائج أحدث استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي ومقره رام الله، إن " فتح" ستحصل على أربعين% من أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية، إذا ما أجريت تلك الانتخابات اليوم، مقابل 26% من الأصوات ستحصل عليها "حماس".
وأضاف تقرير الاستطلاع الذي شمل 1270 فلسطينيا بالغا، ولم يتجاوز هامش الخطأ فيه نسبة 3%، أنه في حال إجراء الانتخابات الرئاسية اليوم، فإن عباس سيفوز بنسبة 55% من الأصوات، فيما سيحصل إسماعيل هنية قائد حماس في غزة على 38% من الأصوات.
غير أن استطلاعات الرأي كانت تنبأت بفوز فتح في الانتخابات التشريعية 2006، وحدث العكس. وكان السبب في ذلك يرجع للنظام الانتخابي الذي يقسم أعداد مقاعد البرلمان، حسب الدوائر الانتخابية والتمثيل النسبي، وهو ما رجح كفة حماس.
بعدها أقر عباس قانون انتخابات جديد يعتمد على التمثيل النسبي فحسب، وهو ما قد يعزز فرص فتح. غير أن حماس المهيمنة علي البرلمان لم تصادق على القانون. وسيكون أسلوب التصويت أحد التفصيلات التي يجب على الطرفين التوصل لصيغة توافقية بشأنها.
هل ستنتصر المصلحة الفلسطينية الوطنية على الأولويات والمصالح الحزبية؟ سؤال حاولت صحيفة القدس الإجابة عنه في أحد مقالاتها الافتتاحية "لا يوجد ما يضمن ذلك"، مضيفة أن الفلسطينيين "انتظروا فترة طويلة للغاية" كي يشهدوا نهاية الانقسام الداخلي.
وقالت الصحيفة "الحلم يوشك أن يصبح حقيقة"، لكنها حذرت من أن الطريق لا يزال طويلا وشاقا.