- د. رفيق حبيب: أقباط المهجر يسعون لفرض الحماية الدولية على الأقباط
- نادية رفعت: الكيان الصهيوني يريد تفكيك المجتمع المصري
- د. عمر الحسن: بعض دول الخليج تضررت من التقارب المصري الإيراني
تحقيق: أحمد جمال
التدخلات الخارجية في الشئون المصرية ليست بالأمر الجديد؛ فقد عاشت مصر عهودًا من التبعية الكاملة للخارج في ظل حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وقد بدأت الثورة المصرية عهدًا جديدًا من السياسة يُبعد مصر عن التبعية للخارج، ويدفعها تجاه استقلالية القرار؛ ما أدى إلى تضرر العديد من الجهات والدول، خصوصًا تلك التي كانت تتحكَّم في القرار المصري، وتستخدم مصر بمكانتها كدمية تحركها كيف شاءت.
لذلك لم تمهل هذه الدول مصر وقتًا حتى تستفيق من ثورتها وما ألمَّ بها من أضرار اقتصادية، فتمادت في استغلال نقاط الضعف لإثارة الفتن الداخلية وإضعاف مصر اقتصاديًّا وسياسيًّا وإجهاض الثورة بأي ثمن.
كما رأت بعض الجهات في الفترة الحالية فرصةً سانحةً للخروج بمكاسب لم تكن لتتحقق في ظروف أخرى، فلعبت على الوتر الطائفي باعتباره الطريق الأسرع لتدمير أي مجتمع.
(إخوان أون لاين) ناقش صور التدخل الخارجي لدعم الثورة المضادة في هذا التحقيق:
أعداء من كل اتجاه
|
د. محمد البلتاجي
|
بداية يرى الدكتور محمد البلتاجي، عضو مجلس أمناء الثورة، أن الثورة المصرية غيَّرت الخريطة السياسية بالمنطقة العربية، واستشعرت العديد من الجهات الخارجية في التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي الذي تتوجه إليه البلاد خطرًا عليها.
ويشير إلى وجود تحركات غربية حثيثة؛ للحد من حجم المكاسب التي تحققها الثورة، وتقويض التحول الديمقراطي الذي يهيئ لمصر مكانة قوية ذات قرار مستقل يؤثر في الوضع في المنطقة، ويواجه السياسة الغربية التي تريد شرقًا تابعًا للإرادة والمشروع الغربي، لافتًا إلى التاريخ الغربي في التدخل في الشئون المصرية لدعم نظام مبارك وتوريث الحكم، فعلى سبيل المثال أشارت بعض المعلومات الواردة عن تدريب بريطانيا لأعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل لتمكين جمال مبارك من السطو على كرسي الحكم خلفًا لأبيه.
ويوضح أن الدول الغربية لها وسائل عدة للتدخل في الشئون المصرية لتأزيم الأوضاع بما يخدم المصلحة الغربية، ومنها التدخل الاستخباري من خلال أجهزة الاستخبارات الأوروبية والأمريكية، بالإضافة إلى شبكات رجال الأعمال والشركات متعددة القوميات؛ لإضعاف الاقتصاد المصري؛ ما يمكنهم من إبقاء مصر تحت السيطرة الغربية.
ويضيف البلتاجي أن من الوسائل أيضًا التي تستخدمها الدول الغربية لفرض الهيمنة على مصر إثارة الفتنة الطائفية، وتعزيز الانقسام السياسي حول القضايا الرئيسية المتعلقة بمستقبل البلاد، وضرب السياحة التي تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد المصري، هذا بالإضافة إلى دعم حالة التوترات الأمنية من خلال تكوين وتأهيل ودعم عناصر داخلية تصبُّ في خانة الوقيعة بين فئات الشعب المختلفة، مشيرًا إلى أن كل هذه الأفعال تقوم بها الحكومات الغربية وليس الشعوب التي كانت في بعض الأوقات وسيلة ضغط على هذه الحكومات لدعم المواقف العربية.
كما يشير إلى الدور الذي يقوم به أقباط المهجر في الضغط على الحكومة المصرية، من خلال إثارة النعرات الطائفية لتوتير الأوضاع الداخلية وإبقاء مصر تابعة للغرب، كما توجه بعض الأقباط في الداخل إلى السفارة الأمريكية بالقاهرة بعد الاعتداء على بعض الأقباط طلبًا للحماية الأمريكية، منوهًا إلى أن تبعية بعض الأقباط في الخارج لجهات غربية وتعاملهم مع اللوبيات الصهيونية لا يعني أن هذا هو حال كل الأقباط، فالغالبية منهم وطنيون شرفاء غيورون على مصلحة مصر.
فيما يؤكد أن عداوات الثورة المصرية متعددة الأطراف، فكما هو معروف فإن الكيان الصهيوني يحاول دائمًا إضعاف المجتمع المصري، كما أن هناك العديد من البلدان العربية والخليجية التي ترى في المد الثوري خطرًا على عروش حكامها؛ ما يدفع السلطات فيها إلى معاداة الثورة المصرية ومحاولة الوقيعة بها من خلال المنظومات الاقتصادية والسياسية التي كانت لها علاقات بالنظام السابق.
ويشدد على أهمية وحدة الموقف الداخلي في مواجهة هذا الكم من التدخلات الخارجية، معتبرًا أن هذا هو الحل الأوحد والأقدر على مواجهة هذه التدخلات، وقد ثبت ذلك في الثورة المصرية عندما أجبر الشعب المصري كل حكومات العالم على احترام الإرادة المصرية، أما التفتُّت والتنازع من شأنه أن يفشل أي جهد ويترك مساحة لمثيري الفتن ومصدريها ليفسدوا فرحة الحرية على المصريين.
الغرب يبحث عن دور
|
د. رفيق حبيب
|
يوضح الدكتور رفيق حبيب، نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة" أن الثورة المصرية أثرت بشكل كبير في موازين القوى في المنطقة العربية والشرق الأوسط؛ ما انعكس على السياسة الغربية، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية التي ترغب في بقاء هيمنتها الكاملة على الشرق الأوسط والحفاظ على مصالحها الاقتصادية الكبرى التي تضررت من جرَّاء الثورة.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة والغرب وجدوا في المشكلات الاقتصادية التي تعانيها مصر بعد الثورة فرصةً يجب أن تغتنم للضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة المصرية لتنفيذ الرغبات الغربية، من خلال ربط المعونات الاقتصادية التي تطلبها مصر بأجندة سياسية ملزمة لضمان إعادة مصر إلى بيت الطاعة الغربي من جديد.
ويضيف أن التدخلات الغربية في الشئون المصرية لها صور مختلفة، منها التدخل الاقتصادي، والتدخل السياسي، من خلال دعم بعض الجهات الداخلية للفوز بالانتخابات المقبلة، كالأحزاب والتيارات العلمانية المختلفة خوفًا من وصول الإسلاميين إلى السلطة؛ لما لذلك من تأثير كبير في المستقبل السياسي المصري والخروج من الحظيرة الغربية بشكل كامل.
وفيما يخص أحداث الفتنة الطائفية التي حدثت مؤخرًا في العديد من المناطق في مصر، يوضح حبيب أنه ورغم عدم ثبوت التورط الغربي في تنفيذها أو التحريض عليها فإن الدول الغربية تستخدم الأحداث الطائفية التي تحدث للترويج لفكرة الاضطهاد الديني كبوابة للضغط على النظام المصري والتدخل في الشئون المصرية.
ويضيف أن هذه الأحداث ذات جذور طائفية استغلتها جهات لها أهداف خاصة خارجة عن المصلحة الوطنية، كمن يطلق عليهم "أقباط المهجر"؛ الذين وصل بهم الأمر إلى المطالبة بفرض حماية دولية على الأقباط في مصر.
ويشدد على ضرورة مواجهة الفتن الداخلية والتدخلات الخارجية، من خلال بناء مجتمع قويٍّ يغلق الباب أمام الفتن الداخلية والتدخلات الخارجية، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب جهدًا مشتركًا وتعاونًا حثيثًا من كل التيارات السياسية والجماعات الدينية من أجل صالح مصر أولاً.
الصهيونية وزرع الفتنة
وتشير نادية رفعت، الباحثة في الشئون الصهيونية، إلى أن الهدف الإستراتيجي للكيان الصهيوني هو تفكيك البلدان العربية، وفي القلب منها مصر؛ نظرًا لأهمية الدور المصري وتأثيره في الموقف العربي والسياسة الإقليمية والدولية.
وتؤكد أن أول الأدوات الصهيونية في اختراق المجتمع المصري تتمثل في عنصر المخابرات لزرع الفتنة في المجتمع؛ وذلك لإدراك الكيان الصهيوني خطورة الفتنة الطائفية على المجتمع المصري، مستدلةً على ذلك بحديث رئيس المخابرات الصهيوني السابق عاموس يادلين عن الملايين التي أنفقها الكيان لتأجيج الفتن الطائفية في المجتمع المصري.
وتوضح أن هدف التحركات الصهيونية هو السيطرة على القرار المصري، وإعادته إلى التبعية للمشروع الصهيو أمريكي، كما كان الحال على مر العقود الثلاثة الأخيرة التي حكم فيه مبارك.
وتطالب بضرورة اليقظة باستمرار لمخاطر الفتنة الطائفية والدور الذي تلعبه أطراف صهيونية لتدمير مصر، ويكون ذلك على المستوى الشعبي والرسمي؛ لاتخاذ القرارات الصحيحة والقدرة على مواجهة هذه التحديات، مشددةً في الوقت ذاته على ضرورة جعل المصلحة المصرية فوق كل اعتبار وأولوية أي تحرك وليس مصالح الشركات متعددة الجنسيات ورجال الأعمال المتعاونين مع الكيان.
الثورة أرهبت الأعداء
من جانبه يؤكد الدكتور عمر الحسن، رئيس مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية، أن الشعب المصري تمكن من تحقيق ثورة يُقتدى بها ينبغي أن تدرس على مستوى العالم.
ويشير إلى أن هذه الثورة خلقت جوًّا من السخط وعدم الرضا لدى عدد من الجهات والدول، خصوصًا الغرب والولايات المتحدة، وقبل كل ذلك الكيان الصهيوني، منوِّهًا إلى تصريحات وزير الخارجية المصري نبيل العربي- والذي وقع عليه الاختيار مؤخرًا لمنصب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية- التي أطلقها بعد الثورة، والتي تشير إلى ضرورة التقارب مع إيران؛ باعتبارها دولةً إسلاميةً كبرى ليس من المصلحة المصرية معاداتها، وكذلك الموقف من حركات المقاومة ومعاداة الكيان الصهيوني.. كل هذه التصرفات أدت إلى تحرك الكيان الصهيوني والغرب بجدية، بما في ذلك غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي لرفض حكومات هذه الدول مثل هذا التوجه.
ويضيف أن هذه الجهات تستخدم كل الوسائل للإيقاع بالثورة المصرية والإضرار بالأوضاع المصرية المختلفة، كسلاح الاقتصاد والإعلام والسياسة والثقافة.
وعن الموقف الخليجي يوضح أن بعض دول الخليج العربي تضرَّرت من التقارب المصري مع إيران؛ بسبب الخلافات الإيرانية مع بعض هذه الدول، مثل الإمارات والبحرين والكويت، إلا أن هذا لا علاقة له بموقف الشعوب الخليجية التي تحترم مصر والثورة المصرية، والشعوب الخليجية جميعها ترفض أي عداء للثورة المصرية.
ويشدد الحسن على أن التآمر على الشئون المصرية لا يأتي من الخارج فقط، بل هناك متعاونون في الداخل مع جهات خارجية عدة؛ ما يتطلب يقظةً دائمةً من الشعب المصري وتأجيل الاحتجاجات والمطالبات الفئوية في الوقت الراهن، وإنهاء الفترة الانتقالية بأسرع ما يمكن؛ لأن الاستقرار السياسي وحده القادر على غلق الباب أمام التدخلات الخارجية.