الاعتداء علي أراضي الدولة ونهبها والاستيلاء عليها.. قضية مصرية مستعصية.. المتهمون فيها
مواطنون خارجون عن القانون ومبدأ المواطنة.. انهم يغتصبون حق الدولة في ملكيتها لأراضيها..
في ظل ضعف سيطرة الأجهزة المعنية عليها وتعدد الجهات المسئولة عنها وضياع المسئولية بينها.
أخيرا استيقظت الدولة بعد أن استفحلت ظاهرة التعدي علي الأراضي.. فلجأت الي وزارة الشئون
الداخلية الأمريكية والاستغاثة بها للسيطرة علي الأراضي المصرية وحمايتها ومناقشة تسعيرها..
والسؤال هل مصر بما تمتلكه من خبرات وقدرات وكوادر في هذا المجال لاتستطيع السيطرة علي
أراضيها وتخطيطها وتحديد استخدامها؟.. هل عجزت الوزارات المشاركة في المسئولية عن اعداد
الخرائط الجغرافية؟.. هل فشلت سياسة الدولة في بيع أراضيها؟.. وماذا سنستفيد من الأمريكان؟!
المسئولون المصريون يؤكدون أن الاستعانة بالخبراء الامريكيين أصبحت ضرورية في هذا المجال
للسيطرة لمواجهة التعدي علي الأراضي وحمايتها.. وليس في هذا حرج.. فنحن نمتلك بالفعل
الخبرات والكوادر والقدرات ولكن ينقصنا كيفية التعامل مع الخرائط ونظم المتابعة والمراقبة.. كذلك
نمتلك الخبرات الفنية في التصوير الجوي.. ولكننا نحتاج اعادة تصنيف الأراضي عند عرضها للبيع
وربطها باستخداماتها.
في البداية يوضح المهندس عمر الشوادفي مدير المركز الوطني لتخطيط استخدامات اراضي الدولة
ان مصر لديها الخبرات الخاصة باستخدامات اراضيها.. كما ان لديها الكوادر المؤهلة للتعامل مع
قضايا الأراضي ولكن الوفد الامريكي الذي سيجري معنا اجتماعات تخص قضايا الأراضي في مصر
تهدف في المقام الأول للتعرف علي كيفية السيطرة علي أراضيها واستخداماتها والتكنولوجيا
والأجهزة وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية للأراضي كذلك الاطلاع علي الأبحاث والدراسات
التي تنظم استخدام الأراضي بما يناسب امكانياتنا.
يضيف ان الدراسات والابحاث التي استخدموها لحصر الأراضي وطرق التصرف فيها متقدمة جدا
من حيث التصوير الجوي وكيفية التسعير الامثل لذلك سنحاول التعرف من الوفد الأمريكي علي أحدث
الطرق والدراسات في التصرف وكيفية البيع والتسعير.
* اما عن عمليات التسعير فسيتم اقرار نظام موحد لبيع وتسعير الأراضي لتحقيق اقصي استفادة.
إدارة الأراضي
ويشير الشوادفي الي أن هذا التعاون يأتي نتيجة لجهود الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء
والدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية حيث اكدا علي ضرورة الاستفادة من الأبحاث الامريكية
وكذلك التكنولوجيا المستخدمة في هذا المجال.. وأن هذه الزيارة للوفد الأمريكي هي الثانية حيث
كانت الاولي خلال العام الماضي حيث اجتمعوا مع ممثلي وزارات التنمية الإدارية والموارد المائية
ومصلحة الضرائب العقارية والهيئة العامة للتمويل العقاري.. اما في الزيارة الحالية سنري تجاربهم
وكيفية ادارة اراضي الدولة الامريكية ومنع التلاعب في الارض وتسعيرها وتسجيلها.
* اما التسعير فأوصبح أنه سيصدر عن لجنة ثلاثية تمثل فيها جهة الولاية وذلك حسب نشاط الارض
فلو زراعية سيكون ولايتها لوزارة الزراعة والاسكانية سيكون ولايتها لوزارة الإسكان بالاضافة
لممثلين لوزارة المالية والمركز الوطني لدراسة استخدامات اراضي الدولة حيث سيوضع نظام مثالي
للتسعير يحقق اقصي استفادة لتعظيم ايرادات الدولة.
* اضاف ان المباحثات مع الوفد الامريكي سيحضرها ممثلون عن وزارة الاتصالات والمالية
والاسكان والزراعة وسنحاول الاستفادة من الابحاث العلمية لاستغلال الأراضي وامكانية امدادنا
بصور الاقمار الصناعية للاراضي بالاضافة الي اي مقترحات في اطار السجل العيني والتسجيل
العقاري وسيحضر المباحثات ايضا اساتذة من كلية الهندسة جامعة القاهرة واساتذة المساحة
والجيوديفيا.
السيطرة علي الأراضي
* الدكتور مصطفي بركه وكيل كلية الهندسة جامعة القاهرة واستاذ المساحة والجيوديفيا يؤكد أن هذه
الزيارة في غاية الأهمية لكي نتعرف فيها علي أحدث طرق السيطرة علي أراضي الدولة وكيفية
تسعيرها والتصرف فيها والزيارة كلها للاقتراحات فقط وليست لفرض سياسات معينة اي انها تأتي
في اطار التعاون فقط.
اضاف أن الزيارة ايضا تأتي لكي نتعرف علي احدث الطرق للحفاظ علي البيئة والثروات الطبيعية
والمحميات.. اما عن السبب في اختيار امريكا ووفد منها فيأتي الي أن أمريكا من البلاد الكبيرة ذات
المساحة الواسعة ونحن يهمنا ان نعرف كيف تبسط الدول الكبيرة يدها علي الأراضي وكيفية
الاستفادة منها.. كما انه يمكن أن نستفيد بالتكنولوجيا المتقدمة في الخرائط الرقمية ونظم المعلومات
الجغرافية وصور الاقمار الصناعية عالية الدقة بالاضافة الي احدث طرق الرفع المساحي وتجميع
البيانات.
* اضاف أن هذه الزيارة تأتي ايضا للقضاء علي مشكلات تعدد جهات البيع للاراضي واختلاف معايير
التسعير حيث تهدف الي وجود جهة تصرف واحدة وشباك واحد فقط.
* يقول الدكتور محمد عبدالغني عميد المعهد العالي للتعاون الزراعي اننا يجب ان نستفيد من زيارة
وفد خبراء المساحة الجغرافية والمسح العقاري بمكتب ادارة الأراضي التابع لوزارة الشئون الداخلية
الأمريكية حتي نستطيع ان نسيطر علي الاراضي في مصر وطرق حمايتها.. وليس في هذا حرج علي
الاطلاق لاننا في مصر نمتلك خبرات وقدرات وكوادر في هذه المجالات ولكن ماينقصنا حقيقة هو
كيفية التعامل مع الخرائط وكيفية وضع نظم المتابعة والمراقبة بالاضافة الي ذلك فإننا نمتلك الخبرة
الفنية في عملية التصوير الجوي واعداد الخرائط ولكننا يجب ان نستفيد من هذه المباحثات مع الوفد
الأمريكي في التعرف علي التجارب الخارجية والآليات الامريكية في اعادة تصنيف هذه الأراضي عند
عرضها للبيع وربط ذلك بالاستخدام بحيث نفرق بين من يخدم الاقتصاد الوطني بالدرجة الاولي وهي
زراعة المحاصيل الاقتصادية أو الاتجاه لانشاء المنتجعات الزراعية السياحية أو المشروعات شبه
الزراعية وهذا التصنيف يرتبط بالتسعير وايجاد قانون أو نظام يحدد كيفية الزام المشتري بان يرتبط
السعر بالاستخدام.
الأراضي الصحراوية
* أضاف د.محمد عبدالغني أن استغلال الأراضي الصحراوية يجب أن يكون نتيجة لعملية مواءمة بين
العائد الاقتصادي المتوقع منها والبعد الذي يرتبط بالأمن القومي في الاعتماد علي الذات في انتاج
المحاصيل الرئيسية التي تجعل القرار السياسي بعيدا عن الضغوط الخارجية.
جهات التصرف
* أشار الي ضرورة توحيد التصرف في أراضي الدولة وهنا لابد من انشاء هيئة تشارك فيها وزارات
الإسكان والسياحة والزراعة واستصلاح الاراضي والري والطيران والأمن القومي والمالية لوضع
استراتيجية تصلح لعشرين عاما قادمة لوضع آليات واجراءات التصرف في الأراضي الصحراوية
بالبيع أو بالايجار مع وضع الضمانات لعدم اهدار حق الدولة والمجتمع في الحصول علي القيمة
المناسبة طبقا لاستخدامات هذه الأراضي مع التأكيد علي تقديم كل التسهيلات اللازمة التي تضمن
وجود مشاريع زراعية كبري لانتاج المحاصيل الزراعية التي تحتاج اليها الزيادات السكانية
المستقبلية وتحمي أمن مصر القومي.
* يقول الدكتور محمود صبح استاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة عين شمس ان الزيارة التي
يقوم بها وفد من خبراء مكتب إدارة الاراضي التابع لوزارة الشئون الداخلية الامريكية لمصر هي
ايجابية بكل المقاييس لان لديها خبرات كبيرة في استخدامات الأراضي ووضع التصورات اللازمة
للاستفادة القصوي من أراضي الدولة.. كما انها تعتبر مفيدة جدا لان الخبراء المصريين في مجالات
استخدام الأراضي سيكتسبون المزيد من الخبرة في هذا المجال وذلك لان الاستغلال والاستخدام
الصحيح لهذه الأراضي تجعل الدولة تزيد من التنمية اللازمة من خلال استغلال هذه الأراضي