اعتبر موقع "جدلية" الإلكتروني في مقال أورده علي موقعه الإنجليزي أن قرار نقل المتحف المصري من موقعه الحالي بميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية القاهرة إلي المتحف المصري الكبير الذي يقع بالصحراء علي بعد كيلو مترين من أهرامات الجيزة كارثة وعاراً ووصف قرار النقل بأنه "متطرف".
وأشار المقال الذي نشره الموقع للكاتب المصري محمد الشاهد المقيم بنيويورك إلى أن المتاحف العامة تقام بالأساس في المراكز الحضرية بحيث ترتبط بسياقها المديني فيرتبط متحف اللوفر بباريس ويرتبط الميتروبوليتان بمدينة نيويورك كأحد أهم وأبرز معالم المدينة ناهيك عن ارتباط المتحف المصري بمكانه في ميدان التحرير، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها الميدان وظهر فيها المتحف بكل وضوح وجلاء في كل الصور التوثيقية التي أخذت لأحداث الثورة التي أخذت مكانها عند أبوابه مباشرة.
الجدير بالذكر موقع جدلية هو موقع تطوعي مستقبل تابع لمعهد الدراسات العربية يهدف إلي أن يكون مصدراً للأبحاث العلمية والمقالات التحليلية والنقدية عن العالم العربي والشرق الأوسط، ومحمد الشاهد هو كاتب مصري يعمل علي رسالة دكتوراة حول العمارة والتخطيط الحضري بمصر في الفترة ما بين 1939 إلي 1965 ويركز علي الفترة الناصرية بشكل خاص.
واعتبر الكاتب أن قرار نقل المتحف علي الرغم من وجود مساحة شاسعة أمامه كانت تستخدم كثكنات للجيش البريطاني قبل الجلاء تحولت إلي حديقة عام 1954 في عهد عبد الناصر واقتطع منها مساحة بعد ذلك لبناء فندق النيل هيلتون عام 1957 ثم تسوير جزء كبير من المنطقة الباقية في عهد مبارك لبناء جراج متعدد الطوابق تحت الأرض منذ أكثر من عقد ونصف ولم تبدأ ظهور ملامح له إلا مؤخراً أمراً مثيرًا للريبة.
وقال الشاهد إنه كان مثالياً لو أنه قد تم بناء ملحق للمتحف علي تلك الأرض ولكن هذا لم يكن ليلائم عصر مبارك الذي فضل ولعقود تنمية المشروعات ذات الأسوار العالية "كدار الأوبرا التي حبسها مبارك داخل أسوارها" علي إقامة المشروعات الحضرية المتكاملة.
ورأي الكاتب أنه إذا كان المصريون هم من سيتحملون الكلفة الخيالية للمتحف المصري الكبير والبالغة 550 مليون دولار تأتي 350 مليون دولار منها علي شكل قروض سيسددها المصريون من قوتهم علي مدار العقود الطويلة القادمة فيجب أن يكونوا هم أول المنتفعين به، ولكن وضع المتحف في الصحراء دون وجود أي خطط لتوصيل خط مترو إليه أو مواصلات سهلة تتزامن مع ميعاد افتتاحه يخرجه ببساطة من دائرة اهتمام المصريين، الأمر الذي يقصي التاريخ المصري القديم بعيداً عن عقول وأنظار المصريين.
ويضيف الكاتب أن إنفاق 550 مليون دولار علي تشييد متحف في الصحراء في الوقت الذي يعيش فيه 65% من المصريين في مناطق عشوائية بدون صرف صحي ومياه نظيفة وكهرباء يبدو أمراً مثيراً للغضب والحنق، والأمر ليس اختيارياً فيما يري الكاتب بين إقامة بنية تحتيه لمجتمع يعاني من نقصها وبين إقامة متحف، فإنفاق 100 مليون دولار فقط لإنشاء خطوط ترام حديثة يمكن أن يؤثر في حياة المصريين بشكل يفوق إقامة المتحف بكثير.
وفي السياق ذاته انتقد الكاتب العقلية الأمنية التي تدير المتحف المصري الموجود حالياً بالتحرير والذي أنشئ عام 1901 وباقي المتاحف في مصر، فمع وصول نجم زاهي حواس وزير الآثار السابق للعالمية بدأ نفوذه يمتد لمناطق أبعد من خبراته بكثير وبدأ في شخصنة الأمور في مفهومه عن إستعادة السيطرة علي الآثار المصرية التي سيطر عليها الأوروبيون لعقود وترجم حواس تلك السيطرة إلي سياسات أمنية تحمي الآثار من السرقة والتخريب.
ينهي الكتب مقاله بأن إنشاء المتحف الكبير هو نتاج لسياسات مبارك الثقافية التي يجب أن تنتهي، فمشروع يقف في وجه المصالح الإقتصادية والثقافية المصرية يجب أن يتوقف ويعاد النظر فيه وضرورة بروز متحف جديد من رحم الثورة المصرية يوجد في ميدان التحرير متاحاً لكل المصريين هو المتحف المصري الذي يحتاج إلي إعادة عرض مقتنياته بشكل جديد وتوسيعه.