الجوائز الرياضية تمثل هوية و سمة من سمات الشعوب والبلدان على مر التاريخ , ولم توضع من باب الترفيه أو من باب الجائزة العابرة . وحرصت الأمم بدأ من عصر الإغريق والرومان ومن أتى من بعدهم من حقب التاريخ أن توثق مناسباتها الرياضية من خلال جوائزها. و قبل أن أكتب هذه المقالة تتبعت سيرة الجوائز الرياضية من عصر الإغريق مرورا بالعصور الوسطى وما حفظته بعض الأعمال الفنية التي وثقت الجوائز– كدليل على أهمية الجائزة الرياضية - كما فعل العبقري الإيطالي ليوناردو دا فينتشي في لوحته التي رسمها عام 1492 م . وما لاحظته في تلك المسيرة الطويلة للجوائز إصرار و تأكيد تلك الشعوب والأمم على أن تكون جوائزها باقية للتاريخ من واقع تأصيل التصميم الملائم لثقافة وعراقة هذه الأمة عن أمة أخرى. و في العصر الحديث حاولت الاطلاع على عشرات من تصاميم الجوائز الرياضية التي تم تسليمها للرياضيين والفرق والمنتخبات في المنافسات الرياضية في القرن العشرين , فتأكدت من شئ واحد هو: أن كل بلد حتى لو كان يقع في أتفه زوايا القارة الإفريقية أو الآسيوية أو اللاتينية حريص كل الحرص على تلك السمات الشعبية والثقافية في تصميم جوائزهم الرياضية ..!
إذن هل نحن خارج إطار الكون حتى لا نكون على نفس الخطى بالاهتمام بجوائزنا الرياضية ؟ و هل أصبحت كرة بلد تخطت سني مسيرتها الثمانين غير قادرة على تأصيل ثقافة و أصالة و كبرياء بلد بجحم و مكانة المملكة العربية السعودية رياضيا ؟ وهل أصبح التقليد الأعمى جدارا قصيرا استسهل جهاز الإدارة التنفيذية لهيئة دوري المحترفين السعودي ركوبه من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث و التقصي والسؤال و الاجتهاد في مسألة التفكير قبل التنفيذ و استقراء تاريخ الدوري السعودي و منحه المكانة التي يستحق ؟
كل هذه تساؤلات تقافزت أمام ناظري وأنا أشاهد صور الكأس الذي سيسلم مساء اليوم الجمعة لأيقونة الكرة السعودية ورمزها و أنيقها الأوحد ( فريق الهلال ) أو كما أطلقت عليه في أطروحات سابقة ب ( برشلونة الشرق ) .!!
الكرة السعودية وهى تتخطى الثمانين في عمرها الموثق أكبر من أن تكافؤ بتقليد سمج لجوائزها حتى وإن كان هذا التقليد محاكاة لمن يدعون و يكذبون عيانا جهارا بأنهم مخترعي الكرة وأعني بهم الإنجليز و نحن وإعلامنا الرياضي السعودي والعربي للأسف صدق كذبتهم و أصبح يروج لها ليل نهار من دون هدى . إن جائزة دورينا كان يجب أن تكون نموذجا خاصا بنا و تحاكي ثقافتنا و رسالتنا الكروية , وما كان يمنع من الاقتباس في الرؤى لكن آلية التنفيذ يجب أن تمثلنا نحن وأن تحمل دلالات كرتنا السعودية وأبطال دورينا ,أما أن نجعل أنفسنا رهينة أو مقلدين لجوائز الإنجليز فهذا أعتقد أنه يصل إلى ( الإهانة ) للمنافسة أولا و الأبطال الذين سيحوزون هذه الجائزة ثانيا..؟!
لقد اطلعت من باب الاجتهاد على تصاميم اتحادات محلية لا تقارن كرتها أو أبطالها بحال من الأحوال بدورينا أو فرقنا التي تسيدت القارة ومنتخبنا صعد إلى نهائيات المونديال أربع مرات متتالية وأنديته لامست العالمية و نجومه قارعوا نجوم العالم في كثير من الترشيحات و الجوائز القارية والعالمية. إننا لو أخذنا انجازات كرتنا بعمقنا السكاني البسيط وعمر كرتنا المحدود مع الانجليز الذي رحنا نقلد جوائزهم بتاريخهم الطويل و بكثافة سكانهم و توافر الامكانيات لديهم ,فإنني و بدون أية عقدة نقص أستطيع القول أن اتحادنا الكروي أنجح بكثير من نظيره الإنجليزي حيث حزنا بطولة الأمم لقارتنا أربع مرات و لعبنا على النهائي مرتين ,و هيمنت أنديتنا على بطولات القارة بمختلف مسمياتها و نجومنا نافسوا أشهر النجوم على عمادة لاعبي العالم كما فعل النجمان محمد الدعيع حاليا و ماجد عبدالله سابقا , و كذا حصول سعيد العويران على لقب هداف العالم , وما إلى ذلك من مكتسبات تجعل من اتحادنا أكثر فاعلية ومنجزا منه لدى الانجليز الذين لم ولن يحصلوا على كأس الأمم الأوروبية في وقت قريب , و أنديتهم غاب سفيرهم الأهم ( ليفربول ) ثم غابوا إلا من حضور متردد , و لولا اللاعب الأجنبي لأعتبر دوريهم من عداد دوريات كالدوري البلجيكي والدانماركي , ولا ننسى العار الذي لازال يطاردهم من عام 1966 م ببطولتهم المزيفة تلك والتي لم و لن تتكرر , فضلا عن فضائح الهوليغنز وما تسببوا فيه من موت أكثر من 688 ضحية في القرن العشرين ,و اقتياد الآلاف مخمورين من الملاعب و قربها ,و أعداد كثيرة من متعاطي المخدرات بأشكالها من لاعبين ومدربين ... فبالله عليكم هل هذا الرصيد مشرف لأي محايد يدفع به أن يفكر مجرد التفكير بأن يقلد سلعة من السلع الرياضية التي أنتجها في يوم من الأيام ؟؟؟!!
إنني أربأ بصديقي محمد النويصر و فريق عمله أن يكون لهم مصلحة في تحديد النموذج المختار للجائزة هذا العام , ومتأكد أكثر بأن عفوية هذا الرجل ونقاء سريرته يشفعان له بأن يكون خارج دائرة اللوم , بيد أنني أجزم بأن اجتهاده و فريق عمله قد استسهل خطوة التقليد لاسم تاريخي كالانجليز, وانبهروا للشكل فضاعت الهوية و صودرت الأصالة و غيب بالإبداع , و لم تقدم له النصيحة العميقة في جانب التاريخ و أنه لا يرحم في مثل هذه الأمور ..!
أرجو من الإدارة التنفيذية لهيئة دوري المحترفين السعودي أن تضع تصوراتها الأولية لنموذج جائزة دورينا للموسم المقبل و من الآن, حتى لا يكون الوقت حجة يتم التذرع به , أو نستمر في حكاية التقليد السمج لجوائز كرة لا تستحق الاحترام باستثناء جوائز ليفربول وآرسنال حاملي لواء النزاهة في الكرة الإنجليزية منذ تأسيسهما .
والله من وراء القصد ,,,