كيف تترجم الأحداث من حولك:
الأحداث اليومية لا تتوقف منذ خرجنا إلى هذه الدنيا لكن هل نرى الأحداث مثلما يراها الأخرون هل ترى نفسك دوماً تترجم الأحداث من حولك كباقى أفراد عائلتك وزملائك أم تشعر فى بعض الأحيان أنك ترى الأحداث مرتدياً نظارتك السوداء أو تراها من خلال ثقب ضيق فلاترى إلا ما تعودت أن تراه من تلسكوب النكد الذى فرضته على نفسك منذ زمن بعيد؟ تعالوا معى للحظات نتكلم ونحاول أن نصل لمفهوم الرؤية الضيقة فى أمر بعيد عن موضوع الثقة بالنفس.....هل تذكر ذلك الجار الذى سكن فى الشقة المجاورة منذ عام تقريباً؟ لقد أقام حفلة صاخبة بينما كنت تستعد لامتحانات أخر العام....ياله من جار مزعج....وانتهى الحفل واستذكرت دروسك ومضى الإمتحان بنجاح لكن بقى المفهوم السلبى تجاه هذا الجار الذى لم يكرر الحفل الصاخب ولم تعد تتذكره إلا منذ أيام حينما سمعت أصواتاً عالية فتبادر لذهنك تواً أنه ولابد أنه ذلك الجار الذى أمقته منذ عام وشرعت فى البحث عن مصدر الأصوات العالية واكتشفت أنه ليس هو بل إنها أصوات من بعيد من مصدر لم تعرفه بعد ...إنك لاتذكر من الجار سوى ذلك المفهوم السلبى الذى تكون فى ساعات وأصبح من الصعب أن تغيره إنه جار مزعج....إنك تتجنبه ولاتحب الحديث إليه....وهكذا قد تتكون المفاهيم السلبية حول الذات موقف عابر حدث بينما تكون أنت تحت ضغط خارجى بشكل أو بأخر فكونت مفهوم من خلال مايحدث فى المخ ونسميه بمعالجة المعلومات فالمعلومات التى وصلت إليك إزعاج وأنا أذاكر إنه مزعج...إذن أى إزعاج يحدث بعد ذلك لابد أن يكون هو مصدره وهكذا دون ان تتحقق إذا كان هو أم لا فى بادئ الأمر وحتى إن ثبت أنه ليس هو مصدر الإزعاج فى المرة الثانية ربما لا يتغير مفهومك عنه ربما لم يتغير كثيراً....وهكذا كنت توصف أو وصفت مرة بأنك مقصر أو تتراخى فى أداء واجباتك ودروسك فتمت معالجة المعلومة على أننى مقصر أو فاشل لقد أصبحت دوماً تفتش عن هذا المفهوم فى كل موقف تمر به ولاتقف كثيراً عند خبرات النجاح ولاتعيشها لقد اعتدت أن تبحث فى مواقف حياتك عما يعزز مفهومك الذى كونته من سنين وقد تفعل ذلك بحكم العادة أو تفعله لرغبة كامنة فى اللاشعور بأن يبقى مفهومك السلبى عن ذاتك فربما ترى ذلك أهون عليك من أن ترى أن من نعتك بالمقصر أو المتخاذل قد أساء إليك أو ظلمك وتسبب لك فى خبرة الألم وأنت طفل ولا أنسى ذلك الشاب الذى قد وصل لدراسة الدكتوراة فى تخصصه لكنه كلما حقق نجاحاً كان يدخل فى نوبة من الحزن والإكتئاب ولقد عبر عن ذلك بأنه كلما نجح عاودته خبرة شعورية يمقتها وهى شعوره بالحنق والكراهية لوالده الذى كان يقسو عليه كثيراً ويصفه دائماً بأنه غبى لقد قال هذا الشاب لقد اجتهدت من أجل أن يرانى أبى ناجحاً ويكف عن نقدى لكنه قط ما فعل لانه لم يكن يقبل أى شئ (ما كنش بيعجبه العجب) واعتدت النجاح ولاأجد فيه طعماً كما أننى كنت أحرص دائماً على أن أكون الأول وأنجح بإمتياز وإن تناقص تقديرى كنت أرى نفسى فاشلاً....إنه لم يعرف معنى كلمة التدرج فى التقديرات فإن لم تحصل على امتياز فأنت فاشل –بحسب رؤيته- وهذا بالطبع يدخل ضمن الإفتراضات والقواعد التى شرحناها فى المرة السابقة والتى تحميه بشكل مؤقت من مواجهة مفهومه السلبى المزيف حول ذاته...لقد أمضى حياته الدراسية يبحث عن التفرد لنفى تهمة الغباء ويبحث عن الفشل فيما يفعله لكن فى حالة هذا الشاب لم يكن البحث عن مواطن الفشل بحكم العادة ولكن لكى يتجنب هدم صورة والده التى إن رأها بحق يشعر بظلمه ولا يتحمل هذا الشعور إنه فى عقله الباطن قد يتمنى الفشل ليقول والدى عنده حق إنه أبداً لم يظلمنى....وهكذا نرى أن ترجمة الاحداث من حولنا تتعلق بطريقة رؤيتنا للأمور بحكم العادة أو بما يحتويه العقل من صراعات لاشعورية .