يعاني شخص واحد من بين كلّ ثلاثة أشخاص حساسية خفيّة من الطعام، وفقاً لإحصائية حديثة صادرة عن منظمة الصحة العالمية World Health Organization (WHO)، ما يسبّب احتباس الماء في الجسم وزيادة غير فعلية في الوزن. وأفادت تجربة علمية حديثة أجرتها مؤسسة Nutrition على عيّنة من المصابين بالإفراط في تناول أنواع معيّنة من المأكولات، مُنعوا خلالها من تناول بعض الأطعمة التي قد تسبّب لهم الحساسية لمدّة أسبوعين متواصلين، أن نسبة %68.2 منهم استطاعوا خسارة حوالي 3.5 كيلوغرامات من وزنهم خلال تلك الفترة فقط، ما يؤكّد على أن هذا النوع من الكيلوغرامات المفقودة ناتج عن احتباس الماء ولا يتعلّق إطلاقاً بخسارة الدهون، علماً أن إنقاص كيلوغرام واحد من الدهون يحتاج إلى إحراق ما يزيد عن 7000 سعرة حرارية ما يتطلّب اتّباع حمية طويلة المدى.
«سيدتي» اطّلعت من أستاذة التغذية العلاجية ورئيسة قسم التغذية في مستشفى الملك سعود نوال البركاتي على أنواع الحساسية الخفيّة المؤدّية إلى زيادة الوزن وطرق اكتشافها وعلاجها.
التحسّس الغذائي حالة تتلخّص في عدم احتمال الشخص تناول بعض الأطعمة، ما يسبّب ردّ فعل من جهاز المناعة. وفي هذا الإطار، يؤكّد الخبراء على أن الجهاز الهضمي هو بمثابة بوابة اتصال بين العالم الخارجي وداخل الجسم، تتمّ حراسته بشكل صارم من قبل جهاز المناعة الذي يطلق خلايا الدم البيضاء لمواجهة مرور إحدى المواد الغذائية غير المرغوب فيها والمثيرة لمادة «الهستامين» المسبّبة للحساسية، ما يجعل الأوعية الدموية الرفيعة التي تعرف بـ «الأوعية الشعرية» أكثر عرضة للرشح، فينقل المزيد من السائل إلى الأنسجة مسبّباً احتباس الماء وزيادة الوزن.
وفي إطار آخر، توصّل الباحثون إلى أنه كلّما ازدادت حساسية الجسم من تناول بعض الأطعمة، كلّما ازدادت مقاومته للأنسولين، فتتراكم السموم في الخلايا الدهنية ويكتسب الكيلوغرامات الزائدة التي يصعب التخلّص منها!
ويعتبر التحسّس الغذائي من أكثر الأسباب شيوعاً لاكتساب الوزن الزائد، علماً أن الغالبيّة لا تدرك إصابتها بهذه الحالة حتى ظهور أعراضها بشكل واضح، خصوصاً
تلك المتعلّقة بالجهاز الهضمي كالشعور بالانتفاخ، الإصابة
بالإسهال أو الإمساك حسب رد فعل الجهاز المناعي، انقباض عضلات المعدة التي غالباً ما تترافق مع عوارض ذهنية وجسدية كتقلّب المزاج والتعب الدائم، الاكتئاب والشراهة في تناول الطعام، الإحساس بالنعاس بعد كل وجبة، انعدام القدرة على التركيز، إلى جانب ظهور عدد من المشكلات الصحيّة الأخرى (الحكّة والطفح الجلدي والربو والتهاب الجيوب الأنفية).
أطعمة في قفص الاتهام
توصّلت الأبحاث الغذائية إلى وضع لائحة بما يزيد عن 10 أنواع من الأطعمة التي قد يعاني البعض من حساسية تجاهها، أبرزها: حليب البقر والخميرة والبيض والقمح والحبوب الغنيّة بالغليادين (البروتين السكري) والشوفان والمكسرات والفاصولياء والأسماك ذات اللحوم البيضاء وثمار البحار. وفي ما يلي، سنعرض بالتفصيل أكثر أنواع الطعام المسبّبة للحساسية:
1- حليب البقر: يحتوي على كلّ الهرمونات المخصّصة لتغذية صغار البقر في أشهرهم الأولى. ووفقاً للإحصائيات العالمية، تبيّن أن حوالي %75 من الناس، ينقسمون إلى %20 من الشعوب ذات الأصول القوقازية و%80 من الآسيويين والأميركيين الأصليين والشعوب ذات الأصل الأفريقي، لم تعد أجسامهم قادرة على إنتاج «اللاكتيز» Lactase Enzyme، وهو «الأنزيم» الذي يحتاجه الجسم لهضم سكر الحليب الذي يعرف بـ «سكر اللاكتوز» Lactose sugar والمتواجد في الحليب ومشتقاته (الجبن والكريما واللبن الرائب والزبدة)، إذ يحتوي كوب واحد (200 ملليلتر) من الحليب على 10 غرامات من سكر الحليب الذي يمتاز بانخفاض درجة طعم السكر فيه إلى الخمسة مقارنة بسكر المائدة (السكروز).
ويؤكّد الباحثون على أن الامتناع الكلّي عن تناول الأطعمة المسبّبة للحساسية لمدّة 3 أشهر قد يمكّن الجسم من نسيان الحساسية، وبالتالي الرجوع إلى تناولها مرّة أخرى بدون المعاناة من مشكلات متعلّقة بالصحة أو الوزن.
2- الخميرة: تحتلّ المرتبة الثانية بين المواد المسبّبة للحساسية، وهي تهيّج أغشية الجهاز الهضمي وتجعله أكثر قابليةً لمرور البروتين الذي لا يتم هضمه إلى الأمعاء، ما يزيد احتمالية تطوّر الحساسية من أنواع الأطعمة التي تستخدم الخميرة في تصنيعها. وفي هذا الإطار، يشير الخبراء إلى أن عدداً من الناس يظنون خطأً أنهم يعانون حساسية من تناول منتجات القمح نتيجة شعورهم بثقل في الحركة أو التعب أو الانتفاخ بعد تناول الخبز. ويُنصح في هذه الحالة بتناول منتج آخر من القمح يكون خالياً من الخميرة (المعكرونة مثلاً)، فإذا جاءت النتائج سلبية، يعدّ هذا الأمر مؤشراً إلى إصابة الجسم بحساسية من الخميرة الموجودة في الخبز وليس منتجات القمح بصورة عامّة.
3- حبوب القمح: يعاني البعض حساسية من منتجات القمح لاحتوائه على «الغلوتين» Gluten، وهذه الأخيرة مادة بروتينية لزجة موجودة بنسبة %10 في دقيق القمح تزيد من حجم المنتج المصنّع منه، كالخبز و«الكيك» والكعك والفطائر. وفي هذا الإطار، أشارت الأبحاث الغذائية إلى أن الحساسية من «الغلوتين» تصيب واحداً من بين كل 100 شخص في العالم.
4- الأسماك وثمار البحر: يعاني %90 من المصابين بهذه الحالة حساسية من الأسماك ذات اللحم الأبيض (البلطي والبوري) والقشريات (الروبيان والحبار وبلح البحر) وليس من الأسماك الغنيّة بدهون «أوميغا 3» كالسلمون. لذا، ينصح الخبراء في تلك الحالة بتناول ملعقة من بذور الكتان المطحونة مع وجبة الفطور يومياً، إضافة إلى المواظبة على تناول المكمّلات الغذائية التي تمدّ الجسم بكلما يحتاجه من الأحماض الأمينية الأساسية بإشراف الطبيب.
لحياة أفضل...
- إذا كان برنامجك الغذائي يحتوي على البيض كعنصر أساسي، يُنصح البدء بتناول صفار البيض دون البياض حتى تتأكدِي تماماً من عدم حساسيتك تجاه تناول البياض والتي قد تظهر خلال 5 أيام من بدء البرنامج.
- في حال إصابتك بالحساسية، يُنصح بتناول حليب الصويا كبديل عن منتجات الألبان، كما يُوصى بتناول الأرز البني وأنواع الخبز و"الباستا" المصنوعة من الحنطة السوداء كبديل عن منتجات القمح المحتوية على "الغلوتين".
- إذا كنتِ تعانين من حساسية تجاه تناول المكسرات، يجدر بتجنب الصنوف الأكثر إثارة للحساسية كالكاجو والجوز البرازيلي والفول السوداني واللوز، إلى جانب الفاصولياء وفول الصويا والقهوة المأخوذة من شجرة حبوب البن والشوكولاته المأخوذة من شجرة الكاكاو.
- إذا لم يكن لديك شكوى من الحساسية تجاه أي نوع من الأطعمة، ينصح الخبراء بعدم الإكثار من تناول منتجات القمح بصورة عامّة واستبدالها بحبوب أخرى كالشوفان والجودار والأرز. كما يُوصى باستبدال حليب البقر بتناول حليب الماعز والإبل والغنم.
- يجدر المواظبة على تناول الماء بما لا يقل عن لتر يومياً، ما يساعد على قيام الجسم بالتخلّص من السموم التي تطلقها الأنسجة الدهنية عند قيامها باحراق الدهون، كما يساعد الماء على التخفيف من كثافة الدم لتفادي زيادة نسبة السكر أو البروتين فيه ما يفسر الشعور بالعطش بعد تناول الوجبات الدسمة أو الحلويات.